من كتاب لنيافة الأنبا يوأنس الأسقف العام
فأجبت إلهي الحبيب القدوس : لعل هذه الشجرة ترمز إلى حياتي في كثير من الأوقات ... إذ أبدو وكأني مثمر ، ولكني خاو من ثمر الروح ، بل وقلبي يمتلئ من خطايا كثيرة ... وها أنت أيها الحبيب القدوس ستجوز آلاماً كثيرة عن خطاياي هذه وخطايا إخوتي بني البشر ... هنا وصمت الحبيب القدوس ... ثم نظر إليَ بعينيه الحانيتين ، فصرت أصيح من أعماق - بتوبة صادقة - لك القوة والمجد والبركة والعزة في حياتي إلى الأبد آمين
ياعمانوئيل إلهنا وملكنا
في يوم الثلاثاء : نلتقي بالرب يوم الثلاثاء وهو يعلّم في الهيكل
يقول ذلك الراهب: كنت أجلس عند قدمي السيد يوم الثلاثاء وهو يُعلم رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب بأمثال عن نهاية العالم والدينونة العتيدة أن تكون ... وتأملت كثيراً في تلك الساعة ومصيري الأبدي ... وأثناء عودتنا إلى بيت عنيا في المساء ، تقدمت لأسير بجانب مُخلصي الصالح وتحدثت معه في الأمثال التي ذكرها عن الدينونة العتيدة ... وقال لي الرب بحنانه الفائق : تأمَل كثيرا يا حبيبي إن أيامك القصيرة جدا على الأرض ترسم بدقة أبديتك الطويلة جدا
في يوم الأربعاء : نلتقي بالرب في خلوته ببيت عنيا
.في يوم الخميس : نلتقي بالرب يوم خميس العهد، وهو يغسل أرجل تلاميذه القديسين
فيقول الراهب : أتيت إلى الحبيب في العلّية ... وسجدت أمامه ... وكم فرح إلهي الحبيب عندما رآني ... ثم احتضنني ... قلت لإلهي : ماذا ستصنع الآن أيها القدوس ... قال لي : سأغسل أرجل تلاميذي ثم ِرجلك وأرجل إخوتك أيضا .... هنا انزعجت للغاية ، وانتابتني قشعريرة ... كيف هذا أيها القدوس ... كيف هذا ؟؟!! ... ابتسم الحبيب في هيبة وهدوء وقال ، :سوف ترى.... " قام (السيد) عن العشاء ، وخلع ثيابه ، وأخذ منديلا واتزر به . ثم صب ماء في مغسل ، وابتدأ يغسل أرجل تلاميذه ويمسحها بالمنديل التي كان متزرا به " ( يو 13: 5،4 ) ثم نظر إليَ رب المجد بوجهه المضئ ، وقال لي : تعال ... لأغسل رجلك ... تسمَرت في مكاني وكنت أود ان اقول ما قاله بطرس من قبلي : (لن تغسل رجليَ أبداً) ولكني تقدمت ويُغطيني خجلي ودموعي،
هنا صرخت بكل خلجات قلبي مع جمهور المصلين بالكنيسة قائلا : لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد
آمين . عمانوئيل إلهنا وملكنا
في يوم الخميس : في بستان جثسيماني
كنت أتبع ربي وإلهي القدوس مع تلاميذه القديسين في طريقهم من العلية إلى جبل الزيتون ... إلى جبل جثسيماني ... حيث" قال الرب لتلاميذه الأطهار اجلسوا ههنا حتى أصلي . ثم اخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا وابتدأ يدهش ( يرتاع) ويحزن . فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت . امكثوا هنا واسهروا معي . ثم تقدم قليلا وخرَ على الأرض، وكان يُصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن .
وقال يا أبا الآب ، كل شئ مستطاع لك ، فأجز عني هذه الكأس . ولكن ليكن لا ما أريد أنا ، بل ما تريد أنت . ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياماً . فقال لبطرس : أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة ؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة
(مت 26 : 42-36) ،(مر 14: 32-39) ... هنا اقتربت أكثر إلى أن اصبحت على بُعد امتار من مُخلصي ... وهممت أتقَدم أسجد له ، ولكن قدمي قد تسمرت إذ وجدت مُخلصي الصالح جاثياً على ركبتيه تنهمر من عينيه دموع كثيرة ، ويصلي بصراخ شديد
(عب 7:5) ...
ثم حدث أني رايت بعيني قلبي منظرا عجيبا جدا ... رأيت وكأن جميع خطايا الأجيال وقد تجمعت كسحابة كثيفة جدا لتنسكب على الحبيب القدوس ... فكان لا بد للحبيب القدوس أن يحمل خطايانا قبل أن يجوز الآلام والموت عنا ... ورأيت بين هذه الخطايا ، خطاياي وآثامي طيلة سنين حياتي ... كان المنظر رهيبا للغاية ... وكم كان قاسيا جدا أن يحمل القدوس البار خطايا ونجاسات العالم كله .... كل هذا آراه بعيني قلبي ... وفجأة رأيت إلهي وهو يصلي بأشد لجاجة ، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض ( لو44:22) ... وكان الطقس باردا جدا .... ماهذا ؟!
