Monday, March 15, 2010

اقوال الآباء - القديس كبريانوس عن القداسة والروحانية

بعد ذلك وجده يسوع في الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت فلا تخطيء أيضا لئلا يكون لك أشر. يو5: 14

Afterward Jesus found him in the temple, and said to him, “See, you have been made well. Sin no more, lest a worse thing come upon you.” (John 5: 14)


إن كنا أولادًا لله، إن كنا بالفعل قد بدأنا أن نكون هياكله، إن كنا نتقبل روحه القدوس، يلزمنا أن نحيا بالقداسة والروحانية. القديس كبريانوس


If we are children of God; If we have actually begun to be His temples: If we have received His Holy Spirit, we have got to live holy and spiritually. (St. Cyprian)


Abouna Zakaria Albramousy - http://www.facebook.com/profile.php?id=1335485404
Coptic Mission in Mexico - http://www.facebook.com/group.php?gid=34545155352


Abouna Zakaria Albramousy ابونا زكريا البرموسى
Coptic Mission in Mexico الكنيسة القبطية الارثوذكسية بالمكسيك



Share/Bookmark

المحبة الضارة

المحبة الضارة
بقلم: البابا شنودة الثالث

علي الرغم من أن المحبة فضيلة كبري‏،‏ إلا أنه توجد محبة ضارة‏.‏ ولعل من أسباب المحبة الضارة‏،‏ أن تكون بغير حكمة‏،‏ أو بعيدة عن الروحيات‏، او تتصف بالذاتية‏،‏ أو تتعارض مع وصايا الله‏‏

وسنتكلم في هذا المقال عن أنواع من هذه المحبة الضارة‏.‏ لايستطيع احد منا ان ينكر محبة الأم‏،‏ حتي انه يضرب بها المثل في الحنان وفي عمق المحبة‏.‏ ومع ذلك يمكن ان أما تحب ابنها بطريقة ضارة‏.‏ ومن أمثلة ذلك تدخلها في زواج ابنها وبعد زواجه‏.‏ هذا مع الابن ومع الابنة‏:‏ إما في الاسراع بالتزويج قبل النضوج او قبل التوافق‏..‏ او اختيار زوج تظن فيه الام انه صالح لابنتها‏،‏ فتدفعها الي الزواج به دفعا‏،‏ ويكون في ذلك ضرر لها طول الحياة‏..‏ ومن المحبة الضارة ان تتدخل الام في الحياة الزوجية لابنها‏.‏ وهي تظن انها تفعل ذلك إشفاقا عليه‏،‏ بينما تحطم حياته الزوجية‏

ومن أساليب المحبة الضارة‏،‏ المديح الضار‏،‏ الذي يقود احيانا الي الغرور‏،‏ وإلي حسد الآخرين ومتاعبهم‏.‏ وإعلان ذلك المديح يكون بغير حكمة‏

ويماثل المديح الخاطئ في ضرره‏،‏ الدفاع عن الأخطاء بدافع من الحب الخاطئ‏

هذا الدفاع يجعل المخطئ يثبت في أخطائه‏،‏ وقد يؤدي ذلك الي هلاكه‏.‏ ولاشك ان مبرئ المذنب هو مثل مذنب البريء‏،‏ في ان كليهما ضد الحق‏

وقد يحدث الدفاع عن الاخطاء في جو الاسرة والأصدقاء‏،‏ او في تملق الملوك والزعماء‏،‏ او في مجال المخطئين دينيا‏.‏ إنها محبة خاطئة‏،‏ بل محبة ضارة‏.‏ سواء كانت عن ثقة واقتناع‏،‏ او عن تملق رخيص‏

ومن ألوان المحبة الخاطئة تسهيل الشر‏.‏ مثال ذلك طالب يقوم بتغشيش زميله في الامتحان بدافع من الشفقة والمحبة‏!‏ أو طبيب يكتب شهادة مرضية وهمية‏....!‏ أو صديق يشهد شهادة زور تأييدا لصديقه‏.‏ أو محاسب يساعد ممولا علي اختلاس حقوق الدولة في الضرائب‏.‏ أو استاذ باسم الرحمة او المحبة يخفض المقرر لتلاميذه‏،‏ ويقدم لهم في الامتحان أسئلة تافهة لكي ينجحوا ولم ينالوا من العلم شيئا‏

وينضم الي هذا البند ايضا النصح الخاطئ‏

ومن أمثلة المحبة الضارة‏،‏ أن ابا يحب ابنا له اكثر من بقية ابنائه‏.‏ فيثير فيهم عن عوامل الحسد ضد أخيه‏.‏ ومن أمثلته ايضا الذي يتزوج امرأتين‏،‏ ولا يكون عادلا بينهما في المحبة‏

