Showing posts with label القيامة. Show all posts
Showing posts with label القيامة. Show all posts

Sunday, April 26, 2015

المسيح القائم يعمل لأجلنا - لقداسة البابا شنوده الثالث







قام المسيح، لأنه ما كان ممكنًا للموت أن ينتصر عليه، كان يحمل في ذاته قوة قيامته. لذلك هو الوحيد بين الذين قاموا من الأموات، الذي قام بذاته، ولم يقمه أحد

قام، وفي قيامته، أعطى للبشرية نعمة القيامة، حينما يسمع الذين في القبور صوته - يو 5: 29

قام منتصرًا، وداس الموت، ليقودنا أيضًا في موكب نصرته. ولكي يعطينا عدم الخوف من الموت، حتى يقول رسوله فيما بعد "أين شوكتك يا موت؟!" - 1 كو 15: 55

إن الله الذي سمح أن يدخل الموت إلي طبيعتنا، سمح أيضًا برحمته أن تدخل القيامة إلي طبيعتنا

وكما خلق الإنسان من تراب، وبالخطيئة أعاده إلي التراب، هكذا سمح بالقيامة، أن يحول هذا التراب إلي جسد مرة أخري، ولكن في طبيعة أفضل

لقد قال قبل صلبه "أبي يعمل حتى الآن، وأنا أيضًا أعمل". وهوذا بعد القيامة يستمر في عمله، ليس فقط في إراحة النفوس المتعبة، وتقوية الركب المخلعة، وإنما أيضًا في إعداد تلاميذه للخدمة، لتسليم العبء الكبير الذي سيلقي عليهم، ليكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها
هكذا كان المسيح يعمل بعد القيامة، لأجل الرعاية

وأعطي الرب للتلاميذ بقيامته روح الفرح. وكان قد قال لهم قبل صلبه "أراكم فتفرح قلوبكم، ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم منكم". وقد كان، وتخلصوا من الخوف والاضطراب، و"وفرح التلاميذ إذ رأوا الرب" - يو 20: 20

وعملت روح القيامة فيهم، ومنحتهم قوة، فشهدوا لها

وكانوا يكرزون بقيامة الرب من الأموات في كل مناسبة

وهؤلاء الذين كانوا خائفين ومختبئين في العلية ظهروا في جرأة، وملأوا الدنيا تبشيرًا، ولم يعبأوا بتهديد رؤساء اليهود، بل قالوا لهم "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس"

"وكان الرب كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون" - أع 2: 47  "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت علي جميعهم" - أع 4: 23

وكما مكث الرب مع موسى علي الجبل أربعين يومًا، ليسلمه الشريعة، ويسلمه مثال خيمة الاجتماع وكل محتوياتها، هكذا مكث الرب مع تلاميذه أربعين يومًا، يتكلم معهم فيها "عن الأمور المختصة بملكوت الله"

حقًا للهدوء والتأمل والخلوة وقت، ولخدمة الآخرين وقت

لقد مكث السيد المسيح مع الآب أربعين يومًا في خلوة روحية، وأيضًا أربعين يومًا أخري قضاها مع تلاميذه يعلمهم ويثبت إيمانهم. وفي تلك الفترة سلمهم العقيدة وكل تفاصيل الإيمان، وأسرار الكنيسة وكيف يمارسونها، وكل الترتيبات الخاصة بالعبادة .. وأصبحت قيامة الرب مركز فرح التلاميذ وموضوع كرازتهم

إنها فترة في التسليم والتعليم والتفهيم

وفيما بعد ظهر للقديس بولس أيضًا، الذي قال عن سر الافخارستيا "تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضًا.." - 1 كو 11: 23
وهكذا تتابعت عملية التسليم، من الرب لتلاميذه، لتلاميذهم

الرب سلم بولس. وماذا فعل بولس؟ إنه يقول لتلميذه تيموثاوس "وما سمعته مني بشهود كثيرين، أودعه أناسًا أمناء، يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضًا" -2  تي 2: 2

وهكذا بعد أن علم تلاميذه، قال لهم قبل صعوده "اذهبوا اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها."- مر 16: 15   "تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم جميع ما أوصيتكم به."  -  متى 28: 19، 20 