تقدمت إلى ربي الحبيب القدوس ، وكم كانت هيبته وجلاله في تلك اللحظة ... سألته : ماذا بك يا مخلصي الصالح ؟ أرى وجهك مُحمرا جدا ، وعرقك يتصبب كقطرات دم مع أن الطقس بارد جدا ونحن في العراء ... أجاب الحبيب القدوس : إطمئن يا إبني ... ولكنه لم يكن بالأمر العادي أن أحمل جميع خطايا العالم ... كان ضغطا شديدا جدا علي .. ألم تقرأ في نبؤة إشعياء قوله : " من الضُغطة ... أُخذ " ( أش 8:53) ...
ربي الحبيب القدوس : إنها حالة نادرة جداً تُدعى 300 يُصاب بها الشخص الذي يتعرض لضغط نفسي رهيب جدا كما حدث معك ايها القدوس... فيرتفع ضغط الدم حوالي 300 ... وترتفع درجة الحرارة حوالي 39 درجة ... وتؤدي هذه الحالة إلى آلام شديدة وما يسمونه " تكسير في الجسم مع صداع شديد ... ويكون الجلد حساسا جدا ، وربما مؤلما لمجرد اللمس ... Haematohidrosis
أهكذا ستبدأ رحلة آلامك أيها الحبيب القدوس ؟ هنا ووقفت بخشوع جم وانا أصرخ بكل كياني : لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين عمانوئيل إلهنا وملكنا
ثم قال لي الحبيب القدوس : هيا بنا ..." هوذا الذي يُسلمني قد اقترب " (مر42:14 ).
وحدث عندما رأيت مُخلصي الصالح ، أني صحت بصوت عال جدا بتسبحة البصخة : " لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين " ...
وانتهرني أحدهم لأسكت .. وتقدم جندي ليوثق مُخلصي الصالح في عمود ليُجلد ... فتقدمت لمُخلصي ، وبدأت أجفف وجهه من قطرات العرق والدموع ... وتلاقت عينيَ الدامعة مع عيني مُخلصي في لحظات لا تُنسى ... كان في قلبي الكثير والكثير ... ولكن لساني انعقد تماما ... فقط تكلمت عيني بكلام الدموع ، وعزف قلبي بلحن الخشوع ... وفجأة وجدت أحد الجنود يدفعني بعيدا لأنهم سيبدأون في جلد مُخلصي الصالح
بدأ الجنود في جلد الحبيب القدوس، وابتدأ جلد وعضلات ظهره المقدس يتهرأ ... فتقدمت إلى الجندي الذي يجلد لأوقفه وأمسك بيده ، فدفعني بعيدا ... فصرت أصرخ وأُصلي ليس بلساني بل بكل كياني ، وأقول لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد أمين , ياربى يسوع المسيح مُخلصي الصالح
هكذا نلتقي مع ربنا في إسبوع الآلام ، ونسير مع فادينا القدوس في درب آلامه عنا خطوة خطوة ... في مشاعره وأحاسيسه وآلامه ... مترنمين مع معلمنا القديس بولس الرسول : " لأعرفه ... وشركة آلامه " ( في10:3 )
ربي الحبيب القدوس
يا من دست المعصرة وحدك ... يامن جزت وادي الالآم والدموع ... وذُبحت وانحنيت بالصليب من أجلي ومن أجل إخوتي بني البشر ... من اجل خطايانا وقساوة قلوبنا
إكشف لنا يارب عن أغوار قلبك المفعمة حُبا لنا ... تلك التي جعلتك تحتمل كل هذه الآلام من أجلنا ... وأنت مجروح من أجل خطايانا ، ومسحوق من أجل آثامنا
( إش 5:53) ... افتح يا رب عيون قلوبنا الداخلية لترى أسرار صليبك المحيية ... فنترك كل ما للعالم ، ونكرس لك حياتنا بالكمال ... مثل ذلك القديس الذي حينما سُئل : لماذا كرست حياتك ؟ قال : تسلمت خطابا مكتوبا بدم المسيح ، يقول فيه : " دعوتك بإسمك . أنت لي " ( إش 1:43 )
ربي الحبيب القدوس : أتطلع إليك يا مُخلصي الصالح ، وانت معلق على عود الصليب وأُناجيك بقولي
تاج على رأسك أبهى من تيجان الملوك
دمعة في عينك فيها عزاء ، لكل من اتبعوك
نظرة من عينك تفيض على البشرية حياة وسناء وهناء
No comments:
Post a Comment