ومن ألوان المحبة الضارة الاستحواذ‏..‏ اي المحبة التي تحبس محبوبها في حيزها الخاص‏.‏ كالأم التي تمنع ابنها من سفر بعيد يفيده جدا‏،‏ لأنها تريده الي جوارها وبهذا تضره وتضيع مستقبله بسبب محبتها الضارة‏.‏ وكثيرا ماتحدث أمثال هذه المشاكل في محيط الحياة الزوجية او الحياة العائلية بصفة عامة‏.‏ مثل الزوج الذي تدعوه أنانيته في محبته الي التضييق علي زوجته في الدخول والخروج‏،‏ وفي الكلام وفي الابتسام‏،‏ وفي الزيارات وفي اللقاءات‏.‏ كمن يحبس عصفورا في قفص‏، ويمنعه من الطيران‏،‏ ليصير له وحده‏،‏ ويغني العصفور له وحده‏!‏ ولاتهمه حرية العصفور في شيء‏.‏ وفي تضييق الرجل علي امرأته بسبب محبته الانانية لها‏،‏ يجمع الرجل بين نقيضين‏:‏ الحب والقسوة‏!!‏

ونفس الوضع بالنسبة الي الزوجة التي تضر رجلها بمحبتها‏،‏ فتضيق عليه الخناق ايضا‏

وتكثر من أسئلتها وتحقيقاتها حول مواعيده ومقابلاته وعلاقاته‏،‏ بطريقة تصيبه بالضجر والضيق النفسي‏.‏ وتصيبها هي بالشك والقلق والخوف‏..‏ وكل ذلك باسم الحب‏!!‏ ومحبة الاستحواز قد توجد ايضا في محيط الاصدقاء‏.‏ فباسم المحبة يريد الشخص من صديقه ان يتحيز له‏،‏ فيصادق من يصادقه ويعادي من يعاديه‏.‏ وهكذا يضره من جهة علاقاته ومن جهة روحياته‏...‏ وأحيانا يضيع وقت هذا الذي يحبه‏.‏ وباسم المحبة اذ يشغل وقته‏،‏ كثيرا مايؤثر ذلك علي دراسته او عمله فيضره‏!‏

ومن المحبة الضارة‏، أنها تتركز احيانا في الجسد‏،‏ وتتحول الي شهوة‏.‏ وللأسف قد يسميها البعض حبا بينما هي شهوة‏،‏ تضر نفسها‏،‏ وتضر من تحبه ايضا‏.‏ سواء الضرر الروحي‏،‏ أو ما يصاحبه من أضرار اخري‏.‏ ومن المحبة الضارة المحبة التي تشفق علي الجسد وتضر الروح‏.‏ كأم تشفق علي ابنها‏،‏ وتمنعه من الصوم حرصا علي صحة جسده‏.‏ ومن مظاهر المحبة الخاطئة التدليل‏.‏ وفيه الشفقة الزائدة والانفاق الزائد علي الحاجة وتقديم انواع المتع العديدة‏.‏ وعدم فرض عقوبة مهما كان الذنب‏.‏ او تكون العقوبة نوعا من التوبيخ الهادئ جدا الذي لايمكن ان يروع احدا فيستمر الخطأ‏

ومن ألوان المحبة الضارة‏،‏ محبة المريض لما يزيد مرضه كمريض بالسكر يحب الحلويات‏،‏ او مريض بالكوليسترول يحب الدهنيات‏.‏ أو شخص يحب المخدرات ولايقدر علي الامتناع عنها وكل هذا يضره‏.‏ وكل من هؤلاء يضر نفسه دون ان يضره غيره‏..‏

وبالمثل شخص لمحبته الخاطئة لنفسه يكثر من الافتخار ومديح نفسه بطريقة تنفر الناس منه‏..‏ او انسان بخيل يحب المال ويكنزه وينمي رصيده‏،‏ بأسلوب يبخل به علي نفسه وعلي المحيطين به‏،‏ فيضر نفسه ويضرهم‏

وهناك محبة اخري للمرضي تضرهم‏.‏ كأن يزورهم شخص يحبهم‏،‏ فيبقي الي جوارهم مدة طويلة يتحدث إليهم‏.‏ وهم صحيا في حاجة الي الراحة‏.‏ وبكلامه معهم لايعطيهم فرصة للاتصال بالله أثناء مرضهم‏.‏ أو من المحبة للمريض‏، خداعه في نوع مرضه‏.‏ فلا يهتم بأبديته ومايلزمه من التوبة‏.‏ او بتقديم متع للمريض أثناء مرضه يمكن أن تضره‏

وربما إنسان يحب شخصا فيضيع سمعته‏


مقال قداسة الانبا شنوده الثالث – بابا الاسكندرية 117 وبطريرك الكرازة المرقسية – في جريدة الأهرام – السنة 134 – العدد 45023 – يوم الأحد الموافق 14 مارس (آذار) 2010 ميلادية، 5 برمهات 1726 شهداء (قبطية)، 28 ربيع أول 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة العاشرة (10)، قضايا وآراء
http://www.ahram.org.eg


‏‏‏‏‏‏‏‏‏



Share/Bookmark

Friday, March 12, 2010

البابا‏ ‏كيرلس السادس‏ ‏جندي‏ ‏صالح‏ ‏للمسيح


البابا‏ ‏كيرلس السادس‏ ‏جندي‏ ‏صالح‏ ‏للمسيح
للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس

‏الأصحاح‏ ‏الثاني‏ ‏من‏ ‏الرسالة‏ ‏الثانية‏ ‏إلي‏ ‏تيموثيئوس‏، ‏يبدأ‏ ‏بهذا‏ ‏التعبير‏ "‏فاشترك‏ ‏أنت‏ ‏في‏ ‏احتمال‏ ‏المشقات‏ ‏كجندي‏ ‏صالح‏ ‏ليسوع‏ ‏المسيح‏

