Showing posts with label الصوم المقدس. Show all posts
Showing posts with label الصوم المقدس. Show all posts

Wednesday, March 4, 2015

تحصنوا في الصوم المقدس والصلاة


الصوم يهيج عدو الخير، ويكثف حربه علينا

التجربة أمر طبيعي كان لزامًا للسيّد الذي قبل أن يدخل إلى مياه المعموديّة نيابة عنّا، فاتحًا لنا طريق الملكوت، واهبًا إيّانا حق البنوّة للآب فيه، أن يدخل في صراع مفتوح مع إبليس رئيس مملكة الظلمة. وكأن ملكوت السماوات الذي قدّمه لنا المسيّا لنا الملك قد كلّفه الكثير، فلم يقف الأمر عند تجسّده ودخوله مياه المعموديّة، وإنما دخل معركة طويلة ظهرت إحدى صورها في التجربة على الجبل، وتلألأت في كمالها على الصليب. ونحن أيضًا إذ ندخل المعموديّة، ونلبس المسيح نلتزم بالدخول في المعركة التي تثيرها الظلمة، فوراء كل نعمة إلهيّة حرب روحيّة. أو كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم حيثما وُجد المسيح لابد من معركة روحيّة. لقد فتح لنا السيّد بنفسه طريق التجربة، قائلًا: قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. إشعياء 63: 3، حتى يشتهي كل منّا أن يصعد بقيادة الروح القدس أرض المعركة وحده، ليس من أبٍ يسند أو أمٍ، إنّما يحمل فيه السيّد المسيح الغالب، الذي وحده يقدر أن يحارب بنا وعنّا لحساب مملكته فينا

الصوم هو السلاح الذي يقدمه السيد المسيح لمؤمنيه لكي يتحصنوا به أثناء الحرب الروحية ممتزجًا بالصلاة

لم يكن السيد المسيح محتاجًا للصوم إذ لم يكن للخطية موضع فيه، إنما صام ليقدس أصوامنا ويقويها بصومه، مشجعًا إيانا عليه.. كالأم التي تتذوق الدواء أمام طفلها المريض حتى يشرب منه

في الصوم المقدس (الصوم الكبير)، ليتنا نتذكر ما قاله الآباء أن صوم اللسان عن الكلام الباطل خير من صوم الفم عن الطعام، وصوم القلب عن محبة العالم أفضل من الأثنين

سقطات اللسان خطيرة، ويقول القديس يوحنا الدرجي.. جيد للإنسان أن يسقط من مكان عال ولا يسقط من لسانه

ضع يارب حافظًا لفمي، وبابًا حصينًا لشفتي.. فيصير كلامي نافعًا لكل أحد، ويؤهلني لنوال سلامك وغفرانك

رأى الرسول بولس في السيّد مثالًا حيًا لكل نفس تدخل برية التجارب، لكنه ليس مثالًا خارجيًا بعيدًا عنا نتمثل به، إنما هو المثل الحيّ الذي يفيض علينا بإمكانيات النصرة، فتحسب إمكانياته إمكانياتنا، إذ يقول: مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِينًا فِي مَا للهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ

العبرانيين 2: 17-18

أما سرّ نصرة السيد يسوع المسيح فهي أنه دخل المعركة دون أن يوجد لإبليس موضعًا فيه، فلا يقدر أن يدخل فيه أو يغتصب ما له، إذ يقول السيد يسوع المسيح: لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ. يوحنا 14: 30
ويقول الرسول بولس: بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. العبرانيين 4: 15


من أقوال الآباء عن التجربة والتجارب

أعطانا الرب بمثاله كيف نستطيع أن ننتصر كما انتصر هو حين جُرِّب. الأب سرابيون

إذ هو شفيعنا يساعدنا أن نغلب في التجربة وقد صار مثالًا لنا. القديس أغسطينوس

يسوع قائدنا سمح لنفسه بالتجربة حتى يعلم أولاده كيف يحاربون. القديس أغسطينوس

حقا كان لائقًا بذاك الذي جاء ليحل موتنا بموته، أن يغلب أيضًا تجاربنا بتجاربه. الأب غريغوريوس الكبير


