Showing posts with label الإنجيلي. Show all posts
Showing posts with label الإنجيلي. Show all posts

Saturday, November 9, 2013

القديس مرقس الرسول


Mark the Evangelist
מרקוס
Μᾶρκος
Ⲙⲁⲣⲕⲟⲥ ⲡⲓⲁ̀ⲡⲟⲥⲧⲟⲗⲟⲥ - Ⲙⲁⲣⲕⲟⲥ ⲡⲓⲉⲩⲁⲅⲅⲉⲗⲓⲥⲧⲏⲥ - Ⲙⲁⲣⲕⲟⲥ ⲡⲓⲑⲉⲱ̀ⲣⲓⲙⲟⲥ
مرقس الرسول - مرقس الانجيلي - مرقس ناظر اﻹله
Mārcus
ܡܪܩܘܣ ܐܘܢܓܠܣܛܐ


نشأته

هو يوحنا الملقب مرقس الذي تردد اسمه كثيرًا في سفر الأعمال والرسائل. حمل اسمين: يوحنا وهو اسم عبري يعني يهوه حنان، ومرقس اسم روماني يعني مطرقة

وُلد القديس مرقس في القيروان
Cyrene
إحدى المدن الخمس الغربية بليبيا، في بلدة تُدعى ابرياتولس، من أبوين يهوديين من سبط لاوي، اسم والده أرسطوبولس، ووالدته مريم امرأة تقية لها اعتبارها بين المسيحيين الأولين في أورشليم

تعلم اليونانية واللاتينية والعبرية وأتقنها

إذ هجمت بعض القبائل المتبربرة على أملاكهم تركوا القيروان إلى فلسطين وطنهم الأصلي وسكنوا بأورشليم. نشأ في أسرة متدينة كانت من أقدم الأسر إيمانًا بالمسيحية وخدمة لها


علاقته بالسيد المسيح

تمتع مع والدته مريم بالسيد المسيح، فقد كانت من النساء اللواتي خدمن السيد من أموالهن، كما كان لكثير من أفراد الأسرة صلة بالسيد المسيح. كان مرقس يمت بصلة القرابة للرسل بطرس إذ كان والده ابن عم زوجة القديس بطرس الرسول أو ابن عمتها. ويمت بصلة قرابة لبرنابا الرسول بكونه ابن أخته.. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا، الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا. إِنْ أَتَى إِلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهُ. رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 4: 10، أو ابن عمه، وأيضًا بتوما

فتحت أمه بيتها ليأكل الفصح مع تلاميذه في العلية، فصار من البيوت الشهيرة في تاريخ المسيحية المبكر. وهناك غسل رب المجد أقدام التلاميذ، وسلمهم سرّ الإفخارستيا، فصارت أول كنيسة مسيحية في العالم دشنها السيد بنفسه بحلوله فيها وممارسته سرّ الإفخارستيا. وفي نفس العُلية كان يجتمع التلاميذ بعد القيامة وفيها حلّ الروح القدس على التلاميذ
وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا. أعمال الرسل 2: 1 - 4، وفيها كانوا يجتمعون. وعلى هذا فقد كان بيت مرقس هو أول كنيسة مسيحية في العالم اجتمع فيها المسيحيون في زمان الرسل.. ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ. أعمال الرسل 12: 12

أما هو فرأى السيد المسيح وجالسه وعاش معه، بل أنه كان من ضمن السبعين رسولًا، لذا لقبته الكنيسة: ناظر الإله

كان القديس مرقس أحد السبعين رسولًا الذين اختارهم السيد للخدمة، وقد شهد بذلك العلامة أوريجينوس والقديس أبيفانيوس

ويذكر التقليد أن القديس مرقس كان حاضرًا مع السيد في عرس قانا الجليل، وهو الشاب الذي كان حاملًا الجرة عندما التقى به التلميذان ليُعدا الفصح للسيد
فَأَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيُلاَقِيَكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ. وَحَيْثُمَا يَدْخُلْ فَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: إِنَّ الْمُعَلِّمَ يَقُولُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ مرقس 14: 13 - 14 ؛ وَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ الْمُعَلِّمُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ لوقا 22: 11. وهو أيضًا الشاب الذي قيل عنه أنه تبع المخِّلص وكان لابسًا إزارًا على عريه فأمسكوه، فترك الإزار وهرب منهم عريانًا.. وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ، فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ، فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا. مرقس 14: 51 - 52. هذه القصة التي لم ترد سوى في إنجيل مرقس مما يدل على أنها حدثت معه


كرازته

بدأ الرسول خدمته مع معلمنا بطرس الرسول في أورشليم واليهودية. يسجل لنا سفر أعمال الرسل أنه انطلق مع الرسولين بولس وبرنابا في الرحلة التبشيرية الأولى وكرز معهما في إنطاكية وقبرص ثم في آسيا الصغرى. لكنه على ما يظن أُصيب بمرض في برجة بمفيلية فاضطر أن يعود إلى أورشليم ولم يكمل معهما الرحلة. عاد بعدها وتعاون مع بولس في تأسيس بعض كنائس أوروبا وفي مقدمتها كنيسة روما

إذ بدأ الرسول بولس رحلته التبشيرية الثانية أصر برنابا الرسول أن يأخذ مرقس، أما بولس الرسول فرفض، حتى فارق أحدهما الآخر، فانطلق بولس ومعه سيلا، أما برنابا فأخذ مرقس وكرزا في قبرص.. فَهذَانِ إِذْ أُرْسِلاَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ انْحَدَرَا إِلَى سَلُوكِيَةَ، وَمِنْ هُنَاكَ سَافَرَا فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ. وَلَمَّا صَارَا فِي سَلاَمِيسَ نَادَيَا بِكَلِمَةِ اللهِ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ. وَكَانَ مَعَهُمَا يُوحَنَّا خَادِمًا. أعمال الرسل 13: 4 - 5، وقد ذهب إلى قبرص مرة ثانية بعد مجمع أورشليم.. فَحَصَلَ بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ حَتَّى فَارَقَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. وَبَرْنَابَا أَخَذَ مَرْقُسَ وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ. أعمال الرسل 15: 39

اختفت شخصية القديس مرقس في سفر الاعمال إذ سافر إلى مصر وأسس كنيسة الإسكندرية بعد أن ذهب أولًا إلى موطن ميلاده المدن الخمس بليبيا، ومن هناك انطلق إلى الواحات ثم الصعيد ودخل الإسكندرية عام 61 م. من بابها الشرقي

دخل مار مرقس مدينة الإسكندرية على الأرجح سنة 60 م. من الجهة الغربية قادمًا من الخمس مدن. ويروي لنا التاريخ قصة قبول أنيانوس الإيمان المسيحي كأول مصري بالإسكندرية يقبل المسيحية.. فقد تهرأ حذاء مار مرقص من كثرة السير، وإذ ذهب به إلى الإسكافي أنيانوس ليصلحه له دخل المخراز في يده فصرخ: يا الله الواحد، فشفاه مار مرقس باسم السيد المسيح وبدأ يحدثه عن الإله الواحد، فآمن هو وأهل بيته. وإذ انتشر الإيمان سريعًا بالإسكندرية.. رسم أنيانوس أسقفًا ومعه ثلاثة كهنة وسبعة شمامسة

هاج الشعب الوثني فاضطر القديس مرقس أن يترك الإسكندرية ليذهب إلى الخمس مدن الغربية (برقه بليبيا) ومنها إلى روما، حيث كانت له جهود تذكر في أعمال الكرازة عاون بها الرسول بولس، لكنه ما لبث أن عاد إلى مصر ليتابع العمل العظيم الذي بدأه