ليس‏ ‏أحد‏ ‏وهو‏ ‏يتجند‏ ‏يرتبك‏ ‏بأعمال‏ ‏الحياة‏ ‏لكي‏ ‏يرضي‏ ‏من‏ ‏جنده‏، ‏وأيضا‏ ‏إن‏ ‏كان‏ ‏أحد‏ ‏يجاهد‏ ‏لا‏ ‏يكلل‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يجاهد‏ ‏قانونيا‏. ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏الحراث‏ ‏الذي‏ ‏يتعب‏ ‏يشترك‏ ‏هو‏ ‏أولا‏ ‏في‏ ‏الأثمار‏، ‏افهم‏ ‏ما‏ ‏أقول‏ ‏فليعطك‏ ‏الرب‏ ‏فهما‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏شئ

وأنا‏ ‏أقرأ‏ ‏هذه‏ ‏الكلمات‏ ‏شرد‏ ‏ذهني‏ ‏إلي‏ ‏أبينا‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏السادس‏. ‏رأيته‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 1937 ‏عندما‏ ‏كنت‏ ‏طالبا‏ ‏في‏ ‏الإكليريكية‏ ‏في‏ ‏السنة‏ ‏الأولي‏ ‏وذهبنا‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏الشباب‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الوقت‏ ‏إلي‏ ‏جبل‏ ‏المقطم‏ ‏لنزوره‏ ‏وقد‏ ‏كان‏ ‏وقتها‏ ‏يسكن‏ ‏طاحونة‏ ‏هواء‏

ولما‏ ‏كان‏ ‏عددنا‏ ‏كبيرا‏ ‏لم‏ ‏يسمح‏ ‏لهذا‏ ‏العدد‏ ‏أن‏ ‏يدخل‏ ‏هذه‏ ‏الطاحونة‏ ‏الضيقة‏ ‏فخرج‏ ‏معنا‏ ‏إلي‏ ‏الجبل‏ ‏وجلس‏ ‏وجلسنا‏ ‏من‏ ‏حوله‏ ‏وأذكر‏ ‏ولا‏ ‏أنسي‏ ‏وهذا‏ ‏لأول‏ ‏مرة‏ ‏في‏ ‏حياتي‏ ‏وأنا‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏السن‏ ‏الصغيرة‏ ‏رأيته‏ ‏بالمنطقة‏ ‏من‏ ‏حول‏ ‏وسطه‏ ‏لكنها‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏بصورة‏ ‏المنطقة‏ ‏التي‏ ‏يلبسها‏ ‏الرهبان‏ ‏اليوم‏. ‏كان‏ ‏يلبسها‏ ‏بطريقة‏ ‏العسكر‏ ‏كعسكري‏، ‏كجندي‏. ‏استوقفني‏ ‏منظره‏ ‏وإلي‏ ‏اليوم‏ ‏لا‏ ‏أنساه‏

حقيقة‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الرجل‏ ‏كان‏ ‏جنديا‏، ‏بدأ‏ ‏بالجندية‏ ‏وحتي‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أصبح‏ ‏رئيس‏ ‏الجنود‏ ‏عندما‏ ‏رسم‏ ‏بابا‏، لكن‏ ‏رئيس‏ ‏الجنود‏ ‏جندي‏ ‏ورئيس‏ ‏العسكر‏ ‏عسكري‏.‏ فبهذه‏ ‏الصفة‏ ‏عاش‏ ‏الرجل‏ ‏جنديا‏ ‏وكان‏ ‏يفهم‏ ‏نفسه‏ ‏أنه‏ ‏جندي‏ ‏بكل‏ ‏ما‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الكلمة‏ ‏من‏ ‏معني‏. ‏غير‏ ‏أنه‏ ‏جندي‏ ‏أولا‏ ‏لسيده‏ ‏الذي‏ ‏أعطاه‏ ‏حياته‏، ‏ولم‏ ‏يبق‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏شيئا‏ ‏لذاته‏

نحن‏ ‏لا‏ ‏نمدح‏ ‏الرجل‏ ‏وإنما‏ ‏نقرر‏ ‏الواقع‏، ‏وهو‏ ‏الآن‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏الآخر‏، ‏إنه‏ ‏كان‏ ‏ذلك‏ ‏الجندي‏ ‏المخلص‏ ‏لا‏ ‏يسمع‏ ‏إلا‏ ‏صوت‏ ‏سيده‏، ‏وكأنه‏ ‏إيليا‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏دائما‏ ‏يعبر‏ ‏بهذا‏ ‏التعبير‏ '‏حي‏ ‏الرب‏ ‏الذي‏ ‏أنا‏ ‏واقف‏ ‏أمامه‏'

