Showing posts with label الألم. Show all posts
Showing posts with label الألم. Show all posts

Tuesday, May 13, 2014

طريق الحبيب





أولئك يارب الذين أشرقت عليهم بشعاع حبك.. لم يحتملوا السكنى بين الناس 
بل ألقوا عنهم كل حب جسداني وتغربوا عن كل شئ في طلب المحبوب

نفضوا كل لذة جسمية ونبذوا كل تمتع بشرى وسعوا خلف الغنى بحبه لأنهم
 أدركوا أن في قلبه لهم حباً كثيراً وفي محبته لهم عزاء يفوق كل عزاء

نزعوا كل أفراحهم وذهبوا يلتمسون طريق الحبيب بالدموع 
بكوا لما وجدوا أنفسهم في الطريق غير مستاهلين لجمال المحبوب 

ساعة أن أدركوا شهوة الحب الوحيد ما صبروا أن يبقوا في أفراح العالم لحظة 
ولما لم يجدوا عندهم شيئاً يقدمونه إليه قدموا ذواتهم بالحب على مذبحة

شربوا مرارة الألم متلذذين وأسلموا أجسادهم 
حتى الموت فرحين أذ وجدوا شيئاً يقدمونه إليك

أقوال الشيخ الروحاني



Share

Friday, April 25, 2014

الإيمان


الله غير محتاج لعشورنا ولكن بها يدربنا على العطاء وعلى محبة الآخرين وعلى الزهد في المال كما يدربنا على الإيمان ، الإيمان ببركة الله للقليل

من أقوال المتنيح البابا شنودة الثالث

 +++

الإيمان هو أساس العلاقة الحقيقية مع الله وله فاعليته العظيمة، وهذا ما نراه في سحابة شهود الإيمان.. وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى. فَإِنَّهُ فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ. بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 1 - 3

فإننا نرى في هابيل، العبادة والإقتراب إلى الله بالإيمان.. بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ للهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ. فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ! رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 4

ونرى في أخنوخ، سلوك الإيمان.. بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 5

ونرى في نوح، عمل الإيمان.. بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإِيمَانِ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 7

ونرى في إبراهيم، طاعة الإيمان.. بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 8

وأيضاً نرى في إبراهيم، انتظار الإيمان.. لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 10

ونرى في سارة، تصديق الإيمان.. بِالإِيمَانِ سَارَةُ نَفْسُهَا أَيْضًا أَخَذَتْ قُدْرَةً عَلَى إِنْشَاءِ نَسْل، وَبَعْدَ وَقْتِ السِّنِّ وَلَدَتْ، إِذْ حَسِبَتِ الَّذِي وَعَدَ صَادِقًا. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 11

ونرى في موسى، انتصار الإيمان على العالم.. بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ. بِالإِيمَانِ مُوسَى لَمَّا كَبِرَ أَبَى أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ، حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ، لأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمُجَازَاةِ. بِالإِيمَانِ تَرَكَ مِصْرَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ الْمَلِكِ،لأَنَّهُ تَشَدَّدَ، كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لاَ يُرَى. بِالإِيمَانِ صَنَعَ الْفِصْحَ وَرَشَّ الدَّمَ لِئَلاَّ يَمَسَّهُمُ الَّذِي أَهْلَكَ الأَبْكَارَ. بِالإِيمَانِ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ كَمَا فِي الْيَابِسَةِ، الأَمْرُ الَّذِي لَمَّا شَرَعَ فِيهِ الْمِصْرِيُّونَ غَرِقُوا. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 23 - 29

ونرى في راحاب، الإيمان الذي ينجي من الهلاك.. بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 31

ونرى في كثير من رجال الإيمان صورة للإيمان المنتصر على الألم.. الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 33 - 38

ونرى أيضاً صورة للإيمان الذي ينال المواعيد.. الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. فَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 33 - 40



يمكن الرجوع إلى

ما يخص الإيمان

http://orthodoxcoptic.blogspot.com/search/label/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86


Share

Saturday, August 20, 2011

مريم‏ ‏فائقة‏ ‏القداسة


مريم‏ ‏فائقة‏ ‏القداسة
للمتنيح: الأنبا غريغوريوس - أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي


إن‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏ليست‏ ‏فقط‏ ‏صديقة‏ ‏وقديسة‏، ‏لكنها‏ ‏فائقة‏ ‏القداسة‏، ‏وقد‏ ‏وصفها‏ ‏الملاك‏ ‏جبرائيل‏ ‏عندما‏ ‏بشرها‏ ‏بالحبل‏ ‏الإلهي‏ ‏منها‏ ‏أنها‏ (‏الممتلئة‏ ‏نعمة‏) (‏لوقا‏ 1: 28)، ‏ومعني‏ ‏أنها‏ (‏ممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏أنها‏ ‏كانت‏ ‏قبل‏ ‏اختيارها‏ ‏لشرف‏ ‏ولادة‏ ‏الله‏ ‏الكلمة‏ ‏منها‏، ‏نقية‏ ‏وطاهرة‏ ‏وعفيفة‏ ‏ومفعمة‏ ‏بالفضيلة‏ ‏إي‏ ‏درجة‏ ‏الامتلاء‏ ‏الكامل‏، ‏وهي‏ ‏قامة‏ ‏روحية‏ ‏عظيمة‏ ‏نادرة‏ ‏في‏ ‏فتاة‏ ‏في‏ ‏مثل‏ ‏سن‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏قد‏ ‏بلغت‏ ‏الثالثة‏ ‏عشرة‏ ‏من‏ ‏عمرها‏: (‏بنات‏ ‏كثيرات‏ ‏عملن‏ ‏فضلا‏. ‏أما‏ ‏أنت‏ ‏ففقت‏ ‏عليهن‏ ‏جميعا‏) (‏أمثال‏ 31: 29).

‏وإذا‏ ‏كانت‏ ‏تلك‏ ‏هي‏ ‏قامتها‏ ‏الروحية‏ ‏وهي‏ ‏صبية‏ ‏صغيرة‏، ‏فلابد‏ ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏القامة‏ ‏امتدت‏ ‏طولا‏ ‏وعرضا‏ ‏وعمقا‏ ‏بتأملها‏ ‏في‏ ‏سر‏ ‏التجسد‏، ‏وبملازمتها‏ ‏للمسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏، ‏وانفعالها‏ ‏المستمر‏ ‏بالمكاشفات‏ ‏الروحية‏ ‏والتجليات‏ ‏العالية‏ ‏التي‏ ‏عاشتها‏ ‏وعايشتها‏، ‏واستغرقت‏ ‏روحها‏ ‏ونفسها‏ ‏وذهنها‏ ‏وكل‏ ‏كيانها‏ ‏ووجدانها‏. ‏قال‏ ‏عنها‏ ‏الإنجيل‏ (‏وأما‏ ‏مريم‏ ‏كانت‏ ‏تحفظ‏ ‏جميع‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏متفكرة‏ ‏به‏ ‏في‏ ‏قلبها‏... ‏وكانت‏ ‏أمه‏ ‏تحفظ‏ ‏جميع‏ ‏هذه‏ ‏الأمر‏ ‏في‏ ‏قلبها‏) (‏لوقا‏ 2: 19، 51). ‏إن‏ ‏مريم‏ ‏تحولت‏ ‏بفضل‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الجو‏ ‏الروحاني‏ ‏الذي‏ ‏غمرها‏، ‏وغرقت‏ ‏هي‏ ‏في‏ ‏أعماقه‏ ‏وغاصت‏ ‏في‏ ‏بحوره‏، ‏ومتابعتها‏ ‏المستمرة‏ ‏المتأنية‏ ‏لكل‏ ‏كلمة‏ ‏من‏ ‏ابنها‏ ‏وسيدها‏ ‏وربها‏ ‏الذي‏ ‏وقفت‏ ‏وأوقفت‏ ‏كل‏ ‏حياتها‏ ‏علي‏ ‏خدمته‏، ‏ومتابعتها‏ ‏المستمرة‏ ‏المتأنية‏ ‏لكل‏ ‏تصرفاته‏ ‏وكل‏ ‏تحركاته‏، ‏وما‏ ‏صاحب‏ ‏حياته‏ ‏من‏ ‏أحداث‏ ‏إلهية‏ ‏مبهرة‏ ‏ومعجزات‏ ‏وآيات‏ ‏وقدرات‏ ‏سحقت‏ ‏روح‏ ‏مريم‏ ‏بمزيد‏ ‏من‏ ‏الاتضاع‏، ‏والاستغراق‏ ‏الروحاني‏، ‏حتي‏ ‏صارت‏ ‏تحيا‏ (‏في‏ ‏الروح‏) (‏الرؤيا‏ 1: 10) ‏وكأنها‏ ‏ليست‏ ‏في‏ ‏الجسد‏، ‏ولعلها‏ ‏من‏ ‏عمق‏ ‏استغراقها‏ ‏في‏ ‏الروحيات‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏تدري‏ (‏هل‏ ‏هي‏ ‏في‏ ‏الجسد‏ ‏أم‏ ‏خارج‏ ‏الجسد‏) (2‏ كورنثوس‏ 12: 2، 3).‏

إن‏ ‏إنسانة‏ ‏روحانية‏ ‏بهذه‏ ‏الدرجة‏، ‏بدأت‏ ‏خدمتها‏ ‏في‏ ‏سن‏ ‏الصبوة‏ ‏وهي‏ (‏ممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏وامتدت‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏قامتها‏ ‏الروحية‏ ‏طولا‏ ‏وعرضا‏ ‏وعمقا‏، ‏كيف‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏لها‏ ‏عند‏ ‏الله‏ ‏شفاعة‏ ‏ودالة؟‏ ‏وكيف‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏لصلواتها‏ ‏وزن‏ ‏ثقيل؟‏.