وهكذا كما سلمهم التعليم، سلمهم التعميد أيضًا

والتعليم والتعميد، لم يأمر بهما الشعب كله، إنما هو تكليف خاص بتلاميذه فقط، انتقل منهم إلي خلفائهم الأساقفة، الذين سلموه بدورهم إلي أناس أمناء أكفاء، وليس إلي عامة الشعب. إنه عمل من أعمال الكهنوت، يقوم به رجال الإكليروس

وهكذا قبل أن يسلمهم التعليم والتعميد، سلمهم الكهنوت، ومع الكهنوت سلمهم سلطان مغفرة الخطايا

وهكذا يشرح لنا إنجيل يوحنا، كيف أن الرب ظهر لتلاميذه. دخل والأبواب مغلقة، وقال لهم "سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ (في وجوههم) وقال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه، تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه، أمسكت." - يو 20: 19-23

إن منح الروح القدس لسلطان الكهنوت ومغفرة الخطايا، غير منح الروح القدس في يوم الخمسين، الذي منح التلاميذ موهبة التكلم بألسنة وقوة علي الكرازة والتبشير


من كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث



Share

Monday, May 7, 2012

لا تلمسيني


ما معنى قول الرب يسوع للمجدلية... لا تلمسيني

كانت المجدلية قد شكت في القيامة ثلاث مرات

أولها عندما قالت لبطرس ويوحنا، وَقَالَتْ لَهُمَا: أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!. يوحنا 20: 2

الثانية لما سألها الملاكان عن بكائها فقالت نفس الكلام، قَالَتْ لَهُمَا: إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!. يوحنا 20: 13

الثالثة أمام المسيح نفسه وهي تبكي، فَقَالَتْ لَهُ: يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ. يوحنا 20: 15

وهنا قال لها المسيح هذه الكلمة ومعناها لا تقتربي ﺇلىّ بهذا اﻹعتقاد وبهذا الشك بعد أن رأيتيني وأمسكت بقدمي، وكلفتك برسالة لا تلمسيني في نكرانك لأني لم أصعد في ذهنك ﺇلى مستوى أبي في الألوهية

يوحنا 2: 12 - 25

12 وَبَعْدَ هذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتَلاَمِيذُهُ، وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّامًا لَيْسَتْ كَثِيرَةً

13 وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيبًا، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ

14 وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَرًا وَغَنَمًا وَحَمَامًا، وَالصَّيَارِفَ جُلُوسًا

15 فَصَنَعَ سَوْطًا مِنْ حِبَال وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ

16 وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: ارْفَعُوا هذِهِ مِنْ ههُنَا! لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ

17 فَتَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي

18 فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالوُا لَهُ: أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هذَا

19 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ

20 فَقَالَ الْيَهُودُ: فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ

21 وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ

22 فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ

23 وَلَمَّا كَانَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ، آمَنَ كَثِيرُونَ بِاسْمِهِ، إِذْ رَأَوْا الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَ

24 لكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ

25 وَلأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ الإِنْسَانِ، لأَنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ فِي الإِنْسَانِ

يوحنا 2: 12 - 25


Share

Saturday, April 21, 2012

القيامة - أبونا بيشوى كامل



 الحرية والقيامة الأولى هى شهوة ربنا للنفوس المقيدة .
 نحن الذين استترت حياتنا مع المسيح القائم من الأموات نعيش بمشاعر واحساسات المسيح القائم .

 القيامة هى ثمرة اتحادنا بالمسيح القائم . والمجد هو نصيبنا فى المسيح القائم الممجد .

