Showing posts with label الطاعة. Show all posts
Showing posts with label الطاعة. Show all posts

Wednesday, January 14, 2015

الختان


الختان هو ختان القلب والضمير والفكر.. إلخ فيقول موسى النبي: وَيَخْتِنُ الرَّبُّ إِلهُكَ قَلْبَكَ وَقَلْبَ نَسْلِكَ، لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا. سفر التثنية 30: 6

ويؤكد هذا المعني القديس بولس في العهد الجديد فيقول: وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ. رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 2: 29

وفي حديث القديس إسطفانوس لليهود وصفهم بالكلمات الآتية: يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ! أعمال الرسل 7: 51

والطاعة معني آخر للختان.. فطاعة الله ووصاياه لها المعني الروحي للختان.. كما يقول معلمنا بولس الرسول: فَإِنَّ الْخِتَانَ يَنْفَعُ إِنْ عَمِلْتَ بِالنَّامُوسِ. وَلكِنْ إِنْ كُنْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ، فَقَدْ صَارَ خِتَانُكَ غُرْلَةً! رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 2: 25

أما في غلاطية.. لكِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ (الوصايا) النَّامُوسِ. رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 5: 3

لذلك فاسحق هو أول من اختتن في اليوم الثامن في عهده.. لهذا فهو رمز للطاعة الكاملة إذ رضي أن يقدم ذبيحة عن طريق والده وأطاع بدون أي مقاومة موافق أن يربط كذبيحة ووضع في قلبه أن يقبل الموت طاعة لأبيه وتنفيذ لأمر الرب.. من هنا كان رمزًا للسيد المسيح الذي أطاع الآب وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب


Share

Friday, September 5, 2014

نتعلم من الآباء والقديسين


ما اجمل قول (ماراسحق) مار إسحق: شهية هي أخبار الآباء والقديسين، مثل الماء للغروس الجدد، حقًا أنها غذاء روحي لا يستغني عنه أحد، نشعر فيه بمحبة الله ومحبة طرق ملكوته وتجعلنا هذه السيرة أن نحب الفضيلة ونحب الأبرار ونتخذهم لنا شفعاء، ونحرص أن نعمق علاقتنا بهم، وكأنهم أحياء يعيشون معنا على الأرض نتحدث إليهم ونطلبهم


عن مواعيد ربنا للآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب

قال لإبراهيم.. بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي. سفر التكوين 22: 16 - 18

وقال لإسحق.. أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ. لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ، وَأُبَارِكُكَ وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ مِنْ أَجْلِ إِبْرَاهِيمَ عَبْدِي. سفر التكوين 26: 24

وقال ليعقوب.. أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ. وَيَكُونُ نَسْلُكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، وَتَمْتَدُّ غَرْبًا وَشَرْقًا وَشَمَالاً وَجَنُوبًا، وَيَتَبَارَكُ فِيكَ وَفِي نَسْلِكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ، لأَنِّي لاَ أَتْرُكُكَ حَتَّى أَفْعَلَ مَا كَلَّمْتُكَ بِهِ. سفر التكوين 28: 13 - 15


لتكن في ذاكرتك وعلى فمك عبارة: يحفظ الرب دخولك وخروجك، في كل مرة تخرج فيها من بيتك أو ترجع إليه، وعندما تدخل إلى مكان عملك أو تخرج منه عليك أن تصلي وتقول أنت يا رب الذي تحافظ علينا فليكن حفظك هذا مستمرًا معنا كل حين حتى ان لم نعمل على حفظ انفسنا تحفظها أنت. البابا شنوده الثالث


ممكن أن نتعلم من حياة إسحق بن إبراهيم

عاش مطيعًا للرب الذي أمره بعدم النزول إلى مصر فأطاع

كان يستمد معونته من المذبح والصلاة فكان يقدم ذبائحه ولما تأخرت رفقة في الولادة صلى لاجلها

كان عظيمًا في حبه للرب فلما قدمه ابوه على مذبح المريا لم يكن أقل حبًا من أبيه


حينما أراد يعقوب أن يبارك أبنيّ (أولاد) يوسف، قدمهما يوسف إليه بحسب ترتيبهم: منسى يمينًا وافرايم يسارًا، لكن ربنا أرشد يعقوب ليضع يمينه على افرايم ويساره على منسى وذلك على شكل صليب لتكون نبؤة أن افرايم سيكون أعظم من منسى، كذلك إشارة للصليب الذي نال به الأبن الأصغر (الأمم) نصيب البكر (اليهود) وفي الكنيسة أثناء أختيار الحمل يقوم الكاهن بنفس الإشارة (الصليب) وهو يختار القربان