إذا‏ ‏كان‏ ‏الله‏ ‏تعالي‏ ‏يقرر‏ ‏أنه‏ ‏إن‏ ‏وجد‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏خمسين‏ ‏أو‏ ‏أربعين‏ ‏أو‏ ‏ثلاثين‏ ‏أو‏ ‏عشرين‏ ‏أو‏ ‏عشرة‏ ‏أبرار‏، ‏فإنه‏ ‏يصفح‏ ‏عن‏ ‏المكان‏ ‏كله‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الأبرار‏ ‏الذين‏ ‏فيه‏، ‏ويطيل‏ ‏أناته‏ ‏علي‏ ‏الخطاة‏ ‏الذين‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏ولا‏ ‏يهلكهم‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الأبرار‏ ‏الذين‏ ‏في‏ ‏وسطهم‏ (‏التكوين‏ 18: 23 - 32)، ‏فكيف‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏لمريم‏ ‏العذراء‏ ‏وهي‏ (‏الممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏والفائقة‏ ‏القداسة‏، ‏شفاعة‏ ‏ودالة‏ ‏عند‏ ‏الله‏ ‏بحيث‏ ‏أنه‏ ‏بصلواتها‏ ‏وطلباتها‏ ‏يرحم‏ ‏الرب‏ ‏بشرا‏ ‏آخرين‏ ‏تشفع‏ ‏هي‏ ‏فيهم‏، ‏فتشملهم‏ ‏مراحم‏ ‏الرب‏ ‏ويطيل‏ ‏أناته‏ ‏عليهم؟


الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك
لكن‏ ‏مريم‏ ‏العذراء‏ ‏بفضل‏ ‏روحانيتها‏ ‏وقداستها‏، ‏قد‏ ‏اصطفاها‏ ‏الرب‏ ‏دون‏ ‏نساء‏ ‏العالمين‏ (‏لوقا‏ 1: 28، 42) ‏لتكون‏ ‏هي‏ (‏المختارة‏) (2 ‏يوحنا 1‏: 1) ‏التي‏ ‏يحل‏ ‏الله‏ ‏الكلمة‏ ‏فيها‏، ‏ومن‏ ‏دمها‏ ‏ولحمها‏ ‏تكون‏ ‏الجسد‏ ‏الذي‏ ‏اتحد‏ ‏به‏ ‏اللاهوت‏، ‏وظهر‏ ‏منها‏ (‏الله‏ ‏متجسدا‏) (1 ‏تيموثيئوس‏ 3: 16)، ‏إنه‏ ‏شرف‏، ‏ياله‏ ‏من‏ ‏شرف‏، ‏أن‏ ‏تصبح‏ ‏امرأة‏ ‏من‏ ‏جنسنا‏ (‏سماء‏ ‏ثانية‏) ‏حل‏ ‏فيها‏ ‏الله‏ ‏جسديا‏، ‏وأن‏ ‏تصير‏ ‏من‏ ‏ثم‏ (‏والدة‏ ‏الإله‏)، (‏إشعياء‏ 7: 14) ‏وأن‏ ‏يجلس‏ ‏الله‏ ‏الكلمة‏ ‏علي‏ ‏ركبتيها‏ ‏وهو‏ (‏الجالس‏ ‏فوق‏ ‏الكاروبيم‏) (1 ‏صموئيل‏ 4: 4)، (2 ‏صموئيل‏ 6: 2)، (‏مزمور‏ 79 أو 80: 1)... ‏هي‏ ‏إذن‏ ‏الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك‏ (‏مزمور‏ 44 أو 45: 9). ‏فبهذه‏ ‏المكانة‏ ‏السامية‏ ‏وهذه‏ ‏الصفة‏ ‏والحيثية‏ ‏هي‏ ‏ذات‏ ‏دالة‏ ‏وشفاعة‏، ‏ولابد‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏لصلواتها‏ ‏مكانة‏ ‏أمام‏ ‏الله‏، ‏مكانة‏ ‏لا‏ ‏تعلوها‏ ‏مكانة‏ ‏لأحد‏ ‏آخر‏ ‏من‏ ‏القديسين‏ ‏والقديسات‏.‏
ألم‏ ‏يقل‏ ‏لها‏ ‏الملاك‏ ‏المبشر‏: (‏إنك‏ ‏قد‏ ‏نلت‏ ‏نعمة‏ ‏عند‏ ‏الله‏) (‏لوقا‏ 1: 30) ‏ولا‏ ‏ينال‏ ‏هذه‏ ‏النعمة‏ ‏والحظوة‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏أرضي‏ ‏الرب‏ ‏بسيرته‏ ‏العطرة‏.‏


مريم‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏آلامه
علي‏ ‏أن‏ ‏شفاعة‏ ‏مريم‏ ‏وفعاليات‏ ‏صلواتها‏ ‏ودالتها‏ ‏أمام‏ ‏الله‏ ‏ليست‏ ‏فقط‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏مكانتها‏ ‏باعتبارها‏ ‏الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك‏، ‏وليست‏ ‏فحسب‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏روحانية‏ ‏حياتها‏ ‏وقداسة‏ ‏سيرتها‏ ‏وهي‏ (‏الممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏والفائقة‏ ‏القداسة‏ ‏ولذلك‏ (‏نالت‏ ‏نعمة‏ ‏عند‏ ‏الله‏)، ‏ولكنها‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلي‏ ‏هذا‏ ‏وذاك‏، ‏لأنها‏ ‏تعبت‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏ومن‏ ‏أجله‏ ‏كثيرا‏... ‏وإذا‏ ‏كان‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏يقول‏ ‏عن‏ ‏المرأة‏ ‏الخاطئة‏ ‏التي‏ ‏تابت‏ ‏باكية‏ ‏عند‏ ‏قدميه‏ (‏إن‏ ‏خطاياها‏ ‏الكثيرة‏ ‏مغفورة‏ ‏لها‏، ‏لأنها‏ ‏أحبت‏ ‏كثيرا‏)، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏محبتها‏ ‏مجرد‏ ‏عاطفة‏ ‏روحية‏ ‏جياشة‏، ‏وليست‏ ‏مجرد‏ ‏تبتل‏ ‏وانقطاع‏ ‏تام‏ ‏وتفرغ‏ ‏كامل‏ ‏للرياضات‏ ‏الروحانية‏ ‏العالية‏، ‏ولكن‏ ‏مريم‏ ‏قد‏ ‏تعبت‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الرب‏ ‏يسوع‏ ‏كثيرا‏، ‏كما‏ ‏لم‏ ‏يتعب‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏أحد‏ ‏آخر‏ ‏مثل‏ ‏تعبها‏، ‏فهي‏ ‏التي‏ ‏حملته‏ ‏جسديا‏ ‏كأم‏ ‏في‏ ‏أحشائها‏، ‏وأرضعته‏ ‏جسديا‏، ‏وربته‏ ‏وهو‏ ‏ينمو‏ ‏في‏ ‏جسده‏ ‏نموا‏ ‏تدريجيا‏ ‏إلي‏ ‏قامة‏ ‏الإنسان‏ ‏الكامل‏ (‏لوقا‏ 2: 52)، ‏واحتملت‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏التعيير‏ ‏والشكوك‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏، ‏حتي‏ ‏يوسف‏ ‏خطيبها‏ ‏البار‏ ‏شك‏ ‏فيها‏، ‏ولكنه‏ (‏إذ‏ ‏كان‏ ‏يوسف‏ ‏رجلها‏ ‏بارا‏، ‏ولم‏ ‏يشأ‏ ‏أن‏ ‏يشهر‏ ‏أمرها‏، ‏أراد‏ ‏أن‏ ‏يخلي‏ ‏سبيلها‏ ‏سرا‏، ‏ولكنه‏ ‏فيما‏ ‏كان‏ ‏يفكر‏ ‏في‏ ‏ذلك‏، ‏إذا‏ ‏ملاك‏ ‏الرب‏ ‏قد‏ ‏ظهر‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏حلم‏ ‏قائلا‏: ‏يا‏ ‏يوسف‏ ‏بن‏ ‏داود‏، ‏لا‏ ‏تخف‏ ‏أن‏ ‏تستبقي‏ ‏امرأتك‏، ‏لأن‏ ‏الذي‏ ‏سيولد‏ ‏منها‏ ‏إنما‏ ‏هو‏ ‏من‏ ‏روح‏ ‏القدس‏) (‏متي‏ 1: 19، 20) ‏ولقد‏ ‏عانت‏ ‏معه‏ ‏في‏ ‏رحلتها‏ ‏الطويلة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏، ‏من‏ ‏شمالها‏ ‏إلي‏ ‏جنوبها‏، ‏وهم‏ ‏يطاردونها‏ ‏معه‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏مكان‏، ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏عادت‏ ‏إلي‏ ‏أرض‏ ‏فلسطين‏ ‏عاشت‏ ‏معه‏ ‏نفس‏ ‏المصير‏ ‏الذي‏ ‏عاناه‏ ‏من‏ ‏مضايقات‏ ‏اليهود‏ ‏واضطهادهم‏ ‏له‏ (‏يوحنا‏ 15: 20) ‏ويمكننا‏ ‏أن‏ ‏نتصور‏ ‏معاناة‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏خصوصا‏ ‏في‏ ‏أسبوع‏ ‏آلام‏ ‏سيدها‏ ‏وابنها‏، ‏وكيف‏ ‏عاشت‏ ‏معه‏ ‏تلك‏ ‏الأيام‏ ‏القاتمة‏ ‏الحزينة‏ ‏والمحاكمات‏ ‏الدينية‏ ‏والمدنية‏ ‏التي‏ ‏حاكموه‏ ‏بها‏، ‏والقضاء‏ ‏عليه‏ ‏بالجلد‏ ‏والضرب‏ ‏والصلب‏، ‏وكيف‏ ‏كانت‏ ‏تراه‏ ‏وتتابعه‏ ‏في‏ ‏مراحل‏ ‏الصلب‏ ‏مرحلة‏ ‏مرحلة‏، ‏وكيف‏ ‏كان‏ ‏شعورها‏ ‏كأم‏ ‏وهي‏ ‏تراه‏ ‏واقعا‏ ‏تحت‏ ‏حمل‏ ‏الصليب‏ ‏الثقيل‏ ‏ثلاث‏ ‏مرات‏، ‏وقائد‏ ‏الجند‏ ‏القاسي‏ ‏القلب‏ ‏يلهب‏ ‏بالسياط‏ ‏ظهره‏ ‏المثخن‏ ‏بالجراح‏ ‏يستحثه‏ ‏علي‏ ‏النهوض‏ ‏وهو‏ ‏منهك‏، ‏والعرق‏ ‏يتصبب‏ ‏من‏ ‏جبينه‏ ‏مختلطا‏ ‏بالدم‏ ‏ثم‏ ‏يمتزج‏ ‏بتراب‏ ‏الأرض‏، ‏فيصير‏ ‏وجهه‏ ‏ملطخا‏ ‏كله‏ ‏بالطين‏...