كان‏ ‏يفهم‏ ‏أنه‏ ‏خادم‏ ‏لسيده‏، ‏وليس‏ ‏له‏ ‏إلا‏ ‏سيد‏ ‏واحد‏ ‏كل‏ ‏الآخرين‏ ‏ممن‏ ‏يرتفعون‏ ‏عنه‏ ‏مكانة‏ ‏أو‏ ‏سنا‏ ‏لهم‏ ‏إحترامهم‏ ‏لكنه‏ ‏عبد‏ ‏خاص‏ ‏لسيد‏ ‏واحد‏، ‏واقف‏ ‏علي‏ ‏بابه‏ ‏يعنيه‏ ‏أولا‏ ‏أن‏ ‏يسمع‏ ‏صوت‏ ‏سيده‏، ‏ليس‏ ‏له‏ ‏عمل‏ ‏وليست‏ ‏له‏ ‏خدمة‏، ‏لا‏ ‏صوت‏ ‏له‏ ‏وقع‏ ‏عنده‏ ‏إلا‏ ‏صوت‏ ‏سيده‏ ‏"حي‏ ‏الرب‏ ‏الذي‏ ‏أنا‏ ‏واقف‏ ‏أمامه"‏ ‏واقف‏ ‏أمامه‏ ‏في‏ ‏عبادتي‏ ‏له‏، ‏واقف‏ ‏أمامه‏ ‏في‏ ‏خدمته‏، ‏منتظر‏ ‏الكلمة‏ ‏التي‏ ‏يقولها‏ ‏لي‏ ‏لأجري‏ ‏كما‏ ‏يأمرني‏ ‏أذهب‏، ‏ليس‏ ‏هناك‏ ‏لي‏ ‏صوت‏ ‏آخر‏ ‏يهز‏ ‏نفسي‏ ‏ويستثيرني‏ ‏للعمل‏ ‏إلا‏ ‏صوته‏

أنا‏ ‏جندي‏ ‏ولست‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏جندي‏ ‏وهذا‏ ‏شرفي‏، ‏شرفي‏ ‏أنني‏ ‏جندي‏، جندي‏ ‏لهذا‏ ‏السيد‏ ‏واقف‏ ‏علي‏ ‏خدمته‏ ‏مطيع‏ ‏لصوته‏ ‏وخدمتي‏ ‏له‏ ‏خدمة‏ ‏الملائكة‏. ‏وما‏ ‏هي‏ ‏خدمة‏ ‏الملائكة؟ هم‏ ‏وقوف‏ ‏أمامه‏ ‏يسمعون‏ ‏صوته‏ ‏وينتظرون‏ ‏كلمته‏ ‏ويعملون‏ ‏بكلمته‏، ‏لهم‏ ‏خدمة‏ ‏للناس‏ ‏ولكن‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏خدمتهم‏ ‏لسيدهم‏، ‏هم‏ ‏لا‏ ‏يخدمون‏ ‏الناس‏ ‏ابتداء‏، ‏لئلا‏ ‏يتحول‏ ‏في‏ ‏نظر‏ ‏الناس‏ ‏إلي‏ ‏سادة‏، ‏ويغطي‏ ‏وجودهم‏ ‏كرامة‏ ‏سيدهم‏، ‏لا‏...

أنا‏ ‏جندي‏ ‏أخدم‏ ‏سيدي‏ ‏أولا‏، ‏وإذا‏ ‏خدمت‏ ‏الناس‏ ‏فباسم‏ ‏سيدي‏ ‏أخدمهم‏، ‏لأن‏ ‏سيدي‏ ‏أعطاني‏ ‏هذه‏ ‏الأمانة‏، ‏إنما‏ ‏أنا‏ ‏لا‏ ‏أخدمهم‏ ‏لأتحول‏ ‏في‏ ‏نظرهم‏ ‏إلي‏ ‏زعيم‏

أنا‏ ‏جندي‏ ‏مأمور‏ ‏مربوط‏ ‏بهذه‏ ‏المنطقة‏، ‏لأنني‏ ‏في‏ ‏خدمة‏ ‏هذا‏ ‏السيد‏ ‏الواحد‏، ‏فإذا‏ ‏أرسلني‏ ‏فهو‏ ‏الذي‏ ‏أرسلني‏ ‏ولا‏ ‏فضل‏ ‏لي‏ ‏في‏ ‏هذا‏، ‏المجد‏ ‏مجده‏، ‏الكرامة‏ ‏كرامته‏، ‏وأنا‏ ‏كخادم‏ ‏لا‏ ‏كرامة‏ ‏لي‏. ‏لقد‏ ‏اندمجت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏لقد‏ ‏اتحدت‏ ‏إرادتي‏ ‏بإرادته‏، ‏بل‏ ‏لقد‏ ‏أسقطت‏ ‏إرادتي‏ ‏في‏ ‏إرادة‏ ‏سيدي‏، ‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏لي‏ ‏شئ‏ ‏أنوي‏ ‏عليه‏ ‏أو‏ ‏أهتم‏ ‏به‏ ‏حتي‏ ‏لو‏ ‏نلت‏ ‏من‏ ‏جراء‏ ‏خدمتي‏ ‏لسيدي‏ ‏متاعب‏، ‏هذه‏ ‏لا‏ ‏تعنيني‏ ‏لأن‏ ‏سيدي‏ ‏قال‏ ‏لي‏ ‏إن‏ ‏كانوا‏ ‏قد‏ ‏اضطهدوني‏ ‏فسيضهدونكم