بركة صلواتهم تكون معنا دائمًا آمين


Share

Friday, April 25, 2014

الإيمان


الله غير محتاج لعشورنا ولكن بها يدربنا على العطاء وعلى محبة الآخرين وعلى الزهد في المال كما يدربنا على الإيمان ، الإيمان ببركة الله للقليل

من أقوال المتنيح البابا شنودة الثالث

 +++

الإيمان هو أساس العلاقة الحقيقية مع الله وله فاعليته العظيمة، وهذا ما نراه في سحابة شهود الإيمان.. وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى. فَإِنَّهُ فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ. بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 1 - 3

فإننا نرى في هابيل، العبادة والإقتراب إلى الله بالإيمان.. بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ للهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ. فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ! رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 4

ونرى في أخنوخ، سلوك الإيمان.. بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 5

ونرى في نوح، عمل الإيمان.. بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإِيمَانِ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 7

ونرى في إبراهيم، طاعة الإيمان.. بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 8

وأيضاً نرى في إبراهيم، انتظار الإيمان.. لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 10

ونرى في سارة، تصديق الإيمان.. بِالإِيمَانِ سَارَةُ نَفْسُهَا أَيْضًا أَخَذَتْ قُدْرَةً عَلَى إِنْشَاءِ نَسْل، وَبَعْدَ وَقْتِ السِّنِّ وَلَدَتْ، إِذْ حَسِبَتِ الَّذِي وَعَدَ صَادِقًا. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 11

ونرى في موسى، انتصار الإيمان على العالم.. بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ. بِالإِيمَانِ مُوسَى لَمَّا كَبِرَ أَبَى أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ، حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ، لأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمُجَازَاةِ. بِالإِيمَانِ تَرَكَ مِصْرَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ الْمَلِكِ،لأَنَّهُ تَشَدَّدَ، كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لاَ يُرَى. بِالإِيمَانِ صَنَعَ الْفِصْحَ وَرَشَّ الدَّمَ لِئَلاَّ يَمَسَّهُمُ الَّذِي أَهْلَكَ الأَبْكَارَ. بِالإِيمَانِ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ كَمَا فِي الْيَابِسَةِ، الأَمْرُ الَّذِي لَمَّا شَرَعَ فِيهِ الْمِصْرِيُّونَ غَرِقُوا. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 23 - 29

ونرى في راحاب، الإيمان الذي ينجي من الهلاك.. بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 31

ونرى في كثير من رجال الإيمان صورة للإيمان المنتصر على الألم.. الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 33 - 38

ونرى أيضاً صورة للإيمان الذي ينال المواعيد.. الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. فَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا. رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 33 - 40



يمكن الرجوع إلى

ما يخص الإيمان

http://orthodoxcoptic.blogspot.com/search/label/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86


Share

Sunday, October 20, 2013

عبيد البر


هذا صوت الله يناديك، هل تسمع له؟ اسمع له

ابني وحبيبي اقترب إليﱠ.. سلم لي حياتك وأنظر كيف أعطيك قوة، أريد أن يتمجد إسمي فيك وبك.. فاسمح لي أن أستخدم حياتك حتى ولو كانت إناء ضعيف كي املأها لتشهد لي أينما وجدت

لا تحتقر صليبي من أجل مجاملة الناس، فبولس عبدي الذي كان يضطهدني حسبه موضوع فخره.. وموسى عبدي فضل أن يذل مع شعبي عن أن يكون له تمتع مع فرعون


فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ. رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 4: 5

وَإِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ. أَتَكَلَّمُ إِنْسَانِيًّا مِنْ أَجْلِ ضَعْفِ جَسَدِكُمْ. لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ. رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 18 - 19


إن لقب العبد هو أحد الألقاب الكثيرة التي تشير إلى المؤمن في العهد الجديد. وتظهر هذه الصفة في عدة مجالات