Share

Thursday, March 13, 2014

تأملات في إنجيل الثلاثاء الثاني من الصوم الكبير


محاضرة قداسة البابا تواضروس الثاني

الأربعاء 5 مارس 2014م

تأملات في إنجيل الثلاثاء من الأسبوع الثاني من الصوم الكبير

ماذا أعمل لأرِث الحياة الأبدية؟ الحياة الأبدية

قام قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مساء يوم الأربعاء الموافق 5 مارس 2014 م بإلقاء محاضرته الأسبوعية في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والتي دارت حول تأملات فى إنجيل يوم الثلاثاء من الأسبوع الثاني من الصوم المقدس.. مرقس 10 : 17 ـ 27

سؤال اليوم: ماذا أعمل لأرِث الحياة الأبدية؟ أرِث الحياة الأبدية

سأل هذا السؤال الغني الحزين لأنه مضى حزيناً أو الغنى المحبوب لأن نظر إليه يسوع وأحبه

كان هذا الشاب يتمتَّع بعدة صفات جيدة: وهي

غنيَّاً، والمال بركة ونعمة من اللَّه

شاباً، يتمتَّع بالنشاط والحيوية والقوة

رئيساً، من رؤساء الدين له وقاره واحترامه

مؤدَّباً، لأنه جثا أمام السيد المسيح

والأهم أنه كان مشتاقاً للمكلوت والسماء، وكان حافظاً للوصايا، هذا الإنسان كان في مظهره جيدا


المال جاء فى الكتاب فى أكثر من 2000 موضوع، وأشهر موضوع فى عبارة: لا يقدر أحد أن يعبد سيدين، لأنه إمَّا أن يُبغض الواحد ويحب الآخر، أو يقبل الواحد ويرفض الآخر. لا تقدرون أن تعبدوا اللَّه والمال

ومشكلة هذا الشاب أنَّ تديُّنَه يُغطي جزء من حياته وليس حياته كلها. اللَّه أعطانا الدين لكيما يرتقي الإنسان.. يرتقي في مشاعره، وفي عبادته، ويكون أكثر رُقيَّاً في عبادته وأفكاره وسلوكه وحياته اليومية وأفعاله. وهذه مشكلة أُناس كثيرون يأخذون جزء من الوصية أو جزء من الحياة المسيحية


وقع هذا الشاب في نقائص كثيرة

خاطب السيد المسيح كمُعلِّم وما أكثر المُعلمين وليس اللَّه الواحد

كان يعبد بالحقيقة صنماً داخلياً لا يراه وهو محبة المال

كان يحفظ الوصايا نظرياً ولا يعيشها عملياً

كان يفترض أن كنزه في الأرض وليس السماء

كان ينقصه أن يتبع الراعي الصالح

كان يعتقد أن غناه المادي دليل الرضا السماوي


اللَّه يعطينا المواهب والمال كوكلاء، ونحن لا نملك شيء، ماذا تفعل بمالك الزائد عن احتياجاتك؟ المال الزائد

تنفقه ببذخ وهذه خطية

تتدخره للمستقبل الأرضي فقط وهذه تحتمل أن تكون خطية

تنفقه لفائدة آخرين وهنا عين الثواب


ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟ الحياة الأبدية

اذهب: في طريق التوبة، عيش التوبة وغير طريقتك وفكرك. حياة التوبة

بِع كل مالك: عيش حياة الحرية، لا تربط قلبك بشيء أرضي. حياة الحرية

أعطي الفقراء فيكون لك كنز في السماء: عيش حياة العطاء لتشعر بالسعادة. حياة العطاء

تعال اتبعني: عيش حياة الوصية، واتبع خطوات المسيح. حياة الوصية

حاملاً الصليب: حياة الجهاد اليومي، مُشابهاً سيدك الذي حمل صليب الفداء من أجلي ومن أجل كل إنسان. حياة الجهاد