 إذاً لا نخشى الفشل . بل نرى فيه بداية القيامة ، وسبباً فى تذوق القيامة الأولى . أى فى ادراكنا أننا قمنا مع يسوع عندما كانت الأبواب مغلقة

القيامة الأولى بالنسبة للمسيحى هى اختبار لا ينتهى يبدأ بالمعمودية والدفن مع السيد المسيح ، والقيامة معه ( رو 6 : 4 ) . بالتوبة المستمرة ( 2 كو 4 ) . وفى سر الإفخارستيا يحيا به لأن الحياة هى القيامة " ( 1 يو 3 : 14 ) ، وفى أعمال المحبة لأن الذى يحب قد انتقل من الموت إلى الحياة .. القيامة ، وفى قوة الرجاء( 2كو 1 : 9 ، 10 ) . وفى قوة النصرة على شهوات الجسد " ( رو 8 : 11 ) ، وفى الشجاعة وغلبة الخوف وفى اختيار الحرية ( لو 4 : 18 ) . وفى السلوك فى النور كأولاد للنور وأبناء للقيامة ( يو 3 : 21 ) وأخيراً فى الكرازة والخدمة (مت 28 : 19 ) إنها اختبار حياتنا كلها .
 
إن الكنيسة تعتبر المعمودية بكل إصرار وتأكيد هى نصيب كل واحد منا فى الموت والقيامة مع المسيح ..

لذلك نزف المعمدين بالكنيسة كأيقونة حية للقيامة .ونقول : أكسيوس .. أكسيوس .. أكسيوس .
لما لا يكون هذا اختباراً روحياً عن القيامة بأن نقف دقيقة أمام المعمودية فى كل مرة ندخل الكنيسة ، نعترف أمامها بأننا هنا دفنا وحملنا الموت عن الخطية فى حياتنا كل حين وكل يوم ، وانبعثت القيامة الأولى بفجرها المشرق فى حياتنا الجديدة القائمة ، وصرنا أبناء الله مولودين من فوق ..

جرب يا أخى هذا التدريب فى دخولك الكنيسة .. عندئذ يتحول الطقس إلى حياة، وتصبح القيامة الأولى هى الدرس الأول الذى يتكرر فى حياتك كل يوم .

 تذكر أمام المعمودية أنك جحدت الشيطان وكل أعماله النجسة .

+ تذكر أنك صرت متحداً مع المسـيح بشـبه موته ، وبشبه قيامته .

+ تذكر أنك دُفنت ومُت وقُمت مع المسيح .

+ تذكر أنك بقيامتك صارت أعضاؤك آلات بر لله .

تذكر أن القيامة هى سلوك فى هذه الحياة .

 تذكر أنك ولدت من فوق ، وصرت ابن الله ، وتحدد خط سيرك فى هذه الحياة نحو الأبدية السعيدة .

 هيا بنا يا أخى نجعل حياتنا أثناء دورة القيامة أيقونة حية للمسيح القائم ، بل هيا نجعل كل أيامنا خماسين

مفرحة حية ناطقة ..

 القيامة نعمة مجانية أخذها الانسان بالإيمان .. فى المعمودية .

القيامة هى خروج من قبر مغلق ،

هى خلق حياة من الموت ،

هى نجاح من الفشل ،

هى إيمان بعد يأس ،

هى خروج من ضعف الانسان ،

هى الإيمان المطلق .. هى كل حياتنا كمسيحيين .

vلا قيامة بدون صليب .

 الذى ينتظر حتى الموت ينال القيامة والذى يهرب قبل الآخر يحرم منها .

 من يريد أن يتمتع ببهجة قيامة الرب لابد أن يكون قد اجتاز اختبار الموت مع المسيح." لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته "( رو 6 : 5 ) .

 القيامة حقيقة ملموسة واقعيـة نعيشـها اليوم بسكنـى الروح القدس داخلنا .

( روح القيامة ) وذلك بمسحة الميرون كقول الرسول : " إن كان روح الذى أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم فالذى أقام المسيح من الأموات سيحيى أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم " ( رو 8 : 11 ) .

 القيامة ليست تمثيلية بل هى انسان داخلى يتجدد يوماً فيوماً .

 القيامة : حياة واختبار يومى نذوقه فى كل مرة نقترب من الصليب ونحمله بفرح ..

 القيامة ليست قصة ولكنها حياة .. يحس فيها المسيحى بقوة قيامته من الخطية ومن الضعفات اليومية، والغضب ، والكراهية ، ومحبة الكرامة ، والذات ، وشهوات العالم ..