عبد للبر: لقد كنا جميعاً عبيداً للخطية، ولكننا عرفنا المحرر العظيم الرب يسوع. وأنا أطيع هذا السيد بأن أعمل أعمالاً بارة أمام الله

عبد يسوع المسيح: هذا هو اللقب الذي أخذه بسرور كل من بولس وتيموثاوس ويعقوب وبطرس في بدايات بعض رسائلهم
إنه سيدي الحقيقي الذي فداني بدمه الذي سفك على الصليب. هل أنا عملياً عبد خاضع؟ يا ليتني

عبد الله: إِعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ اللهُ، لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ، وَبَيَّنَهُ مُرْسِلاً بِيَدِ مَلاَكِهِ لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا، الَّذِي شَهِدَ بِكَلِمَةِ اللهِ وَبِشَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِكُلِّ مَا رَآهُ. رؤيا يوحنا اللاهوتي 1: 1
- 2
إني أطيع الله لأني ملك له. وأجتهد أن أفعل مشيئته لأنها اسمى وأحكم بكثير من مشيئتي. هل أحقق ذلك دائماً في حياتي؟ يا رب أعني


Share

Sunday, October 13, 2013

من فضائل الأنبا موسى الأسود - فاعلية صلاتة





فاعلية صلاتة

 
لما عزم القديس الأنبا موسى الأسود على الإقامة في الصخرة تعب ساهرا فقال في نفسه كيف يمكنني أن أجد مياهاً لحاجتي ههنا. فجاءه صوت يقول له: أدخل ولا تهتم لشىء، فدخل

وفي أحد الأيام زاره قوم من الآباء ولم يكن له وقتئذ سوى جرة ماء فقط فأعد عدساً يسيراً (طهى حبوب عدس) فلما نفذ الماء حزن موسى وصار يخرج ويدخل، ثم يخرج ويدخل، وهو يصلي إلى الله وإذ بسحابة ممطرة جاءت فوقه حيث كانت الصخرة وسرعان ما تساقط المطر فإمتلأت أوعيته من الماء

فقال له الآباء لماذا كنت تدخل وتخرج فأجابهم وقال: كنت أصلي إلى الله قائلاً: أنك أنت الذي جئت بي إلى هذا المكان وليس عندي ماء ليشرب عبيدك، وهكذا كنت أدخل وأخرج مصلياً إلى الله حتى أرسل لنا الماء


Share

Sunday, September 15, 2013

طريق الإنسان والحرية الإنسانية من الجانب السلبي - المزمور 1: 1


طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. المزامير 1: 1

يقدم هذا المزمور مبدأ لاهوتيًا أساسيًا، أعني به الحرية الإنسانية. فللإنسان حق الخيار في أن يحتضن الطريق التَّقَوى أو الشرير، أن يكرم المسيح أو ضد المسيح، أن يطيع الرب أو حتى يتمرد عليه

طريق الإنسان من الجانب السلبي: عدم ارتكاب الشر.. والنقاط السلبية في الحرية الإنسانية.. والمراحل السلبية للإنسان الشرير ومنها
يسلك أو يمشي في الطريق، ويقف، ثم يجلس مع الأشرار.. السلوك والوقوف والجلوس
الإثم والخطية والاستهزاء
التفكير ثم العمل وأخيرًا التعليم


الجانب السلبي: يضع المرتل ثلاث مراحل للإنسان الشرير: يسلك أو يمشي في الطريق، ويقف، ثم يجلس مع الأشرار، قائلًا


طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. المزامير 1: 1


يرى القس أبو الفرج عبد الله ابن الطيب أن المرتل يميز هنا بين الإثم والخطية والاستهزاء. الإثم هو ارتكاب شر يتعلق بجسده ممثل الشهوات الشريرة والزنا والفجور؛ والخطية تتعلق بعلاقته مع الله مثل الإلحاد؛ والاستهزاء يتعلق بخطية تمس علاقتة بالآخرين كالشتيمة والنميمة والافتراء عليهم. وكأن الطوبى هي تمتع بحياة مقدسة تمس علاقة المؤمن بحياته الشخصية وبربه كما بأخيه الإنسان

يرى بعض المفسرين أن المشي في مشورة المنافقين يشير إلى التفكير في الشر، أما الوقوف في الطريق فمعناه الدخول إلى العمل، وأخيرًا الجلوس في مجلس المستهزئين فيشير إلى الأندفاع نحو إغراء الآخرين وتعليمهم الشر. وكأن مراحل الشر الثلاث هي: التفكير ثم العمل وأخيرًا التعليم


