Showing posts with label 30برمودة. Show all posts
Showing posts with label 30برمودة. Show all posts

Wednesday, May 9, 2012

الشهيد مارمرقس البشير

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين

Ϧⲉⲛ  ̀ⲫⲣⲁⲛ  ̀ⲙ̀Ⲫⲓⲱⲧ ⲛⲉⲙ  ̀Ⲡϣⲏⲣⲓ  ⲛⲉⲙ  Ⲡⲓⲡ̀ⲛⲉⲩⲙⲁ  ⲉⲑⲟⲩⲁⲃ  Ⲟⲩⲛⲟⲩϯ  `ⲛⲟⲩⲱⲧ  `ⲁⲙⲏⲛ


الشهيد مارمرقس البشير - كاروز الديار المصرية

Saint Mark The Evangelist

Ⲙⲁⲣⲕⲟⲥ ⲡⲓⲁ̀ⲡⲟⲥⲧⲟⲗⲟⲥ - Ⲙⲁⲣⲕⲟⲥ ⲡⲓⲉⲩⲁⲅⲅⲉⲗⲓⲥⲧⲏⲥ - Ⲙⲁⲣⲕⲟⲥ ⲡⲓⲑⲉⲱ̀ⲣⲓⲙⲟⲥ
 مرقس الرسول - مرقس الانجيلي - مرقس ناظر اﻹله

استشهد يوم 30 برمودة بالاسكندرية عام 68 ميلادية وفي 30 بابة تذكار بناء كنيسته، وظهور رأسه المقدسة باﻹسكندرية

ويردد أوليري ما يقوله بعض مؤرخي وأساتذة التاريخ المسيحي في الغرب بأن المصادر الأولى - مثل أوريجانوس وﺇكلمنضس اﻹسكندري - لم تشر ﺇلى مارمرقس كمؤسس لكنيسة اﻹسكندرية، وأن المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري قد سجل بصفة عامة في القرن الرابع عبارة تقول ﺇنهم يقولون ﺇن مارمرقس هو أول من حمل اﻹنجيل لمصر.. وهي حجتهم الوحيدة

Eusebius, Ecclesiastical (Eccles) History, II. 16
Church History (Book II)

Chapter 16. Mark first proclaimed Christianity to the Inhabitants of Egypt.

1. And they say that this Mark was the first that was sent to Egypt, and that he proclaimed the Gospel which he had written, and first established churches in Alexandria.

2. And the multitude of believers, both men and women, that were collected there at the very outset, and lived lives of the most philosophical and excessive asceticism, was so great, that Philo thought it worth while to describe their pursuits, their meetings, their entertainments, and their whole manner of life.

والواقع أن كرازة مارمرقس في مصر كانت أمراً واقعياً ومعروفاً لكل أقباط مصر، كما أن يوسابيوس نفسه قد ذكر بالترتيب خلفائه البطاركة الذين تلوه حتى أيامه (للمزيد في كتاب: تاريخ كنيسة بنتابولس) وأكد أنهم كانوا خلفاء اﻹنجيلي مارمرقس

ويذكر أوليري أن قوانين الرسل تؤكد أن أنيانوس
Anianos
كان أول أسقف للاسكندرية. وقد رسمه اﻹنجيلي مارمرقس، وأما الأسقف التالي فهو أبيليوس
Abilios
وقد رسمه القديس لوقا اﻹنجيلي في رأي البعض


The Apostolic Constitutions
Apostolic Constitutions (Book VIII)
Mark the Evangelist, 30 Barmoudeh (25 April) and 30 Babeh (27 October). Early authorities such as Origen and Clement of Alexandria, make no reference to St. Mark as the founder of the Church of Alexandria, but we find it in fourth century writers first in Eusebius, H.E., ii. 16 who gives it as a general belief 'they say that Mark was the first who brought the Gospel to Egypt.' Rather later Apostolical Constitution, viii. 46, state that Anianos the first bishop of Alexandria was ordained by the Evangelist St. Mark, the next bishop Abilios by St. Luke. The tradition is fully developed in the apocryphal Acts of the Apostles where we find an account of 'The Martyrdom of St. Mark', according to that Martyrdom St. Mark exercised his ministry in Rakoti (Alexandria) where his first convert was the shoe-maker Anianos.

The pagans of the city were greatly annoyed by the progress of the Gospel and planned to entrap St. Mark and encompass his death. Aware of this, he ordained Anianos to act as bishop in his place, and also ordained three priests, Milius, Cerdon, and Primus, all of whom succeeded to the see of Alexandria in due course.

(B.M. 131-2, in Crum, Catalogue of the Coptic MSS., Crum, Theol. Texts, 15. white, Monasteries, i. no. vi. G. Wien K. 9450, 9439 and Clar. P. 139-142. Paris 129/13 - these give only fragments of the Coptic text: the whole is extant in Arabic and Ethiopic translations.)

كما يشير ﺇلى سيرة مارمرقس واستشهاده باﻹسكندرية - راقودة أو راكودة - وهو اسم اﻹسكندرية قديماً
Rakoti
Ⲣⲁⲕⲟϯ - Ⲣⲁⲕⲱϯ
 وكان أول من آمن به هناك اﻹسكافي أنيانوس. وقد أشرنا ﺇلى مخطوط عن استشهاده يوم عيد القيامة المجيد وكان موافقاً 8 مايو في تلك السنة

وقد ناقشنا طريقة تعذيب القديس مارمرقس واستشهاده في اﻹسكندرية. وقلنا رأينا ان دور اليهود هو الأساسي، فقد أثاروا الوثنيين من المصريين والرومان ضد القديس، فجروه في شوارع اﻹسكندرية وحبسوه في مكان خرب، وأن الرب يسوع قد طمأنه بنيل ﺇكليله، وكتابة ﺇسمه في سفر الحياة

وفي اليوم التالي جره الأشرار في الشوارع، حتى أسلم روحه الطاهرة. ولما أضرموا ناراً لحرقه هطلت أمطار غزيرة، وحدثت رعود وبروق وزلازل، وهرب على أثرها الأشرار. فأخذ المؤمنون جسده الطاهر، وأخفوه في الكنيسة، بعدما جعلوه في تابوت

ويذكر السنكسار أنه رسم أنيانوس أسقفاً وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة، وأنه مضى ﻹفتقاد شعبه في بنتابوليس (ليبيا الشرقية). ولما عاد نال ﺇكليله في اﻹسكندرية سنة 68 ميلادية

وتذكر المخطوطات القبطية أن مارمرقس البشير هو أول باباوات اﻹسكندرية وأحد الرسل السبعين الذين اختارهم السيد المسيح، وأن أمه مريم هي التي في بيتها صنع الرب يسوع الفصح، وفيه حل الروح القدس على الرسل وأعضاء الكنيسة الأولى. وأنه خدم مع خاله القديس برنابا في قبرص، حيث استشهد، ثم توجه مارمرقس ﺇلى مصر وليبيا سنة 56 ميلادية وخدمهما 12 سنة، حتى نال ﺇكليله في اﻹسكندرية

ويذكر أوليري أن القديس مارمرقس البشير قد رسم الآباء ميليوس، وكاردونس، وبريموس كهنة
Milius, Cerdon, Primus
وهم الذين تولوا كرسي مارمرقس بالترتيب بعد أنيانوس


كتاب السنكسار

التقويم القبطي 30 برمودة للشهداء
8 مايو/أيار 2012

شهادة القديس العظيم مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
استشهاد مارمرقس الرسول اول باباوات الاسكندرية – 30 برمودة