هذا‏ ‏الرجل‏ ‏الذي‏ ‏نحتفل‏ ‏بذكراه‏ ‏وهو‏ ‏سعيد‏ ‏في‏ ‏عالمه‏، ‏وهو‏ ‏هناك‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏العالم‏ ‏ما‏ ‏زال‏ ‏ذلك‏ ‏الجندي‏، ‏ما‏ ‏زال‏ ‏ذلك‏ ‏الجندي‏ ‏في‏ ‏درجة‏ ‏رئيس‏ ‏كهنة‏، ‏نعم‏ ‏لكنه‏ ‏جندي‏ ‏لسيده‏ ‏يخدم‏ ‏هناك‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏الواسع‏ ‏ويخدم‏ ‏هنا‏ ‏بأسلوب‏ ‏منظور‏ ‏أحيانا‏ ‏وبأسلوب‏ ‏غير‏ ‏منظور‏ ‏أحيانا‏ ‏أخري‏. ‏اتسع‏ ‏مجال‏ ‏خدمته‏ ‏لكنه‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الاتساع‏ ‏خادم‏ ‏لسيد‏ ‏واحد‏، ‏جندي‏ ‏يعمل‏ ‏كل‏ ‏شئ‏ ‏لحساب‏ ‏سيده‏ ‏لا‏ ‏لحسابه‏ ‏هو‏ ‏شكرا‏ ‏لله‏، في‏ ‏هذا‏ ‏اليوم‏ ‏خطر‏ ‏لبالي‏. ‏عندما‏ ‏كان‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏حيا‏ ‏في‏ ‏الأرض‏، كان‏ ‏يخدم‏، ‏كان‏ ‏يصلي‏، ‏كان‏ ‏يتعبد‏، ‏كان‏ ‏يبارك‏، ‏كان‏ ‏يخدم‏ ‏الناس‏ ‏الذين‏ ‏خلقهم‏ ‏الله‏ ‏علي‏ ‏صورته‏ ‏ومثاله‏. ‏كثيرون‏ ‏انتفعوا‏ ‏بصلواته‏ ‏وببركاته‏، ‏كثيرون‏ ‏انتفعوا‏ ‏بكلمته‏، ‏كثيرون‏ ‏أرشدهم‏ ‏إلي‏ ‏أمور‏ ‏مستقبلية‏ ‏في‏ ‏حياتهم‏، ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏فإن‏ ‏الذين‏ ‏عرفوه‏ ‏بعد‏ ‏حياته‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏ماذا‏ ‏أقول‏...‏ أكثر‏ ‏من‏ ‏الذين‏ ‏عرفوه‏ ‏وهو‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏

إنها‏ ‏ظاهرة‏ ‏جميلة‏ ‏وعجيبة‏ ‏تبرهن‏ ‏علي‏ ‏صدق‏ ‏الرسالة‏ ‏المسيحية‏، ‏تبرهن‏ ‏علي‏ ‏حقيقة‏ ‏الرسالة‏ ‏الرهبانية‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏أسلوب‏ ‏النجاح‏ ‏الإلهي‏.‏ الإنسان‏ ‏الذي‏ ‏قد‏ ‏يجد‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏قبولا‏ ‏من‏ ‏جهة‏ ‏وعدم‏ ‏قبول‏ ‏من‏ ‏جهة‏، ‏وقد‏ ‏يجد‏ ‏المتاعب‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏والضيقات‏ ‏في‏ ‏حياته‏. ‏لكن‏ ‏جميع‏ ‏ضيقاته‏ ‏انقلبت‏ ‏إلي‏ ‏خير‏ ‏للكنيسة‏ ‏ولمجد‏ ‏الله‏. ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏ذهب‏ ‏هو‏ ‏ضحية‏ ‏هذه‏ ‏الآلام‏ ‏فكما‏ ‏يقول‏ ‏المسيح‏ '‏من‏ ‏أهلك‏ ‏نفسه‏ ‏من‏ ‏أجلي‏ ‏يجدها‏' ‏ربما‏ ‏كانت‏ ‏حياته‏ ‏قصيرة‏ ‏وأنهتها‏ ‏بعض‏ ‏الآلام‏ ‏التي‏ ‏ضيقت‏ ‏عليه‏ ‏لكنها‏ ‏جلبت‏ ‏خيرا‏ ‏كبيرا‏ ‏للكنيسة‏ ‏من‏ ‏جهة‏، ‏وأيضا‏ ‏أثمرت‏ ‏لأنها‏ ‏قوضت‏ ‏في‏ ‏مملكة‏ ‏الشيطان‏ ‏ما‏ ‏قوضت‏

واليوم‏ ‏نجد‏ ‏أن‏ ‏خدمته‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏القصيرة‏ ‏أثمرت‏ ‏والثمر‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏يتزايد‏، ‏ما‏ ‏معني‏ ‏هذا؟‏ ‏معناه‏ ‏أن‏ ‏الرجل‏ ‏لم‏ ‏يحيا‏ ‏لنفسه‏ ‏بل‏ ‏كان‏ ‏حيا‏ ‏لسيده‏، ‏ولكن‏ ‏كانت‏ ‏حياته‏ ‏ومتاعبه‏ ‏سبب‏ ‏بركة‏ ‏للكنيسة‏ ‏كلها‏ ‏ولمصر‏ ‏بأكملها‏