مضى الشاب الغني حزيناً لأنه كان ذي أموال كثيرة، وأمواله صنعت حاجزاً بينه وبين السماء

أمَّا أنت أيها الحبيب، فاعلم أن كل شيء مُستطاع عند اللَّه فيستطيع المسيح أن يساعدك ويسندك

يعطينا مسيحنا أن تكون حياتنا في هذا الطريق لكي ما نرث جميعاً الحياة الأبدية والملكوت السماوي


مرقس 10 : 17 ـ 27
وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ
أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي
فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ
فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ
فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ
فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ
مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ
فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ
مرقس 10 : 17 ـ 27


Share

Wednesday, March 5, 2014

تأملات إنجيل الثلاثاء الأول من الصوم الكبير


محاضرة قداسة البابا تواضروس الثاني الأربعاء 26 فبراير 2014م، بعنوان: ألنا قلت هذا الكلام أم للجميع؟ تأملات في إنجيل الثلاثاء من الأسبوع الأول من الصوم الكبير

محاضرة قداسة البابا تواضروس الثاني

الأربعاء 26 فبراير 2014م، بعنوان: ألنا قلت هذا الكلام أم للجميع؟ تأملات في إنجيل الثلاثاء من الأسبوع الأول من الصوم الكبير

في إنجيل يوم الثلاثاء من الأسبوع الأول هناك سؤال واضح جداً: فقال له بطرس: يارب، ألنا تقول هذا المَثَل أم للجميع أيضاً

بصيغة أخرى: هل كلام اللَّه وكلام الكتاب المقدس ووصاياه هي لك أنت بصورة خاصة، أم أنها مكتوبة لكل الناس ماعدا أنت؟ للإنسان أم للإنسانية

هل تشعر في داخلك أن الكلمة المُقدَّسة موجَّهة لك بصورة شخصية، ولا تنظر للكتاب المقدس أنه أحداث وشخصيات وتواريخ ومعجزات وأمثال للمعرفة فقط! بطرس الرسول يسأل: ألنا تقول هذا المَثَل؟ متسائل

قد يظن الناس أن الكتاب المقدس بوصاياه يخص فقط الخدام في الكنيسة، هذا هو نفس الفكر الذي سأل به القديس بطرس. ويشرح ربنا يسوع المسيح كيف أن هذا الكلام هو لكل إنسان لكي ما يكون إنساناً مُستعداً

ونُصلِّي في صلاة النوم عبارة هامة جداً: ( العُمر المُنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة )، والملاهي هي الأمور التي تلهي الإنسان وتشغله وتنسيه، حتى لو كانت أمور جيدة مثل الخدمة

ويأتي السؤال: لماذا يهمل الناس كلمة ربنا؟.. الإهمال والإهتمام بكلمة ربنا والكتاب المقدس

بعض الناس لا يعرفون القراءة، والبعض لا يعرف النُّطق، ويمكن أيضاً البعض لا يعرف المعنى أو الربط بين أجزاء الكتاب، وهناك آخرين حجّتهم أنهم لا يملكون وقت للكتاب المقدس، أو ناس حجَّتهم عدم تنظيم الوقت، وآخرين الكسل هو سبب إهمالهم الكتاب المقدس

لذلك عندما يبتعد الإنسان عن كتابه المقدس يسهل على الشيطان أن يُهاجمه، وهذا ما دفع القديس بولس الرسول أن يقول: كلمة اللَّه حيَّة وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدّين، وخارقة إلى مفرق النفس، ومميزة أفكار القلب ونيَّاته



من أسباب اهتمامنا بالكتاب المقدس

أولاً: الكتاب المقدس سراج
وكلمة سراج تعني إضاءة، ومن صغرنا حفظنا الآية: سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي، سراج يُعرِّفك طريقك في الحياة، فالوصية هي التي تُنير لك طريقك

ثانياً: الوصية شبع
كلمة اللَّه تشبع الإنسان، هي لا تشبعه على المستوى المادي، ولكن تشبعه على المستوى الروحي والنفسي، ويقول الكتاب: وجدت كلامك فأكلته، ومعناها إنِّي جعلت كلمتك في فمي على الدوام