كيف‏ ‏كان‏ ‏شعورها‏ ‏كأم‏ ‏وهي‏ ‏تري‏ ‏الذي‏ ‏هو‏ (‏أبرع‏ ‏جمالا‏ ‏من‏ ‏بني‏ ‏البشر‏) (‏مزمور‏ 44 أو 45: 2) ‏قد‏ ‏صار‏ (‏لا‏ ‏صورة‏ ‏له‏ ‏ولا‏ ‏جمال‏) (‏إشعياء‏ 53: 2)... ‏ثم‏ ‏تراه‏ ‏والمسامير‏ ‏تدق‏ ‏في‏ ‏يديه‏ ‏ورجليه‏ ‏في‏ ‏قسوة‏ ‏بالغة‏، ‏وتراه‏ ‏وهو‏ ‏علي‏ ‏الصليب‏ ‏يقول‏ (‏أنا‏ ‏عطشان‏) (‏يوحنا‏ 19: 28) ‏فلا‏ ‏يقدمون‏ ‏له‏ ‏ماء‏ ‏وإنما‏ ‏يقدمون‏ ‏له‏ ‏خلا‏ ‏في‏ ‏أسفنجة‏ (‏يوحنا‏ 19: 29) ‏ثم‏ ‏تري‏ ‏رئيس‏ ‏الجند‏ ‏يطعنه‏ ‏بالحربة‏ ‏في‏ ‏جنبه‏، ‏فيجري‏ ‏من‏ ‏جنبه‏ ‏دم‏ ‏وماء‏ (‏يوحنا ‏19: 34)، ‏وحقا‏ ‏ما‏ ‏قاله‏ ‏سمعان‏ ‏الشيخ‏ ‏عندما‏ ‏رأي‏ ‏المسيح‏ ‏علي‏ ‏يدي‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏تحمله‏ ‏عند‏ ‏تمام‏ ‏الأربعين‏ ‏يوما‏ ‏من‏ ‏ولادته‏، ‏متنبئا‏ ‏عن‏ ‏آلامها‏ ‏ومعاناتها‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏ربها‏، ‏وفاديها‏ ‏وابنها‏ (‏إن‏ ‏هذا‏ ‏قد‏ ‏جعل‏ ‏لسقوط‏ ‏وقيام‏ ‏كثيرين‏ ‏في‏ ‏إسرائيل‏، ‏وسيكون‏ ‏هدفا‏ ‏للمقاومة‏، ‏وأنت‏ ‏أيضا‏ ‏سينفذ‏ ‏في‏ ‏نفسك‏ ‏سيف‏، ‏حتي‏ ‏تنكشف‏ ‏نوايا‏ ‏قلوب‏ ‏كثيرة‏) (‏لوقا‏ 2: 34، 35).‏

وإذا‏ ‏كان‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏يقرر‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏عادل‏، ‏وأنه‏ ‏لعدله‏ (‏يجازي‏ ‏كل‏ ‏إنسان‏ ‏علي‏ ‏حسب‏ ‏أعماله‏) (‏متي‏ 16: 27)، (‏رومية‏2: 6) ‏وأن‏ (‏كل‏ ‏واحد‏ ‏ينال‏ ‏أجرته‏ ‏علي‏ ‏مقدار‏ ‏تعبه‏) (1 ‏كورنثوس ‏3: 8)، ‏والتعب‏ ‏هو‏ ‏برهان‏ ‏المحبة‏، (‏وما‏ ‏من‏ ‏حب‏ ‏أعظم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يبذل‏ ‏أحد‏ ‏نفسه‏ ‏عن‏ ‏أحبائه‏) (‏يوحنا‏ 15: 13) ‏فإن‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏قد‏ ‏أحبت‏ ‏الرب‏ ‏حبا‏ ‏لايدانيه‏ ‏حب‏، ‏أولا‏- ‏كقديسة‏ ‏جزيلة‏ ‏القداسة‏. ‏وثانيا‏- ‏كأم‏، ‏وليس‏ ‏كمحبة‏ ‏الأم‏ ‏محبة‏ ‏أخري‏ ‏تدانيها‏، ‏وثالثا‏- ‏كإنسانة‏ ‏عاشت‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏وعايشته‏ ‏وارتبط‏ ‏مصيرها‏ ‏بمصيره‏ ‏واحتملت‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏مالم‏ ‏يحتمله‏ ‏أحد‏ ‏آخر‏، ‏وعانت‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏مالم‏ ‏يجرؤ‏ ‏أحد‏ ‏أن‏ ‏يدعيه‏، ‏فهي‏ ‏معه‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏شهيدة‏، ‏تعذبت‏ ‏معه‏ ‏منذ‏ ‏بدء‏ ‏تجسده‏، ‏وقبل‏ ‏تجسده‏، ‏وتعذبت‏ ‏معه‏ ‏آلامه‏ ‏وموته‏، ‏وبعد‏ ‏قيامته‏ ‏وبعد‏ ‏صعوده‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏، ‏ومازال‏ ‏اليهود‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏ ‏يسبونها‏ ‏ويعادونها‏ ‏وييبغضونها‏.‏

هناك‏ ‏آلام‏ ‏ليست‏ ‏نتيجة‏ ‏خطايانا‏، ‏هذه‏ ‏لو‏ ‏أصابتنا‏ ‏فهي‏ ‏لفائدتنا‏ ‏ولتمحيصنا‏، ‏ولتظهر‏ ‏فضيلتنا‏، ‏لأنه‏ ‏كيف‏ ‏تظهر‏ ‏فضيلة‏ ‏الاحتمال‏ ‏مالم‏ ‏يكن‏ ‏هناك‏ ‏ألم‏ ‏وإهانة‏ ‏أو‏ ‏موقف‏ ‏يقتضي‏ ‏أو‏ ‏يستخدم‏ ‏الإنسان‏ ‏أن‏ ‏يوظف‏ ‏هذه‏ ‏الفضيلة‏، ‏أين‏ ‏تظهر‏ ‏فضيلة‏ ‏الاحتمال‏ ‏وفضيلة‏ ‏الصبر‏، ‏ويصبر‏ ‏الإنسان‏ ‏ويقبل‏ ‏الأحداث‏ ‏بشكر‏، ‏متي‏ ‏تظهر‏ ‏هذه‏ ‏الأشياء‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏هناك‏ ‏مواقف‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏القبيل‏. ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏نتعلم‏ ‏من‏ ‏العذراء‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏الآلام‏ ‏لفائدتنا‏ ‏ولنمونا‏ ‏وأيضا‏ ‏لتزود‏ ‏الأكليل‏، ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏جعل‏ ‏كرامة‏ ‏العذراء‏ ‏أمام‏ ‏الله‏ ‏لها‏ ‏الدالة‏ ‏والشفاعة‏ ‏لأنها‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏عاشت‏ ‏ومن‏ ‏أجله‏ ‏احتملت‏.

تلك‏ ‏الاعتبارات‏ ‏الثلاثة‏، ‏علي‏ ‏الأقل‏، ‏من‏ ‏أجلها‏ ‏تكون‏ ‏للعذراء‏ ‏عند‏ ‏المسيح‏ ‏الرب‏ ‏شفاعة‏ ‏ودالة‏ ‏فوق‏ ‏كل‏ ‏شفاعة‏ ‏ودالة‏ ‏لأي‏ ‏إنسان‏ ‏آخر‏... ‏ويكفي‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏فخرا‏ ‏أن‏ ‏أول‏ ‏معجزة‏ ‏صنعها‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏في‏ ‏خدمته‏ ‏الجهرية‏، ‏كانت‏ ‏استجابة‏ ‏لرغبة‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏. ‏فعلي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏يشاء‏ ‏أن‏ ‏يصنع‏ ‏معجزة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الوقت‏، ‏لكنه‏ ‏صنع‏ ‏المعجزة‏ ‏الأولي‏ ‏التي‏ ‏افتتح‏ ‏بها‏ ‏خدمته‏ ‏الجهارية‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏، ‏فحول‏ ‏الماء‏ ‏إلي‏ ‏خمر‏، ‏في‏ ‏عرس‏ ‏قانا‏ ‏الجليل‏ (‏يوحنا‏2: 1 - 11).‏

وإذا‏ ‏كان‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏لم‏ ‏ينس‏ ‏لمريم‏ ‏أخت‏ ‏لعازر‏ ‏التي‏ ‏سكبت‏ ‏الطيب‏ ‏علي‏ ‏رأسه‏، ‏ودافع‏ ‏عنها‏، ‏وقال‏ ‏للمعترضين‏ ‏عليها‏ (‏إنها‏ ‏قد‏ ‏صنعت‏ ‏بي‏ ‏صنيعا‏ ‏حسنا‏، ‏لقد‏ ‏فعلت‏ ‏ما‏ ‏في‏ ‏وسعها‏... ‏الحق‏ ‏أقول‏ ‏لكم‏ ‏إنه‏ ‏حيثما‏ ‏يبشر‏ ‏بهذا‏ ‏الإنجيل‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏يحدث‏ ‏أيضا‏ ‏بما‏ ‏فعلته‏ ‏هذه‏ ‏المرأة‏، ‏إحياء‏ ‏لذكرها‏) (‏مرقس‏14: 8، 9)، (‏متي‏ 26: 10-13)، ‏فإنه‏ ‏بالأحري‏ ‏لا‏ ‏ينسي‏ ‏لمريم‏ ‏العذراء‏ ‏أتعابها‏ ‏في‏ ‏سبيله‏، ‏فقد‏ ‏سكبت‏ ‏علي‏ ‏جسده‏، ‏ليس‏ ‏طيبا‏ ‏من‏ ‏قارورة‏، ‏بل‏ ‏لقد‏ ‏سكبت‏ ‏دمها‏ ‏وأعصابها‏، ‏بل‏ ‏أهلكت‏ ‏حياتها‏ ‏من‏ ‏أجله‏. ‏فكيف‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏لها‏ ‏حسن‏ ‏القبول‏ ‏أمامه؟‏، ‏وكيف‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏لصلواتها‏ ‏الفاعلية‏ ‏العظمي‏ ‏عنده؟‏.


مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 53 العدد 2590 - ﺇصدار ثان: السنة 11 العدد 556 – يوم الأحد الموافق 14 أغسطس (آب) 2011 ميلادية، 8 مسرى 1727 شهداء (قبطية)، 14 رمضان 1432 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg




Share

Saturday, August 28, 2010

كأس‏ ‏الألم‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏العذراء



كأس‏ ‏الألم‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏العذراء
للمتنيح: الأنبا غريغوريوس - أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي

العذراء‏ ‏اختيرت‏ ‏لتكون‏ ‏الخادمة‏ ‏الأولي‏ ‏لسر‏ ‏التجسد‏، ‏ولكي‏ ‏تكون‏ ‏السماء‏ ‏الثانية‏ ‏الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك‏، ‏هل‏ ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏الاختيار‏ ‏اعتباطا‏ ‏أو‏ ‏نوعا‏ ‏من‏ ‏المنحة‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏أساس‏ ‏لها‏ ‏غير‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏أمر‏ ‏فصار؟‏...‏ لا‏...‏ليست‏ ‏هذه‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏ ‏أبدا‏، ‏أبدا‏، ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏المخرج‏ ‏لرواية‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يسند‏ ‏الدور‏ ‏لهذا‏ ‏الإنسان‏ ‏أو‏ ‏ذلك‏ ‏ليقوم‏ ‏به‏، ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏أولا‏ ‏مطمئنا‏ ‏إلي‏ ‏كفاءة‏ ‏هذا‏ ‏الإنسان‏، ‏بالدور‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يسند‏ ‏إليه‏ ‏الدور‏. ‏فكيف‏ ‏يسند‏ ‏الرب‏ ‏هذا‏ ‏الدور‏ ‏لمريم‏ ‏إلا‏ ‏وهو‏ ‏يعلم‏ ‏أن‏ ‏مريم‏ ‏يمكنها‏ ‏أن‏ ‏تقوم‏ ‏بهذا‏ ‏الدور‏، ‏فليس‏ ‏الموضوع‏ ‏اعتباطا‏ ‏ولا‏ ‏هو‏ ‏من‏ ‏قبيل‏ ‏الأمر‏، ‏ولا‏ ‏لأن‏ ‏مريم‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تقوم‏ ‏بدور‏ ‏كان‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تقوم‏ ‏به‏ ‏أي‏ ‏امرأة‏ ‏أخري‏، ‏لا‏...‏لو‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏مريم‏ ‏مستحقة‏ ‏لهذا‏ ‏الشرف‏ ‏لما‏ ‏أسند‏ ‏الرب‏ ‏إليها‏ ‏هذا‏، ‏خصوصا‏ ‏وأن‏ ‏دور‏ ‏مريم‏ ‏ليس‏ ‏مجرد‏ ‏امرأة‏ ‏حملت‏ ‏وولدت‏، ‏إنما‏ ‏امرأة‏ ‏من‏ ‏شبابها‏ ‏اصطبغت‏ ‏بالألم‏ ‏وشربت‏ ‏من‏ ‏الكأس‏ ‏التي‏ ‏شربها‏ ‏المسيح‏، ‏شربت‏ ‏الألم‏، ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏في‏ ‏طفولتها‏ ‏اليتيمة‏ ‏وما‏ ‏عانته‏، ‏وما‏ ‏لم‏ ‏تره‏ ‏ربما‏ ‏طفلة‏ ‏أخري‏، ‏انفردت‏ ‏مريم‏ ‏منذ‏ ‏طفولتها‏ ‏بألم‏ ‏اليتم‏، ‏ولكن‏ ‏ليس‏ ‏اليتم‏ ‏وحده‏، ‏إنما‏ ‏عندما‏ ‏اختيرت‏ ‏وظهر‏ ‏لها‏ ‏الملاك‏ ‏وبشرها‏ ‏بالحمل‏ ‏الإلهي‏، ‏منذ‏ ‏هذه‏ ‏اللحظة‏ ‏أيضا‏ ‏بدأت‏ ‏مريم‏ ‏تعاني‏، ‏عانت‏ ‏الشكوك‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏ ‏وعفتها‏، ‏حتي‏ ‏يوسف‏ ‏الذي‏ ‏يعرف‏ ‏طهارتها‏ ‏اضطر‏ ‏أن‏ ‏يشك‏ ‏فيها‏، ‏لأنها‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏ظهر‏ ‏لها‏ ‏الملاك‏ ‏وبشرها‏، ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏حملت‏ ‏ذهبت‏ ‏إلي‏ ‏بيت‏ ‏أليصابات‏ ‏وقضت‏ ‏هناك‏ ‏ثلاثة‏ ‏شهور‏، ‏وحضرت‏ ‏ميلاد‏ ‏يوحنا‏، ‏لأنه‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الوقت‏ ‏كان‏ ‏الشهر‏ ‏السادس‏ ‏لأليصابات‏، ‏وعندما‏ ‏رجعت‏ ‏إلي‏ ‏بيتها‏ ‏في‏ ‏الناصرة‏ ‏ورأي‏ ‏يوسف‏ ‏علامات‏ ‏الحمل‏، ‏كرجل‏ ‏وكإنسان‏ ‏شك‏ ‏فيها‏ ‏من‏ ‏أين‏ ‏هذا‏ ‏الحمل؟‏ ‏فهو‏ ‏يعرف‏ ‏جيدا‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الحمل‏ ‏ليس‏ ‏منه‏، ‏ولولا‏ ‏كما‏ ‏يقول‏ ‏الإنجيل‏ ‏أن‏ ‏الرجل‏ ‏كان‏ ‏بارا‏ ‏لما‏ ‏قرر‏ ‏في‏ ‏نفسه‏ ‏أن‏ ‏يطلق‏ ‏سراحها‏ ‏سرا‏ ‏حتي‏ ‏لا‏ ‏يفضح‏ ‏أمرها‏، ‏لأن‏ ‏الشريعة‏ ‏كانت‏ ‏تبيح‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الحالة‏، ‏أن‏ ‏يجمع‏ ‏عليها‏ ‏شيوخ‏ ‏المدينة‏ ‏وأن‏ ‏يقضي‏ ‏عليها‏ ‏بالرجم‏، ‏لأنها‏ ‏وقعت‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الخطر‏ ‏المحظور‏، ‏لكنه‏ ‏لأنه‏ ‏كان‏ ‏بارا‏ ‏لم‏ ‏يرد‏ ‏أن‏ ‏يفضحها‏ ‏فأراد‏ ‏أن‏ ‏يخلي‏ ‏سبيلها‏ ‏سرا‏، ‏هذا‏ ‏يعتبر‏ ‏فضيلة‏ ‏فيه‏، ‏لكن‏ ‏بالنسبة‏ ‏لمريم‏ ‏هذه‏ ‏الإنسانة‏ ‏الطاهرةالنقية‏ ‏التي‏ ‏يعلم‏ ‏الله‏ ‏طهارتها‏، ‏كيف‏ ‏كان‏ ‏وضعها‏ ‏من‏ ‏الداخل‏ ‏وهي‏ ‏تحس‏ ‏أنها‏ ‏متهمة‏ ‏ومتهمة‏ ‏من‏ ‏أقرب‏ ‏الناس‏ ‏إليها‏، ‏هنا‏ ‏بدأت‏ ‏حلقة‏ ‏جديدة‏ ‏من‏ ‏حلقات‏ ‏الآلام‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏مريم‏، ‏الاتهامات‏ ‏والظنون‏ ‏والشكوك‏، ‏وليس‏ ‏هناك‏ ‏أمر‏ ‏عند‏ ‏بنت‏ ‏عفيفة‏ ‏طاهرة‏ ‏بكر‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏تتهم‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏سلاحها‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏رأسمالها‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏مجدها‏، ‏ليس‏ ‏هناك‏ ‏أبدا‏ ‏شئ‏ ‏يجرحها‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏يجرحها‏ ‏شرفها‏ ‏الذي‏ ‏مس‏، ‏والذي‏ ‏حدث‏ ‏يجعل‏ ‏كل‏ ‏إنسان‏ ‏له‏ ‏عقل‏ ‏يكون‏ ‏معذورا‏ ‏أن‏ ‏يتهمها‏