 عندئذ نقول إننا مع المسيح .. متنا مع المسيح " صلبنا " فنحيا " نقوم " لا نحن بل المسيح يحيا فينا .
الخلق ليس عملاً هيناً ، لأننا كنا أمواتاً بالخطايا ..
 والميت هالك ورائحته نتنة وعاجز .. فجاء روح القيامة وسكن داخلنا بمسحة الميرون . فأقامنا من موتنا ونحن داخل قبر الخطية .

 القيامة هى عمل صنعه ويصنعه كل يوم الروح القدس فى إقامتنا كل يوم من نتانة موت الخطية . فهو دائماً يميت أعمال الجسد لكيما يحييه . " إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون " " روحياً وجسدياً " ( رو 8 : 13 ) .

 إن الخوف من الموت سوف يلازم الانسان إلى أن يموت الانسان عن الذات فيعيش القيامة

مناجـاة :

ربى يسوع .. أشكرك لأنك وهبت لى ما لم يدركه تلاميذك فى حينه وهبت لى أن اشترك معك فى بركات صليبك وأعاينها وأعيشها وآكلها .. ووهبت لى أن أعيش قيامتك ، وأشترك فى قوتها وآكلها .. أعطنى سر معرفتك ، فاجعلنى مستحقاً أن أنتفع بكل هذه النعمة ولا أهمل فيها ، أو يظلم عقلى عن إدراكها . كم مرة يا نفسى اجتزت وادى ظل الموت وحررك إلهى وأقامك معه قيامة أولى . وعندما تقيمنى ياإلهى من قيد الشهوة والخوف ، والكبرياء ، والذات ، أقول مع القديس اغسطينوس.

"وضعت قدمى على قمة هذا العالم عندما صرت لا أخاف شيئاً ولا أشتهى شيئاً"


Share

Sunday, May 15, 2011

قيامته وظهوره لمريم المجدلية

اذهبي ﺇلى ﺇخوتي وقولي لهم ﺇني أصعد ﺇلى أبي وأبيكم وﺇلهي وﺇلهكم. انجيل يوحنا 20: 17

قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ». يوحنا 20: 17

عندما كلم الرب يسوع نفسه مريم المجدلية ظنته البستابي، بل صرفت انتباهها عنه. ولكن عندما ناداها ببساطة باسمها عرفته في الحال، وتقدمت على ما يبدو لتمسك به، فقال لها لا تلمسيني لأنه لم يصعد بعد الى أبيه، ولكن حمّلها برسالة رائعة لكي تنقلها الى التلاميذ، وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ. يوحنا 20: 17

لاشك أن مريم ظنت أنها قد استعادت نفس العلاقة التي كانت لها به من قبل وهي علاقة العيان. ولكن لم يكن ممكناً أن تستمر معرفتها له على هذا الأساس، بل علاقتها به الآن أسمى وأعظم بركة. ﺇنه لها الآن في السماء، باعتباره الرأس المبارك للخليقة الجديدة، والتي فيها تلاميذه هم ﺇخوة له. كم هي عجيبة نعمة ربنا يسوع المتفاضلة! ولقد سر الرب أن يعلن نفسه هكذا، ليس لأذكى الرجال ولا أكثرهم حيوية، بل لامرأة كان حبها له حقيقي لا يتزعزع، وهي أول شاهد على قيامته، وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. مرقس 16: 9. فهل نرغب نحن أيضا في نفس التكريس القلبي له


فعلت مريم حسبما أُمرت، ذهبت إلى التلاميذ وأبلغتهم الرسالة: قد رأيت الرب. لقد أكدت لهم خبرتها مع المسيح القائم من الأموات

لتأكيد قيامته سمح لتلاميذه أن يلمسوا آثار المسامير والجراحات، كما سمح للنسوة أن يمسكن قدميه ويسجدن إليه، وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. متى 28: 9. أما بالنسبة للمجدلية فربما لأنها ظنت أنه قام كما سبق فأقام لعازر ليعيش معهم على الأرض، لذلك طلب منها ألا تلمسه بيديها بل بقلبها، لتكرز بقيامته وصعوده إلى السماء. إنه لم يقم ليؤسس له مملكة أرضية، بل ليصعد، ويقيم مملكته في القلوب. لقد سبق فهيأ أذهانهم قبل صلبه أنه يصعد إلى السماء، لذا لم يرد أن تتحول بهجة قيامته إلى شوق نحو بقائه معهم على الأرض