سمعتها‏ ‏من‏ ‏ثلاثة‏ ‏وزراء‏ ‏أن‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏الرئيس‏ ‏الراحل‏ ‏كان‏ ‏يقول‏: ‏لم‏ ‏يخدمني‏ ‏أحد‏ ‏كما‏ ‏خدمني‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏في‏ ‏السنوات‏ ‏الأولي‏ ‏كانت‏ ‏هناك‏ ‏ضيقة‏ ‏وكانت‏ ‏أزمة‏ ‏لكن‏ ‏الرجل‏ ‏لأنه‏ ‏جندي‏ ‏لسيده‏ ‏لم‏ ‏يفعل‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏يعتكف‏ ‏للصلاة‏ ‏قداسات‏ ‏مستمرة‏، ‏بخور‏ ‏مرتفع‏ ‏دائم‏ ‏بلا‏ ‏توقف‏، اعتكاف‏ ‏في‏ ‏قلايته‏ ‏في‏ ‏البطريركية‏ ‏وفي‏ ‏دير‏ ‏مارمينا‏ ‏بمريوط‏

هذا‏ ‏الاعتكاف‏ ‏الصامت‏ ‏أثمر‏ ‏كثيرا‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏أنه‏ ‏رد‏ ‏اعتبار‏ ‏الرجل‏ ‏ولكنه‏ ‏أنجب‏ ‏خيرا‏ ‏للكنيسة‏.. ‏الضيقة‏ ‏التي‏ ‏أصابت‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏بلدة‏ ‏صغيرة‏ ‏اسمها‏ ‏المواساة‏ ‏تابعة‏ ‏لمركز‏ ‏السباعية‏ ‏التابعة‏ ‏لإدفو‏ ‏هذه‏ ‏الضيقة‏ ‏أثمرت‏ ‏الكاتدرائية‏ ‏الكبري‏

حقيقة‏ ‏لسنا‏ ‏نحن‏ ‏الذين‏ ‏طلبنا‏ ‏هذه‏ ‏الكاتدرائية‏ ‏طلبها‏ ‏الرئيس‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏اقترح‏ ‏هذا‏ ‏الاقتراح‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏شعر‏ ‏بأن‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏أكبر‏ ‏رئيس‏ ‏لأقدم‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏فلماذا‏ ‏لايكون‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏بابا‏ ‏الشرق‏ ‏أيضا‏ ‏ولماذا‏ ‏لاتكون‏ ‏هناك‏ ‏كنيسة‏ ‏عظيمة‏ ‏تكون‏ ‏مركزا‏ ‏دينيا‏ ‏لبابا‏ ‏الشرق‏ ‏في‏ ‏مقابل‏ ‏الفاتيكان‏ ‏في‏ ‏روما‏، ‏لسنا‏ ‏نحن‏ ‏الذين‏ ‏اقترحنا‏ ‏هذا‏ ‏الاقتراح‏

الله‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏تكلم‏، ‏الله‏ ‏الذي‏ ‏في‏ ‏قدرته‏ ‏أن‏ ‏يحول‏ ‏الشر‏ ‏إلي‏ ‏خير‏ ‏بصورة‏ ‏لايتوقعها‏ ‏الإنسان‏ ‏ولا‏ ‏يحلم‏ ‏بها‏. ‏ليس‏ ‏هذا‏ ‏فقط‏ ‏بل‏ ‏كان‏ ‏طريقا‏ ‏لرد‏ ‏اعتبار‏ ‏الرجل‏، ‏بل‏ ‏يوم‏ ‏أن‏ ‏تنيح‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏كل‏ ‏الدولة‏ ‏نعته‏ ‏بحزن‏ ‏حقيقي‏، ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏النعي‏ ‏يقفز‏ ‏بالمشاعر‏ ‏العظيمة‏ ‏التي‏ ‏تركها‏ ‏في‏ ‏نفوس‏ ‏المصريين‏ ‏جميعا‏، ‏بل‏ ‏أقول‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏وفي‏ ‏الغرب‏ ‏أيضا‏

هذا الجندي‏ ‏عندما‏ ‏جاء‏ ‏البطريرك‏ ‏أثيناغوراس‏ ‏بطريرك‏ ‏القسطنطينية‏، ‏ويعد‏ ‏في‏ ‏مكانته‏ ‏المقدم‏ ‏بين‏ ‏جميع‏ ‏البطاركة‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏الكنائس‏ ‏البيزنطية‏ ‏واستقبلناه‏ ‏في‏ ‏القاعة‏ ‏المرقسية‏ ‏في‏ ‏دير‏ ‏الأنبا‏ ‏رويس‏. ‏لا‏ ‏أنسي‏ ‏الكلمات‏ ‏التي‏ ‏قالها‏ ‏الرجل‏ ‏في‏ ‏غيبة‏ ‏الأنبا‏ ‏كيرلس‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏موجودا‏، ‏إنما‏ ‏قال‏: ‏إن‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏وصل‏ ‏شذي‏ ‏عطر‏ ‏حياته‏ ‏الروحية‏ ‏فاستثار‏ ‏ذكرياتنا‏ ‏عن‏ ‏الأنبا‏ ‏أنطونيوس‏ ‏والأنبا‏ ‏مكاريوس‏ ‏والأنبا‏ ‏بولا‏ ‏والآباء‏ ‏الروحانيين‏. ‏استعاد‏ ‏إلي‏ ‏أذهان‏ ‏الناس‏ ‏جميعا‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏والغرب‏، ‏سيرة‏ ‏الآباء‏ ‏العظام‏ ‏في‏ ‏الروحانية‏ ‏والتقوي‏ ‏والأمانة‏ ‏لسيدهم‏