وظلت‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏وضع‏ ‏الاتهام‏ ‏كل‏ ‏أيام‏ ‏حياتها‏، ‏وربما‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏ ‏يصب‏ ‏عليها‏ ‏اليهود‏ ‏الاتهامات‏ ‏يتهمونها‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏، ‏وأقل‏ ‏ما‏ ‏فيها‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏يقوله‏ ‏بعض‏ ‏اليهود‏ ‏عن‏ ‏المسيح‏، ‏ها‏ ‏نحن‏ ‏عارفون‏ ‏بأبيه‏ ‏وأمه‏ ‏وكأن‏ ‏يوسف‏ ‏هو‏ ‏أبو‏ ‏المسيح‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏أقل‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏من‏ ‏اتهام‏ ‏يصيبها‏ ‏بالألم‏. ‏أن‏ ‏يعتبر‏ ‏ميلاد‏ ‏المسيح‏ ‏من‏ ‏يوسف‏ ‏وأنها‏ ‏تزوجت‏، ‏وهي‏ ‏لم‏ ‏تتزوج‏ ‏ولكن‏ ‏هذا‏ ‏أقل‏ ‏ما‏ ‏في‏ ‏القضية‏ ‏من‏ ‏اتهام‏. ‏إنما‏ ‏مريم‏ ‏عاشت‏ ‏كل‏ ‏أيام‏ ‏حياتها‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الاتهام‏. ‏من‏ ‏الذي‏ ‏يصدق؟‏ ‏وبعد‏ ‏ذلك‏ ‏عاشت‏ ‏مريم‏ ‏تعاني‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏، ‏حينما‏ ‏جاء‏ ‏ميعادها‏ ‏لتلد‏، ‏كان‏ ‏أوغسطس‏ ‏قيصر‏ ‏أصدر‏ ‏أمرا‏ ‏أن‏ ‏يكتتب‏ ‏كل‏ ‏المسكونة‏، ‏كل‏ ‏واحد‏ ‏يذهب‏ ‏إلي‏ ‏مدينته‏ ‏التي‏ ‏ولد‏ ‏فيها‏ ‏لكي‏ ‏يكتتب‏، ‏لكي‏ ‏يسجل‏ ‏اسمه‏ ‏في‏ ‏البلد‏ ‏التي‏ ‏هي‏ ‏مسقط‏ ‏رأسه‏، ‏ومريم‏ ‏كانت‏ ‏من‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏ ‏ومن‏ ‏بيت‏ ‏داود‏، ‏ويحدث‏ ‏أن‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏فيه‏ ‏ستلد‏ ‏المسيح‏، ‏تضطر‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏منها‏ ‏أن‏ ‏تركب‏ ‏حمارا‏، ‏وأن‏ ‏تسير‏ ‏من‏ ‏الناصرة‏ ‏إلي‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏، ‏وياليتها‏ ‏وجدت‏ ‏هناك‏ ‏مكانا‏، ‏وهي‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏اللحظات‏ ‏الصعبة‏ ‏الحرجة‏ ‏لم‏ ‏تجد‏ ‏مكانا‏ ‏في‏ ‏الخان‏، ‏لم‏ ‏يجدوا‏ ‏في‏ ‏الخان‏ ‏مكانا‏ ‏فاستضافها‏ ‏الحيوان‏ ‏وولد‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏مذود‏ ‏البقر‏، ‏لماذا‏ ‏هذا‏ ‏كله؟‏ ‏لماذا‏ ‏لم‏ ‏يتأخر‏ ‏أوغسطس‏ ‏قيصر‏ ‏في‏ ‏الميعاد؟‏ ‏لو‏ ‏كان‏ ‏أحد‏ ‏فينا‏ ‏لتذمر‏، ‏لماذا‏ ‏لا‏ ‏يأتي‏ ‏الاكتتاب‏ ‏إلا‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏فيه‏ ‏مريم‏ ‏كمل‏ ‏زمانها‏ ‏لتلد؟‏ ‏ألكي‏ ‏تتعذب‏ ‏أكثر‏ ‏وتتألم‏ ‏أكثر؟‏ ‏لماذا‏ ‏لم‏ ‏يتدخل‏ ‏الله‏ ‏ليسهل‏ ‏مهمتها؟‏!!‏هذه‏ ‏مهمته‏ ‏هو‏، ‏لكن‏ ‏لكي‏ ‏تعرفوا‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏لا‏ ‏يحابي‏ ‏كما‏ ‏نحن‏ ‏نتصور‏، ‏ليس‏ ‏لأن‏ ‏الشخص‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏ودائما‏ ‏يتعبد‏ ‏ويصوم‏ ‏تكون‏ ‏كل‏ ‏حياته‏ ‏سهلة‏، ‏الله‏ ‏يعطينا‏ ‏مثلا‏ ‏ونموذجا‏، ‏لايوجد‏ ‏إنسانة‏ ‏ممكن‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏في‏ ‏وضع‏ ‏مريم‏، ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏سمح‏ ‏الله‏ ‏بأن‏ ‏تعاني‏ ‏مريم‏ ‏هذه‏ ‏المعاناة‏ ‏وهذا‏ ‏أيضا‏ ‏لخيرها‏ ‏الأبدي‏، ‏لكي‏ ‏تصطبغ‏ ‏بصبغة‏ ‏الألم‏ ‏وتشرب‏ ‏من‏ ‏الكأس‏، ‏وتعاني‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏فتكون‏ ‏مشاركة‏ ‏له‏، ‏مشاركة‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏آلامه‏، ‏ولدت‏ ‏مريم‏ ‏وظهر‏ ‏النجم‏ ‏للمجوس‏ ‏وقادهم‏ ‏إلي‏ ‏أورشليم‏ ‏ثم‏ ‏اختفي‏ ‏ليذهبوا‏ ‏ويوقظوا‏ ‏اليهود‏ ‏الذين‏ ‏لا‏ ‏يدرون‏ ‏بولادة‏ ‏المسيح‏ ‏وكأن‏ ‏اختفاء‏ ‏النجم‏ ‏مقصودا‏ ‏ليعرف‏ ‏الملك‏ ‏وكل‏ ‏الشعب‏ ‏وترتبك‏ ‏المدينة‏ ‏كلها‏ ‏من‏ ‏سؤال‏ ‏المجوس‏، ‏أين‏ ‏هو‏ ‏المولود‏ ‏ملك‏ ‏اليهود‏ ‏أننا‏ ‏أتينا‏ ‏لنسجد‏ ‏له؟‏ ‏هيرودس‏ ‏الرجل‏ ‏السفاح‏ ‏الذي‏ ‏قتل‏ ‏أمه‏ ‏وأخته‏، ‏هل‏ ‏يقبل‏ ‏أن‏ ‏يولد‏ ‏من‏ ‏يأخذ‏ ‏منه‏ ‏الملك؟ جمع‏ ‏هيرودس‏ ‏رؤساء‏ ‏الكهنة‏ ‏وسألهم‏ ‏أين‏ ‏ولد‏ ‏المسيح‏، ‏قالوا‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏، ‏الإجابة‏ ‏كانت‏ ‏جاهزة‏، ‏بحسب‏ ‏تعاليم‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏لأنه‏ ‏هكذا‏ ‏مكتوب أما‏ ‏أنت‏ ‏يا‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏ ‏إفراته‏ ‏وأنت‏ ‏صغيرة‏ ‏أن‏ ‏تكوني‏ ‏بين‏ ‏ألوف‏ ‏يهوذا‏ ‏فمنك‏ ‏يخرج‏ ‏لي‏ ‏الذي‏ ‏يكون‏ ‏متسلطا‏ ‏علي‏ ‏إسرائيل ‏(‏ميخا‏ 5 : 2) ‏فقال‏ ‏هيرودس‏ ‏للمجوس‏، ‏اذهبوا‏ ‏ابحثوا‏ ‏عنه‏ ‏بالتدقيق‏ ‏في‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏، ‏ومتي‏ ‏رأيتموه‏ ‏تعالوا‏ ‏وقولوا‏ ‏لي‏ ‏لكي‏ ‏أنا‏ ‏أيضا‏ ‏أذهب‏ ‏وأسجد‏ ‏له‏، ‏قال‏ ‏هذا‏ ‏عن‏ ‏خبث‏، ‏فخرج‏ ‏المجوس‏ ‏من‏ ‏أورشليم‏ ‏فظهر‏ ‏النجم‏، ‏ففرحوا‏ ‏فرحا‏ ‏عظيما‏، ‏وسار‏ ‏النجم‏ ‏حتي‏ ‏وصلوا‏ ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏الصبي‏، ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏قدم‏ ‏المجوس‏ ‏هداياهم‏ ‏أوحي‏ ‏إليهم‏ ‏في‏ ‏حلم‏، ‏أن‏ ‏لا‏ ‏يرجعوا‏ ‏إلي‏ ‏هيرودس‏.‏ بل‏ ‏يذهبوا‏ ‏إلي‏ ‏بلادهم‏ ‏من‏ ‏طريق‏ ‏آخر‏. ‏وفعلا‏ ‏أطاعوا‏ ‏ما‏ ‏أوحي‏ ‏به‏ ‏إليهم‏ ‏ورجعوا‏ ‏إلي‏ ‏بلادهم‏. ‏وهذا‏ ‏يدل‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏الناس‏ ‏غير‏ ‏المسيحيين‏ ‏وغير‏ ‏المتدينين‏ ‏بديانة‏ ‏إلهية‏ ‏ممكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏لهم‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏الوحي‏، ‏وهيرودس‏ ‏استمر‏ ‏ينتظر‏ ‏وعندما‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏المجوس‏ ‏استشاط‏ ‏غضبا‏. ‏وأمر‏ ‏بأن‏ ‏يقتل‏ ‏الأطفال‏ ‏من‏ ‏ابن‏ ‏سنتين‏ ‏فأقل‏. ‏يارب‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏ذنب‏ ‏الأطفال‏ ‏الأبرياء‏ 144 ‏ألفا‏ ‏يقتلوا‏ ‏بسبب‏ ‏المسيح؟‏. ‏لماذا‏ ‏لم‏ ‏يقود‏ ‏النجم‏ ‏المجوس‏ ‏علي‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏ ‏مباشرة‏ ‏حيث‏ ‏المسيح؟‏... ‏ثم‏ ‏يظهر‏ ‏الملاك‏ ‏ليوسف‏ ‏ويقول‏ ‏له‏ ‏خذ‏ ‏الصبي‏ ‏وأمه‏ ‏واهرب‏ ‏إلي‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏وكن‏ ‏هناك‏ ‏حتي‏ ‏أقول‏ ‏لك‏، ‏وخرجت‏ ‏الصبية‏ ‏مريم‏ ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏وصلت‏ ‏إلي‏ ‏سن‏ 14‏سنة‏، ‏خرجت‏ ‏في‏ ‏جنح‏ ‏الظلام‏ ‏هي‏ ‏ويوسف‏ ‏هربا‏ ‏من‏ ‏هيرودس‏، ‏وتصور‏ ‏شعور‏ ‏الإنسان‏ ‏وحالته‏ ‏النفسية‏ ‏من‏ ‏الداخل‏ ‏عندما‏ ‏يكون‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏هرب‏

المعاناة‏ ‏النفسية‏ ‏التي‏ ‏عانتها‏ ‏نتيجة‏ ‏المطاردة‏، ‏لأن‏ ‏هيروس‏ ‏أرسل‏ ‏عشرة‏ ‏جواسيس‏ ‏وراءهم‏ ‏ليمسك‏ ‏المسيح‏ ‏ويقبض‏ ‏عليه‏ ‏ويقتله‏. ‏وفي‏ ‏الطريق‏ ‏كانت‏ ‏العذراء‏ ‏معها‏ ‏الذهب‏ ‏الذي‏ ‏قدمه‏ ‏المجوس‏ ‏والمعاناة‏ ‏من‏ ‏قطاع‏ ‏الطرق‏ ‏واللصوص‏، ‏وقابلهم‏ ‏اثنان‏ ‏من‏ ‏اللصوص‏ ‏رأيا‏ ‏الذهب‏ ‏فسال‏ ‏لعابهما‏ ‏لكي‏ ‏يأخذاه‏، ‏وفعلا‏ ‏هجما‏ ‏علي‏ ‏مريم‏ ‏الصبية‏ ‏الصغيرة‏ ‏علي‏ ‏الحمار‏, ‏ومعها‏ ‏الطفل‏ ‏الإله‏ ‏يسوع‏، ‏ولحكمته‏ ‏لم‏ ‏يحمها‏ ‏المسيح‏ ‏ولم‏ ‏يدفع‏ ‏عنها‏ ‏شرا‏، ‏وأخذ‏ ‏اللصان‏ ‏الذهب‏ ‏وأيضا‏ ‏ما‏ ‏أمكن‏ ‏من‏ ‏هدايا‏ ‏المجوس‏ ‏للمسيح‏، ‏قال‏ ‏أحد‏ ‏اللصين‏ ‏إلي‏ ‏الآخر‏، ‏نحن‏ ‏بلغنا‏ ‏من‏ ‏القسوة‏ ‏ومن‏ ‏الجفاء‏ ‏وعدم‏ ‏الضمير‏، ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يكفنا‏ ‏ما‏ ‏صنعناه‏ ‏وسرقناه‏، ‏فنهجم‏ ‏علي‏ ‏هذه‏ ‏الصبية‏ ‏الصغيرة‏ ‏وعلي‏ ‏طفلها‏، ‏وكان‏ ‏يوسف‏ ‏رجلا‏ ‏عجوزا‏، ‏ليس‏ ‏في‏ ‏قدرته‏ ‏أن‏ ‏يدفع‏ ‏لصين‏ ‏أقوياء‏، ‏فطلب‏ ‏أحدهما‏ ‏من‏ ‏الآخر‏ ‏أن‏ ‏يرد‏ ‏الذهب‏ ‏للعذراء‏، ‏واختلفا‏ ‏الاثنان‏ ‏معا‏ ‏وتغلب‏ ‏واحد‏ ‏علي‏ ‏الآخر‏ ‏وردا‏ ‏الذهب‏ ‏للعذراء‏، ‏وسيدنا‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏نظر‏ ‏للعذراء‏ ‏وأخبرها‏ ‏أن‏ ‏هذين‏ ‏اللصين‏ ‏سيصلبان‏ ‏واحد‏ ‏عن‏ ‏يمينه‏ ‏والآخر‏ ‏عن‏ ‏يساره‏، ‏وصاحب‏ ‏القلب‏ ‏الرحيم‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏سيعلن‏ ‏توبته‏ ‏علي‏ ‏الصليب‏، ‏ويقول‏: ‏اذكرني‏ ‏يارب‏ ‏متي‏ ‏جئت‏ ‏في‏ ‏ملكوتك‏. ‏فالعذراء‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏طريقها‏ ‏سهلا‏، ‏ثم‏ ‏دخلوا‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏وكلما‏ ‏ذهبوا‏ ‏إلي‏ ‏منطقة‏ ‏تتحطم‏ ‏الأوثان‏ ‏كما‏ ‏قال‏ ‏إشعياء‏ ‏النبي‏ ‏فيقوم‏ ‏كهنة‏ ‏الأوثان‏ ‏والشعب‏ ‏يضربونهم‏ ‏ويطردونهم‏ ‏من‏ ‏المكان‏، ‏فيذهبوا‏ ‏إلي‏ ‏مكان‏ ‏آخر‏ ‏فيحدث‏ ‏ما‏ ‏حدث‏ ‏في‏ ‏الأول‏ ‏وتتحطم‏ ‏الأوثان‏ ‏ويطردوا‏ ‏منها‏ ‏وبهذا‏ ‏انتقل‏ ‏المسيح‏ ‏والعذراء‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏في‏ ‏محطات‏ ‏مختلفة‏، ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏نتيجة‏ ‏الطرد‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏آخر‏ ‏فكان‏ ‏هذا‏ ‏بركة‏ ‏لبلادنا‏، ‏اتخذ‏ ‏المسيح‏ ‏شر‏ ‏هيرودس‏ ‏تبريرا‏ ‏لأن‏ ‏يدخل‏ ‏بلادنا‏ ‏وأن‏ ‏يباركها‏، ‏واتخذ‏ ‏شر‏ ‏الكهنة‏ ‏الوثنيين‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يطردونهم‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏مكان‏، ‏ويضربونهم‏ ‏تبريرا‏ ‏بأن‏ ‏ينتقل‏ ‏من‏ ‏محطة‏ ‏إلي‏ ‏محطة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏، ‏العذراء‏ ‏كانت‏ ‏تهان‏ ‏وتطرد‏ ‏وتضرب‏ ‏والمسيح‏ ‏لا‏ ‏يدافع‏ ‏عنها‏، ‏ليس‏ ‏لأنها‏ ‏معه‏ ‏يعفيها‏ ‏من‏ ‏الآلام‏...‏ لا‏... ‏لأنه‏ ‏أيضا‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يعطيها‏ ‏الأجر‏ ‏والأجر‏ ‏يعطي‏ ‏علي‏ ‏قدر‏ ‏التعب‏، ‏فتركها‏ ‏لتساهم‏ ‏معه‏، ‏وتحمله‏ ‏علي‏ ‏كتفيها‏ ‏وتسير‏ ‏به‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏آخر‏، ‏تصوروا‏ ‏شعور‏ ‏الإنسان‏ ‏المطرود‏ ‏والمضطهد‏ ‏والمذل‏، ‏تصوروا‏ ‏شعور‏ ‏بنت‏ ‏في‏ ‏سن ‏14‏سنة‏ ‏كم‏ ‏عانت‏ ‏حتي‏ ‏وصلت‏ ‏إلي‏ ‏جبل‏ ‏قسقام‏ ‏الذي‏ ‏قام‏ ‏عليه‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏ ‏دير‏ ‏المحرق‏، ‏وأقاموا‏ ‏في‏ ‏غرفة‏ ‏هناك‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏أصبحت‏ ‏هيكل‏ ‏الكنيسة‏ ‏الأثرية‏، ‏أطول‏ ‏مدة‏ ‏ممكنة‏ ‏وهي‏ ‏ستة‏ ‏شهور‏ ‏وعشرة‏ ‏أيام‏، ‏وهناك‏ ‏رأي‏ ‏يوسف‏ ‏حلما‏ ‏أن‏ ‏الملاك‏ ‏جبرائيل‏ ‏يخبره‏ ‏أن‏ ‏يرجع‏ ‏إلي‏ ‏أرض‏ ‏فلسطين‏ ‏لأنه‏ ‏قد‏ ‏مات‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يبتغون‏ ‏قتل‏ ‏الصبي‏، ‏أربع‏ ‏سنين‏ ‏قضتها‏ ‏العائلة‏ ‏المقدسة‏ ‏في‏ ‏مصر‏، ‏لما‏ ‏لم‏ ‏يقض‏ ‏الله‏ ‏علي‏ ‏هيرودس‏ ‏من‏ ‏أول‏ ‏لحظة‏، ‏ومن‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يقتل‏ ‏الأطفال‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏تفكيرنا‏ ‏باستمرار‏، ‏فلان‏ ‏متعب‏، ‏سئ‏، ‏قاسي‏، ‏نطلب‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏يميته‏، ‏هذه‏ ‏ليست‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏لو‏ ‏كانت‏ ‏هذه‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏كان‏ ‏من‏ ‏مثل‏ ‏هيرودس‏ ‏بلعته‏ ‏الأرض‏ ‏من‏ ‏زمن‏ ‏طويل‏، ‏وكان‏ ‏مات‏ ‏في‏ ‏اللحظة‏ ‏التي‏ ‏حاول‏ ‏فيها‏ ‏أن‏ ‏يمس‏ ‏المسيح‏ ‏بأذي‏، ‏بل‏ ‏الرب‏ ‏تركه‏، ‏ولم‏ ‏يتدخل‏ ‏الله‏ ‏ليقتله‏، ‏لأن‏ ‏الله‏ ‏أب‏ ‏يعطي‏ ‏فرصة‏ ‏للإنسان‏ ‏لعله‏ ‏يتوب‏، ‏الله‏ ‏لما‏ ‏حكم‏ ‏علي‏ ‏الفلسطينيين‏ ‏أن‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏ ‏يخرجون‏، ‏من‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏، ‏وكانوا‏ ‏يقدرون‏ ‏أن‏ ‏يصلوا‏ ‏لأرض‏ ‏الميعاد‏ ‏في‏ ‏يومين‏ ‏فقط‏، ‏وفعلا‏ ‏اثنين‏ ‏من‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏عبروا‏ ‏البحر‏ ‏الأحمر‏ ‏استطاعوا‏ ‏أن‏ ‏يصلوا‏ ‏الأرض‏ ‏التي‏ ‏وعدهم‏ ‏بها‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏يومين‏ ‏فقط‏، ‏ولكن‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏ ‏استمروا‏ ‏أربعين‏ ‏سنة‏ ‏في‏ ‏سيناء‏، ‏لماذا؟‏ ‏يقول‏ ‏لأن‏ ‏ذنب‏ ‏الأموريين‏ ‏ليس‏ ‏إلي‏ ‏الآن‏ ‏كاملا‏، ‏يعطي‏ ‏فرصة‏ ‏للأموريين‏ ‏وهم‏ ‏الفلسطينيون‏ ‏أربعين‏ ‏سنة‏ ‏أخري‏، ‏لأنه‏ ‏إله‏ ‏وأب‏ ‏وخالق‏، ‏كلنا‏ ‏خليقته‏، ‏لا‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يفني‏ ‏الفلسطينيون‏ ‏بل‏ ‏يعطيهم‏ ‏فرصة‏ ‏أربعين‏ ‏سنة‏ ‏لعلهم‏ ‏يتوبوا‏. ‏هذه‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏وفي‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏يؤدب‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏ ‏في‏ ‏أرض‏ ‏سيناء‏ ‏ويربيهم‏ ‏تربية‏ ‏معينة‏ ‏ويهذبهم‏ ‏لكي‏ ‏يصلحوا‏ ‏لأن‏ ‏يدخلوا‏ ‏أرض‏ ‏كنعان‏، ‏العذراء‏ ‏عانت‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏منزل‏ ‏إلي‏ ‏منزل‏، ‏في‏ ‏منطقة‏ ‏المطرية‏ ‏تطرق‏ ‏الأبواب‏ ‏تطلب‏ ‏أن‏ ‏تأكل‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الطفل‏، ‏ولكن‏ ‏الشيطان‏ ‏يسبقها‏ ‏إلي‏ ‏هناك‏ ‏ويغلقوا‏ ‏الأبواب‏ ‏في‏ ‏وجهها‏، ‏ولا‏ ‏يوجد‏ ‏أي‏ ‏مصدر‏ ‏آخر‏ ‏للأكل‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏الذل‏ ‏الذي‏ ‏لاقته‏ ‏مريم‏. ‏لو‏ ‏أحد‏ ‏منا‏ ‏عاش‏ ‏هذا‏ ‏الذل‏ ‏لصرخ‏ ‏لماذا‏ ‏يارب‏ ‏كل‏ ‏ذلك؟‏ ‏أنت‏ ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تنهي‏ ‏هذا‏ ‏كله‏، ‏كان‏ ‏من‏ ‏الممكن‏ ‏أن‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏الرحلة‏ ‏وتقضي‏ ‏علي‏ ‏هيرودس‏، ‏هذه‏ ‏ليست‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏وفي‏ ‏مرة‏ ‏مريم‏ ‏طرقت‏ ‏الباب‏ ‏فأجابتها‏ ‏السيدة‏ ‏أنا‏ ‏عجنت‏ ‏العجين‏ ‏وسأخبز‏، ‏فقالت‏ ‏لها‏ ‏مريم‏ ‏هل‏ ‏تسمحي‏ ‏لي‏ ‏أن‏ ‏أساعدك‏ ‏حتي‏ ‏لا‏ ‏آكل‏ ‏خبز‏ ‏الكسل‏، ‏فوافقت‏ ‏السيدة‏ ‏وقد‏ ‏تكون‏ ‏سيدة‏ ‏عجوز‏، ‏فأخذت‏ ‏العذراء‏ ‏قماط‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏ولفته‏ ‏علي‏ ‏المجور‏ ‏وبدأت‏ ‏تقطع‏ ‏العجين‏ ‏الذي‏ ‏ملأ‏ ‏الدور‏ ‏الأرضي‏ ‏وابتدأت‏ ‏تملأ‏ ‏الدور‏ ‏الأعلي‏، ‏والعجين‏ ‏لايريد‏ ‏أن‏ ‏ينتهي‏، ‏صاحبة‏ ‏البيت‏ ‏قالت‏ ‏لها‏ ‏يا‏ ‏سيدتي‏ ‏هذا‏ ‏الخبز‏ ‏كله‏ ‏ماذا‏ ‏أعمل‏ ‏به؟ أنا‏ ‏أعيش‏ ‏هنا‏ ‏لوحدي‏، ‏يكفي‏ ‏هذا‏، ‏فرفعت‏ ‏العذراء‏ ‏القماط‏ ‏فجف‏ ‏المجور‏، ‏وأصبح‏ ‏هذا‏ ‏الشارع‏ ‏بسبب‏ ‏هذه‏ ‏السيدة‏ ‏التي‏ ‏فتحت‏ ‏الباب‏ ‏أمام‏ ‏العذراء‏ ‏يسمي‏ ‏شارع‏ ‏البركة‏ ‏في‏ ‏المطرية‏