ثالثاً: الكتاب يُمثِّل حياة الإنسان
وبحسب تعاليم ربنا يسوع: الكلام الذي أُكلِّمكم به هو روح وحياة، فأنت في كُلِّ مَرَّةٍ تقرأ الكتاب المقدس تأخذ نسمة حياة

رابعاً: الكتاب المقدس حصانة
يقول الكتاب: اسم الرب برج حصين، وكأنك بمعرفتك لكلمة اللَّه على مستواك الشخصي فأنت تبني برج حصين

خامساً: كلمة اللَّه أيضاً هي سبب فرح للإنسان
الإنسان اليوم يتعرَّض للقلق والخوف والاضطراب الداخلي وغياب السلام القلبي، اعرف أن كتابك المقدس على المستوى الشخصي يمنحك فرح

سادساً: كلمة اللَّه صلاة
كل صلاوتنا خارجة من الإنجيل فأنت حينما تقرأ الكتاب المقدس على المستوى الشخصي أنت تُصلِّي، عندما ذهب التلاميذ للمسيح وقالوا له: علِّمنا كيف نُصلِّي. قال لهم: متى صليتم فقولوا: أبانا الذي في السموات..، هذا جزء من الكتاب، وأيضاً صلوات كثيرة مبنية على الكتاب المقدس، ولهذا يقول القديس بولس الرسول في رسالة كولوسي 3 : 16.. لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، أوَّل شيء في هذه الآية الصغيرة كلمة لتسكن فتأتي كلمة اللَّه وتسكن داخلي، وأرجوك أن تستطعم هذا التعبير، يعني كلمة اللَّه تسكن وتقيم داخلك، وهذا يعني المعرفة بكلمة اللَّه وحفظها، ويصير قلبك مقر دائم للكلمة المقدسة، ولتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى بمعنى أن تسكن فيكم كلمة المسيح بوفرة أو بكمال، وتكون طول اليوم في فمك وفي بيتك على الدوام حتى في علاقاتنا اليومية في كل المناسبات



خلاصة الموضوع أن تكون علاقتك بالإنجيل تمر بعدَّة خطوات

الخطوة الأولى
أن يكون لك كتابك المقدس الشخصي الذى تتعوَّد عليه (اقتناء الكتاب). إنجيلك الشخصي أو كتابك المقدس الشخصي

الخطوة الثانية
أن يكون عندك باستمرار هذه المحبة الفيَّاضة لكلمة اللَّه، وتضع الوصية: لتسكن كلمة المسيح بغنى، تجعلها أمامك هدف

الخطوة الثالثة
هي القراءة اليومية ولا تجعل يوم من حياتك يمر دون أن تفتح إنجيلك

الخطوة الرابعة
أنك تتقدَّم وتدرس وتحاول تفهم

الخطوة الخامسة
أنك تحفظ وتكون كلمة اللَّه دائماً في فمك

الخطوة السادسة
أنك تتكلَّم في أحاديثك وعباراتك تستعير من هذا الغنى الذي سكن فيك

الخطوة السابعة والأخيرة
في هذه العلاقة الوثيقة بينك وبين الكلمة المُقدَّسة هي خطوة الحفظ والحياة والعمل تعيشها وتُطبِّقها وتصير جزء من كيانك اليومي، وصرت أنت إنجيل مقروء من جميع الناس، وصار سلوكك وكلامك وملامح وجهك وقراراتك كلها تنبع من خلفية الكتاب المقدس


Share

Tuesday, March 4, 2014

الحصاد في حياة الإنسان - البابا تواضروس الثاني


كلمة قداسة البابا تواضروس الثاني يوم الخميس الموافق 27 فبراير 2014م في قداس سيامة الآباء الكهنة والتي جاء فيها:

هذا الصباح يوم الخميس من الأسبوع الأول في الصوم المقدس ويتكلَّم عن الحصاد في حياة الإنسان، ونحن في هذه الأيام المقدسة أيام الصوم وهى من أغلى أيام السنة وأكثرها أهمية في مسيرة الإنسان الروحية