وعندما‏ ‏ذهبنا‏ ‏إلي‏ ‏روما‏ ‏لنستحضر‏ ‏رفات‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 1968 ‏في‏ ‏يونية‏، ‏لم‏ ‏يذهب‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏وإنما‏ ‏أناب‏ ‏عنه‏ ‏المطارنة‏ ‏لكن‏ ‏أقول‏ ‏لكم‏، ‏كم‏ ‏كان‏ ‏الرجل‏ ‏وهو‏ ‏علي‏ ‏بعد‏ ‏المسافات‏ ‏موضع‏ ‏تحية‏ ‏وتكريم‏ ‏وإجلال‏ ‏وإكبار‏ ‏وكان‏ ‏البابا‏ ‏بولس‏ ‏السادس‏ ‏في‏ ‏خطابه‏ ‏يشير‏ ‏إلي‏ ‏مكانة‏ ‏الرجل‏ ‏الروحية‏ ‏التي‏ ‏مثلت‏ ‏عظم‏ ‏التاريخ‏ ‏لكنيسة‏ ‏الإسكندرية‏، ‏تاريخ‏ ‏الرهبنة‏ ‏النقية‏ ‏الخالصة‏ ‏لوجه‏ ‏الله‏

إن‏ ‏ما‏ ‏جري‏ ‏بعد‏ ‏حياة‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏كان‏ ‏أعظم‏ ‏مما‏ ‏جري‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏برهان‏ ‏الروحانية‏ ‏الصادقة‏ ‏وبرهان‏ ‏العمل‏ ‏الإلهي‏، ‏لأنه‏ ‏ليس‏ ‏كما‏ ‏يرسم‏ ‏الإنسان‏ ‏يرسم‏ ‏الله‏

الإنسان‏ ‏قد‏ ‏ينجح‏ ‏لفهمه‏ ‏وذكائه‏ ‏وتخطيطه‏، وقد‏ ‏يري‏ ‏نتائج‏ ‏سريعة‏، ‏إنما‏ ‏النجاح‏ ‏الإلهي‏ ‏شيء‏ ‏آخر‏ ‏أسلوب‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏الطبيعة‏ ‏ليس‏ ‏كأسلوب‏ ‏الناس‏، ‏بذرة‏ ‏ترمي‏ ‏في‏ ‏الأرض‏ ‏وتختفي‏ ‏وتموت‏ ‏ولايراها‏ ‏أحد‏ ‏ولكن‏ ‏بعد‏ ‏قليل‏ ‏تنمو‏ ‏قليلا‏ ‏قليلا‏ ‏ثم‏ ‏تظهر‏ ‏وتأخذ‏ ‏وقتا‏ ‏طويلا‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏تتحول‏ ‏إلي‏ ‏شجرة‏

‏‏هذا‏ ‏هو‏ ‏الأسلوب‏ ‏الإلهي‏ ‏الذي‏ ‏ينجح‏ ‏أخيرا‏، ‏وخصوصا‏ ‏بعد‏ ‏حياته‏، ‏هذا‏ ‏برهان‏ ‏علي‏ ‏أنه‏ ‏صار‏ ‏في‏ ‏الطريق‏ ‏الإلهي‏، ‏وما‏ ‏يراه‏ ‏من‏ ‏مقاومات‏ ‏كانت‏ ‏هي‏ ‏حروب‏ ‏الشيطان‏، ‏ولكنها‏ ‏تنتهي‏ ‏وتنتهي‏ ‏إلي‏ ‏خير‏ ‏ليس‏ ‏له‏ ‏فقط‏، ‏حياته‏ ‏لا‏ ‏تهمه‏ ‏وشخصه‏ ‏لا‏ ‏يعنيه‏ ‏لأنه‏ ‏مات‏ ‏عنها‏، ‏مات‏ ‏عن‏ ‏نفسه‏، ‏ويوم‏ ‏أن‏ ‏صلوا‏ ‏عليه‏ ‏صلاة‏ ‏الموتي‏، ‏علي‏ ‏وجه‏ ‏حقيقي‏ ‏قد‏ ‏مات‏، ‏ماتت‏ ‏كرامته‏ ‏الشخصية‏، ‏مات‏ ‏وجوده‏ ‏المادي‏ ‏البدني‏، ‏ولكن‏ ‏عاش‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏مقام‏ ‏البقاء‏ ‏بعد‏ ‏الفناء‏