في مثل هذا اليوم الموافق 26 أبريل سنة 68 ميلادية (للميلاد) استشهد الرسول العظيم القديس مرقس كاروز الديار المصرية، وأول باباوات الإسكندرية، وأحد السبعين رسولا. كان اسمه أولا يوحنا، كما يقول الكتاب: أن الرسل كانوا يصلون في بيت مريم أم يوحنا المدعو مرقس (ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ. أعمال الرسل 12: 12) وهو الذي أشار إليه السيد المسيح له المجد بقوله لتلاميذه: أذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له. المعلم يقول ﺇن وقتي قريب وعندك أصنع الفصح مع تلاميذي (فَقَالَ: اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي. متى 26: 18). ولقد كان بيته أول كنيسة مسيحية، حيث فيه أكلوا الفصح، وفيه اختبأوا بعد موت السيد المسيح، وفي عليته حل عليهم الروح القدس

ولد هذا القديس في ترنا بوليس (من الخمس مدن الغربية بشمال أفريقيا) من أب اسمه أرسطوبولس وأم أسمها مريم، إسرائيلي المذهب وذي يسار وجاه عريض. فعلماه وهذباه بالآداب اليونانية والعبرانية ولقب بمرقس بعد نزوح والديه إلى أورشليم، حيث كان بطرس قد تلمذ للسيد المسيح. ولأن بطرس كان متزوجا بابنة عم أرسطوبولس، فكان مرقس يتردد علي بيته كثيرا، ومنه درس التعاليم المسيحية

وحدث أن أرسطوبولس وولده مرقس كانا يسيران بالقرب من الأردن، وخرج عليهما أسد ولبؤة وهما يزمجران، فخاف أبوه وأيقن بالهلاك، ودفعته الشفقة علي ولده أن يأمره بالهروب للنجاة بنفسه. ولكن مرقس طمأنه قائلا: لا تخف يا أبي، فالمسيح الذي أنا مؤمن به ينجينا منهما. ولما اقتربا منهما صاح بهما القديس قائلا: السيد المسيح ابن الله الحي يأمركما أن تنشقا وينقطع جنسكما من هذا الجبل. فانشقا ووقعا علي الأرض مائتين. فتعجب والده وطلب من ابنه أن يعرفه عن المسيح، فأرشده إلى ذلك وآمن والده وعمده بالسيد المسيح له المجد

وبعد صعود السيد المسيح استصحبه بولس وبرنابا للبشارة بالإنجيل في إنطاكية وسلوكية وقبرص وسلاميس وبرجة بمفيلية، حيث تركهما وعاد إلى أورشليم. وبعد انتهاء المجمع الرسولي بأورشليم استصحبه برنابا معه إلى قبرص

وبعد نياحة برنابا، ذهب مرقس بأمر السيد المسيح إلى أفريقية وبرقة والخمس المدن الغربية. ونادي في تلك الجهات بالإنجيل، فآمن علي يده أكثر أهلها. ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية في أول بشنس سنة 61 ميلادية (للميلاد). وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه، وكان عند الباب إسكافي، أسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه، جرح المخراز إصبعه، فصاح من الألم وقال باليونانية: اس ثيؤس (يا الله الواحد)، فقال له القديس مرقس: هل تعرفون الله؟. فقال: لا وإنما ندعو باسمه ولا نعرفه. فتفل علي التراب وأخذ منه ووضع علي الجرح فشفي للحال. ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء والأرض، فمخالفة آدم ومجيء الطوفان، إلى إرسال موسى، وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعة وسبي بابل. ثم سرد له نبوات الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح. فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده فوعظهم جميعا وعمدهم باسم الأب والابن والروح القدس

ولما كثر المؤمنون باسم المسيح، وسمع أهل المدينة بهذا الآمر، جدوا في طلبه لقتله، فرسم إنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة، ثم سافر إلى الخمس المدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسا وشمامسة

وعاد إلى الإسكندرية، فوجد المؤمنين قد ازدادوا وبنوا لهم كنيسة في الموضع المعروف ببوكوليا (دار البقر) شرقي الإسكندرية علي شاطئ البحر. وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68 ميلادية (للميلاد)، وكان الوثنيون في اليوم نفسه يعيدون لألههم سرابيس، أنهم خرجوا من معبدهم إلى حيث القديس، قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون: جروا الثور في دار البقر. فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس، وفي المساء أودعوه السجن، فظهر له ملاك الرب وقال له: افرح يا مرقس عبد الإله، هوذا اسمك قد كتب في سفر الحياة، وقد حسبت ضمن جماعة القديسين. وتواري عنه الملاك. ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام. فابتهجت نفسه وتهللت

وفي اليوم التالي (30 برمودة) أخرجوه من السجن، وأعادوا سحبه في المدينة، حتى أسلم روحه الطاهرة، ولما أضرموا نارا عظيمة لحرقه، حدثت زلازل ورعود وبروق وهطلت أمطار غزيرة، فارتاع الوثنيون وولوا مذعورين. وأخذ المؤمنون جسده المقدس إلى الكنيسة التي شيدوها، وكفنوه وصلوا عليه، وجعلوه في تابوت ووضعوه في مكان خفي من هذه الكنيسة

صلاة هذا القديس العظيم والكاروز الكريم تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين

المراجع

كتاب السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين المستعمل في كنائس الكرازة المرقسية في أيام وآحاد السنة التوتية. الجزء الثاني. وضع الأنبا بطرس الجميل أسقف مليج والأنبا ميخائيل أسقف أتريب والأنبا يوحنا أسقف البرلس وغيرهم من الآباء القديسين. الناشر مكتبة المحبة القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة. في عهد صاحب القداسة الأنبا شنودة الثالث بابا وبطريرك الاسكندرية والكرازة المرقسية. الطبعة الثالثة. 1694 للشهداء و 1978 ميلادية. صفحة 140 - 142
http://orthodoxcoptic.blogspot.com/2009/05/30.html

قديسو مصر، حسب التقويم القبطي، لعالم القبطيات الانجليزي اوليري
The Saints of Egypt, In The Coptic Calendar, By: De Lacy Evans O'Leary
دراسة تشمل 700 شخصية قبطية وغيرها، مستمدة من المخطوطات القبطية بالخارج، مع ﺇضافات وتعليقات علمية للمعرب. ترجمة وتعليق دياكون د. ميخائيل مكسي اسكندر. مكتبة المحبة، سلسلة دراسات روحية وتاريخية متعمقة. باشراف نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر. طبع بشركة هارموني للطباعة. رقم الايداع بدار الكتب 15067 / 2000 . الترقيم الدولي 8 - 0535 - 12 - 977 . الجيزة في الصوم الكبير عام 2000. سير القديسين في التقويم القبطي رقم 352 الشهيد مارمرقس البشير كاروز الديار المصرية صفحة 283 - 285

----------

وأيضا يمكن متابعة مقال عيد‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الإنجيلي‏ ‏والرسول للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي
عيد‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الإنجيلي‏ ‏والرسول
مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 51 العدد 2472 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 438 – يوم الأحد الموافق 10 مايو / أيار 2009 ميلادية، 2 بشنس 1725 قبطية أو للشهداء ، 15جمادى الأولى 1430 هجرية أو للهجرة – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg
http://orthodoxcoptic.blogspot.com/2009/05/blog-post_15.html