يرى
Leon Morris
أن الفعل: تلمسيني، في اليونانية يحمل معنى: لا تستمري في لمسي، وليس لا تبتدئي باللمس. أراد السيد المسيح منها أن تتوقف عن اللمس، وكأنه سمح لها باللمس ولكن إلي حين. أراد أن يؤكد لها أنه قد قام بحياة جديدة، ليس كالحياة القديمة التي تركها، ليهب البشرية المؤمنة هذا التغيير في يوم الرب العظيم. هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. لأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ. كورنثوس الأولى 15: 51 – 53

مرة أخرى إذ تلامست مع قيامته يؤكد لها أنه لم يصعد بعد إلى السماء، وقد حان الوقت للكرازة بالقيامة وتهيئة الأذهان للصعود. إنه لا يوجد وقت للارتباط الزمني وحضوره جسديًا وسطهم. ليس من وقت للحديث معه، بل يلزم تحقيق رسالته، إنه وقت للكرازة بالأخبار المفرحة

مع قيامته والإعلان عن صعوده لم يخجل من أن يدعو تلاميذه اخوتي

بعث السيد المسيح برسالة مع المجدلية إلى تلاميذه الذين تركوه عند القبض عليه ولم يرافقوه حتى الصليب. لم يشر إلى كلمة عتاب واحدة، وكأنه قد أرسل إليهم يقول: إني أغفر وأنسى ولا أعاتب

أرسل إليهم المجدلية التي سبق فأخرج منها سبعة شياطين لكي تكرز للتلاميذ بالأخبار المفرحة للقيامة

في رسالته إليهم أعلن شوقه للوحدة، اتحادهم معه، لينالوا البنوة لله، فيصير الله الآب أباهم، ويصير المسيح نفسه معهم، يحسب الآب إلهه كابن البشر الممثل لهم. لكنه يميز بين مركزه كابن أزلي حقيقي وبينهم كأبناء بالتبني، إذ لم يقل: أبينا وإلهنا. أخيرًا إن كان بطرس ويوحنا تركاها في البستان تبحث عنه باكية، فإنها إذ وجدته عادت تبشر الكل بما رأته وسمعته ووجدته. لقد وجدت المسيا مخلص العالم الذي يعدهم ليرتفعوا معه بقلوبهم إلى حضن الآب

+ أجاب القديس جيروم على تساؤل مارسيلا
Marcella
كيف يتفق ما جاء في يوحنا 20: 17 ، لا تلمسيني، مع ما ورد في متى 28: 9 وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. فتقدمتا وأمسكتا بقدميه. يقول أنه في الحالة الأولى فشلت مريم المجدلية في التعرف على لاهوت ربنا يسوع، أما في الحالة الثانية تعرفتا عليه، ولهذا نالا الامتياز الذي حُرمت منه مريم المجدلية أولاً


بمعنى إنكِ لستِ أهلاً أن تلمسي القائم ذاك الذي تظنين أنه لا يزال في القبر. القديس جيروم


+ أعطى يسوع المرأة درسًا في الإيمان التي عرفته أنه السيد، ودعته هكذا في إجابتها له. كان هذا البستاني يغرس في قلبها، كما في حديقته حبة الخردل. ماذا إذن يقصد بقوله: لا تلمسيني؟ وكما لو كان علة المنع يجب بحثها أضاف: لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ماذا يعني هذا؟ إن كان لا يُلمس بواسطة البشر وهو واقف على الأرض، فكيف يُمكن أن يُلمس بواسطة البشر وهو جالس في السماء؟ بالتأكيد قدم نفسه قبل صعوده لكي يلمسه تلاميذه. فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ:«امْكُثْ مَعَنَا، لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ». فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. لوقا ٢٤: ٢٩... هذه المرأة ترمز لكنيسة الأمم التي لم تؤمن بالمسيح إلا بعد صعوده فعلاً إلى الآب، وبهذا فهو يريد أن يؤمنوا به، أي يلمسوه روحيًا إذ هو والآب واحد. القديس أغسطينوس