يذكر المرتل ثلاث خطوات متتالية في طريق الشر

السلوك في مشورة المنافقين، يعني تبني مبادئ فاعلي الشر كقانون للحياة، باتخاذ مشورتهم نصيحة للحياة. يتجنب الإنسان التقي الشر بنبذه صحبة الأشرار تمامًا، حتى لا ينقاد وراءهم... يرى الإنسان التقي الأشرار حوله يحيطون به، فالعالم مليء بهم، يمشون في كل جانب. إنه يحبهم كأشخاص لكنه لا يحب طرقهم ولا شرورهم. يصلي من أجلهم وبحكمة يتعامل معهم، متجنبًا طرقهم الشريرة. يكره الخطية لا الخطاة

الوقوف في طريق الخطاة، كمن يبدأ رحلة معهم، يعني أنه يتشبه بهم بالإصرار على ممارسة المعاصي الرديئة

أخيرًا، أشر الخطايا هو الجلوس في مجلس المستهزئين، ومشاركتهم في السخرية بالأمور المقدسة


يصعب على الإنسان ألا يخطيء، وكما يقول الإنجيلي يوحنا أن من ينكر أنه يخطيء فهو كاذب.. إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا. رسالة يوحنا الرسول الأولى 1: 8. إن كان جميعنا يخطئ، فماذا تعني الكلمات: وفي طريق الخطاة لم يقف.. لم يقل الكتاب المقدس: طوبى للرجل الذي لم يخطيء.. بل بالحري طوبى للرجل الذي لا يستمر في الخطية. القديس جيروم


يلزمنا أن ندرس التدرج: يسلك ويقف ويجلس؛ فالإنسان يسلك في طريق الخطاة حينما يعطي ظهره لله، ويقف عندما يجد لذة في الخطية، يجلس عندما ينحصر في كبرياءه، فيصير غير قادر على الرجوع إلى الطريق المستقيم إلا بمجيء ذاك (المسيح) الذي لم يسلك في مشورة المنافقين، ولم يقف في طريق الخطاة ولم يجلس في مجلس المستهزئين لكي يخلصه. القديس أغسطينوس


حالة التطويب هي هبة إلهية تُعطى للمشتاقين إلى الحياة المستنيرة البعيدة عن ظلام الخطية. يقول المعلم دانيال الصالحي: فليقترب الذين  يشتهون الطوبى الموهوبة من الروح القدس ويسمعوا. لمن أعطى داود المرتل تلك الطوبى المغبوطة..؟ القرب من الطوبى الإلهية تجعلنا نبتعد عن ظلام الخطية.. إن العارفين باللغة العبرية حينئذ  يزعمون بأن هذا المزمور قيل لما مضى شاول طالبًا إخراج صموئيل النبي بواسطة السحر والعرافة. قال عنه داود لما ترك الطريق المستقيم وسلك سبيل الأثمة، وسار مسيرة الكذب والزور ومشى طاغيًا وضالًا وراء الشيطان؛ نزل من كرسي البر وجلس على كرسي المرأة الساحرة في عين دور. لهذا تحرك الطوباوي داود بالروح وهو مطرود ومُضطهد وأنشد هذه التسبحة عن تغيير حال شاول ملك إسرائيل. ولكي لا يُشتم الملك المدعو مسيح الرب أخفى الشتيمة والتعيير

يرى أيضًا المعلم دانيال الصالحي أن الإنسان الساقط من الحالة المطوَّبة إلى طريق الشر هو آدم الأول، مقارنًا بينه وبين ملك إسرائيل الأول شاول قائلًا: صار (آدم) تلميذًا للحية بمشورة حواء مثلما صار شاول عبدًا للكهانة (العرافة) المضلة بتعليم المرأة العرَّافة. أما ذاك فسقط من الجنة مطرودًا، وهذا سقط من مملكة شعب الله وخاب من شركة القديسين مرذولًا

إن كان المعلم دانيال الصالحي يرى التطويب هو عطية الروح القدس الممنوحة لراغبيها فإن لفظ (طوبى) هو أحد القاب السيد المسيح، إذ يقول القديس بولس: المبارك العزيز الوحيد، ملك الملوك ورب الأرباب.. أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ. رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 6: 14 - 16. وكأن التطويب هو عمل الروح فينا باتحادنا مع المطوّب المبارك، رأسنا يسوع المسيح