عاد إلى الإسكندرية عام 65 م. ليجد الإيمان المسيحي قد ازدهر فقرر أن يزور المدن الخمس، وعاد ثانية إلى الإسكندرية ليستشهد هناك في منطقة بوكاليا

وحدث بينما كان الرسول يحتفل برفع القرابين المقدسة يوم عيد الفصح - واتفق ذلك اليوم مع عيد الإله الوثني سيرابيس - أن هجم الوثنيون على الكنيسة التي كان المؤمنون قد أنشأوها عند البحر، في المكان المعروف باسم بوكاليا أي دار البقر. ألقوا القبض على مار مرقس وبدأوا يسحلونه في طرقات المدينة وهم يصيحون: جرُّوا التنين في دار البقر. ومازالوا على هذا النحو حتى تناثر لحمه وزالت دماؤه، وفي المساء وضعوه في سجن مظلم، وفي منتصف تلك الليل ظهر له السيد المسيح وقواه ووعده بإكليل الجهاد. وفي اليوم التالي أعاد الوثنيون الكرَّة حتى فاضت روحه وأسلمها بيد الرب، في آخر شهر برمودة سنة 68 م. وإمعانًا في التنكيل بجسد القديس أضرم الوثنيون نارًا عظيمة ووضعوه عليها بقصد حرقه، لكن أمطارًا غزيرة هطلت فأطفأت النار، ثم أخذ المؤمنون الجسد بإكرام جزيل وكفَّنوه

وقد سرق بعض التجار البنادقة هذا الجسد سنة 827 م. وبنوا عليه كنيسة في مدينتهم، أما الرأس فما تزال بالإسكندرية وبُنِيت عليها الكنيسة المرقسية

تعتقد لبنان أن القديس كرز بها، هذا وقد كرز أيضًا بكولوسي.. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا، الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا. إِنْ أَتَى إِلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهُ. رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 4: 10، وقد اتخذته البندقية شفيعًا لها، وأكويلًا من أعمال البندقية. نختم حديثنا عن كرازته بكلمات الرسول بولس في الرسالة إلى فليمون يذكره الرسول بولس في مقدمة العاملين معه.. يسلم عليك ابفراس الماسور معي في المسيح يسوع و مرقس و ارسترخس و ديماس و لوقا العاملون معي. رسالة بولس الرسول إلى فليمون 1: 23 - 24، وفي الرسالة إلى كولوسي يذكره بين القلائل العاملين معه بملكوت الله بينما كان هو أسيرًا مدة أسره الأول في روما. وفي أسره الثاني - بينما كان يستعد لخلع مسكنه - كتب إلى تيموثاوس يطلب إليه إرسال مرقس لأنه نافع له للخدمة.. لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 4: 11


إنجيله

القديس مرقس هو كاتب الإنجيل الذي يحمل اسمه (أنجيل مرقص)، وهو واضع القداس المعروف حاليًا باسم القداس الكيرلسي نسبة للقديس كيرلس عمود الدين البطريرك السكندري الرابع والعشرين لأنه كان أول من دوَّنه كتابة وأضاف إليه بعض الصلوات


إنشاء المدرسة اللاهوتية

للقديس مرقس الرسول الفضل في إنشاء المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية، تلك المدرسة التي ذاع صيتها في العالم المسيحي كله شرقًا وغربًا، وأسدت للمسيحية خدمات جليلة بفضل علمائها وفلاسفتها الذين خرَّجتهم


القديس مارمرقس والأسد

يُرمز للقديس مارمرقس بالأسد، لذلك نجد أهل البندقية وهم يستشفعون به جعلوا الأسد رمزًا لهم، وأقاموا أسدًا مجنحًا في ساحة مارمرقس بمدينتهم. ويعلل البعض هذا الرمز بالآتي

أولًا: قيل أن القديس مرقس اجتذب والده أرسطوبولس للإيمان المسيحي خلال سيرهما معًا في الطريق إلى الأردن حيث فاجأهما أسد ولبوة، فطلب الأب من ابنه أن يهرب بينما يتقدم هو فينشغل به الوحشان، لكن الابن طمأن الأب وصلى إلى السيد المسيح فانشق الوحشان وماتا، فآمن الأب بالسيد المسيح

ثانيًا: بدأ القديس مرقس إنجيله بقوله: صوت صارخ في البرية.. وكأنه صوت أسد يدوي في البرية كملك الحيوانات يهيء الطريق لمجيء الملك الحقيقي ربنا يسوع المسيح. هذا وإذ جاء الإنجيل يُعلن سلطان السيد المسيح لذلك لاق أن يرمز له بالأسد، إذ قيل عن السيد أنه الأسد الخارج من سبط يهوذا.. فَقَالَ لِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ. رؤيا يوحنا اللاهوتي 5: 5

ثالثًا: يرى القديس أمبروسيوس أن مارمرقس بدأ إنجيله بإعلان سلطان ألوهية السيد المسيح الخادم.. بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله.. بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ. مرقس 1: 1، لذلك بحق يرمز له بالأسد


يمكن الرجوع إلى

ظهور رأس مارمرقس الانجيلي الرسولي
http://orthodoxcoptic.blogspot.com/2012/11/blog-post.html

عودة رفات القديس مارمرقس
http://orthodoxcoptic.blogspot.com/2012/06/blog-post_24.html

الشهيد مارمرقس البشير
http://orthodoxcoptic.blogspot.com/2012/05/blog-post_09.html

السنكسار - اليوم 20 من الشهر المبارك هاتور - 29 نوفمبر/تشرين الثاني
http://orthodoxcoptic.blogspot.com/2010/11/20-29_29.html


Share

Sunday, June 24, 2012

عودة رفات القديس مارمرقس



عودة رفات القديس مارمرقس 


في مثل هذا اليوم من سنة 1684 للشهداء الأطهار الموافق الاثنين 24 من شهر يونيو سنة 1968 لميلاد المسيح وفي السنة العاشرة لحبرية البابا كيرلس السادس وهو البابا المائة والسادس عشر في سلسلة باباوات الكرسي الإسكندري عاد إلى القاهرة رفات القديس العظيم ناظر الإله الإنجيلي مار مرقس الرسول كاروز الديار المصرية والبطريرك الأول من بطاركة الإسكندرية 
 
وكان البابا كيرلس السادس قد انتدب وفدا رسميا للسفر إلى روما لتسلم رفات القديس مرقس الرسول من البابا بولس السادس . وتألف الوفد من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم ثلاثة من المطارنة الأثيوبيين ومن ثلاثة من كبار أراخنة القبط 

أما المطارنة والأساقفة فهم حسب أقدمية الرسامة : الأنبا مرقس مطران كرسي أبو تيج وطهطا وطما وتوابعها ، ورئيس الوفد الأنبا ميخائيل مطران كرسي أسيوط وتوابعها ، الأنبا أنطونيوس مطران كرسي سوهاج والمنشاة وتوابعهما والأنبا بطرس مطران كرسي أخميم وساقلته وتوابعهما ، والأنبا يوأنس مطران تيجراي وتوابعها بأثيوبيا ، والأنبا لوكاس مطران كرسي اروسي وتوابعها بأثيوبيا ، والأنبا بطرس مطران كرسي جوندار وتوابعها بأثيوبيا ، والأنبا دوماديوس أسقف كرسي الجيزة وتوابعها ، والأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي والأنبا بولس أسقف حلوان وتوابعها


وطار الوفد البابوي الإسكندري إلى روما في يوم الخميس 13 بؤونه سنة 1684 الموافق 20 من يونيو سنة 1968م في طائرة خاصة أقلتهم ومعهم نحو 90 قبطيا من المرافقين كان من بينهم سبعة من الكهنة وفي الساعة الثانية عشر من يوم السبت الموافق 15 من بؤونة الموافق 22 من يونيو ذهب الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية في موكب رسمي إلى القصر البابوي بمدينة الفاتيكان وقابلوا البابا بولس السادس وتسلموا منه الرفات المقدس في حفل رسمي كان يجلله الوقار الديني ويتسم بالخشوع والتقوى ولقد كانت لحظة تسلم الرفات المقدس بعد أحد عشر قرنا كان فيها جسد مار مرقس محفوظا في مدينة البندقية ( فينيسيا ) بإيطاليا لحظة رهيبة بقدر ما هي سعيدة .