+ كان يليق بمريم التي كانت لا تزال تظن عدم مساواته للآب أن تُمنع من لمسه بالكلمات: لا تلمسيني. بمعنى لا تؤمني هكذا حسب مفاهيمك الحالية. لا تدعي أفكارك تنبسط خارجيًا إلى ما صرتِ عليه من أجلك دون العبور إلى ما بعد ما أنتِ عليه... إنك تلمسيني حينما تؤمنين إني أنا الله ولست بأية طريقة غير مساوٍ للآب. القديس أغسطينوس

+ على حسب ظني أن هذه المرأة أرادت أن تأتلف به أيضًا كائتلافها به من قبل، ومن فرحها به لم تدرك فيه أمرًا عظيمًا، إذ كان أفضل حالاً في ذات جسده بمقدارٍ كثيرٍ، فإذ حجزها عن هذه المهمة رفع أفكارها حتى تنظر إليه بأوفر خشوعٍ وأجزله، فمعنى قوله: لا تلمسيني هو لا تقتربي مني كالحال السابق. القديس غريغوريوس أسقف نيصص

+ بينما رأيناه على الصليب وحيدًا، لا نراه هكذا بعد، بل يظهر وسط اخوته. في يوم قيامته قدم الرسالة المفرحة: اذهبي إلى اخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم. يوحنا20: 17 . نسمعه يخاطب تلاميذه كاخوته وذلك في يوم قيامته المجيدة بعدما اجتاز آلامه. فإننا إذ نتقدس بعمله الخلاصي، آلام الصليب، ليس فقط لا يخجل بل يُسر جدًا أن يدعوهم هكذا: اخوته. قَائِلاً:«أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». العبرانيين 2: 12. القديس غريغوريوس أسقف نيصص

+ يقول العريس: إن كنت ترغب أن تُفتح الباب وأن ترتفع أبواب نفسك ليدخل ملك المجد، يلزمك أن تقبل اشتياقاتي في نفسك. كما يقول الإنجيلي: من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي. متى 12: 50. يليق بك أن تقترب إلى الحق، وتصير شريكه حتى لا تنفصل عنه. القديس غريغوريوس أسقف نيصص

+ اذهبي إلى اخوتي، وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم. مع أنه لم يكن قد اقترب صعوده ليتحقق فورًا، إنما يتم ذلك بعد أربعين يومًا، فلماذا قال هذا؟ رغبة في أن يرفع أذهانهم، ويحثهم بأنه سيرحل إلى السماوات. القديس يوحنا الذهبي الفم

+ عندما يذهب إلى أبيه حاملاً الغلبة والنصرات بجسده القائم من الأموات.. عندئذ تقول بعض القوات: من ذا الآتي من أدوم بثيابٍ حمرٍ من بصرة، هذا البهي بملابسه؟ إشعياء 63: 1. والمرافقون لهيقولون للمقيمين عند أبواب السماء: ارتفعي أيتها الأبواب ليدخل ملك المجد. مزمور 24: 7. وإذ يستفسرون بالأكثر، أقول، إذ يروا يمينه بآثار دمه، وكل جسمه وقد امتلأ بالجراحات يقولون: ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة؟ يجيب: لقد حطمتهم ومزقتهم قطعاً. راجع إشعياء 63: 2-3. العلامة أوريجينوس

+ سألها ألا تلمسه لأنه لم يصعد بعد. يوحنا 21: 17، حتى تلمسه بعد صعوده، إذ يُعد لها أمجادًا عظيمة، فتلمس ما لا يمكن لمسه بالأيدي، وترى ما لم تستطع رؤيته هنا. ولعله يخبرها ألا تلمسه بمعنى لا تعودي تحسبينني بشريًا مجردًا، بل أنا القدوس. ارفعي قلبك وفكرك إلى السماويات، واطلبيني هناك، لأني صاعد إلى أبي الذي لم أتركه قط ولا انفصل عنه. أنا أقيمك واصعد بك إلى عرشي!. البابا غريغوريوس الكبير

