Friday, May 15, 2009

خطورة خطايا اللسان

خطورة خطايا اللسان
بقلم: البابا شنودة الثالث

أخطاء اللسان كثيرة نذكر عينات منها‏:‏ خطايا الكذب‏،‏ مثل الكذب الصريح‏،‏ انصاف الحقائق‏،‏ كلمات الغش والخداع‏،‏ والتضليل والتلفيق‏،‏ وشهادة الزور‏،‏ والمبالغة والمكر‏.‏ من المبالغة احيانا كأن نقول‏:‏ كل سكان البلدة الفلانية بخلاء‏!‏ وقطعا ليس الكل كذلك‏،‏ او ان تقول‏:‏ جميع الشعب غاضبون‏!‏ بينما انت لاتعرف مشاعر الجميع‏،‏ عموما كلمة كل أو جميع لاتخلو أحيانا من الخطأ‏

ومن اخطاء اللسان ايضا كلمات الإساءة إلي الآخرين‏:‏ مثل كلام الشتيمة والنرفزة‏،‏ والسب واللعن‏،‏ وتحقير الآخرين‏،‏ والتهكم عليهم‏،‏ ومسك سيرتهم‏،‏ والغيبة والنميمة والدسيسة‏.‏ وكذلك الفاظ التهديد والتعيير والتشهير بالآخرين‏،‏ وافشاء اسرار الناس‏،‏ وإلقاء المسئولية عليهم ونشر الشائعات المسيئة‏.‏ ومن أخطاء اللسان ايضا مايتنافي مع العفة‏:‏ مثل القصص البطالة‏،‏ والفكاهات الماجنة‏،‏ والاغاني العالمية‏،‏ وكل كلام الإغراء الجنسي‏، والاسلوب غير المهذب‏،‏ والعبارات الوقحة‏.‏ وكل ماتستحيي الاذن الطاهرة من سماعه‏

ومن الاخطاء ايضا كلام القسوة‏،‏ مثل الكلام الجارح الموجع الذي لايبالي قائله بمشاعر من يتحدث اليه‏،‏ وكذلك ألفاظ التخويف ومااليه‏‏

ومن اخطاء اللسان مايمس العقيدة والإيمان‏:‏ مثل كلام التجديف‏،‏ ونشر الشكوك في المعتقدات والمسلمات‏،‏ ونشر البدع وتشويه أفكار البسطاء بالخرافات والأساطير‏،‏ وغير المعقول ولامقبول واستخدام اسم الله باطلا فيما لايجوز‏

ومن اخطاء اللسان مايتعلق بتعظيم النفس‏:‏ كعبارات الكبرياء والخيلاء‏،‏ والافتخار الباطل بالنفس‏،‏ ومحاولة تبرير الذات في اخطائها‏،‏ ومقاطعة الآخرين اثناء كلامهم‏،‏ والكلام بغطرسة‏،‏ وان يرفع الصغير صوته علي من هو اكبر منه‏،‏ وكذلك كلام العناد والمقاوحة‏‏

ومن الناحية الاخري الكلام الخاص بصغر النفس‏:‏ مثل كلام التملق والمديح الزائد الزائف‏، والسلوك بلسانين‏،‏ وكلام النفاق والرياء وكثرة الشكوي والتذمر وعبارات اليأس‏

ومن خطورة أخطاء اللسان‏:‏

‏إن الكلمة التي تخرج من فمك لاتستطيع ان تسترجعها ابدا‏،‏ وربما تندم عليها‏،‏ او تحاول تبريرها او الاعتذار عنها‏،‏ ومع كل ذلك فكل ماتقوله قد سمعه غيرك بكل مايحمل السماع من تأثرات‏،‏ وهنا تختلف خطايا اللسان عن خطايا الفكر والقلب التي هي في داخلك المقصورة عليك وحدك ولم تنكشف للآخرين‏

خطورة اخري من خطايا اللسان هي تأثيرها علي السامعين‏،‏ ولنفرض مثلا ان مشاعرك ساءت من جهة انسان‏،‏ ومازال الأمر داخل قلبك لم يصل بعد الي من فكرت بالسوء من نحوه‏،‏ فإلي هنا لاتسوء العلاقة بينك وبينه‏،‏ أما إن كشفت مشاعرك بألفاظ اساءت اليه‏،‏ فمن الصعب ان تعالج الامر‏.‏ لم يعد الامر حينئذ مقصورا علي خطية داخلك‏،‏ انما تطور الي علاقة خارجية‏،‏ وربما تحاول ان تصلح هذه العلاقة فلاتستطيع‏،‏ أو أن تصالح من سمع إساءتك اليه فيرفض ذلك‏،‏ لان ردود الفعل التي حدثت نتيجة كلماتك‏،‏ مازال تأثيرها يعمل داخل قلبك‏،‏ وقد لايعرض الامر بسلام‏،‏ لان كلامك قد سمعه آخرون‏.‏ وهنا تتسع الدائرة ويتحمس له الذين سمعوا‏،‏ او قدتتغير قلوبهم من نحوك‏،‏ او قد يرد عليك بالمثل‏..‏ وفي كل ذلك ربما تؤخذ عليك فكرة لاتعجبك ولاتستطيع ان تغيرها‏