يرى الأشرار في لذة الخطية المؤقتة سعادتهم التي تجتذبهم ولا تشبعهم فتكون سرابًا في حياتهم، أما المؤمنون المتحدون مع السيد المسيح فيجدون سعادتهم وتطويبهم وشبعهم لا في الأمور الزمنة الزائلة بل في الاتحاد بالسيد المسح نفسه


لماذا استخدم المرتل التطويب هنا بصيغة المفرد.. طوبى للرجل

ربما لأن السالكين في طريق الرب، في الحياة المطوبة هم قلة قليلة جدًا، أو لعله أراد تأكيد وحدتهم معًا بروح الحب ووحدة الإيمان، فيحسبون كإنسان واحد. يقول الرسول بولس: جسد واحد وروح واحد كما دُعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد؛ رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة؛ إله وآب واحد للكل.. مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ. رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 3 - 6

يرى بعض الآباء مثل القديس أغسطينوس أن الرجل الواحد المطوّب هنا هو السيد المسيح، آدم الثاني، الذي يحمل كنيسته فيه جسدًا مقدسًا للرأس، يهبنا حياته المطوَّبة


يُلاحظ أن المرتل يطوب مقاومي الشر ليؤكد أن هبة هذه التطويب تُمنح كعطية مجانية لمقاومي الخطية. فيؤكد القديس أغسطينوس أن الشاب الذي يقاوم فكرًا شريرًا لا يثور في مشاعر أو أحاسيس الطفل الصغير يهبه بالأكثر أكليلًا أعظم مما للطفل. فالشاب مقاوم الخطية ينال إكليل الجهاد عن حب وصراع لا كالطفل عن عجز. طهارة الشاب المقاومة للشر هي طهارة النضوج أما طهارة الطفل فهي عن ضعف


المراجع

من كتاب تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب ملطي


Share

Wednesday, February 27, 2013

يا رب أخطأت

يا رب أخطأت

الصوم والصلاة هما اللذان عمل بهما أهل نينوى، فرحمهم الله، وغفر لهم خطاياهم، ورفع غضبه عنهم


يونان أخطأ مرة وأنا يا رب أخطأت مرات ومرات

يونان النبي وإن كان أخطأ الطريق، وأن كان عصى صوت الله مرة، فهو على كل حال نبي الله وعاد إلى صوابه وبشر أهل نينوى وتابوا على يديه

وصلى يونان من بطن الحوت صلاة قوية مؤثرة معبرة عن الحالة التي هو فيها وسمع الله الصلاة واستجاب له

وإنني أخطأ كثيرآ يا رب من يونان
يونان أخطأ مرة وأنا يا رب أخطأت مرات ومرات
يونان تاب ورجع وأنا يا ربي ما زلت في عصياني وعنادي

دعني أُصلي لك في هذه الأيام المباركة أيام التوبة لعلك تقبلني يا إلهي
وأنت في أعلى مجدك أدعوك أنا من أعماق البحر من بطن الحوت أُصلي لك ولا أستطيع السكوت

إني مُحتجز في بطن الموت
إني أحتضرُ.. ثم أموت، إبتعادي عنك طال وطال

تعدي ثلاثة أيام بل شهور بل سنين.. كلها أنين
لكن من محبتك يا إلهي إنني لم أموت فما زالت روحي فيﱠ أرجوك يا ربي

أدبني ولكن إلى الموت لا تسلمني لأنه ليس في الموت من يذكرك ولا في الجحيم من يشكرك
أرجعني يا رب وإن نفيتني بعيدآ عنك قليلآ ولكن لاتفنيني

لا تزال في قلبي شمعة ضعيفة ولكنها موقدة لا زلتُ فتيلة مدخنة. أُنفخ فيها من روحك القدوس فتتوهج من جديد. لا تنزع مني نقاوتي التي أخذتها في معموديتي

أنت نصيبي وإن هربت من طريق نينوى إلى طريق ترشيش
هروبي حتمآ سيؤدي بي إلى الهلاك

إلى أين أذهب وأنا قد أمنت أنك يسوع المسيح إبن الله الحي
أنت نصيب قرعتي. حبال التقسيم وقعت لي في أرض خصبة