والصوم المقدس معروف في كنيستنا سواء من ناحية التاريخ أو من ناحية الطقس، إنها فترة هامة جداً لكل إنسان، نقرأ فى سير الآباء كيف كانوا يتوحدون فى هذه الفترة ويقضون كل أيامها فى توبة، والحقيقة فترة الصوم تدور بين نقطتين مهمين جداً

نقطة الانقطاع

نقطة الاتضاع

الصوم يتميز بفترات الانقطاع الطويل نحن نصوم الصوم النباتي، وفي الصوم الكبير تكون فترات الانقطاع وتمتد وتكبر مع أسابيع الصوم ولكن الانقطاع في ذاته له معنى إن كان على مستوى الجسد فهو يُساعد الإنسان أن يُقوِّي إرادته، فالإنسان عندما يصنع أي خطية إنما يسقط فيها، إنما تكون بالإرادة أو بغير الإرادة، قد تكون بالمعرفة أو بغير المعرفة، فتأتي فترة الصوم وفترة الانقطاع لكي ما يُقوِّي الإنسان إرادته، وبالتالي يكون له الحرص الأكثر في حياته، ويكون إنسان دقيق في كل فعل يفعله، وكل قول يقوله، حتى وكل فكر يأتي إليه

نصوم الصوم النباتي لكي نتذكَّر أيام الفردوس، حيث كان آدم وحواء قبل الخطية. والطعام النباتي له طاقة هادئة يعطيها للإنسان، ويُعطي الإنسان شيء من الضبط، لأن كل مَن يُجاهد يضبط نفسه في كل شيء. والصوم زي ما فيه الطعام النباتي، فيه أيضاً عدم الانشغال بكثرة الأطعمة، لكن الصوم لا يدور فقط في دائرة الطعام ولكن الأهم هى دائرة الانقطاع، فليس الانقطاع عن الطعام فقط، ولكن الانقطاع أيضاً عن الخطية ومصادر الخطية وتوابعها. فترة الصوم هى فترة انقطاع بالحقيقة.. انقطاع عن كل شيء يُشوِّه حياته، أو يُشوِّه قلبه. فترة الانقطاع هى فترة جهادية في حياة الإنسان الروحي، فيها يُجاهد مع ذاته ضد أي خطية بأي صورة من صور الخطية

الصوم بأيامه كلها مبنية على فكرة الانقطاع.. الكنيسة تعمل قداسات متأخرة للتدقيق، والكنيسة تُعلِّمنا الانشغال بكلمة اللَّه وليس بكلام الناس. والكنيسة تُعلِّمنا فترات الاعتكاف والخُلوة. والكنيسة تُعلِّمنا النُّسكيات كمثل الميطانيات وهكذا

المهم السؤال في حياة الإنسان: هل تستفيد من هذا الانقطاع؟ الاستفادة من الانقطاع

فكرة الانقطاع في حياة الإنسان فكرة من أجل أن تكون حياته ليست أرضية بل سماوية، هو يحاول أن ينقطع ولو إلى قليل عن كل ما يربطه بالأرض إن كان طعاماً أو كلاماً أو حتى حركة، والهدف من وراء ذلك أن يسمو فى فِكْرِهِ، ويَسْمُو في علاقاته مع مسيحه ومع السماء. وفكرة الانقطاع فكرة مُهمة حتى إنها تعيش فى الكنيسة، فالإنسان عندما يُكرِّس نفسه إنما ينقطع عن العالم، عندما يُقرِّر أن تكون حياته من أجل المسيح ومن أجل الخدمة ومن أجل الكنيسة هي الحياة المنقطعة عن العالم. ففكرة الانقطاع ليست فقط في الصوم ولكنها فى كل حياة الإنسان وهي عمل لازم للحياة الروحية، وفي حياتنا بصفة عامة

ده أوَّل الموضوع لكن آخر الموضوع أن الانقطاع إن سار فيه الإنسان بأمانة وبإخلاص وبشمولية يستطيع أن يصل إلى شكل من أشكال الاتضاع