وفي اليوم التالي وهو الأحد 16 بؤونة الموافق 23 يونيو أقام الوفد البابوي السكندري قداسا حبريا احتفاليا بكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي بروما خدم فيه جميع المطارنة والأساقفة العشرة والكهنة المرافقون وقد حضر أعضاء البعثة البابوية الرومانية وجميع المرافقين من القبط وعدد كبير من الأقباط المقيمون بروما ومن الأجانب ومندوبي الصحف ووكالات الأنباء وكان قداسا رائعا رفع بروحانية عميقة . وبعد قراءة الإنجيل حمل المطارنة والأساقفة صندوق الرفات المقدس وطافوا به 3 مرات أنحاء الكنيسة ثم بخر المطارنة والأساقفة أمام الرفات بحسب ترتيب أقدمية الرسامة وكان الكهنة والشمامسة يرتلون الألحان المناسبة


وعاد الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية يحملون الرفات المقدس في يوم الاثنين في موكب رسمي تتقدمه الدراجات البخارية إلى المطار . ومن هناك استقلوا طائرة خاصة قامت خصيصا من القاهرة ووصلت إليها في العاشرة والنصف من مساء اليوم نفسه 

وكان البابا كيرلس في انتظار وصول الرفات وكان يصحبه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد كبير من المطارنة والأساقفة الأقباط والأجانب ورؤساء الطوائف والأديان مصريين وأجانب وألوف من أفراد الشعب مسيحيين ومسلمين يرتلون وينشدون أحلي الأناشيد الدينية وكان المطار كله يدوي بالترانيم 

وعندما رست الطائرة صعد البابا إلى سلم الطائرة وتسلم من يد رئيس الوفد الصندوق الثمين الذي يحمل رفات مار مرقس الرسول وفي هذه اللحظة رأي الكثيرون وخاصة المطلون من شرفات المطار ثلاث حمامات بيضاء ناصعة البياض حلقت فوق الطائرة ولما كان الحمام لا يطير في هذا الوقت من الليل فلم يكن هذا أذن بحمام عادي ولعله أرواح القديسين ترحب برفات القديس العظيم مار مرقس


ونزل البابا كيرلس يحمل صندوق الرفات علي كتفه بين ترتيل الشمامسة ويتبعه موكب ضخم من كتل بشرية تعد بالألوف يرنمون مع الشمامسة فرحين متهللين حتى أن رئيس البعثة البابوية الرومانية ذهل من تلك المظاهرة الدينية الكبيرة وأعرب عن تأثره البالغ بتدين الأقباط وعظيم إجلالهم وإكبارهم للقديس مرقس وقال أن ما رآه فاق كل تقديره فما كان يتوقع بتاتا أن يكون استقبال رفات مار مرقس بهذه الحماسة الروحية البالغة خاصة وان الجماهير ظلت منتظره بالمطار منذ الخامسة مساء - حيث كان مقررا وصول الطائرة - إلى الساعة الحادية عشرة مساء أو يزيد 


وعاد البابا في سيارته ومعه صندوق الرفات إلى الكاتدرائية المرقسية الكبرى القديمة بالأزبكية ووضع الصندوق علي المذبح الكبير المدشن باسم مار مرقس وظل الصندوق هناك إلى اليوم الثالث لوصوله . وفي صباح يوم الأربعاء 19 بؤونة الموافق 26 يونيو في نحو السادسة صباحا حمل البابا صندوق الرفات وأتي به في سيارته الخاصة إلى دير الأنبا رويس الذي كان يعرف بدير الخندق والمقامة علي أرضه الكاتدرائية المرقسية الجديدة التي افتتحها البابا كيرلس بحضور الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية والإمبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا في اليوم السابق مباشرة وأعني به الثلاثاء 18 بؤونة الموافق 25 يونيو 

وقد وضع البابا رفات مار مرقس علي مائدة في منتصف شرقية هيكل الكاتدرائية الجديدة . وظل كذلك طوال مدة القداس الحبري الحافل الذي رأسه البابا كيرلس السادس واشترك معه البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد من مطارنة السريان والهنود والأرمن الأرثوذكس وحضر القداس الإلهي جلالة هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبي الكنائس والطوائف من مختلف بلاد العالم وعدد من أفراد الشعب يزيد علي ستة آلاف نسمة 

وبعد القداس نزل البابا في موكب رسمي يحمل صندوق الرفات إلى المزار الجميل المعد له تحت الهيكل الكبير ووضع الصندوق في جسم المذبح الرخامي القائم في وسط المزار وغطي بغطاء رخامي ومن فوقه مائدة المذبح وأنشدت فرق مختلفة ألحانا مناسبة تحية لمار مرقس بسبع لغات مختلفة أي بالقبطية والأثيوبية ، والسريانية ، والأرمنية واليونانية واللاتينية والعربية وكان يوما سعيدا من أسعد الأيام التي شهدتها مصر وكنيسة الإسكندرية والكرازة المرقسية


بركة مار مرقس الرسول تشمل الجميع ، آمين

Share

Friday, May 15, 2009

عيد‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الإنجيلي‏ ‏والرسول

عيد‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الإنجيلي‏ ‏والرسول
للمتنيح: الأنبا غريغوريوس - أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي

إن‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏هو‏ ‏أحد‏ ‏رسل‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏الذين‏ ‏أرسلهم‏ ‏ليبشروا‏ ‏باسمه‏، ‏ويعلموا‏ ‏الناس‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الكمال‏ ‏المسيحي‏.‏ وبعد‏ ‏أن‏ ‏حل‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏علي‏ ‏التلاميذ‏ ‏والرسل‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الخمسين‏، صار‏ ‏من‏ ‏نصيب‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أن‏ ‏يبشر‏ ‏بالإنجيل‏ ‏في‏ ‏بلاد‏ ‏مصر‏ ‏وشمال‏ ‏أفريقيا‏. ‏وقد‏ ‏جاء‏ ‏إليها‏ ‏بالفعل‏،‏ وأسس‏ ‏الكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏أو‏ ‏المصرية‏، وهي‏ ‏التي‏ ‏تعرف‏ ‏أيضا‏ ‏بكنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏أو‏ ‏الكنيسة‏ ‏المرقسية‏.‏ فهو‏ ‏أول‏ ‏بطريرك‏ ‏للكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏في‏ ‏سلسلة‏ ‏الباباوات‏ ‏الذين‏ ‏رعوا‏ ‏الكنيسة‏. ‏وأصبح‏ ‏جميع‏ ‏الباباوات‏ ‏من‏ ‏بعده‏ ‏يسمون "خلفاء‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏". ‏وكرسي‏ ‏البطريركية‏ ‏يسمي "الكرسي‏ ‏المرقسي" نسبة‏ ‏إلي‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏

فالمسيحيون‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏مدينون‏ ‏جميعا‏ ‏بمسيحيتهم‏ ‏إلي‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏الذي‏ ‏أتي‏ ‏إلينا‏ ‏وبشرنا‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏، ‏واحتمل‏ ‏في‏ ‏سبيل‏ ‏ذلك‏ ‏آلاما‏ ‏كثيرة‏ ‏ومتاعب‏ ‏جمة‏ ‏من‏ ‏الوثنيين‏ ‏الذين‏ ‏يعبدون‏ ‏الأصنام‏ ‏ولكنه‏ ‏نجح‏ ‏في‏ ‏نقل‏ ‏كثيرين‏ ‏من‏ ‏ظلام‏ ‏الوثنية‏ ‏إلي‏ ‏نور‏ ‏المسيح‏. ‏وأصبحنا‏ ‏نحن‏ ‏بفضله‏ ‏مسيحيين‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏

القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أفريقي‏ ‏الأصل‏:‏

ولم‏ ‏يكن‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏غريبا‏ ‏عنا‏، ‏فإن‏ ‏موطنه‏ ‏الأصلي‏ ‏هو‏ ‏في‏ ‏شمال‏ ‏أفريقيا‏، ‏وعلي‏ ‏وجه‏ ‏الدقة‏، ‏من‏ ‏إحدي‏ ‏البلاد‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏تعرف‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الوقت‏ ‏بالخمس‏ ‏المدن‏ ‏الغربية "بنتابوليس" والتي‏ ‏توجد‏ ‏أكثرها‏ ‏في‏ ‏ليبيا‏. ‏وكان‏ ‏أبوه‏ ‏غنيا‏ ‏يسمي "أرسطوبولوس" وأمه‏ ‏امرأة‏ ‏تقية‏ ‏فاضلة‏ ‏تدعي "مريم" ورد‏ ‏ذكرها‏ ‏في‏ ‏العهد‏ ‏الجديد (أعمال‏ ‏الرسل‏ 12 : 12)، ‏وأخوها‏ ‏هو‏ ‏القديس‏ ‏برنابا‏ ‏الرسول‏ ‏أحد‏ ‏السبعين‏، ‏وعلي‏ ‏ذلك‏ ‏فإن‏ ‏القديس‏ ‏برنابا‏ ‏هو‏ ‏خال‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول (كولوسي‏ 4 : 10)، ‏وحدث‏ ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏القبائل‏ ‏الرحل‏ ‏سطوا‏ ‏علي‏ ‏عائلة‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏وسلبوا‏ ‏مقتنياتها‏، ‏فأمست‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏فقر‏ ‏شديد‏، ‏فاضطرت‏ ‏العائلة‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏تهاجر‏ ‏إلي‏ ‏فلسطين‏ ‏في‏ ‏الأيام‏ ‏التي‏ ‏ظهر‏ ‏فيها‏ ‏مخلصنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏. ‏وقد‏ ‏كانت‏ ‏هذه‏ ‏الهجرة‏ ‏خيرا‏ ‏عظيما‏ ‏للعائلة‏، ‏فقد‏ ‏تشرف‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏بأن‏ ‏صار‏ ‏من‏ ‏تلاميذ‏ ‏سيدنا‏ ‏وواحدا‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏رسله‏ ‏الأطهار‏

والقديس‏ ‏مرقس‏ ‏لم‏ ‏يصبح‏ ‏رسولا‏ ‏فقط‏، ‏ولكن‏ ‏بيته‏ ‏أيضا‏ ‏أصبح‏ ‏مكانا‏ ‏مقدسا‏ ‏صنع‏ ‏فيه‏ ‏الرب‏ ‏يسوع‏ ‏الفصح‏ ‏مع‏ ‏تلاميذه‏ ‏الأطهار‏ ‏(مرقس‏ 14 : 13 – 16)، (لوقا‏ 22 : 10 – 12)، ‏وفيه‏ ‏غسل‏ ‏أرجلهم‏ (‏يوحنا‏ 13 : 4 – 27) ‏وسلمهم‏ ‏سر‏ ‏العشاء‏ ‏الرباني‏ ‏أي‏ ‏سر‏ ‏القربان‏ ‏المقدس‏ ‏(متي‏ 26 : 26 – 29)، (‏مرقس‏ 14 : 22 – 25)، (لوقا‏ 22: 19 – 20) ‏وذلك‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الخميس‏ ‏المعروف‏ ‏بخميس‏ ‏العهد‏. ‏وفي‏ ‏بيت‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏اجتمع‏ ‏التلاميذ‏ ‏بعد‏ ‏صلب‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏ودفنه‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏قام‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏الأموات‏، وفيه‏ ‏ظهر‏ ‏لهم‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏بعد‏ ‏قيامته‏ ‏المجيدة‏، ‏وكان‏ ‏يجتمع‏ ‏بهم‏ ‏ويعلمهم‏ ‏ويكلمهم‏ ‏عن‏ ‏الأمور‏ ‏المختصة‏ ‏بملكوت‏ ‏الله‏، ‏ويشرح‏ ‏لهم‏ ‏كيف‏ ‏يسوسون‏ ‏الكنيسة‏ ‏ويدبرون‏ ‏شئون‏ ‏المؤمنين‏. ‏وفي‏ ‏هذا‏ ‏البيت‏ ‏صار‏ ‏الرسل‏ ‏ومعهم‏ ‏سيدتنا‏ ‏كلنا‏ ‏والدة‏ ‏الإله‏، ‏مريم‏ ‏العذراء‏، ‏يجتمعون‏ ‏ويصلون‏ ‏حتي‏ ‏حل‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏عليهم‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الخميس‏، وهو‏ ‏عيد‏ ‏العنصرة‏. ‏وظل‏ ‏الرسل‏ ‏والمؤمنون‏ ‏بالمسيح‏ ‏يجتمعون‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏البيت‏ ‏للصلاة‏ ‏والتناول‏ ‏من‏ ‏الأسرار‏ ‏المقدسة‏.‏ ولما‏ ‏سجن‏ ‏القديس‏ ‏بطرس‏ ‏كانت‏ ‏الكنيسة‏ ‏كلها‏ ‏مجتمعة‏ ‏في‏ ‏بيت‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏، ‏وكانت‏ ‏تصير‏ ‏منها‏ ‏صلاة‏ ‏بلجاجة‏ ‏إلي‏ ‏الله‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏القديس‏ ‏بطرس‏، ‏وقد‏ ‏أخرجه‏ ‏الملاك‏ ‏من‏ ‏السجن‏ ‏استجابة‏ ‏للصلاة‏، ‏فانطلق‏ ‏ماربطرس‏ ‏الرسول‏ ‏إلي‏ ‏بيت‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أو‏ ‏كما‏ ‏كان‏ ‏يسمي "بيت‏ ‏مريم‏ ‏أم‏ ‏يوحنا‏ ‏الملقب‏ ‏مرقس‏ ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏كثيرون‏ ‏مجتمعين‏ ‏وهم‏ ‏يصلون‏" (‏سفر‏ ‏أعمال‏ ‏الرسل‏ 12 : 12) ‏وقد‏ ‏سمي‏ ‏هذا‏ ‏البيت‏ ‏أيضا‏ ‏علية‏ ‏صهيون‏، ‏وقد‏ ‏أصبح‏ ‏أول‏ ‏كنيسة‏ ‏مسيحية‏

مارمرقس‏ ‏يقود‏ ‏أباه‏ ‏إلي‏ ‏الإيمان‏ ‏بالمسيح‏:

