اَلْمَزْمُورُُ الْحَادِي والأَرْبَعُونَ
لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ
1طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. 2الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ، وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. 3الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ.
4أَنَا قُلْتُ: «يَا رَبُّ ارْحَمْنِي. اشْفِ نَفْسِي لأَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ». 5أَعْدَائِي يَتَقَاوَلُونَ عَلَيَّ بِشَرّ: «مَتَى يَمُوتُ وَيَبِيدُ اسْمُهُ؟ » 6وَإِنْ دَخَلَ لِيَرَانِي يَتَكَلَّمُ بِالْكَذِبِ. قَلْبُهُ يَجْمَعُ لِنَفْسِهِ إِثْمًا. يَخْرُجُ. فِي الْخَارِجِ يَتَكَلَّمُ. 7كُلُّ مُبْغِضِيَّ يَتَنَاجَوْنَ مَعًا عَلَيَّ. عَلَيَّ تَفَكَّرُوا بِأَذِيَّتِي. 8يَقُولُونَ: «أَمْرٌ رَدِيءٌ قَدِ انْسَكَبَ عَلَيْهِ. حَيْثُ اضْطَجَعَ لاَ يَعُودُ يَقُومُ». 9أَيْضًا رَجُلُ سَلاَمَتِي، الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!
10أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَأَقِمْنِي، فَأُجَازِيَهُمْ. 11بِهذَا عَلِمْتُ أَنَّكَ سُرِرْتَ بِي، أَنَّهُ لَمْ يَهْتِفْ عَلَيَّ عَدُوِّي. 12أَمَّا أَنَا فَبِكَمَالِي دَعَمْتَنِي، وَأَقَمْتَنِي قُدَّامَكَ إِلَى الأَبَدِ. 13مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ.
المقصود بكلمة "المسكين" هنا بصفة عامة الفقير المحتاج أو المتألم. والمزمور يطوب من يتعطف على المسكين ويعطيه مواعيد كثيرة في حفظ الرب له، وفي ﺇقامته في اليوم الأخير من الأموات، وفي حمايته من حروب الشياطين، وفي ﺇعانته على سكرات الموت وما قبل الموت وما بعد الموت. ولكن المزمور بصفة أعمق يتكلم عن السيد المسيح في آلامه من أجل خلاص البشرية ويدعوه بهذا اللقب. لأن السيد المسيح قد احتمل الظلم والجراحات والسخرية التي نستحقها نحن من أجل خطايانا.
فعبارة "طوبى لمن يتعطف على المسكين" تعني أيضا تطويب من يحن قلبه لسبب آلام السيد المسيح ويود أن يخفف هذه الآلام.
ألم يعاتب السيد المسيح تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا في بستان جثيماني؛ قائلا "أَهكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟" مَتَّى (26 : 40). وكذلك ورد عن السيد المسيح في المزمور "انْتَظَرْتُ رِقَّةً فَلَمْ تَكُنْ، وَمُعَزِّينَ فَلَمْ أَجِدْ." (مزمور 69 : 20).
ﺇلى هذه الدرجة تواضع السيد المسيح، حتى أنه يطلب – من خلال الوحى اﻹلهي عنه في تجسده العجيب – أن يتعطف عليه البشر، مقدرين جراحاته وآلامه لأجلهم!! وأين ذلك من قساوة قلب اليهود والرومان الذين عاملوه بمنتهى القسوة حتى أن الوالي بيلاطس قد طلب أن يتم جلد السيد المسيح بالجلد الروماني المعروف بعقوبة نصف الموت، لكي يحنن قلوب اليهود عليه. وبعد أن تهرأ لحمه من جلد السياط لم تتحنن قلوبهم؛ بل ﺇزدادوا صياحا: "ﺇصلبه.. ﺇصلبه"!! فأين القلب الرحيم الذي يتعطف على المسكين الجريح الذي حمل خطايا العالم؟!
ليتنا نحن نتعطف عليه فلا نجرحه بخطايانا المريرة والمؤلمة: ألم يقل معلمنا بطرس الرسول "الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ." (رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى 2 : 24)؛ فأين التحنن والعطف عليه ﺇذا أخطأنا في حق محبته؟!
أيها القدوس البار مخلصنا يسوع المسيح: لماذا أنت جريح؟! ولماذا لطمت على خديك؟! ولماذا أهانوك وعيروك؟! ليتنا نعرف قيمة محبتك، وننذهل من هذا الحب الذي يسبينا، ويجتذبنا، ويحررنا من كل جاذبية الخطية ولذتها، ومن كل أهواء الأنا وكبريائها. دعنا ننحني في خشوع وانسحاق أمام هذا المشهد العجيب تحت أقدام الصليب!!
أضواء من اﻹنجيل – تأملات في حياة وخدمة السيد المسيح – المسيح في سفر المزامير لنيافة الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري ودير القديسة دميانة وسكرتير المجمع المقدس – من مجلة الكرازة - الصفحة العاشرة – رئيس التحرير: صاحب القداسة البابا شنوده الثالث بابا الاسكندرية 117 وبطريرك الكرازة المرقسية – السنة السابعة والثلاثون – الجمعة 6 مارس 2009 – 27 أمشير 1725 شهداء – العددان 5 ، 6 – مجلة الكرازة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية
No comments:
Post a Comment