اتضاع الانسان يعني الإنسان الذي يستطيع أن يقف أمام ذاته، ويستطيع أن يقف أمام حرب الذات، والذات التي تحاول أن تُسْقِطْ الإنسان في خطايا كثيرة، من أهمها خطايا الكبرياء والتعاظم والافتخار والاحساس بالنفس دون الاحساس بالآخر

الاتضاع أرض حاملة لكل الأثمار، وحاملة لكل الفضائل. والعالم يُحاول أن يجعل للإنسان ذات والذات هذه تقف أمامه كحجر عثرة أحياناً في الخدمة أو الأسرة او الكنيسة. إن بحث الإنسان عن أصل الخطية يجد أنها في الأصل ذات الإنسان، فهي التي تُسْقِطه

ولذلك يا إخوتي فترة الصوم المُقدَّس هي فترة تبدأ من المحسوس وهو الطعام والانقطاع عنه لكي ما ننمو يوماً فيوماً ونصل إلى حالة الاتضاع، ونتذوَّق هذا الاتضاع الذي يصل بنا إلى يوم خميس العهد حيث ينحني المُعلِّم والسيد ويغسل أرجل تلاميذه.. يظل الإنسان في جهاده كل يوم في الصوم إلى أن يصل إلى حالة الاتضاع التي رأيناها في ربنا يسوع المسيح في حال تجسده وهو ينحني أمام كل تلميذ ويغسل قدميه هذه هي صورة المسيحية، وعندما ينحني ويغسل أقدام تلاميذه نصل إلى صليب ربنا يسوع المسيح حيث يقف الإنسان عند الصليب ويقول مع المسيح: صُلِبْت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ

في فترة الصوم المقدس إعتادت الكنيسة أن تستخدم هذه الفترة لكي ما تُكرِّس من أبنائها مَن يخدموه.. نحن نفرح في هذا الصباح المُبارَك أن كنيستنا تُقدِّم من أبنائها سبعة من الشمامسة لكي ما يصيروا آباء كهنة في خدمة الكنيسة هنا في القاهرة وفي فرنسا وفي إنجلترا

والحقيقة زي ما السيد المسيح قال: الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا إلى رب الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده، في هذه الكلمات القليلة نقف أمام كلمة الفَعَلة لم يتذكَّر فقط كلمة خدام لكن ذكر كلمة الفعلة.. والفعلة يعني أصحاب التأثير، أصحاب الفعل، وليسوا أصحاب الكلام فقط.. الحصاد كثير في كل زمان حصاد المسيح كثير، وزي ما ذكرت في البداية إن إنجيل هذا الصباح يتحدَّث عن الحصاد، والحصاد في كل يوم

والحصاد بالمعنى الروحي فكرة مرتفعة جداً، الحصاد كثير، ومَن يعرفون المسيح، ومَن يولدون في المسيح، ومَن يسيرون في المسيح في كل يوم كثير جداً ولذلك العمل يتطلَّب وجود دائماً فَعَلة، والعمل الذي يتطلَّب فَعَلَة يتطلَّب في الحقيقة تفرُّغ كامل من أجل خدمة ربنا يسوع المسيح في كنيسته المُقدَّسة

الشمامسة والأخوة الذين بنعمة المسيح رُسِمُوا كهنة في هذا الصباح إنما للخدمة في كنائسهم هنا في القاهرة في كنيسة القديس مارمرقس الرسول بمصر الجديدة ثلاثة من الأخوة. وفي كنيسة الملاك ميخائيل والأنبا شنودة بعياد بك، وأيضا اثنان في خدمة الكنيسة القبطية في فرنسا، وآخر في خدمة الكنيسة القبطية في المملكة المتحدة، وزي ما إحنا شايفين الكنيسة تمتد وتنمو وتنتشر وتحتاج إلى القلوب التي تتكرَّس بالحقيقة، وهو فخر لكل أسرة أن تُقدِّم من أبنائها أو بناتها مَن يتكرَّسون، فهذا فخر أن الإنسان يستطيع بإرادته أن يُفرّغ حياته من الاهتمامات الأرضية لكي ما تكون كل اهتماماته خلاص النفوس، وأن يكون لكل نفس نصيب في السماء