كان‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏شابا‏ ‏صغيرا‏ ‏عندما‏ ‏عرف‏ ‏السيد‏ ‏المسيح (مرقس‏ 14 : 51 – 52)‏ ولم‏ ‏يتزوج‏، ‏بل‏ ‏عاش‏ ‏بتولا‏ ‏طاهرا‏ ‏كل‏ ‏أيام‏ ‏حياته‏، ‏ولذلك‏ ‏فقد‏ ‏اشتهر‏ ‏بأنه‏ ‏الرسول "البتول" ومع‏ ‏صغر‏ ‏سنه‏ ‏كان‏ ‏يتصف‏ ‏بالتقوي‏ ‏وقوة‏ ‏الإيمان‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏، ‏ومن‏ ‏آيات‏ ‏إيمانه‏ ‏العظيم‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏سائرا‏ ‏مرة‏ ‏مع‏ ‏والده "أرسطوبولس" في‏ ‏اتجاه‏ ‏نهر‏ ‏الأردن‏ ‏وفي‏ ‏الصحراء‏ ‏أبصرا‏ ‏من‏ ‏بعيد‏ ‏أسدا‏ ‏ولبؤة‏ ‏قادمين‏ ‏نحوهما‏ ‏لافتراسهما‏، ‏فارتاع‏ ‏الوالد‏ ‏جدا‏، ‏وأمر‏ ‏ابنه‏ ‏مرقس‏ ‏بأن‏ ‏يهرب‏ ‏لحياته‏، ‏ويترك‏ ‏الأسد‏ ‏واللبؤة‏ ‏يتلهيان‏ ‏به‏ ‏هو‏ ‏ويقتلانه‏، فطمأن‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏والده‏ ‏الحنون‏ ‏وقال‏ ‏له "لاتخش‏ ‏شيئا‏ ‏يا‏ ‏أبتاه‏، ‏فإن‏ ‏المسيح‏ ‏الذي‏ ‏أؤمن‏ ‏به‏ ‏سينقذنا‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏خطر"‏. ‏وقبل‏ ‏أن‏ ‏يصل‏ ‏الوحشان‏ ‏إليهما‏ ‏اتجه‏ ‏القديس‏ ‏إلي‏ ‏الشرق‏، ‏وبسط‏ ‏يديه‏ ‏وصلي‏ ‏صلاة‏ ‏قصيرة‏ ‏قائلا‏: ‏"يا‏ ‏سيدي‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏، ‏يا‏ ‏ابن‏ ‏الله‏ ‏الحي‏ ‏الذي‏ ‏نؤمن‏ ‏به‏ ‏نجنا‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏البلية‏، ‏وأنقذنا‏ ‏من‏ ‏شر‏ ‏هذين‏ ‏الوحشين‏ ‏الكاسرين‏"، ‏وما‏ ‏إن‏ ‏فرغ‏ ‏من‏ ‏صلاته‏ ‏حتي‏ ‏سقط‏ ‏الأسد‏ ‏واللبؤة‏ ‏صريعين‏، ‏وماتا‏. ‏فلما‏ ‏رأي‏ ‏أرسطوبولس‏ ‏أبوه‏ ‏هذه‏ ‏المعجزة‏ ‏ذهل‏، ‏وآمن‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏ ‏وقال‏ ‏للقديس‏ ‏مرقس‏ ‏ابنه "أنت‏ ‏ولدي‏، ‏ولكنك‏ ‏صرت‏ ‏أبي‏ ‏بالإيمان"‏. ‏وهكذا‏ ‏كسب‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أباه‏ ‏ودخل‏ ‏به‏ ‏إلي‏ ‏حظيرة‏ ‏الإيمان‏ ‏المسيحي‏

وبعد‏ ‏أن‏ ‏حل‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏علي‏ ‏التلاميذ‏ ‏والرسل‏ ‏الأطهار‏، ‏وانطلقوا‏ ‏من‏ ‏أورشليم‏ ‏للتبشير‏ ‏باسم‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏، ‏انطلق‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أيضا‏ ‏لخدمة‏ ‏الإيمان‏، ‏وقد‏ ‏خدم‏ ‏مع‏ ‏القديس‏ ‏بطرس‏ ‏الرسول‏، ‏كما‏ ‏خدم‏ ‏مع‏ ‏القديس‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏، ‏ومع‏ ‏خاله‏ ‏القديس‏ ‏برنابا‏ ‏الرسول‏. ‏ومن‏ ‏البلاد‏ ‏التي‏ ‏خدم‏ ‏فيها‏ ‏غير‏ ‏مصر‏ ‏وأفريقيا‏، ‏بلاد‏ ‏فلسطين‏ ‏وسورية‏، ‏وآسيا‏ ‏الصغري‏ ‏وجزيرة‏ ‏قبرص‏، ‏وروما‏. ‏وقد‏ ‏ذكر‏ ‏سفر‏ ‏"الأعمال" خدمته‏ ‏في‏ ‏فلسطين‏ ‏وسورية‏ ‏وآسيا‏ ‏الصغري‏ ‏وقبرص (أعمال 13 : 5)، (أعمال‏ 15 : 37 – 39)، ‏كما‏ ‏أهدي‏ ‏القديس‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏سلام‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏من‏ ‏روما‏ ‏إلي‏ ‏كنيسة‏ ‏كولوسي‏ ‏وإلي‏ ‏تلميذه ‏- ‏فليمون‏، ‏مما‏ ‏يدل‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏مارمرقس‏ ‏خدم‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏روما‏ (‏كولوسي‏ 4 : 10)، (‏فليمون : 24) ‏وتظهر‏ ‏محبة‏ ‏الآباء‏ ‏الرسل‏ ‏له‏ ‏من‏ ‏كتاباتهم‏ ‏عنه‏، ‏فماربطرس‏ ‏الرسول‏ ‏يتكلم‏ ‏عنه‏ ‏بلهجة‏ ‏تنم‏ ‏عن‏ ‏حب‏ ‏عظيم‏. (1‏بطرس‏ 5 : 13) ‏وماربولس‏ ‏الرسول‏ ‏يمدحه‏ ‏في‏ ‏خدمته‏ ‏جدا‏ (2‏تيموثيئوس‏ 4 : 11)

القديس‏ ‏مرقس‏ ‏يعود‏ ‏إلي‏ ‏أفريقيا‏ ‏مبشرا‏ ‏بالمسيح‏:‏

ثم‏ ‏جاء‏ ‏مارمرقس‏ ‏إلي‏ ‏شمال‏ ‏أفريقيا‏ ‏وبشر‏ ‏بالإنجيل‏ ‏في‏ ‏وطنه‏ ‏الأصلي‏ ‏أي‏ ‏في‏ ‏الخمس‏ ‏المدن‏ ‏الغربية‏ ‏وتقع‏ ‏في‏ ‏الشمال‏ ‏الغربي‏ ‏لمصر‏ ‏حيث‏ ‏بلاد‏ ‏ليبيا‏ ‏ومن‏ ‏هناك‏ ‏جاء‏ ‏إلي‏ ‏الإسكندرية‏. ‏دخل‏ ‏مارمرقس‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏ليغزوها‏ ‏بإنجيل‏ ‏المسيح‏ ‏غزوا‏ ‏روحيا‏ ‏ولم‏ ‏يدخلها‏ ‏بسيف‏ ‏أو‏ ‏رمح‏ ‏أو‏ ‏جيش‏، ‏وإنما‏ ‏دخلها‏ ‏وهو‏ ‏يتوكأ‏ ‏علي‏ ‏عصاه‏، ‏فكانت‏ ‏عصاه‏ ‏كأنها‏ ‏عصا‏ ‏موسي‏ ‏التي‏ ‏صنع‏ ‏بها‏ ‏العجائب‏ ‏والمعجزات‏ ‏وقاد‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏، ‏ولذلك‏ ‏يحمل‏ ‏الأسقف‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏عصا‏ ‏تسمي "عصا‏ ‏الرعاية" كما‏ ‏يحمل‏ ‏راعي‏ ‏الخراف‏ ‏عصا‏ ‏لقيادة‏ ‏القطيع‏