Share

Friday, May 15, 2009

السنكسار 30 برمودة

التقويم القبطي 30 برمودة للشهداء
8 مايو/أيار 2009

استشهاد مارمرقس الرسول اول باباوات الاسكندرية – 30 برمودة

في مثل هذا اليوم الموافق 26 أبريل سنة 68 م استشهد الرسول العظيم القديس مرقس كاروز الديار المصرية، وأول باباوات الإسكندرية، وأحد السبعين رسولا. كان اسمه أولا يوحنا، كما يقول الكتاب: أن الرسل كانوا يصلون في بيت مريم أم يوحنا المدعو مرقس (أع 12 : 12) وهو الذي أشار إليه السيد المسيح له المجد بقوله لتلاميذه: "أذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له. المعلم يقول ﺇن وقتي قريب وعندك أصنع الفصح مع تلاميذي (مت 26 : 18) "ولقد كان بيته أول كنيسة مسيحية، حيث فيه أكلوا الفصح، وفيه اختبأوا بعد موت السيد المسيح، وفي عليته حل عليهم الروح القدس

ولد هذا القديس في ترنا بوليس (من الخمس مدن الغربية بشمال أفريقيا) من أب اسمه أرسطوبولس وأم أسمها مريم، إسرائيلي المذهب وذي يسار وجاه عريض. فعلماه وهذباه بالآداب اليونانية والعبرانية ولقب بمرقس بعد نزوح والديه إلى أورشليم، حيث كان بطرس قد تلمذ للسيد المسيح. ولأن بطرس كان متزوجا بابنة عم أرسطوبولس، فكان مرقس يتردد علي بيته كثيرا، ومنه درس التعاليم المسيحية

وحدث أن أرسطوبولس وولده مرقس كانا يسيران بالقرب من الأردن، وخرج عليهما أسد ولبؤة وهما يزمجران، فخاف أبوه وأيقن بالهلاك، ودفعته الشفقة علي ولده أن يأمره بالهروب للنجاة بنفسه. ولكن مرقس طمأنه قائلا: لا تخف يا أبي، فالمسيح الذي أنا مؤمن به ينجينا منهما. ولما اقتربا منهما صاح بهما القديس قائلا: "السيد المسيح ابن الله الحي يأمركما أن تنشقا وينقطع جنسكما من هذا الجبل" فانشقا ووقعا علي الأرض مائتين. فتعجب والده وطلب من ابنه أن يعرفه عن المسيح، فأرشده إلى ذلك وآمن والده وعمده بالسيد المسيح له المجد

وبعد صعود السيد المسيح استصحبه بولس وبرنابا للبشارة بالإنجيل في إنطاكية وسلوكية وقبرص وسلاميس وبرجة بمفيلية، حيث تركهما وعاد إلى أورشليم. وبعد انتهاء المجمع الرسولي بأورشليم استصحبه برنابا معه إلى قبرص

وبعد نياحة برنابا، ذهب مرقس بأمر السيد المسيح إلى أفريقية وبرقة والخمس المدن الغربية. ونادي في تلك الجهات بالإنجيل، فآمن علي يده أكثر أهلها. ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية في أول بشنس سنة 61م. وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه، وكان عند الباب إسكافي، أسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه، جرح المخراز إصبعه، فصاح من الألم وقال باليونانية "اس ثيؤس" (يا الله الواحد)، فقال له القديس مرقس: "هل تعرفون الله؟" فقال: "لا وإنما ندعو باسمه ولا نعرفه". فتفل علي التراب وأخذ منه ووضع علي الجرح فشفي للحال. ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء والأرض، فمخالفة آدم ومجيء الطوفان، إلى إرسال موسى، وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعة وسبي بابل. ثم سرد له نبوات الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح. فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده فوعظهم جميعا وعمدهم باسم الأب والابن والروح القدس

ولما كثر المؤمنون باسم المسيح، وسمع أهل المدينة بهذا الآمر، جدوا في طلبه لقتله، فرسم إنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة، ثم سافر إلى الخمس المدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسا وشمامسة

وعاد إلى الإسكندرية، فوجد المؤمنين قد ازدادوا وبنوا لهم كنيسة في الموضع المعروف ببوكوليا (دار البقر) شرقي الإسكندرية علي شاطئ البحر. وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68م، وكان الوثنيون في اليوم نفسه يعيدون لألههم سرابيس، أنهم خرجوا من معبدهم إلى حيث القديس، قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون "جروا الثور في دار البقر". فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس، وفي المساء أودعوه السجن، فظهر له ملاك الرب وقال له: "افرح يا مرقس عبد الإله، هوذا اسمك قد كتب في سفر الحياة، وقد حسبت ضمن جماعة القديسين" وتواري عنه الملاك. ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام. فابتهجت نفسه وتهللت

وفي اليوم التالي (30 برمودة) أخرجوه من السجن، وأعادوا سحبه في المدينة، حتى أسلم روحه الطاهرة، ولما أضرموا نارا عظيمة لحرقه، حدثت زلازل ورعود وبروق وهطلت أمطار غزيرة، فارتاع الوثنيون وولوا مذعورين. وأخذ المؤمنون جسده المقدس إلى الكنيسة التي شيدوها، وكفنوه وصلوا عليه، وجعلوه في تابوت ووضعوه في مكان خفي من هذه الكنيسة

صلاة هذا القديس العظيم والكاروز الكريم تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين



Share/Save/Bookmark

عيد‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الإنجيلي‏ ‏والرسول

عيد‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الإنجيلي‏ ‏والرسول
للمتنيح: الأنبا غريغوريوس - أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي

إن‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏هو‏ ‏أحد‏ ‏رسل‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏الذين‏ ‏أرسلهم‏ ‏ليبشروا‏ ‏باسمه‏، ‏ويعلموا‏ ‏الناس‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الكمال‏ ‏المسيحي‏.‏ وبعد‏ ‏أن‏ ‏حل‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏علي‏ ‏التلاميذ‏ ‏والرسل‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الخمسين‏، صار‏ ‏من‏ ‏نصيب‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أن‏ ‏يبشر‏ ‏بالإنجيل‏ ‏في‏ ‏بلاد‏ ‏مصر‏ ‏وشمال‏ ‏أفريقيا‏. ‏وقد‏ ‏جاء‏ ‏إليها‏ ‏بالفعل‏،‏ وأسس‏ ‏الكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏أو‏ ‏المصرية‏، وهي‏ ‏التي‏ ‏تعرف‏ ‏أيضا‏ ‏بكنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏أو‏ ‏الكنيسة‏ ‏المرقسية‏.‏ فهو‏ ‏أول‏ ‏بطريرك‏ ‏للكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏في‏ ‏سلسلة‏ ‏الباباوات‏ ‏الذين‏ ‏رعوا‏ ‏الكنيسة‏. ‏وأصبح‏ ‏جميع‏ ‏الباباوات‏ ‏من‏ ‏بعده‏ ‏يسمون "خلفاء‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏". ‏وكرسي‏ ‏البطريركية‏ ‏يسمي "الكرسي‏ ‏المرقسي" نسبة‏ ‏إلي‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏

فالمسيحيون‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏مدينون‏ ‏جميعا‏ ‏بمسيحيتهم‏ ‏إلي‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏الذي‏ ‏أتي‏ ‏إلينا‏ ‏وبشرنا‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏، ‏واحتمل‏ ‏في‏ ‏سبيل‏ ‏ذلك‏ ‏آلاما‏ ‏كثيرة‏ ‏ومتاعب‏ ‏جمة‏ ‏من‏ ‏الوثنيين‏ ‏الذين‏ ‏يعبدون‏ ‏الأصنام‏ ‏ولكنه‏ ‏نجح‏ ‏في‏ ‏نقل‏ ‏كثيرين‏ ‏من‏ ‏ظلام‏ ‏الوثنية‏ ‏إلي‏ ‏نور‏ ‏المسيح‏. ‏وأصبحنا‏ ‏نحن‏ ‏بفضله‏ ‏مسيحيين‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏

القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أفريقي‏ ‏الأصل‏:‏

ولم‏ ‏يكن‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏غريبا‏ ‏عنا‏، ‏فإن‏ ‏موطنه‏ ‏الأصلي‏ ‏هو‏ ‏في‏ ‏شمال‏ ‏أفريقيا‏، ‏وعلي‏ ‏وجه‏ ‏الدقة‏، ‏من‏ ‏إحدي‏ ‏البلاد‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏تعرف‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الوقت‏ ‏بالخمس‏ ‏المدن‏ ‏الغربية "بنتابوليس" والتي‏ ‏توجد‏ ‏أكثرها‏ ‏في‏ ‏ليبيا‏. ‏وكان‏ ‏أبوه‏ ‏غنيا‏ ‏يسمي "أرسطوبولوس" وأمه‏ ‏امرأة‏ ‏تقية‏ ‏فاضلة‏ ‏تدعي "مريم" ورد‏ ‏ذكرها‏ ‏في‏ ‏العهد‏ ‏الجديد (أعمال‏ ‏الرسل‏ 12 : 12)، ‏وأخوها‏ ‏هو‏ ‏القديس‏ ‏برنابا‏ ‏الرسول‏ ‏أحد‏ ‏السبعين‏، ‏وعلي‏ ‏ذلك‏ ‏فإن‏ ‏القديس‏ ‏برنابا‏ ‏هو‏ ‏خال‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول (كولوسي‏ 4 : 10)، ‏وحدث‏ ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏القبائل‏ ‏الرحل‏ ‏سطوا‏ ‏علي‏ ‏عائلة‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏وسلبوا‏ ‏مقتنياتها‏، ‏فأمست‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏فقر‏ ‏شديد‏، ‏فاضطرت‏ ‏العائلة‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏تهاجر‏ ‏إلي‏ ‏فلسطين‏ ‏في‏ ‏الأيام‏ ‏التي‏ ‏ظهر‏ ‏فيها‏ ‏مخلصنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏. ‏وقد‏ ‏كانت‏ ‏هذه‏ ‏الهجرة‏ ‏خيرا‏ ‏عظيما‏ ‏للعائلة‏، ‏فقد‏ ‏تشرف‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏بأن‏ ‏صار‏ ‏من‏ ‏تلاميذ‏ ‏سيدنا‏ ‏وواحدا‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏رسله‏ ‏الأطهار‏

والقديس‏ ‏مرقس‏ ‏لم‏ ‏يصبح‏ ‏رسولا‏ ‏فقط‏، ‏ولكن‏ ‏بيته‏ ‏أيضا‏ ‏أصبح‏ ‏مكانا‏ ‏مقدسا‏ ‏صنع‏ ‏فيه‏ ‏الرب‏ ‏يسوع‏ ‏الفصح‏ ‏مع‏ ‏تلاميذه‏ ‏الأطهار‏ ‏(مرقس‏ 14 : 13 – 16)، (لوقا‏ 22 : 10 – 12)، ‏وفيه‏ ‏غسل‏ ‏أرجلهم‏ (‏يوحنا‏ 13 : 4 – 27) ‏وسلمهم‏ ‏سر‏ ‏العشاء‏ ‏الرباني‏ ‏أي‏ ‏سر‏ ‏القربان‏ ‏المقدس‏ ‏(متي‏ 26 : 26 – 29)، (‏مرقس‏ 14 : 22 – 25)، (لوقا‏ 22: 19 – 20) ‏وذلك‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الخميس‏ ‏المعروف‏ ‏بخميس‏ ‏العهد‏. ‏وفي‏ ‏بيت‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏اجتمع‏ ‏التلاميذ‏ ‏بعد‏ ‏صلب‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏ودفنه‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏قام‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏الأموات‏، وفيه‏ ‏ظهر‏ ‏لهم‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏بعد‏ ‏قيامته‏ ‏المجيدة‏، ‏وكان‏ ‏يجتمع‏ ‏بهم‏ ‏ويعلمهم‏ ‏ويكلمهم‏ ‏عن‏ ‏الأمور‏ ‏المختصة‏ ‏بملكوت‏ ‏الله‏، ‏ويشرح‏ ‏لهم‏ ‏كيف‏ ‏يسوسون‏ ‏الكنيسة‏ ‏ويدبرون‏ ‏شئون‏ ‏المؤمنين‏. ‏وفي‏ ‏هذا‏ ‏البيت‏ ‏صار‏ ‏الرسل‏ ‏ومعهم‏ ‏سيدتنا‏ ‏كلنا‏ ‏والدة‏ ‏الإله‏، ‏مريم‏ ‏العذراء‏، ‏يجتمعون‏ ‏ويصلون‏ ‏حتي‏ ‏حل‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏عليهم‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الخميس‏، وهو‏ ‏عيد‏ ‏العنصرة‏. ‏وظل‏ ‏الرسل‏ ‏والمؤمنون‏ ‏بالمسيح‏ ‏يجتمعون‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏البيت‏ ‏للصلاة‏ ‏والتناول‏ ‏من‏ ‏الأسرار‏ ‏المقدسة‏.‏ ولما‏ ‏سجن‏ ‏القديس‏ ‏بطرس‏ ‏كانت‏ ‏الكنيسة‏ ‏كلها‏ ‏مجتمعة‏ ‏في‏ ‏بيت‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏، ‏وكانت‏ ‏تصير‏ ‏منها‏ ‏صلاة‏ ‏بلجاجة‏ ‏إلي‏ ‏الله‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏القديس‏ ‏بطرس‏، ‏وقد‏ ‏أخرجه‏ ‏الملاك‏ ‏من‏ ‏السجن‏ ‏استجابة‏ ‏للصلاة‏، ‏فانطلق‏ ‏ماربطرس‏ ‏الرسول‏ ‏إلي‏ ‏بيت‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أو‏ ‏كما‏ ‏كان‏ ‏يسمي "بيت‏ ‏مريم‏ ‏أم‏ ‏يوحنا‏ ‏الملقب‏ ‏مرقس‏ ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏كثيرون‏ ‏مجتمعين‏ ‏وهم‏ ‏يصلون‏" (‏سفر‏ ‏أعمال‏ ‏الرسل‏ 12 : 12) ‏وقد‏ ‏سمي‏ ‏هذا‏ ‏البيت‏ ‏أيضا‏ ‏علية‏ ‏صهيون‏، ‏وقد‏ ‏أصبح‏ ‏أول‏ ‏كنيسة‏ ‏مسيحية‏

مارمرقس‏ ‏يقود‏ ‏أباه‏ ‏إلي‏ ‏الإيمان‏ ‏بالمسيح‏:

