يضيئون كالكواكب في ملكوت أبيهم.. وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ. دانيال 12: 3
وإنهم نور العالم.. أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. متى 5: 14 - 16
وكانوا كالشموع التي تذوب لتنير للآخرين
ونور الشمعة يوحي بان القديس لم يكن منيراً بذاته وإنما بنعمة الروح القدس فيه.. القنديل ينير بالزيت: رمز للروح القدس
لذلك سنتعرض في هذا المقال المختصر عن الأنوار في الكنيسة والحكمة فيها، وما تحويه من معان روحية
الكنيسة نفسها لقبت في الكتاب المقدس بلقب منارة. وهذا واضح في سفر الرؤيا. إذ رأي يوحنا الإنجيلي الرب يسوع وسط منائر من ذهب. وكانت المناير السبع هي السبع الكنائس.. وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ. رؤيا يوحنا اللاهوتي 1: 20
الكنيسة نشبهها بالسماء، على اعتبار أنها بيت الله أو مسكنه كالسماء. وقد كان هذا هو تقريبا التعبير الذي أطلق علي أول بيت لله، إذ قال أبونا يعقوب أب الآباء: مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ! مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ، وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ. التكوين 28: 17
وفي تشبيه الكنيسة بالسماء، ينبغي أن تضئ فيها الأنوار كالكواكب في السماء
أو قد تمتد الأنوار في الكنيسة إلى ملائكة السماء، أو الملائكة التي كانت تصعد وتنزل على السلم الذي رآه أبونا يعقوب في بيت إيل.. بيت الله.. وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا. التكوين 28: 12. والملائكة يمكن أن يرمز إليهم النور، إذ يسمون أيضا بملائكة النور.. مَلاَكِ نُورٍ. رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11: 14
أو قد ترمز أنوار الكنيسة إلى القديسين، الذين يقول لهم الرب: فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. متى 5: 16. وشبههم في تلك المناسبة بالسراج الذي يوضع على المنارة.. وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. متى 5: 15. وذكر الإنجيل أيضا أن الأبرار يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم.. حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ. متى 13: 43. والقديس يوحنا المعمدان - كمثال - قال عنه السيد المسيح لليهود، كان هو السراج الموقد المنير. وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة.. كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. يوحنا 5: 35
ولما كانت الكنيسة مملوءة بالملائكة. وبالقديسين، إذن ينبغي أن يكون مملوءة بالأنوار
بل ينبغي أن تكون الكنيسة مملوءة بالأنوار، أولاً وقبل كل شيء لحلول الله فيها، والله نور.. إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. رسالة يوحنا الرسول الأولى 1: 5. وقد قال السيد المسيح عن نفسه: أنا نور العالم.. ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً: أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ. يوحنا 8: 12
والكنيسة تضاء بالأنوار، على مثال خيمة الاجتماع والهيكل وكلاهما كانتا مملؤتين بالأنوار. لا تنطفئ سرجهما أبداً. وأمر الرب بإضاءة السرج بزيت الزيتون النقي، ويشرف على هذا الأمر هارون وبنوه كفريضة أبدية. وقال في ذلك: وَأَنْتَ تَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُقَدِّمُوا إِلَيْكَ زَيْتَ زَيْتُونٍ مَرْضُوضٍ نَقِيًّا لِلضَّوْءِ لإِصْعَادِ السُّرُجِ دَائِمًا. فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، خَارِجَ الْحِجَابِ الَّذِي أَمَامَ الشَّهَادَةِ، يُرَتِّبُهَا هَارُونُ وَبَنُوهُ مِنَ الْمَسَاءِ إِلَى الصَّبَاحِ أَمَامَ الرَّبِّ. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِهِمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. الخروج 27: 20 - 21
هذا أمر إلهي، أصدره الله، وَقَالَ اللهُ: لِيَكُنْ نُورٌ، فَكَانَ نُورٌ. التكوين 1: 3. في اليوم الأول.. وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. التكوين 1: 4