الأخوة الذين بنعمة المسيح صاروا كهنة، يسير العمل الأول ليهم هو عمل الافتقاد والبحث عن كل إنسان، فهذا هو عمل الكاهن الأول عمله الخارجي أن يفتقد كل إنسان في أي مكان، وافتقاد الأب الكاهن لرعيته ولكل فرد دون أن ينسى إنساناً هو كمثل افتقاد اللَّه للبشرية عندما.. أحبَّ اللَّه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية، فهذا هو قانون الافتقاد زي ما اللَّه صنع مع الإنسان، وفي محبته القوية نزل إلينا وتجسَّد بيننا، والكلمة صار جسداً وحل بيننا لكي ما يتلامس مع كل إنسان ويصير اسمه عمانوئيل اللَّه معنا. الكاهن عمله الأساسي أن يفتقد قلب كل إنسان، وهذه الصورة صورة هامة جداً.. هو يفتقد الإنسان في مكانه، وهو يفتقد الإنسان بالتعليم، وهو يفتقد الإنسان بالخدمة هو يفتقد شغله الشاغل هو الرعية والبشر وكل إنسان

وعمل الافتقاد عمل في غاية الأهمية في تقليدنا الكنسي، وعندما يزور الكاهن البيت في التقليد الكنسي القبطي القديم والعبارة المشهورة في المجتمع المصري: إحنا زارنا النهارده المسيح.. والعبارة هذه عبارة قبطية وتقليدية قديمة إحنا زارنا المسيح، وأي كرامة ينالها هذا الأب الكاهن عندما يراه الناس حاملاً مسيحه ولابساً مسيحه ويفتقد الإنسان

والافتقاد يا إخوتي ليس هو المجاملة والافتقاد مش مجرد زيارة، لكن الافتقاد هو عبارة عن اهتمام وانشغال بالنفوس وهذا عمل هام جداً، ولذلك عندما نقيم الآباء الكهنة وهم في مراحل الشباب الناضج إنما تتوفَّر لديهم القدرة والصحة على الحركة، ففي أوقات الخدمة وفي عمر الخادم أو الكاهن أو الأسقف في فترات صحته القوية يتحرَّك كثيراً ويفتقد ويبحث ويزور، وعندما تتقدَّم صحته وتتقدَّم حياته وعمره يحتاج إلى قسط من الراحة وبالتالي تكون هناك أعمال أخرى كعمل الاعتراف مثلاً أو عمل القراءة أو التأليف أو الكتابة كعمل التعليم يكون أكثر لكن في أمور الحياة التكريسية يحتاج الإنسان إلى هذا الافتقاد وأن يستغل كل وقته من أجل افتقاد الرعية كاملة وهذه الوصية أوصيها للآباء الذين سيخدمون هنا في القاهرة فهي تحتاج إلى هذا جداً، وأيضاً لإخواتنا وكنائسنا الموجودة في الخارج، لأنَّ الرعية موجودة في كل مكان، فممكن يسافر مئات الكيلومترات علشان يوصل لأسرة، ونشكر ربنا أن الافتقاد النهارده بالزيارة، لكن ممكن استخدام وسائل أخرى مُعيَّنة أو مساعدة كالتليفون والرسائل والنت والحاجات المتطورة لكن يقف على رأسها الافتقاد الشخصي باعتبار أن هذا الافتقاد هو التواصل الحقيقي بين الراعي والرَّعية