بددت نصيبي نعم عصيت حبيبي نعم.. وأنت غضبت مني نعم.. لكن الله لا يرفض إلى الأبد وإن أذل يعود ويرحم

عد يا رب وإنقذني، معايريﱠ كثيرون يقولون لي في كل يوم أين إلهك؟ إلهي حي.. الذي أعبده سيعود ينجيني حتى وإن كنت في بطن الحوت أو في جب الأسود أو في أتون النار.. لأنه إله حي وبار وسأعود أنظره وأشكره واسبح في هيكله

منقوول


Share

Sunday, June 10, 2012

صفات الإنسان الوديع


مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 25-4-2010

الإنسان الوديع هو شخص هادئ لا حدة في صوته ولا صياح. وقد قيل عن السيد المسيح الوديع أنه: لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ

الوديع لا يصرخ في الناس منتهرًا، ولا يثور. أنه إنسان دمث الخلق، هادئ، يريد دائمًا أن يكسب محبة الناس سواء على الأرض أو في السماء

هنا وأحب أن أفرق بين هدوء الطبع، وبرودة الطبع... فالإنسان الوديع الهادئ لا يثور على الناس، ولا يثيرهم. بينما البارد في طبعه، قد لا يثور، ولكن ما أسهل أن يثير ببروده! وذلك بأن يرد عليهم بردود باردة قد تتعب أعصابهم أو تحطمها. أمَّا الوديع فهو إنسان هادئ يشيع الهدوء في النفس وهو أيضًا طيب القلب، يحب أن يرضي الناس. يحب أن يكون في علاقة طيبة مع الجميع. فلا يغضب من أحد مهما حدث... ولا يستريح إن ترك أحدًا غاضبًا عليه. بل يهمه أن الكل يدعون له بالخير

والإنسان الوديع يكون هادئًا من الداخل كما من الخارج. إنه ليس مثل بعض الناس الذين يظهرون هادئين من الخارج، بينما في داخلهم ثورة وغليان. وهم يكتمون غضبهم لسبب روحي أو غير روحي، أو لسياسة ما، أو احترامًا لِمَن هو أكبر منهم أو خوفًا من نتائج الغضب... أمَّا الوديع فهو هادئ تمامًا. فمِن الداخل مشاعره وعواطفه وإحساساته في هدوء وسلام قلبي... ومن الخارج له ابتسامة لطيفة بشوشة، يقابل بها أحاديث الناس ومعاملاتهم. ولا يحدث أن يراه الناس وقد اكفهرت ملامحه، أو احمرَّت عيناه. أمَّا الإنسان الذي يبدو هادئًا من الخارج، بينما يغلي في داخله، ليس هو وديعًا في الحقيقة. أقصى ما نقوله عنه إنه يحاول أن يتدرَّب لكي يصير وديعًا

والإنسان الوديع لا ينتقم لنفسه. بل في كثير من الأحيان لا يُدافع عن نفسه، بل يترك اللَّه ليُدافع عنه. أنه كثيرًا ما يتنازل عن حقوقه، بدون أن يحزن. فهو لا يشاء مُطلقًا أن يخسر أحدًا من الناس بسبب هذه الحقوق. فسلامه مع الناس هو عنده أهم من التَّمسُّك بحقوقه. وهو يفعل ذلك تلقائيًا، دون أن يناقش الأمر في داخله. وهو لا يحب أن أحدًا يصيبه أذى بسببه، أو من أجله

والإنسان الوديع يكون دائمًا سهل التفهم، لا يتعب أحد في التعامل معه. إنه يحب باستمرار أن يكسب غيره، لا أن يكسب من غيره. وإذا ما تناقشت أو تحدثت مع إنسان وديع، تجده لا يُقاطعك في الكلام، ولا يحاول أن ينتصر عليك في المناقشة. بل يعطيك كل الفرصة أن تتكلَّم كما تشاء، وتقول ما تشاء، مادام الموضوع لا يمس عقيدة أو إيمانًا. وفي الأمور الإيمانية يقول الرأي القوي بهدوء وبساطة، دون أن يجرح مَن يناقشه. ويترك قوة الرأي تتكلَّم، دون أن يقسو، ودون أن يفتخر. أمَّا في الأمور العادية، فلا يهمه أن ينتصر في نقاش. فليقل القائلون ما يريدون أن يقولون، إن كانت المسائل لا تعنيه