كان‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏شابا‏ ‏صغيرا‏ ‏عندما‏ ‏عرف‏ ‏السيد‏ ‏المسيح (مرقس‏ 14 : 51 – 52)‏ ولم‏ ‏يتزوج‏، ‏بل‏ ‏عاش‏ ‏بتولا‏ ‏طاهرا‏ ‏كل‏ ‏أيام‏ ‏حياته‏، ‏ولذلك‏ ‏فقد‏ ‏اشتهر‏ ‏بأنه‏ ‏الرسول "البتول" ومع‏ ‏صغر‏ ‏سنه‏ ‏كان‏ ‏يتصف‏ ‏بالتقوي‏ ‏وقوة‏ ‏الإيمان‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏، ‏ومن‏ ‏آيات‏ ‏إيمانه‏ ‏العظيم‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏سائرا‏ ‏مرة‏ ‏مع‏ ‏والده "أرسطوبولس" في‏ ‏اتجاه‏ ‏نهر‏ ‏الأردن‏ ‏وفي‏ ‏الصحراء‏ ‏أبصرا‏ ‏من‏ ‏بعيد‏ ‏أسدا‏ ‏ولبؤة‏ ‏قادمين‏ ‏نحوهما‏ ‏لافتراسهما‏، ‏فارتاع‏ ‏الوالد‏ ‏جدا‏، ‏وأمر‏ ‏ابنه‏ ‏مرقس‏ ‏بأن‏ ‏يهرب‏ ‏لحياته‏، ‏ويترك‏ ‏الأسد‏ ‏واللبؤة‏ ‏يتلهيان‏ ‏به‏ ‏هو‏ ‏ويقتلانه‏، فطمأن‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏والده‏ ‏الحنون‏ ‏وقال‏ ‏له "لاتخش‏ ‏شيئا‏ ‏يا‏ ‏أبتاه‏، ‏فإن‏ ‏المسيح‏ ‏الذي‏ ‏أؤمن‏ ‏به‏ ‏سينقذنا‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏خطر"‏. ‏وقبل‏ ‏أن‏ ‏يصل‏ ‏الوحشان‏ ‏إليهما‏ ‏اتجه‏ ‏القديس‏ ‏إلي‏ ‏الشرق‏، ‏وبسط‏ ‏يديه‏ ‏وصلي‏ ‏صلاة‏ ‏قصيرة‏ ‏قائلا‏: ‏"يا‏ ‏سيدي‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏، ‏يا‏ ‏ابن‏ ‏الله‏ ‏الحي‏ ‏الذي‏ ‏نؤمن‏ ‏به‏ ‏نجنا‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏البلية‏، ‏وأنقذنا‏ ‏من‏ ‏شر‏ ‏هذين‏ ‏الوحشين‏ ‏الكاسرين‏"، ‏وما‏ ‏إن‏ ‏فرغ‏ ‏من‏ ‏صلاته‏ ‏حتي‏ ‏سقط‏ ‏الأسد‏ ‏واللبؤة‏ ‏صريعين‏، ‏وماتا‏. ‏فلما‏ ‏رأي‏ ‏أرسطوبولس‏ ‏أبوه‏ ‏هذه‏ ‏المعجزة‏ ‏ذهل‏، ‏وآمن‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏ ‏وقال‏ ‏للقديس‏ ‏مرقس‏ ‏ابنه "أنت‏ ‏ولدي‏، ‏ولكنك‏ ‏صرت‏ ‏أبي‏ ‏بالإيمان"‏. ‏وهكذا‏ ‏كسب‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أباه‏ ‏ودخل‏ ‏به‏ ‏إلي‏ ‏حظيرة‏ ‏الإيمان‏ ‏المسيحي‏

وبعد‏ ‏أن‏ ‏حل‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏علي‏ ‏التلاميذ‏ ‏والرسل‏ ‏الأطهار‏، ‏وانطلقوا‏ ‏من‏ ‏أورشليم‏ ‏للتبشير‏ ‏باسم‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏، ‏انطلق‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أيضا‏ ‏لخدمة‏ ‏الإيمان‏، ‏وقد‏ ‏خدم‏ ‏مع‏ ‏القديس‏ ‏بطرس‏ ‏الرسول‏، ‏كما‏ ‏خدم‏ ‏مع‏ ‏القديس‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏، ‏ومع‏ ‏خاله‏ ‏القديس‏ ‏برنابا‏ ‏الرسول‏. ‏ومن‏ ‏البلاد‏ ‏التي‏ ‏خدم‏ ‏فيها‏ ‏غير‏ ‏مصر‏ ‏وأفريقيا‏، ‏بلاد‏ ‏فلسطين‏ ‏وسورية‏، ‏وآسيا‏ ‏الصغري‏ ‏وجزيرة‏ ‏قبرص‏، ‏وروما‏. ‏وقد‏ ‏ذكر‏ ‏سفر‏ ‏"الأعمال" خدمته‏ ‏في‏ ‏فلسطين‏ ‏وسورية‏ ‏وآسيا‏ ‏الصغري‏ ‏وقبرص (أعمال 13 : 5)، (أعمال‏ 15 : 37 – 39)، ‏كما‏ ‏أهدي‏ ‏القديس‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏سلام‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏من‏ ‏روما‏ ‏إلي‏ ‏كنيسة‏ ‏كولوسي‏ ‏وإلي‏ ‏تلميذه ‏- ‏فليمون‏، ‏مما‏ ‏يدل‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏مارمرقس‏ ‏خدم‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏روما‏ (‏كولوسي‏ 4 : 10)، (‏فليمون : 24) ‏وتظهر‏ ‏محبة‏ ‏الآباء‏ ‏الرسل‏ ‏له‏ ‏من‏ ‏كتاباتهم‏ ‏عنه‏، ‏فماربطرس‏ ‏الرسول‏ ‏يتكلم‏ ‏عنه‏ ‏بلهجة‏ ‏تنم‏ ‏عن‏ ‏حب‏ ‏عظيم‏. (1‏بطرس‏ 5 : 13) ‏وماربولس‏ ‏الرسول‏ ‏يمدحه‏ ‏في‏ ‏خدمته‏ ‏جدا‏ (2‏تيموثيئوس‏ 4 : 11)

القديس‏ ‏مرقس‏ ‏يعود‏ ‏إلي‏ ‏أفريقيا‏ ‏مبشرا‏ ‏بالمسيح‏:‏

ثم‏ ‏جاء‏ ‏مارمرقس‏ ‏إلي‏ ‏شمال‏ ‏أفريقيا‏ ‏وبشر‏ ‏بالإنجيل‏ ‏في‏ ‏وطنه‏ ‏الأصلي‏ ‏أي‏ ‏في‏ ‏الخمس‏ ‏المدن‏ ‏الغربية‏ ‏وتقع‏ ‏في‏ ‏الشمال‏ ‏الغربي‏ ‏لمصر‏ ‏حيث‏ ‏بلاد‏ ‏ليبيا‏ ‏ومن‏ ‏هناك‏ ‏جاء‏ ‏إلي‏ ‏الإسكندرية‏. ‏دخل‏ ‏مارمرقس‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏ليغزوها‏ ‏بإنجيل‏ ‏المسيح‏ ‏غزوا‏ ‏روحيا‏ ‏ولم‏ ‏يدخلها‏ ‏بسيف‏ ‏أو‏ ‏رمح‏ ‏أو‏ ‏جيش‏، ‏وإنما‏ ‏دخلها‏ ‏وهو‏ ‏يتوكأ‏ ‏علي‏ ‏عصاه‏، ‏فكانت‏ ‏عصاه‏ ‏كأنها‏ ‏عصا‏ ‏موسي‏ ‏التي‏ ‏صنع‏ ‏بها‏ ‏العجائب‏ ‏والمعجزات‏ ‏وقاد‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏، ‏ولذلك‏ ‏يحمل‏ ‏الأسقف‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏عصا‏ ‏تسمي "عصا‏ ‏الرعاية" كما‏ ‏يحمل‏ ‏راعي‏ ‏الخراف‏ ‏عصا‏ ‏لقيادة‏ ‏القطيع‏