والسرج التي تضاء بالزيت، لها معنى روحي، لأن الزيت يرمز للروح القدس. وكان يستخدم في المسحة فيحل روح الرب. كما مسح صموئيل داود فحل عليه روح الرب.. فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ الدُّهْنِ وَمَسَحَهُ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا. صموئيل الأول 16: 13. وكما يذكر الإنجيل عن المسحة المقدسة.. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ. رسالة يوحنا الرسول الأولى 2: 20.. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ. رسالة يوحنا الرسول الأولى 2: 27. وحتى الشموع التي نوقدها في الكنيسة هي أيضا من زيت. والسرج في الكنيسة كانت فتائل تضئ بالزيت لنفس الرمز
نلاحظ أن الله أمر بعمل منارة في بيته، سواء خيمة الاجتماع أو الهيكل وكانت السرج، والمنارة من الذهب النقي.. وَتَصْنَعُ مَنَارَةً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. عَمَلَ الْخِرَاطَةِ تُصْنَعُ الْمَنَارَةُ، قَاعِدَتُهَا وَسَاقُهَا. تَكُونُ كَأْسَاتُهَا وَعُجَرُهَا وَأَزْهَارُهَا مِنْهَا. الخروج 25: 31.. وَصَنَعَ الْمَنَارَةَ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. صَنْعَةَ الْخِرَاطَةِ صَنَعَ الْمَنَارَةَ، قَاعِدَتَهَا وَسَاقَهَا. كَانَتْ كَأْسَاتُهَا وَعُجَرُهَا وَأَزْهَارُهَا مِنْهَا. الخروج 37: 17.. وَالْمَنَائِرَ وَسُرُجَهَا لِتَتَّقِدَ حَسَبَ الْمَرْسُومِ أَمَامَ الْمِحْرَابِ مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ. أخبار الأيام الثاني 4: 20. وكل هذا يدل على اهتمام الله بالأنوار في بيته
كانت السرج تضاء باستمرار حسب أمر الرب. وكان إطفاء السرج وعدم الاهتمام بإضاءتها يعتبر خيانة للرب تستحق العقوبة الشديدة. وفي هذا يقول الكتاب: لأن آباءنا خانوا وعملوا الشر في عيني الرب إلهنا، وتركوه.. وأطفأوا السرج، ولم يوقدوا بخورًا.. فكان غضب الرب علي يهوذا وأورشليم، وأسلمهم للقلق والدهش.. لأَنَّ آبَاءَنَا خَانُوا وَعَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِنَا وَتَرَكُوهُ، وَحَوَّلُوا وُجُوهَهُمْ عَنْ مَسْكَنِ الرَّبِّ وَأَعْطَوْا قَفًا، وَأَغْلَقُوا أَيْضًا أَبْوَابَ الرِّوَاقِ وَأَطْفَأُوا السُّرُجَ وَلَمْ يُوقِدُوا بَخُورًا وَلَمْ يُصْعِدُوا مُحْرَقَةً فِي الْقُدْسِ لإِلهِ إِسْرَائِيلَ. فَكَانَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، وَأَسْلَمَهُمْ لِلْقَلَقِ وَالدَّهْشِ وَالصَّفِيرِ كَمَا أَنْتُمْ رَاؤُونَ بِأَعْيُنِكُمْ. أخبار الأيام الثاني 29: 6 - 8، كل هذا يرينا مدى اهتمام الرب بإضاءة الأنوار في بيته
ولإضاءة السرج معنى روحي عميق خاص، يرمز إلى الاستعداد الدائم والسهر المستمر والاحتفاظ بعمل الروح القدس في القلب. ويقول لنا الرب عن هذا الاستعداد (لتكن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة وانت تشبهون أناسًا ينتظرون سيدهم متي يرجع العرس.. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين) لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. لوقا 12: 35 - 37
وضرب الرب لنا مثلاً بالعذارى اللائى كانت مصابيحهن موقدة، بينما الجاهلات انطفأت مصابيحهن.. حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ. متى 25: 1 - 13
إن الزيت في المصابيح يرمز إلى عمل الروح القدس في القلب واستمراره موقدًا يرمز إلى السهر الدائم في حفظ القلب مرتبطاً بعمل الروح فيه
وما يقال عن الأفراد يقال عن الكنيسة كلها. ورؤية الناس للنور في الكنيسة يوحي إليهم بواجبهم في أحتفاظهم بالنور داخلهم، وأن تكون مصابيحهم دائماً موقدة. ويتذكرون أن الكنيسة من العذارى الحكيمات اللائي احتفظن بمصابيحهن مضيئة
أما إضاءة الشموع وقت الإنجيل، فهذا بلا شك أفضل من قراءته بدون إضاءة. إن ذلك يذكرنا بقول المزمور سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي. المزامير 119: 105. وأيضا يقول المرتل وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد.. وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. المزامير 19: 8
والكنيسة الأولى منذ عصر الرسل كانت مهمته بهذه الأنوار وما تحمله من رموز، ويسجل لنا سفر أعمال الرسل عن العلية التي كان يعظ فيها بولس بعد كسر الخبز أنه وَكَانَتْ مَصَابِيحُ كَثِيرَةٌ فِي الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهَا. أعمال الرسل 20: 8
والشموع التي نضعها أمام صور القديسين، إنما تذكرنا بأنهم كانوا أنوارًا في أجيالهم. وبأنهم كانوا كالشموع، يذوبون لكي يضئ نوركم هكذا قدام الناس
المرجع
كتاب اللاهوت المقارن لمثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
No comments:
Post a Comment