أريد‏ ‏أن‏ ‏ترجع‏ ‏أفكاركم‏ ‏للخلف‏ ‏وتري‏ ‏ماذا‏ ‏حدث‏ ‏للعذراء‏ ‏من‏ ‏متاعب‏، ‏فتتحملوا‏ ‏المتاعب‏ ‏ولا‏ ‏يظن‏ ‏أحد‏ ‏أنه‏ ‏ما‏ ‏دام‏ ‏يصلي‏ ‏ويصوم‏ ‏لاتقف‏ ‏العقبات‏ ‏أمامه‏، ‏لأن‏ ‏هذه‏ ‏المعاناة‏ ‏سيكون‏ ‏لها‏ ‏أجر‏، ‏وسيكون‏ ‏عنها‏ ‏جزاء‏ ‏لأنه‏ ‏بقدر‏ ‏التعب‏ ‏يكون‏ ‏الجزاء‏

انظروا‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏حياة‏ ‏المسيح‏ ‏كلها‏، ‏يوسف‏ ‏كان‏ ‏رجلا‏ ‏عجوزا‏ ‏ومات‏، ‏مات‏ ‏عندما‏ ‏كان‏ ‏سيدنا‏ ‏سنه‏ 16‏سنة‏ ‏في‏ ‏الجسد‏، ‏وعاشت‏ ‏العذراء‏ ‏منفردة‏، ‏وبدأ‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏يعمل‏ ‏نجارا‏، ‏خصوصا‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏مات‏ ‏يوسف‏ ‏حتي‏ ‏سن‏ ‏الثلاثين‏، ‏وكان‏ ‏عمله‏ ‏هذا‏ ‏شرفا‏ ‏للعمل‏ ‏ولو‏ ‏ننتقل‏ ‏بسرعة‏ ‏إلي‏ ‏الأسبوع‏ ‏الأخير‏، ‏إلي‏ ‏الآلام‏ ‏وإلي‏ ‏الصلب‏، ‏انظروا‏ ‏قلب‏ ‏الأم‏ ‏عندما‏ ‏المسيح‏ ‏يسلمه‏ ‏الخائن‏ ‏يهوذا‏ ‏وهو‏ ‏أحد‏ ‏تلاميذه‏، ‏وكل‏ ‏التلاميذ‏ ‏الآخرين‏ ‏أيضا‏ ‏يهربون‏، ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏امرأة‏ ‏بيلاطس‏ ‏عندما‏ ‏رأت‏ ‏حلما‏ ‏أرسلت‏ ‏إلي‏ ‏بيلاطس‏ ‏وهو‏ ‏في‏ ‏عمله‏ ‏وقالت‏ ‏له‏: ‏إياك‏ ‏وهذا‏ ‏البار‏ ‏فإني‏ ‏تعذبت‏ ‏كثيرا‏ ‏في‏ ‏حلم‏ ‏من‏ ‏أجله‏، ‏امرأة‏ ‏بيلاطس‏ ‏تعذبت‏ ‏كثيرا‏ ‏فماذا‏ ‏كان‏ ‏حال‏ ‏العذراء‏ ‏مريم؟‏! ‏وماذا‏ ‏كانت‏ ‏فيه‏ ‏من‏ ‏الألم‏ ‏والحزن‏ ‏الذي‏ ‏يقطع‏ ‏قلبها‏، ‏هي‏ ‏أم‏ ‏وليس‏ ‏لها‏ ‏غير‏ ‏المسيح‏ ‏من‏ ‏الناحية‏ ‏الجسدية‏ ‏أو‏ ‏من‏ ‏الناحية‏ ‏الروحية‏، ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏غيره‏، ‏ما‏ ‏هو‏ ‏شعورها؟‏ ‏ماهو‏ ‏حالها؟‏ ‏ومقدار‏ ‏ما‏ ‏عانته‏ ‏بعد‏ ‏الحكم‏ ‏عليه‏، ‏وما‏ ‏عانته‏ ‏في‏ ‏طريق‏ ‏الصليب‏ ‏حتي‏ ‏وقفت‏ ‏تحت‏ ‏الصليب؟‏ ‏ونظرت‏ ‏له‏ ‏ونظر‏ ‏إليها‏ ‏وسلمها‏ ‏إلي‏ ‏يوحنا‏ ‏وأخذها‏ ‏يوحنا‏ ‏إلي‏ ‏بيته‏