وعرف‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أنه‏ ‏بحاجة‏ ‏إلي‏ ‏معونة‏ ‏الله‏ ‏ليغلب‏ ‏بها‏ ‏قلوب‏ ‏الناس‏ ‏المتحجرة‏، ‏لذلك‏ ‏صلي‏ ‏عند‏ ‏مدخل‏ ‏المدينة‏ ‏صلاة‏ ‏طويلة‏، ‏ثم‏ ‏دخل‏ ‏المدينة‏ ‏وتمشي‏ ‏فيها‏، ‏وأبصر‏ ‏أصنامها‏ ‏وأوثانها‏، ‏وحزن‏ ‏عليها‏ ‏ومن‏ ‏طول‏ ‏المشي‏ ‏تمزق‏ ‏حذاؤه‏، ‏فمال‏ ‏إلي‏ ‏الإسكاف "الخراز‏-‏صانع‏ ‏الأحذية‏ ‏ومصلحها" ليصلحه‏ ‏وكان‏ ‏هذا‏ ‏الإسكاف‏ ‏هو‏ ‏المفتاح‏ ‏الذي‏ ‏أعطاه‏ ‏الله‏ ‏للقديس‏ ‏مرقس‏ ‏ليفتح‏ ‏به‏ ‏مصر‏ ‏للإيمان‏ ‏بالمسيح‏. ‏فبينما‏ ‏يصلح‏ ‏الإسكاف‏ ‏الحذاء‏ ‏نفذ‏ ‏المخرز‏ ‏أو‏ ‏المخراز‏ ‏في‏ ‏يده‏ ‏فأدماها‏، ‏فتألم‏ ‏الإسكاف‏ ‏وصرخ "أيوس‏ ‏ثيئوس" يا‏ ‏الله‏ ‏الواحد‏، ‏فطمأنه‏ ‏القديس‏ ‏وتفل‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏، ‏فصار‏ ‏التفل‏ ‏طينا‏، ‏ووضع‏ ‏الطين‏ ‏علي‏ ‏اليد‏ ‏الدامية‏، ‏وصلب‏ ‏عليه‏ ‏بعلامة‏ ‏الصليب‏ ‏وهو‏ ‏يقول‏: "‏باسم‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏تبرأ‏ ‏في‏ ‏الحال"‏، ‏فوقف‏ ‏الدم‏ ‏عن‏ ‏النزف‏، ‏وشفيت‏ ‏اليد‏ ‏في‏ ‏الحال‏ ‏واختفي‏ ‏الألم‏، ‏وكأن‏ ‏شيئا‏ ‏لم‏ ‏يحدث‏ ‏فذهل‏ ‏حنانيا‏ ‏أو "أنيانوس" الإسكاف‏ ‏من‏ ‏الطريقة‏ ‏المعجزية‏ ‏التي‏ ‏شفيت‏ ‏بها‏ ‏يده‏، ‏وانتهز‏ ‏الرسول‏ ‏فرصة‏ ‏انذهاله‏ ‏وأخذ‏ ‏يبشره‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏، ‏الذي‏ ‏باسمه‏ ‏حدثت‏ ‏معجزة‏ ‏الشفاء‏. ‏فدعاه‏ ‏الإسكاف‏ ‏إلي‏ ‏بيته‏، ‏فرحب‏ ‏بدعوته‏ ‏وجمع‏ ‏له‏ ‏الإسكاف‏ ‏أهل‏ ‏بيته‏ ‏وجيرانه‏، ‏فكلمهم‏ ‏ودعاهم‏ ‏إلي‏ ‏الإيمان‏ ‏المسيحي‏ ‏وأجري‏ ‏الله‏ ‏علي‏ ‏يديه‏ ‏جملة‏ ‏معجزات‏ ‏من‏ ‏شفاء‏ ‏مرضي‏ ‏وإخراج‏ ‏شياطين‏.. ‏إلخ‏ ‏فآمن‏ ‏عدد‏ ‏منهم‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏. ‏وعمدهم‏ ‏الرسول‏ ‏باسم‏ ‏الآب‏ ‏والابن‏ ‏والروح‏ ‏القدس‏، ‏وأنشأ‏ ‏لهم‏ ‏كنيسة‏ ‏للصلاة‏، ‏ورتب‏ ‏خدمة‏ ‏القداس‏ ‏الإلهي‏. ‏فتمت‏ ‏بذلك‏ ‏كلمات‏ ‏الوحي‏ ‏علي‏ ‏فم‏ ‏إشعياء‏ ‏النبي "في‏ ‏ذلك‏ ‏اليوم‏ ‏يكون‏ ‏مذبح‏ ‏للرب‏ ‏في‏ ‏وسط‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏.‏ فيكون‏ ‏علامة‏ ‏وشهادة‏ ‏لرب‏ ‏الجنود‏ ‏في‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏. ‏فيعرف‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏مصر‏، ‏ويعرف‏ ‏المصريون‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏اليوم‏، ‏ويقدمون‏ ‏ذبيحة‏ ‏وتقدمة‏ ‏وينذرون‏ ‏للرب‏ ‏نذرا‏ ‏ويوفون‏ ‏به" (إشعياء‏ 19 : 19 – 21)، ‏وكان‏ ‏هؤلاء‏ ‏هم‏ ‏النواة‏ ‏الأولي‏ ‏للكنيسة‏ ‏المسيحية‏ ‏في‏ ‏مصر‏. ‏وقد‏ ‏تميز‏ ‏هؤلاء‏ ‏المسيحيون‏ ‏الأوائل‏ ‏بصفات‏ ‏الوداعة‏ ‏والطهارة‏ ‏والتقوي‏ ‏والأمانة‏ ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏الصفات‏ ‏المسيحية‏، ‏بصورة‏ ‏أفرزتهم‏ ‏عن‏ ‏سائر‏ ‏الوثنيين‏ ‏حتي‏ ‏قيل‏ ‏إنه‏ ‏إذا‏ ‏رأي‏ ‏أحد‏ ‏الوثنيين‏ ‏وثنيا‏ ‏آخر‏ ‏تبدو‏ ‏في‏ ‏سلوكه‏ ‏وداعة‏ ‏كان‏ ‏يبتدره‏ ‏الآخر‏ ‏بالسؤال‏: ‏هل‏ ‏قابلت‏ ‏اليوم‏ ‏مسيحيا؟ فتأمل‏ ‏كيف‏ ‏كانت‏ ‏مقابلة‏ ‏المسيحي‏ ‏للوثني‏ ‏ذات‏ ‏أثر‏ ‏واضح‏ ‏علي‏ ‏سلوك‏ ‏الوثني‏. ‏فكم‏ ‏كانت‏ ‏إذن‏ ‏وداعة‏ ‏المسيحيين‏ ‏الأوائل‏ ‏وطهارتهم‏ ‏وسمو‏ ‏أخلاقهم‏ ‏ولقد‏ ‏كانوا‏ ‏حقا‏ ‏أفضل‏ ‏دعوة‏ ‏صامتة‏ ‏عن‏ ‏ديانتهم‏، ‏وأخذ‏ ‏الوثنيون‏ ‏يعتنقون‏ ‏المسيحية‏ ‏رويدا‏ ‏رويدا‏، ‏فنمت‏ ‏الكنيسة‏ ‏وازدهرت‏ ‏وازداد‏ ‏عدد‏ ‏أتباعها‏