وأحيانًا يجلس في بعض المجالس صامتًا. ومادام ليس مكلَّفًا فيه بمسئولية، فلا داع له أن يظهر! وإن طلبوا إليه أن يتكلَّم رُبَّما يقول: أنا أحب أن أسمع وأستفيد، أو يقول: البركة في فلان... وإن تكلَّم، قد يمتدح مَن سبقوه في الحديث، ولا مانع من أن يقول في كلامه: على رأي فلان... وفلان... إنه إنسان لطيف، يحب الناس صمته وهدوءه إن صمت. كما يحبون كلامه وأسلوبه في الحديث، إن تكلَّم

إن الإنسان الوديع ناجح في تعامله مع الناس: يحبهم ويحبونه. وإن سكت أحيانًا، يكون ذلك بدافع من التواضع والحب، وليس عن انطواء. فهو يُعطي فرصة لغيره لكي يتكلم، ويقدم غيره على نفسه في الكرامة. كما أنه يصمت أحيانًا لكي يستفيد من حديث غيره، ويضيف معلومات جديدة إلى معلوماته. وهو أيضًا لا يميل إلى الدخول مع الناس في صراعات الجدل، مفضلًا السلام... وهو يرضي الذين يحبون الكلام

والإنسان الوديع لا يضغط على أحد، ولا يستعمل العنف. ولا يلح على أحد إلحاحًا شديدًا، لكي يأخذ موافقته على أمر من الأمور، بغير إرادته، بأسلوب الإلحاح والضغط! فهو لا يبحث عن راحته، وإنما عن راحة الناس. لذلك فإن الذين يعاشرونه، يشعرون براحة في عشرته. ويقول كل من يعامله إنه يشعر براحة في التعامل معه. والوديع لا يصر على أن ينتصر لفكرته أو رأيه في الأمور العادية. أمَّا من جهة المبادئ السليمة فهو لا يتنازل. ولكن لا يتشاجر مع الغير بسبب ذلك. ولعل هذا الأمر يحتاج إلى حكمة تمتزج بالوداعة. ومن أجمل ما قيل في ذلك: مَن هو حكيم وعالم بينكم، فليرِ أعماله الحسنة في وداعة الحكمة. لأن هناك حكماء قد يكونون في شرح حكمتهم عُنفاء، يصرون على رأيهم في غيرة وتحزُّب. وقد يسببون بذلك إنقسامًا وتشويشًا!! فحكمة هؤلاء ليست روحية لأنها خالية من الوداعة. أمَّا الحكمة الوديعة فهى مسالمة مترفقة مملوءة أخبارًا صالحة. وليست حكمة حقيقية، تلك التي تفقد أصحابها حياة الوداعة والهدوء، وتجعلهم عنفاء في الدفاع عن آرائهم! يجرحون كل من يهاجمهم، ويخدشون مشاعره

إن العُنف قد يكون إسلوبًا سهلاً وقصيرًا، يوصل بسرعة! ولكن الوديع لا يمكن أن يستخدمه. فإن أعطاه الرب حكمة، فإنه يوصلها إلى الناس بأسلوب هادئ، في طيبة في رقة في لُطف. ولا يغضب ولا يثور إن خالفوه في وقت، أو كانوا بطيئين أو متباطئين في التنفيذ... فإنه يصبر عليهم، ويطيل أناته، إلى أن يتمكنوا من التنفيذ. إنه يعطي فرصة لسامعه، ولِمَن يتتلمذ عليه، لكي يصل حسبما تسعفه إمكانياته. فإن لم يصل اليوم فقد يصل غدًا أو بعد غد، دون التحكم في عامل الزمن، الذي تتحكم فيه أسباب عديدة

من صفات الوديع أيضًا أنه متسامح: إن أخطأت في حقه، لا يخطأ في حقك. إن له طباعًا لا يستطيع أن يتجاوزها، وله مبادئ لا يمكنه أن يكسرها. فهو لا يستطيع أن يخطئ

والإنسان الوديع لا يتحدث من فوق، من موقع السُّلطة، مهما كان في مركز عالٍ أو رئاسة. والناس يدافعون عن الوديع دون أن يُدافع هو عن نفسه
 



Share

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News