الكاهن أيضاً يحتاج في حياته عندما يأخذ هذه الكرامة أن يحيا في نقاوة سلوك، طبعاً أنا لمَّا بقول الكاهن لم أقصد الكاهن كفرد ولكن الكاهن وأسرته زوجته الفاضلة وأبناءه الأحباء، فهُم وحدة واحدة يحتاج إلى النقاوة السلوكية. فعندما نقول في صلواتنا: أعطي بهائاً للإكليروس.. كلمة البهاء تعنى شيئين: البهاء يقصد به النقاوة القلبية.. طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون اللَّه.. نقاوة القلب والكاهن في خدمته يحمل كثيراً ولذلك يحتاج إلى نقاوة القلب كثيراً البهاء عبارة عن نقاوة داخلية، وأيضاً لمعان خارجي، واللمعان الخارجي أقصد به القدوة، فالكاهن عندما يُصلِّي ويقول: أعطي بهائاً للإكليروس، هذه النعمة يارب ساعد فيها هذا الإكليروس أن يكون في قلبه نقاوة وفي حياته الخارجية لمعان واللمعان يعني القدوة كما قال القديس بولس الرسول لأهل كورنثوس: تمثَّلوا بي كما أنا أيضا بالمسيح، تصوَّر كده خادم يقدر ويقول تمثّلوا بي كما أنا أيضاً بالمسيح، يعني كأنه يحمل بالحقيقة صورة المسيح لِمَن يخدمه، والكاهن فيما يُساعد كل إنسان على توبته يحتاج هو إلى التوبة، فلا يصح أن يصير الكاهن في بداية حياتة الكهنوتية شغال وراعي وعمال يتحرك وواخد باله من نفسه، وعندما تمتد الأعوام به ينسى، ويَنسى حياة التوبة، فالكاهن عمله (برسفيتيروس) يعني: مُصلِّي أو شفيع، هو يُصلِّي ويتشفَّع، لكن من ناحية الفعل هو يساعد كل إنسان على توبته، الكنيسة تُفرِّغه من أي مسؤلية، من أي شغل خالص لا يكون مرتبط بالعالم بأي شيء على أنه يكون في خدمته ووقته المتوفِّر يصير مساعداً لتوبة كل إنسان، لكنه هو أيضاً محتاج هذه التوبة، وهذا شيء أساسي في حياتنا أنه يبحث عن تنقية قلب كل إنسان، ولكنه أيضاً يُنقِّي قلبه

إذاً يا إخوتي الأحباء، ونحن نفرح جميعاً في إقامة هؤلاء الأخوة رُعاة في خدمة الكنيسة وخدمة ربنا يسوع المسيح، إنما نوصيهم بالافتقاد الدائم والمستمر على قدر الطاقة وقدر الصحة. ونوصيهم أيضاً بالنقاوة في حياتهم القلبية، وفي سلوكهم الروحي أمام الرَّعيَّة وأمام اللَّه وبالحاجتين دول أن يكون أمين في افتقاده ويكون نقي في حياته، فالحاجتين دول يصنع بهم اللَّه إكليل ويعطيه اللَّه له فيصير بالحقيقة أب وتتميَّز فيه روح الأبوة وتشعر وأنت بتسلّم على الكاهن مش بحسب سنه لكن تشعر بروح الأبوة التي تتدفَّق منه كل مَن يخدم الآباء الكهنة والآباء الأساقفة والشمامسة وكل مَن يخدم يحتاج إلى الصلوات الكثيرة التي تُساعده، نحتاج جميعاً إلى هذه الصلوات التي تسند والتي تُعين الكاهن في خدمته الكثيرة

المسيح يُبارِك حياتهم وأُسرهم وأولادهم وبناتهم، ويُبارِك عائلتهم وكنائسهم التي سيخدمون فيها، وكل الآباء الذين رسموا النهارده سيَخدمون مع آباء فهُم لن يكونوا في كنائس بمفردهم لكن هيكون هناك ارتباط بالآباء الموجودين معاهم وبالتالي كل هذا مُشجِّع على أن تكون حياتهم وخدمتهم مقبولة أمام اللَّه

يا أحبائي ونحن في فترة هذا الصوم المُقدَّس أن نعيش اﻻتضاع في معناه الواسع وأن نتذوَّق ونُمارِس اﻻتضاع في حياتنا كل يوم، وأن يُبارِك في هؤﻻء الذين سيخدمون اسمه القدوس ﻹلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى اﻷبد، أمين


Share

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News