ينشيء‏ ‏مدرسة‏ ‏دينية‏ ‏بالإسكندرية‏:‏

ورأي‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أن‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏بلد‏ ‏عالمي‏ ‏كبير‏، ‏وأنه‏ ‏يسكنها‏ ‏خلق‏ ‏كثير‏، ‏وبينهم‏ ‏عدد‏ ‏ضخم‏ ‏من‏ ‏الفلاسفة‏ ‏والمفكرين‏ ‏والعلماء‏ ‏الذين‏ ‏يناقشون‏ ‏النظريات‏ ‏والآراء‏، ‏وكانت‏ ‏بالإسكندرية‏ ‏مدرسة‏ ‏وثنية‏ ‏كبيرة‏، ‏فأنشأ‏ ‏القديس‏ ‏مدرسة‏ ‏دينية‏ ‏مسيحية‏ ‏وأقام‏ ‏عليها‏ ‏العلامة‏ ‏المسيحي‏ ‏يسطس "أي‏ ‏عادل" مديرا‏ ‏لها‏. ‏ولم‏ ‏تلبث‏ ‏هذه‏ ‏المدرسة‏ ‏أن‏ ‏تطورت‏ ‏ونمت‏ ‏حتي‏ ‏أصبحت‏ ‏في‏ ‏القرن‏ ‏الثاني‏ ‏للميلاد‏ ‏مدرسة‏ ‏لاهوتية‏ ‏إكليريكية‏ ‏وجامعة‏ ‏كبري‏ ‏للعلوم‏ ‏الدينية‏ ‏والكنسية‏، ‏كان‏ ‏يقصد‏ ‏إليها‏ ‏طلاب‏ ‏العلم‏ ‏والدين‏ ‏لا‏ ‏من‏ ‏مصر‏ ‏وحدها‏ ‏بل‏ ‏ومن‏ ‏جميع‏ ‏بلاد‏ ‏الشرق‏ ‏وسائر‏ ‏بلاد‏ ‏العالم‏ ‏المسيحي‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏المسكونة‏ ‏وقد‏ ‏استطاعت‏ ‏هذه‏ ‏المدرسة‏ ‏أن‏ ‏تجهز‏ ‏علي‏ ‏المدرسة‏ ‏الوثنية‏ ‏التي‏ ‏انضم‏ ‏أكثر‏ ‏أساتذتها‏ ‏إلي‏ ‏الديانة‏ ‏المسيحية‏ ‏وأصبحوا‏ ‏من‏ ‏أكثر‏ ‏المتحمسين‏ ‏لها‏

استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏:‏

وأما‏ ‏مارمرقس‏ ‏فبعد‏ ‏أن‏ ‏بشر‏ ‏بالمسيحية‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وفي‏ ‏مصر‏ ‏وفي‏ ‏بعض‏ ‏بلاد‏ ‏الصعيد‏، وكسب‏ ‏لدين‏ ‏المسيح‏ ‏عددا‏ ‏كبيرا‏ ‏من‏ ‏الوثنيين‏، ‏غادر‏ ‏البلاد‏ ‏المصرية‏ ‏إلي‏ ‏بلاد‏ ‏الخمس‏ ‏المدن‏ ‏الغربية‏، ‏وثبت‏ ‏المؤمنين‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏، ‏وضم‏ ‏عددا‏ ‏آخر‏ ‏إلي‏ ‏الكنيسة‏، ‏ثم‏ ‏رسم‏ ‏لها‏ ‏أساقفة‏ ‏وقسيسين‏ ‏وشمامسة‏ ‏وعاد‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏إلي‏ ‏الإسكندرية‏

فلما‏ ‏رأي‏ ‏رجال‏ ‏الدين‏ ‏من‏ ‏الوثنيين‏ ‏نمو‏ ‏المسيحية‏ ‏وتقدمها‏ ‏حنقوا‏ ‏علي‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏وشكوه‏ ‏إلي‏ ‏الحكومة‏، ‏وصمموا‏ ‏علي‏ ‏قتله‏. ‏وفي‏ ‏يوم‏ ‏الأحد‏ ‏الموافق‏ 29 ‏من‏ ‏برمودة‏، "‏ويقابل‏ 26 ‏من‏ ‏أبريل/نيسان‏ ‏لسنة‏ 68 ‏لميلاد‏ ‏المسيح" كان‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏ومعه‏ ‏الإكليروس‏ ‏وجميع‏ ‏المسيحيين‏ ‏يحتفلون‏ ‏بعيد‏ ‏القيامة‏ ‏المجيد‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏المرقسية‏ ‏بالإسكندرية‏، ‏وكان‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏اليوم‏ ‏عيد‏ "‏سيرابيس‏" ‏عند‏ ‏الوثنيين‏. ‏فقام‏ ‏الوثنيون‏ ‏في‏ ‏هياج‏ ‏شعبي‏ ‏كبير‏، ‏طالبين‏ ‏الانتقام‏ ‏من‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏وهجموا‏ ‏علي‏ ‏الكنيسة‏ ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏القديس‏ ‏واقفا‏ ‏أمام‏ ‏مذبح‏ ‏الكنيسة‏ ‏يصلي‏ ‏ويقدس‏، ‏فأخذوه‏ ‏في‏ ‏عنف‏ ‏شديد‏ ‏من‏ ‏وسط‏ ‏المسيحيين‏ ‏وربطوا‏ ‏عنقه‏ ‏بحبل‏ ‏سميك‏، ‏وشرعوا‏ ‏يجرونه‏ ‏في‏ ‏قسوة‏ ‏بالغة‏ ‏وهم‏ ‏يصيحون‏ ‏"جروا‏ ‏التيتل‏ ‏من‏ ‏دار‏ ‏البقر" وخرجوا‏ ‏به‏ ‏إلي‏ ‏شوارع‏ ‏المدينة‏ ‏وطرقاتها‏، ‏فارتطم‏ ‏جسمه‏ ‏بالأحجار‏ ‏والطوب‏، ‏وتمزقت‏ ‏أوصاله‏، ‏وسال‏ ‏دمه‏، ‏وتسلخ‏ ‏جلده‏، ‏وهم‏ ‏لايشفقون‏ ‏عليه‏، ‏وكاد‏ ‏أن‏ ‏يموت‏ ‏بين‏ ‏أيديهم‏، ‏وأقبل‏ ‏المساء‏، ‏فأودعوه‏ ‏سجنا‏ ‏وطرحوه‏ ‏فيه‏. ‏وفي‏ ‏الليل‏ ‏ظهر‏ ‏له‏ ‏ملاك‏ ‏من‏ ‏السماء‏ ‏بنور‏ ‏عظيم‏، ‏وقواه‏ ‏وعزاه‏ ‏وطوبه‏ ‏وقال‏ ‏له‏: "‏يامرقس‏، ‏ياعبد‏ ‏الله‏، ‏لقد‏ ‏كتب‏ ‏اسمك‏ ‏في‏ ‏سفر‏ ‏الحياة"‏. ‏وبعد‏ ‏قليل‏، ‏تجلي‏ ‏له‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏بشخصه‏ ‏المبارك‏، ‏وأعطاه‏ ‏السلام‏ ‏وقال‏ ‏له‏: "‏السلام‏ ‏لك‏ ‏يامرقس" فتشجع‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏، ‏وتقوي‏ ‏بالرؤيا‏، ‏وصار‏ ‏قلبه‏ ‏أقوي‏ ‏من‏ ‏قلب‏ ‏الأسد‏، ‏لأن‏ ‏الإيمان‏ ‏يملأ‏ ‏القلب‏ ‏بالشجاعة‏ ‏والجرأة‏ ‏والتضحية‏. ‏وفي‏ ‏الصباح‏ ‏أقبل‏ ‏عليه‏ ‏الوثنيون‏ ‏وصنعوا‏ ‏به‏ ‏كل‏ ‏شر‏، ‏جروه‏ ‏كما‏ ‏فعلوا‏ ‏بالأمس‏، ‏وأهانوه‏ ‏كثيرا‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏فارقت‏ ‏روحه‏ ‏جسدها‏، ‏وعندئذ‏ ‏لم‏ ‏يندموا‏ ‏علي‏ ‏أعمالهم‏ ‏أو‏ ‏يشفقوا‏ ‏عليه‏، بل‏ ‏زادوا‏ ‏وأصروا‏ ‏علي‏ ‏حرق‏ ‏جثته‏ ‏بالنار‏، ‏حتي‏ ‏لايبقوا‏ ‏له‏ ‏أثرا‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏، ‏وفعلا‏ ‏جمعوا‏ ‏عليه‏ ‏حطبا‏ ‏كثيرا‏ ‏وأشعلوا‏ ‏فيه‏ ‏النار‏، ‏ولكن‏ ‏الرب‏ ‏شاء‏ ‏أن‏ ‏يحفظ‏ ‏جسد‏ ‏قديسه‏ ‏ذخيرة‏ ‏وبركة‏. ‏ففي‏ ‏الحال‏ ‏أرعدت‏ ‏السماء‏ ‏وأبرقت‏ ‏وسقط‏ ‏مطر‏ ‏غزير‏، ‏فأطفأ‏ ‏النيران‏، وتشتت‏ ‏الجماهير‏ ‏الهائجة‏ ‏بسبب‏ ‏الرعود‏ ‏والبروق‏، فانتهز‏ ‏المؤمنون‏ ‏الفرصة‏ ‏وأخذوا‏ ‏جسد‏ ‏أبيهم‏ ‏القديس‏، وكفنوه‏، ‏ودفنوه‏ ‏بإكرام‏ ‏جزيل‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏وقد‏ ‏تم‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏الاثنين‏ 30 ‏من‏ ‏برمودة‏ ‏لسنة‏ 68‏م‏، ‏ويوافق‏ ‏الآن‏ 8 ‏من‏ ‏مايو‏/آيار‏، ‏وهو‏ ‏عيد‏ ‏استشهاده‏ ‏الذي‏ ‏تحتفل‏ ‏به‏ ‏الكنيسة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏عام‏

وإذا‏ ‏كان‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏قد‏ ‏جاء‏ ‏إلي‏ ‏بلادنا‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 61‏م‏ ‏واستشهد‏ ‏في‏ ‏عام‏ 68‏م‏ ‏فتكون‏ ‏مدة‏ ‏إقامته‏ ‏وخدمته‏ ‏في‏ ‏بلادنا‏ ‏سبع‏ ‏سنوات‏، ‏وكان‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ ‏حكم‏ ‏الإمبراطور‏ ‏الروماني‏ ‏نيرون‏ ‏قيصر‏

جسد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏يؤخذ‏ ‏إلي‏ ‏فينسيا‏ ‏ورأسه‏ ‏تبقي‏ ‏بالإسكندرية‏:‏

أما‏ ‏جسد‏ ‏القديس‏ ‏فظل‏ ‏مدفونا‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏إلي‏ ‏القرن‏ ‏التاسع‏ ‏للميلاد‏، ‏عندما‏ ‏انتهز‏ ‏بعض‏ ‏التجار‏ ‏من‏ ‏البندقية "فينيسيا" فرصة‏ ‏بعض‏ ‏الاضطرابات‏ ‏والاضطهادات‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏، ‏وأقنعوا‏ ‏الحراس‏، فأخذوا‏ ‏جسد‏ ‏القديس‏ ‏وأبحروا‏ ‏به‏ ‏إلي‏ ‏مدينة‏ ‏البندقية "فينيسيا" بإيطاليا‏، ‏فاحتفل‏ ‏به‏ ‏أهلها‏ ‏احتفالا‏ ‏كبيرا‏، وأقاموا‏ ‏له‏ ‏كنيسة‏ ‏عظيمة‏ ‏باسمه‏ ‏أودعوا‏ ‏فيها‏ ‏جسده‏ ‏المقدس‏، ‏وتم‏ ‏عودة‏ ‏الجسد‏ ‏المقدس‏ ‏في‏ ‏اليوم‏ ‏السابع‏ ‏عشر‏ ‏من‏ ‏شهر‏ ‏بؤونة‏ ‏القبطي‏ ‏لسنة‏ 1684 ‏للشهداء‏ ‏الموافق‏ 24 ‏من‏ ‏يونية/حزيران‏ ‏لسنة‏ 1968‏م‏ ‏في‏ ‏السنة‏ ‏العاشرة‏ ‏لحبرية‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏السادس‏ ‏وهو‏ ‏البابا‏ ‏المائة‏ ‏والسادس‏ ‏عشر‏ ‏من‏ ‏سلسلة‏ ‏باباوات‏ ‏الكرسي‏ ‏الإسكندري‏

وأما‏ ‏رأس‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏فلم‏ ‏يشأ‏ ‏الله‏ ‏أن‏ ‏تخرج‏ ‏من‏ ‏كنيسته‏ ‏بالإسكندرية‏، ‏فقد‏ ‏حاول‏ ‏مرة‏ ‏أحد‏ ‏التجار‏ ‏أن‏ ‏يهرب‏ ‏بالرأس‏، فأخذها‏ ‏فعلا‏ ‏وأخفاها‏ ‏في‏ ‏سفينته‏ ‏فلم‏ ‏تستطع‏ ‏السفينة‏ ‏أن‏ ‏تتحرك‏. ‏من‏ ‏موضعها‏، ‏فشعر‏ ‏إنها‏ ‏إرادة‏ ‏الله‏، ‏وعلم‏ ‏بالأمر‏ ‏البابا‏ ‏بنيامين‏ ‏الأول‏ "‏وهو‏ ‏البطريرك‏ ‏الثامن‏ ‏والثلاثون‏ ‏من‏ ‏باباوات‏ ‏الكرسي‏ ‏المرقسي"‏ ‏فحضر‏ ‏وأخذ‏ ‏الرأس‏ ‏المقدسة‏ ‏باحتفال‏ ‏روحي‏ ‏كبير‏، ‏وأودعها‏ ‏صندوقا‏ ‏من‏ ‏الأبنوس‏، ‏ومازالت‏ ‏الرأس‏ ‏محفوظة‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏المرقسية‏ ‏بالإسكندرية‏. ‏وصار‏ ‏في‏ ‏تقليد‏ ‏كل‏ ‏بابا‏ ‏جديد‏ ‏أن‏ ‏يلف‏ ‏الرأس‏ ‏بكسوة‏ ‏جديدة‏، ‏ويحمل‏ ‏الرأس‏ ‏بين‏ ‏يديه‏، ‏علامة‏ ‏خلافته‏ ‏لمارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏وحمله‏ ‏مسئولية‏ ‏الرئاسة‏، ‏وحماية‏ ‏الإيمان‏ ‏الرسولي‏، ‏ورعاية‏ ‏الكنيسة‏ ‏المقدسة


مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 51 العدد 2472 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 438 – يوم الأحد الموافق 10 مايو (أيار) 2009 ميلادية، 2 بشنس 1725 شهداء (قبطية(، 15جمادى الأولى 1430 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg

‏‏


Share/Save/Bookmark

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News