وعرف‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أنه‏ ‏بحاجة‏ ‏إلي‏ ‏معونة‏ ‏الله‏ ‏ليغلب‏ ‏بها‏ ‏قلوب‏ ‏الناس‏ ‏المتحجرة‏، ‏لذلك‏ ‏صلي‏ ‏عند‏ ‏مدخل‏ ‏المدينة‏ ‏صلاة‏ ‏طويلة‏، ‏ثم‏ ‏دخل‏ ‏المدينة‏ ‏وتمشي‏ ‏فيها‏، ‏وأبصر‏ ‏أصنامها‏ ‏وأوثانها‏، ‏وحزن‏ ‏عليها‏ ‏ومن‏ ‏طول‏ ‏المشي‏ ‏تمزق‏ ‏حذاؤه‏، ‏فمال‏ ‏إلي‏ ‏الإسكاف "الخراز‏-‏صانع‏ ‏الأحذية‏ ‏ومصلحها" ليصلحه‏ ‏وكان‏ ‏هذا‏ ‏الإسكاف‏ ‏هو‏ ‏المفتاح‏ ‏الذي‏ ‏أعطاه‏ ‏الله‏ ‏للقديس‏ ‏مرقس‏ ‏ليفتح‏ ‏به‏ ‏مصر‏ ‏للإيمان‏ ‏بالمسيح‏. ‏فبينما‏ ‏يصلح‏ ‏الإسكاف‏ ‏الحذاء‏ ‏نفذ‏ ‏المخرز‏ ‏أو‏ ‏المخراز‏ ‏في‏ ‏يده‏ ‏فأدماها‏، ‏فتألم‏ ‏الإسكاف‏ ‏وصرخ "أيوس‏ ‏ثيئوس" يا‏ ‏الله‏ ‏الواحد‏، ‏فطمأنه‏ ‏القديس‏ ‏وتفل‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏، ‏فصار‏ ‏التفل‏ ‏طينا‏، ‏ووضع‏ ‏الطين‏ ‏علي‏ ‏اليد‏ ‏الدامية‏، ‏وصلب‏ ‏عليه‏ ‏بعلامة‏ ‏الصليب‏ ‏وهو‏ ‏يقول‏: "‏باسم‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏تبرأ‏ ‏في‏ ‏الحال"‏، ‏فوقف‏ ‏الدم‏ ‏عن‏ ‏النزف‏، ‏وشفيت‏ ‏اليد‏ ‏في‏ ‏الحال‏ ‏واختفي‏ ‏الألم‏، ‏وكأن‏ ‏شيئا‏ ‏لم‏ ‏يحدث‏ ‏فذهل‏ ‏حنانيا‏ ‏أو "أنيانوس" الإسكاف‏ ‏من‏ ‏الطريقة‏ ‏المعجزية‏ ‏التي‏ ‏شفيت‏ ‏بها‏ ‏يده‏، ‏وانتهز‏ ‏الرسول‏ ‏فرصة‏ ‏انذهاله‏ ‏وأخذ‏ ‏يبشره‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏، ‏الذي‏ ‏باسمه‏ ‏حدثت‏ ‏معجزة‏ ‏الشفاء‏. ‏فدعاه‏ ‏الإسكاف‏ ‏إلي‏ ‏بيته‏، ‏فرحب‏ ‏بدعوته‏ ‏وجمع‏ ‏له‏ ‏الإسكاف‏ ‏أهل‏ ‏بيته‏ ‏وجيرانه‏، ‏فكلمهم‏ ‏ودعاهم‏ ‏إلي‏ ‏الإيمان‏ ‏المسيحي‏ ‏وأجري‏ ‏الله‏ ‏علي‏ ‏يديه‏ ‏جملة‏ ‏معجزات‏ ‏من‏ ‏شفاء‏ ‏مرضي‏ ‏وإخراج‏ ‏شياطين‏.. ‏إلخ‏ ‏فآمن‏ ‏عدد‏ ‏منهم‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏. ‏وعمدهم‏ ‏الرسول‏ ‏باسم‏ ‏الآب‏ ‏والابن‏ ‏والروح‏ ‏القدس‏، ‏وأنشأ‏ ‏لهم‏ ‏كنيسة‏ ‏للصلاة‏، ‏ورتب‏ ‏خدمة‏ ‏القداس‏ ‏الإلهي‏. ‏فتمت‏ ‏بذلك‏ ‏كلمات‏ ‏الوحي‏ ‏علي‏ ‏فم‏ ‏إشعياء‏ ‏النبي "في‏ ‏ذلك‏ ‏اليوم‏ ‏يكون‏ ‏مذبح‏ ‏للرب‏ ‏في‏ ‏وسط‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏.‏ فيكون‏ ‏علامة‏ ‏وشهادة‏ ‏لرب‏ ‏الجنود‏ ‏في‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏. ‏فيعرف‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏مصر‏، ‏ويعرف‏ ‏المصريون‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏اليوم‏، ‏ويقدمون‏ ‏ذبيحة‏ ‏وتقدمة‏ ‏وينذرون‏ ‏للرب‏ ‏نذرا‏ ‏ويوفون‏ ‏به" (إشعياء‏ 19 : 19 – 21)، ‏وكان‏ ‏هؤلاء‏ ‏هم‏ ‏النواة‏ ‏الأولي‏ ‏للكنيسة‏ ‏المسيحية‏ ‏في‏ ‏مصر‏. ‏وقد‏ ‏تميز‏ ‏هؤلاء‏ ‏المسيحيون‏ ‏الأوائل‏ ‏بصفات‏ ‏الوداعة‏ ‏والطهارة‏ ‏والتقوي‏ ‏والأمانة‏ ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏الصفات‏ ‏المسيحية‏، ‏بصورة‏ ‏أفرزتهم‏ ‏عن‏ ‏سائر‏ ‏الوثنيين‏ ‏حتي‏ ‏قيل‏ ‏إنه‏ ‏إذا‏ ‏رأي‏ ‏أحد‏ ‏الوثنيين‏ ‏وثنيا‏ ‏آخر‏ ‏تبدو‏ ‏في‏ ‏سلوكه‏ ‏وداعة‏ ‏كان‏ ‏يبتدره‏ ‏الآخر‏ ‏بالسؤال‏: ‏هل‏ ‏قابلت‏ ‏اليوم‏ ‏مسيحيا؟ فتأمل‏ ‏كيف‏ ‏كانت‏ ‏مقابلة‏ ‏المسيحي‏ ‏للوثني‏ ‏ذات‏ ‏أثر‏ ‏واضح‏ ‏علي‏ ‏سلوك‏ ‏الوثني‏. ‏فكم‏ ‏كانت‏ ‏إذن‏ ‏وداعة‏ ‏المسيحيين‏ ‏الأوائل‏ ‏وطهارتهم‏ ‏وسمو‏ ‏أخلاقهم‏ ‏ولقد‏ ‏كانوا‏ ‏حقا‏ ‏أفضل‏ ‏دعوة‏ ‏صامتة‏ ‏عن‏ ‏ديانتهم‏، ‏وأخذ‏ ‏الوثنيون‏ ‏يعتنقون‏ ‏المسيحية‏ ‏رويدا‏ ‏رويدا‏، ‏فنمت‏ ‏الكنيسة‏ ‏وازدهرت‏ ‏وازداد‏ ‏عدد‏ ‏أتباعها‏