+ السبب أنه لا يُلمس كما في هذه الكلمات: لأني لم أصعد بعد إلى أبي.. فالقلب الذي لا يؤمن بمساواته للآب، يبقى الرب بالنسبة له غير صاعد بعد إلى أبيه. فمن يؤمن أنه شريك مع الآب في السرمدية هو وحده يلمسه.. لأني صرت إنسانًا فهو إلهي، ولأنكم قد تحررتم من الخطأ فهو إلهكم. أنه أبي وإلهي بطريقة متمايزة عنكم، إذ ولدني بكوني الله قبل الدهور، ولكنه خلقني كإنسانٍ في ملء الزمان. البابا غريغوريوس الكبير

+ لئلا يظن أحد في بساطة أو عن سرعة خاطر مع عناد أن في قول المسيح: أصعد إلى أبي وأبيكم. أنه مساوٍ في الكرامة مع الأبرار، لهذا يجدر بنا أن نصنع تمييزًا. وهو أن اسم: الآب. هو واحد، أي آب لابن واحد، أما عمله فمتعدد. أي يعطى البنوة بالتبني لكثيرين. وإذ يعلم المسيح نفسه هذا قال في عصمة عن الخطأ: أصعد إلى أبي وأبيكم، ولم يقل: أبينا، بل ميز بينهما. القديس كيرلس الأورشليمي

قال أولاً بما يليق به: إلى أبي. الذي هو بالطبيعة، وبعد ذلك أضاف: وأبيكم، الذي هو بالبنوة. لأنه مهما بلغ سمو الامتياز الذي تقبلناه بقولنا في صلواتنا: أبانا الذي في السماوات، إلا أن العطية هي من قبيل محبة اللٌه المترفقة. فنحن ندعوه أبًا، ليس لأننا وُلدنا بالطبيعة من أبينا السماوي، بل انتقلنا من حالة العبودية إلى البنوة بنعمة الآب خلال الابن والروح القدس. لقد سمح لنا أن ننطق بهذا من قبيل محبة اللٌه المترفقة غير المنطوق بها. القديس كيرلس الأورشليمي

+ لئلا يُظن أنه من جانب ماهو آب للابن وللخليقة معًا صنع المسيح تمييزًا كما يلي. إنه لم يقل: اصعد إلى أبينا. لئلا تصير الخليقة شريكة للابن الوحيد، على مستواه الطبيعي. بل قال: أبي وأبيكم. أي هو أبي بالطبيعة وأبوكم بالتبني. القديس كيرلس الأورشليمي

+ ﺇن كنت تطلبه بين الكائنات الأرضية كما طلبَته مريم المجدلية، احذر لئلا يقول لك ما قاله لها: لا تلمسيني، لأني لم أصعد بعد إلى أبي وأبيكم. آية: 17. فإن أبوابك ضيقة، لا يمكن أن ترتفع فلا تقدر الدخول فيها. اذهب في طريقك إلى اخوتي، أي إلى الأبواب الدهرية هذه إذ ترى يسوع ترتفع.. أبدية هي أبواب الكنيسة، هذه التي يشتهي النبي أن يعلن فيها تسابيح المسيح، قائلاً: لكي أخبر بكل تسابيحك في أبواب ابنة صهيون. مزمور 9: 14. القديس أمبروسيوس

+ يكشف ابن اللَّه الفارق بين الولادة والنعمة عندما يقول: لم أصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم. إذ لم يقل: لم أصعد إلى أبينا وإلهنا.. التمييز علامة الفارق، إذ ذاك الذي هو أب المسيح هو خالقنا. القديس أمبروسيوس

+ غاية المسيح في التجسد أن يهيئ لنا الطريق إلى السماء. القديس أمبروسيوس

+ حقًا قال لمريم المجدلية: لا تلمسيني. آية: 17، لكن هذا الطاهر لم يقل: لأني طاهر، فهل تتجاسر يا نوفيتان
Novatian
وتقول إنك طاهر، بينما حتى إن كنت طاهرًا بأعمالك فبقولك هذا تُحسب غير طاهرٍ؟. القديس أمبروسيوس


+ ﺇنه قد أوشك أن يجلس على عرش أبيه، أما هم فيقفون. مع كونه في كيانه حسب الجسد صار أخانا، لكن في كرامته يختلف عنا جدًا بما لا يمكن أن نخبر عن قدره. القديس يوحنا الذهبي الفم




Share

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News