أنا‏ ‏رأيت‏ ‏صورة‏ ‏في‏ ‏فينيسيا‏ ‏لفنان‏ ‏من‏ ‏القرن‏ ‏الثالث‏ ‏عشر‏، ‏اعتقد‏ ‏أنها‏ ‏أجمل‏ ‏صورة‏ ‏رأيتها‏ ‏في‏ ‏حياتي‏، ‏صورة‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏القبر‏ ‏والعذراء‏ ‏واقفة‏، ‏وكيف‏ ‏نجح‏ ‏الفنان‏ ‏في‏ ‏أن‏ ‏يصور‏ ‏العذراء‏ ‏في‏ ‏أصعب‏ ‏حالات‏ ‏الألم‏ ‏وأصعب‏ ‏لحظة‏ ‏من‏ ‏لحظات‏ ‏الحياة‏، ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏لأنه‏ ‏ابنها‏، ‏بل‏ ‏وحيدها‏ ‏وعائلها‏، ‏ماهو‏ ‏مصيرها‏ ‏بعد‏ ‏صلب‏ ‏المسيح؟‏ ‏وماذا‏ ‏سوف‏ ‏تعاني‏ ‏من‏ ‏اضطهاد‏ ‏ومتاعب‏ ‏من‏ ‏اليهود‏ ‏الذين‏ ‏يصبون‏ ‏عليها‏ ‏جام‏ ‏الغضب‏ ‏والاضطهاد‏ ‏والآلام‏. ‏ضع‏ ‏أي‏ ‏واحد‏ ‏منا‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الموقف‏، ‏فالفنان‏ ‏نجح‏ ‏نجاحا‏ ‏ممتازا‏ ‏بأن‏ ‏يصور‏ ‏العذراء‏ ‏والألم‏ ‏علي‏ ‏وجهها‏ ‏وعينيها‏ ‏تآكلت‏ ‏من‏ ‏البكاء‏، ‏ووضعها‏ ‏شئ‏ ‏صعب‏ ‏جدا‏، ‏أنا‏ ‏وقفت‏ ‏أمام‏ ‏الصورة‏ ‏حوالي‏ ‏ثلث‏ ‏ساعة‏ ‏وكان‏ ‏ممكن‏ ‏لولا‏ ‏الاستعجال‏ ‏أن‏ ‏استمر‏ ‏ساعة‏ ‏وساعتين‏ ‏أمام‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏‏

كيف‏ ‏نجح‏ ‏المصور‏ ‏والفنان‏ ‏في‏ ‏القرن‏ ‏الثالث‏ ‏عشر‏، ‏أن‏ ‏يصور‏ ‏العذراء‏ ‏في‏ ‏أصعب‏ ‏فترة‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏الأم‏ ‏الوحيدة‏ ‏المنفردة‏ ‏التي‏ ‏يموت‏ ‏ابنها‏ ‏ووحيدها‏ ‏وعائلها؟ وماذا‏ ‏سيكون‏ ‏مصيرها‏ ‏من‏ ‏بعده‏ ‏وهي‏ ‏بنت‏ ‏يافعة؟‏. ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الوقت‏ ‏أكثر‏ ‏من‏47 ‏سنة‏ ‏أو‏48 ‏سنة‏ ‏لذلك‏ ‏قال‏ ‏سمعان‏ ‏الشيخ وأنت‏ ‏أيضا‏ ‏يجوز‏ ‏في‏ ‏نفسك‏ ‏سيف‏، ‏أي‏ ‏سيف‏ ‏سوف‏ ‏يطعنك‏ ‏في‏ ‏قلبك‏ ‏من‏ ‏الداخل؟طبعا‏ ‏هنا‏ ‏يشير‏ ‏إلي‏ ‏سيف‏ ‏الألم‏

الخلاصة‏ ‏لماذا‏ ‏ترك‏ ‏المسيح‏ ‏العذراء‏ ‏ولم‏ ‏يتدخل‏ ‏ليخفف‏ ‏آلامها؟ ليس‏ ‏فقط‏ ‏ليعطيها‏ ‏الأجر‏ ‏الذي‏ ‏هي‏ ‏تستحقه‏، ‏ولكن‏ ‏ليقدم‏ ‏فيها‏ ‏نموذجا‏ ‏للفضيلة‏، ‏ونموذجا‏ ‏للإنسان‏ ‏الذي‏ ‏يتعب‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏المسيح‏. ‏كما‏ ‏أمهل‏ ‏الله‏ ‏أيوب‏ ‏ليقدم‏ ‏في‏ ‏أيوب‏ ‏نموذجا‏ ‏للصبر‏. ‏كل‏ ‏الناس‏ ‏الآن‏ ‏يقولون‏ ‏صبر‏ ‏أيوب‏. ‏أيوب‏ ‏صار‏ ‏مثلا‏ ‏للصبر‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏وفي‏ ‏التاريخ‏ ‏كله‏، ‏لأن‏ ‏أيوب‏ ‏كان‏ ‏فعلا‏ ‏مملوءا‏ ‏بالفضيلة‏ ‏ولكن‏ ‏كانت‏ ‏الفضيلة‏ ‏غير‏ ‏ظاهرة‏.‏ فهذه‏ ‏فرصة‏ ‏لإظهار‏ ‏فضيلة‏ ‏أيوب‏. ‏فضيلة‏ ‏استمساكه‏ ‏وإيمانه‏ ‏وتدينه‏ ‏وتعبده‏ ‏للإله‏ ‏واحتماله‏

فالمسيح‏ ‏ترك‏ ‏الظروف‏ ‏كلها‏ ‏تأتي‏ ‏ضد‏ ‏العذراء‏، ‏ولم‏ ‏يتدخل‏ ‏للتخفيف‏ ‏عنها‏، ‏لكي‏ ‏تعاني‏ ‏معه‏ ‏وهذا‏ ‏له‏ ‏جزاؤه‏، ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ ‏لإظهار‏ ‏فضيلة‏ ‏مريم‏، ‏هل‏ ‏سمع‏ ‏أحد‏ ‏كلمة‏ ‏قالتها‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏التاريخ‏ ‏لا‏ ‏في‏ ‏الإنجيل‏ ‏ولا‏ ‏غير‏ ‏الإنجيل‏، ‏لم‏ ‏ينسب‏ ‏إلي‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏الظروف‏ ‏خطأ‏، ‏أو‏ ‏أنها‏ ‏شتمت‏ ‏شتيمة‏ ‏أو‏ ‏تضايقت‏، ‏امرأة‏ ‏أيوب‏ ‏قالت‏ ‏له‏ ‏بارك‏ ‏ربك‏ ‏ومت‏، ‏فأجابها‏ ‏تتكلمين‏ ‏كلاما‏ ‏كإحدي‏ ‏الجاهلات‏، ‏الخير‏ ‏من‏ ‏الله‏ ‏نقبل‏ ‏والشر‏ ‏لا‏ ‏نقبل‏!! ‏مريم‏ ‏هل‏ ‏حدث‏ ‏منها‏ ‏شئ‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏هذا؟‏ ‏أبدا‏ ‏كانت‏ ‏صامتة‏ ‏متحملة‏ ‏لأنها‏ ‏جعلت‏ ‏نصيبها‏ ‏من‏ ‏نصيب‏ ‏الرب‏. ‏الكأس‏ ‏الذي‏ ‏أشربها‏ ‏أنا‏ ‏شربتها‏ ‏مريم‏ ‏معه‏ ‏والصبغة‏ ‏التي‏ ‏اصطبغ‏ ‏بها‏، ‏مريم‏ ‏اصطبغت‏ ‏بها‏ ‏معه‏، ‏لم‏ ‏تفترق‏ ‏عنه‏. ‏ولذلك‏ ‏يا‏ ‏أولادنا‏ ‏دائما‏ ‏العذراء‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏، ‏في‏ ‏تقليد‏ ‏الكنيسة‏ ‏خصوصا‏ ‏كنيستنا‏ ‏القبطية‏ ‏والأرثوذكسية‏ ‏بصفة‏ ‏عامة‏، ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نصور‏ ‏العذراء‏ ‏وحدها‏، ‏أقول‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏لأنه‏ ‏يوجد‏ ‏بعض‏ ‏الصور‏، ‏العذراء‏ ‏بمفرده‏، ‏في‏ ‏الفن‏ ‏القبطي‏ ‏لم‏ ‏يحدث‏ ‏أبدا‏ ‏أن‏ ‏العذراء‏ ‏تكون‏ ‏لوحدها‏ ‏أبدا‏ ‏العذراء‏ ‏لا‏ ‏تنفصل‏ ‏عن‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏، ‏مصيرها‏ ‏مصيرها‏ ‏فارتبطت‏ ‏به‏ ‏فلا‏ ‏انفصال‏ ‏باستمرار‏ ‏علي‏ ‏ذراعها‏ ‏الشمال‏ ‏لكي‏ ‏تكون‏ ‏هي‏ ‏علي‏ ‏اليمين‏، ‏لكن‏ ‏الوضع‏ ‏الأفضل‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏حجرها أنت‏ ‏الذي‏ ‏في‏ ‏حجرك‏ ‏الملائكة‏ ‏لماذا؟‏ ‏لتكون‏ ‏هي‏ ‏بالنسبة‏ ‏له‏ ‏المركبة‏ ‏وهو‏ ‏جالس‏ ‏عليها‏. ‏أنت‏ ‏الجالس‏ ‏فوق‏ ‏الكاروبيم‏، ‏جلس‏ ‏علي‏ ‏مريم‏ ‏فكانت‏ ‏مريم‏ ‏هي‏ ‏المركبة‏ ‏الشاروبيمية‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏الوضع‏ ‏المفضل‏، ‏دائما‏ ‏في‏ ‏كنيستنا‏ ‏العذراء‏ ‏تضع‏ ‏المسيح‏ ‏علي‏ ‏حجرها‏ ‏لكي‏ ‏تكون‏ ‏هي‏ ‏بالنسبة‏ ‏له‏ ‏مركبة‏. ‏فلا‏ ‏انفصال‏ ‏أبدا‏ ‏بين‏ ‏العذراء‏ ‏والمسيح‏، ‏وارتبطت‏ ‏به‏ ‏وارتبط‏ ‏به‏ ‏مصيرها‏، ‏لذلك‏ ‏حتي‏ ‏جسدها‏ ‏أخذه‏ ‏وهذا‏ ‏ما‏ ‏نحتفل‏ ‏به‏ ‏في‏ ‏اليوم‏ ‏السادس‏ ‏عشر‏ ‏من‏ ‏مسري‏. ‏نعمة‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏تكون‏ ‏معكم‏ ‏جميعا‏ ‏الآن‏ ‏وكل‏ ‏أوان‏ ‏وإلي‏ ‏دهر‏ ‏الدهور‏ ‏أمين


مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 52 العدد 2539 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 505 – يوم الأحد الموافق 22 أغسطس (آب) 2010 ميلادية، 16 مسرى 1726 شهداء (قبطية)، 12 رمضان 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg
‏‏‏‏



Share


Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News