وبقدر مايكون كلامك جارحا‏،‏ فعلي هذا القدر يكون تأثيره اعمق‏،‏ وقد يزداد التأثير إن كانت لهجة صوتك تماثل قسوة الفاظك وقد يدخل ذلك لذاكرة الناس ربما لاتنسي‏

خطورة اخري لأخطاء اللسان‏:‏ وهي انك قد تخطيء وتندم وتتوب‏،‏ ولكن اخطاءك تسبب ردود فعل وخطايا لغيرك قد لايتوب عنها‏.‏ وقد تسبب لغيرك عقدا نفسية من جهتك او من جهة أمثالك‏،‏ ويغرس كلامك في قلوب البعض شكوكا بمن قد شهرت بهم‏.‏ وتكون انت المسئول عما سببته لغيرك من أخطاء علي الرغم من توبتك‏

وإن كان ما أخطأت به بلسانك ليس إساءات للناس‏،‏ انما حكايات ماجنة وكلمات بذيئة‏،‏ صار يرددها من سمعها منك علي الرغم من توبتك‏،‏ وتكون انت علي الرغم من التوبة مسئولا عن خطايا لسانك بالنسبة لغيرك‏

واحيانا يكون خطأ لسانك مثالا خاطئا قدمته لمن هو اصغر منك وصار يتبعه‏،‏ وربما تغير انت تعليمك الخاطيء‏،‏ بينما يستمر بعض السامعين في ترديده‏،‏ وتكون مسئولا عنه‏،‏ فماذا يكون موقف ضميرك حينئذ؟

ان خطايا اللسان ليست عقيمة‏،‏ فما اكثر اولادها‏..‏ ولاشك ان الكلمة مسئولية‏،‏ سواء ان سمعت او كتبت‏،‏ وسعيد من يشعر بهذه المسئولية‏،‏ ويقدرها حق قدرها‏

من خطورة خطية اللسان انها ليست مقصورة علي اللسان‏،‏ بل هي اولا خطية قلب عبرت علي العقل ثم عبر عنها اللسان‏،‏ فالذي يتكلم مثلا بألفاظ قاسية‏،‏ واضح ان القسوة في قلبه‏،‏ وكل الفاظه الخاطئة تدل علي وجود نفس الخطأ داخل القلب‏،‏ إذن فخطية اللسان هي خطية مركبة‏:‏ خطية لسان وخطية قلب وخطية فكر‏،‏ لذلك الذي يريد ان يصلح اخطاء لسانه ويتخلص منها عليه ان يصلح أولا جذورها في قلبه‏

خطية اللسان اذن في الترتيب الزمني هي الخطية الثانية او الثالثة‏،‏ اما الاولي ففي القلب‏.‏ واحيانا تكون خطية اللسان ابنة لخطية أم‏.‏ فمثلا الذي يكذب بلسانه‏،‏ قديكون ذلك لكي يغطي علي خطية اخري قد ارتكبها‏،‏ او خطية يريد ان يرتكبها‏،‏ وفي حالة هذه التغطية باللسان تكون في قلبه إما مشاعر الخوف مما ارتكبه‏،‏ او مشاعر الشهوة مما يريد ان يرتكبه‏

وخطية النرفزة مثلا ترتبط بخطية اخري هي عدم الاحتمال‏،‏ وخطية الالفاظ القاسية ترتبط بعدم المحبة او بعدم احترام الذي يسمع‏

إن أدركت خطورة خطايا اللسان وخطورة نتائجها‏،‏ فاحرص دائما علي انك لاتخطيء بلسانك مهما كانت الاسباب‏،‏ تدرب علي ان تترك الالفاظ غير اللائقة التي تعودت عليها‏،‏ وتدرب علي ان تحترم سامعك قبل ان تسيء إليه


مقال قداسة الانبا شنوده الثالث – بابا الاسكندرية 117 وبطريرك الكرازة المرقسية – في جريدة الأهرام – السنة 133 – العدد 44715 – يوم الأحد الموافق 10 مايو (أيار) 2009 ميلادية، 2 بشنس 1725 شهداء (قبطية)، 15 جمادى الأولى 1430 هجرية (للهجرة) – الصفحة العاشرة (10)، قضايا وآراء
http://www.ahram.org.eg




Share/Save/Bookmark

No comments:

Post a Comment

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News