ينشيء‏ ‏مدرسة‏ ‏دينية‏ ‏بالإسكندرية‏:‏

ورأي‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أن‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏بلد‏ ‏عالمي‏ ‏كبير‏، ‏وأنه‏ ‏يسكنها‏ ‏خلق‏ ‏كثير‏، ‏وبينهم‏ ‏عدد‏ ‏ضخم‏ ‏من‏ ‏الفلاسفة‏ ‏والمفكرين‏ ‏والعلماء‏ ‏الذين‏ ‏يناقشون‏ ‏النظريات‏ ‏والآراء‏، ‏وكانت‏ ‏بالإسكندرية‏ ‏مدرسة‏ ‏وثنية‏ ‏كبيرة‏، ‏فأنشأ‏ ‏القديس‏ ‏مدرسة‏ ‏دينية‏ ‏مسيحية‏ ‏وأقام‏ ‏عليها‏ ‏العلامة‏ ‏المسيحي‏ ‏يسطس "أي‏ ‏عادل" مديرا‏ ‏لها‏. ‏ولم‏ ‏تلبث‏ ‏هذه‏ ‏المدرسة‏ ‏أن‏ ‏تطورت‏ ‏ونمت‏ ‏حتي‏ ‏أصبحت‏ ‏في‏ ‏القرن‏ ‏الثاني‏ ‏للميلاد‏ ‏مدرسة‏ ‏لاهوتية‏ ‏إكليريكية‏ ‏وجامعة‏ ‏كبري‏ ‏للعلوم‏ ‏الدينية‏ ‏والكنسية‏، ‏كان‏ ‏يقصد‏ ‏إليها‏ ‏طلاب‏ ‏العلم‏ ‏والدين‏ ‏لا‏ ‏من‏ ‏مصر‏ ‏وحدها‏ ‏بل‏ ‏ومن‏ ‏جميع‏ ‏بلاد‏ ‏الشرق‏ ‏وسائر‏ ‏بلاد‏ ‏العالم‏ ‏المسيحي‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏المسكونة‏ ‏وقد‏ ‏استطاعت‏ ‏هذه‏ ‏المدرسة‏ ‏أن‏ ‏تجهز‏ ‏علي‏ ‏المدرسة‏ ‏الوثنية‏ ‏التي‏ ‏انضم‏ ‏أكثر‏ ‏أساتذتها‏ ‏إلي‏ ‏الديانة‏ ‏المسيحية‏ ‏وأصبحوا‏ ‏من‏ ‏أكثر‏ ‏المتحمسين‏ ‏لها‏

استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏:‏

وأما‏ ‏مارمرقس‏ ‏فبعد‏ ‏أن‏ ‏بشر‏ ‏بالمسيحية‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وفي‏ ‏مصر‏ ‏وفي‏ ‏بعض‏ ‏بلاد‏ ‏الصعيد‏، وكسب‏ ‏لدين‏ ‏المسيح‏ ‏عددا‏ ‏كبيرا‏ ‏من‏ ‏الوثنيين‏، ‏غادر‏ ‏البلاد‏ ‏المصرية‏ ‏إلي‏ ‏بلاد‏ ‏الخمس‏ ‏المدن‏ ‏الغربية‏، ‏وثبت‏ ‏المؤمنين‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏، ‏وضم‏ ‏عددا‏ ‏آخر‏ ‏إلي‏ ‏الكنيسة‏، ‏ثم‏ ‏رسم‏ ‏لها‏ ‏أساقفة‏ ‏وقسيسين‏ ‏وشمامسة‏ ‏وعاد‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏إلي‏ ‏الإسكندرية‏

فلما‏ ‏رأي‏ ‏رجال‏ ‏الدين‏ ‏من‏ ‏الوثنيين‏ ‏نمو‏ ‏المسيحية‏ ‏وتقدمها‏ ‏حنقوا‏ ‏علي‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏وشكوه‏ ‏إلي‏ ‏الحكومة‏، ‏وصمموا‏ ‏علي‏ ‏قتله‏. ‏وفي‏ ‏يوم‏ ‏الأحد‏ ‏الموافق‏ 29 ‏من‏ ‏برمودة‏، "‏ويقابل‏ 26 ‏من‏ ‏أبريل/نيسان‏ ‏لسنة‏ 68 ‏لميلاد‏ ‏المسيح" كان‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏ومعه‏ ‏الإكليروس‏ ‏وجميع‏ ‏المسيحيين‏ ‏يحتفلون‏ ‏بعيد‏ ‏القيامة‏ ‏المجيد‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏المرقسية‏ ‏بالإسكندرية‏، ‏وكان‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏اليوم‏ ‏عيد‏ "‏سيرابيس‏" ‏عند‏ ‏الوثنيين‏. ‏فقام‏ ‏الوثنيون‏ ‏في‏ ‏هياج‏ ‏شعبي‏ ‏كبير‏، ‏طالبين‏ ‏الانتقام‏ ‏من‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏وهجموا‏ ‏علي‏ ‏الكنيسة‏ ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏القديس‏ ‏واقفا‏ ‏أمام‏ ‏مذبح‏ ‏الكنيسة‏ ‏يصلي‏ ‏ويقدس‏، ‏فأخذوه‏ ‏في‏ ‏عنف‏ ‏شديد‏ ‏من‏ ‏وسط‏ ‏المسيحيين‏ ‏وربطوا‏ ‏عنقه‏ ‏بحبل‏ ‏سميك‏، ‏وشرعوا‏ ‏يجرونه‏ ‏في‏ ‏قسوة‏ ‏بالغة‏ ‏وهم‏ ‏يصيحون‏ ‏"جروا‏ ‏التيتل‏ ‏من‏ ‏دار‏ ‏البقر" وخرجوا‏ ‏به‏ ‏إلي‏ ‏شوارع‏ ‏المدينة‏ ‏وطرقاتها‏، ‏فارتطم‏ ‏جسمه‏ ‏بالأحجار‏ ‏والطوب‏، ‏وتمزقت‏ ‏أوصاله‏، ‏وسال‏ ‏دمه‏، ‏وتسلخ‏ ‏جلده‏، ‏وهم‏ ‏لايشفقون‏ ‏عليه‏، ‏وكاد‏ ‏أن‏ ‏يموت‏ ‏بين‏ ‏أيديهم‏، ‏وأقبل‏ ‏المساء‏، ‏فأودعوه‏ ‏سجنا‏ ‏وطرحوه‏ ‏فيه‏. ‏وفي‏ ‏الليل‏ ‏ظهر‏ ‏له‏ ‏ملاك‏ ‏من‏ ‏السماء‏ ‏بنور‏ ‏عظيم‏، ‏وقواه‏ ‏وعزاه‏ ‏وطوبه‏ ‏وقال‏ ‏له‏: "‏يامرقس‏، ‏ياعبد‏ ‏الله‏، ‏لقد‏ ‏كتب‏ ‏اسمك‏ ‏في‏ ‏سفر‏ ‏الحياة"‏. ‏وبعد‏ ‏قليل‏، ‏تجلي‏ ‏له‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏بشخصه‏ ‏المبارك‏، ‏وأعطاه‏ ‏السلام‏ ‏وقال‏ ‏له‏: "‏السلام‏ ‏لك‏ ‏يامرقس" فتشجع‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏، ‏وتقوي‏ ‏بالرؤيا‏، ‏وصار‏ ‏قلبه‏ ‏أقوي‏ ‏من‏ ‏قلب‏ ‏الأسد‏، ‏لأن‏ ‏الإيمان‏ ‏يملأ‏ ‏القلب‏ ‏بالشجاعة‏ ‏والجرأة‏ ‏والتضحية‏. ‏وفي‏ ‏الصباح‏ ‏أقبل‏ ‏عليه‏ ‏الوثنيون‏ ‏وصنعوا‏ ‏به‏ ‏كل‏ ‏شر‏، ‏جروه‏ ‏كما‏ ‏فعلوا‏ ‏بالأمس‏، ‏وأهانوه‏ ‏كثيرا‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏فارقت‏ ‏روحه‏ ‏جسدها‏، ‏وعندئذ‏ ‏لم‏ ‏يندموا‏ ‏علي‏ ‏أعمالهم‏ ‏أو‏ ‏يشفقوا‏ ‏عليه‏، بل‏ ‏زادوا‏ ‏وأصروا‏ ‏علي‏ ‏حرق‏ ‏جثته‏ ‏بالنار‏، ‏حتي‏ ‏لايبقوا‏ ‏له‏ ‏أثرا‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏، ‏وفعلا‏ ‏جمعوا‏ ‏عليه‏ ‏حطبا‏ ‏كثيرا‏ ‏وأشعلوا‏ ‏فيه‏ ‏النار‏، ‏ولكن‏ ‏الرب‏ ‏شاء‏ ‏أن‏ ‏يحفظ‏ ‏جسد‏ ‏قديسه‏ ‏ذخيرة‏ ‏وبركة‏. ‏ففي‏ ‏الحال‏ ‏أرعدت‏ ‏السماء‏ ‏وأبرقت‏ ‏وسقط‏ ‏مطر‏ ‏غزير‏، ‏فأطفأ‏ ‏النيران‏، وتشتت‏ ‏الجماهير‏ ‏الهائجة‏ ‏بسبب‏ ‏الرعود‏ ‏والبروق‏، فانتهز‏ ‏المؤمنون‏ ‏الفرصة‏ ‏وأخذوا‏ ‏جسد‏ ‏أبيهم‏ ‏القديس‏، وكفنوه‏، ‏ودفنوه‏ ‏بإكرام‏ ‏جزيل‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏وقد‏ ‏تم‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الاثنين‏ 30 ‏من‏ ‏برمودة‏ ‏لسنة‏ 68‏م‏، ‏ويوافق‏ ‏الآن‏ 8 ‏من‏ ‏مايو‏/آيار‏، ‏وهو‏ ‏عيد‏ ‏استشهاده‏ ‏الذي‏ ‏تحتفل‏ ‏به‏ ‏الكنيسة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏عام‏

وإذا‏ ‏كان‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏قد‏ ‏جاء‏ ‏إلي‏ ‏بلادنا‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 61‏م‏ ‏واستشهد‏ ‏في‏ ‏عام‏ 68‏م‏ ‏فتكون‏ ‏مدة‏ ‏إقامته‏ ‏وخدمته‏ ‏في‏ ‏بلادنا‏ ‏سبع‏ ‏سنوات‏، ‏وكان‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ ‏حكم‏ ‏الإمبراطور‏ ‏الروماني‏ ‏نيرون‏ ‏قيصر‏

جسد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏يؤخذ‏ ‏إلي‏ ‏فينسيا‏ ‏ورأسه‏ ‏تبقي‏ ‏بالإسكندرية‏:‏

أما‏ ‏جسد‏ ‏القديس‏ ‏فظل‏ ‏مدفونا‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏إلي‏ ‏القرن‏ ‏التاسع‏ ‏للميلاد‏، ‏عندما‏ ‏انتهز‏ ‏بعض‏ ‏التجار‏ ‏من‏ ‏البندقية "فينيسيا" فرصة‏ ‏بعض‏ ‏الاضطرابات‏ ‏والاضطهادات‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏، ‏وأقنعوا‏ ‏الحراس‏، فأخذوا‏ ‏جسد‏ ‏القديس‏ ‏وأبحروا‏ ‏به‏ ‏إلي‏ ‏مدينة‏ ‏البندقية "فينيسيا" بإيطاليا‏، ‏فاحتفل‏ ‏به‏ ‏أهلها‏ ‏احتفالا‏ ‏كبيرا‏، وأقاموا‏ ‏له‏ ‏كنيسة‏ ‏عظيمة‏ ‏باسمه‏ ‏أودعوا‏ ‏فيها‏ ‏جسده‏ ‏المقدس‏، ‏وتم‏ ‏عودة‏ ‏الجسد‏ ‏المقدس‏ ‏في‏ ‏اليوم‏ ‏السابع‏ ‏عشر‏ ‏من‏ ‏شهر‏ ‏بؤونة‏ ‏القبطي‏ ‏لسنة‏ 1684 ‏للشهداء‏ ‏الموافق‏ 24 ‏من‏ ‏يونية/حزيران‏ ‏لسنة‏ 1968‏م‏ ‏في‏ ‏السنة‏ ‏العاشرة‏ ‏لحبرية‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏السادس‏ ‏وهو‏ ‏البابا‏ ‏المائة‏ ‏والسادس‏ ‏عشر‏ ‏من‏ ‏سلسلة‏ ‏باباوات‏ ‏الكرسي‏ ‏الإسكندري‏

وأما‏ ‏رأس‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏فلم‏ ‏يشأ‏ ‏الله‏ ‏أن‏ ‏تخرج‏ ‏من‏ ‏كنيسته‏ ‏بالإسكندرية‏، ‏فقد‏ ‏حاول‏ ‏مرة‏ ‏أحد‏ ‏التجار‏ ‏أن‏ ‏يهرب‏ ‏بالرأس‏، فأخذها‏ ‏فعلا‏ ‏وأخفاها‏ ‏في‏ ‏سفينته‏ ‏فلم‏ ‏تستطع‏ ‏السفينة‏ ‏أن‏ ‏تتحرك‏. ‏من‏ ‏موضعها‏، ‏فشعر‏ ‏إنها‏ ‏إرادة‏ ‏الله‏، ‏وعلم‏ ‏بالأمر‏ ‏البابا‏ ‏بنيامين‏ ‏الأول‏ "‏وهو‏ ‏البطريرك‏ ‏الثامن‏ ‏والثلاثون‏ ‏من‏ ‏باباوات‏ ‏الكرسي‏ ‏المرقسي"‏ ‏فحضر‏ ‏وأخذ‏ ‏الرأس‏ ‏المقدسة‏ ‏باحتفال‏ ‏روحي‏ ‏كبير‏، ‏وأودعها‏ ‏صندوقا‏ ‏من‏ ‏الأبنوس‏، ‏ومازالت‏ ‏الرأس‏ ‏محفوظة‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏المرقسية‏ ‏بالإسكندرية‏. ‏وصار‏ ‏في‏ ‏تقليد‏ ‏كل‏ ‏بابا‏ ‏جديد‏ ‏أن‏ ‏يلف‏ ‏الرأس‏ ‏بكسوة‏ ‏جديدة‏، ‏ويحمل‏ ‏الرأس‏ ‏بين‏ ‏يديه‏، ‏علامة‏ ‏خلافته‏ ‏لمارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏وحمله‏ ‏مسئولية‏ ‏الرئاسة‏، ‏وحماية‏ ‏الإيمان‏ ‏الرسولي‏، ‏ورعاية‏ ‏الكنيسة‏ ‏المقدسة


مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 51 العدد 2472 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 438 – يوم الأحد الموافق 10 مايو (أيار) 2009 ميلادية، 2 بشنس 1725 شهداء (قبطية(، 15جمادى الأولى 1430 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg

‏‏


Share/Save/Bookmark

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News