أحيا‏ ‏لا‏ ‏أنا‏ ‏بل‏ ‏المسيح‏ ‏يحيا‏ ‏في‏، ‏أنا‏ ‏أموت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏سيدي‏ ‏يحيا‏ ‏وأنا‏ ‏فيه‏ ‏أحيا‏، ‏أنا‏ ‏لا‏ ‏أموت‏.‏ سوف‏ ‏لا‏ ‏أموت‏ ‏لأني‏ ‏موعود‏ ‏بالحياة‏ ‏الأبدية‏، ‏إنما‏ ‏إذا‏ ‏مت‏ ‏عن‏ ‏آنيتي‏ ‏وعن‏ ‏ذاتيتي‏ ‏وعن‏ ‏شخصيتي‏ ‏وعن‏ ‏كرامتي‏، ‏إذا‏ ‏مت‏ ‏عن‏ ‏حساسيتي‏ ‏لذاتي‏، ‏مت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏سيدي‏ ‏يحيا‏ ‏وأنا‏ ‏فيه‏ ‏أموت‏، ‏ذبت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏ذاب‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏في‏ ‏سيده‏، ‏فصارت‏ ‏الحياة‏ ‏للمسيح‏، ‏هي‏ ‏حياة‏ ‏المسيح‏ ‏لكنه‏ ‏هو‏ ‏أيضا‏ ‏لم‏ ‏يمت‏ ‏بل‏ ‏بالعكس‏ ‏عاش‏، ‏بل‏ ‏عاش‏ ‏في‏ ‏سيده‏ ‏وعاش‏ ‏ويعيش‏ ‏وسوف‏ ‏يعيش‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏. ‏وأيضا‏ ‏يخدم‏ ‏لكن‏ ‏لا‏ ‏باسمه‏ ‏ولا‏ ‏لاسمه‏، ‏إنما‏ ‏لسيده‏

إننا‏ ‏نجتمع‏ ‏كل‏ ‏سنة‏ ‏لنتذاكر‏ ‏حياة‏ ‏الرجل‏، إنما‏ ‏إذا‏ ‏كنتم‏ ‏تحبونه‏ ‏حقا‏، ‏لا‏ ‏تظنوا‏ ‏أنه‏ ‏يفرح‏ ‏بمديحكم‏ ‏له‏، ‏هذه‏ ‏أمور‏ ‏قد‏ ‏داسها‏ ‏بقدميه‏. ‏ولم‏ ‏تعد‏ ‏لها‏ ‏مكانة‏ ‏عنده‏ ‏ولا‏ ‏جاذبية‏. ‏إنما‏ ‏إن‏ ‏كنتم‏ ‏تحبونه‏ ‏خذوا‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏نموذجا‏، ‏خذوا‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏مثالا، ‏عيشوا‏، ‏عيشوا‏ ‏عيشوا‏ ‏كجنود‏ ‏للمسيح‏

نحن‏ ‏المسيحيين‏ ‏لنا‏ ‏انتماء‏ ‏لشيئين‏: ‏انتماء‏ ‏لمملكة‏ ‏السماء‏ ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ ‏لنا‏ ‏انتماء‏ ‏لمملكة‏ ‏الأرض‏

فالمسيحي‏ ‏يعيش‏ ‏مخلصا‏ ‏لبلده‏، ‏مخلصا‏ ‏لأهله‏، ‏ولكنه‏ ‏لكي‏ ‏يعيش‏ ‏مخلصا‏ ‏لوطنه‏ ‏ينبغي‏ ‏أولا‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏مخلصا‏ ‏لخالقه‏. ‏ولا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تتصوروا‏ ‏إنسانا‏ ‏خان‏ ‏سيده‏ ‏الذي‏ ‏خلقه‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏مواطنا‏ ‏صالحا‏.. ‏إنما‏ ‏العكس‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏الإنسان‏ ‏عبدا‏ ‏لسيده‏ ‏وشاخصا‏ ‏فيه‏ ‏ومتجها‏ ‏إليه‏ ‏سيخدم‏ ‏المواطنين‏ ‏وسيخدم‏ ‏أهله‏ ‏وسيخدم‏ ‏بلده‏ ‏وسيخدم‏ ‏الآخرين‏ ‏من‏ ‏دينه‏ ‏ومن‏ ‏غير‏ ‏دينه‏، ‏لأنه‏ ‏يشعر‏ ‏أنه‏ ‏جندي‏ ‏في‏ ‏مملكة‏ ‏سيده‏، ‏وسيده‏ ‏يشرق‏ ‏بشمسه‏ ‏علي‏ ‏الأبرار‏ ‏والأشرار‏ ‏وينزل‏ ‏المطر‏ ‏علي‏ ‏الجميع‏ ‏بلا‏ ‏تمييز‏، ‏لا‏ ‏يتحيز‏ ‏ولا‏ ‏يتعصب‏...‏لا‏...‏أنا‏ ‏جندي‏ ‏في‏ ‏مملكة‏ ‏السماء‏ ‏ولي‏ ‏رسالة‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏، رسالتي‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏أن‏ ‏أخدم‏ ‏سيدي‏، ‏أن‏ ‏أنشر‏ ‏الخير‏ ‏والحق‏ ‏والجمال‏ ‏بكل‏ ‏صوره‏، ‏لا‏ ‏لأحد‏ ‏لأنه‏ ‏تربطني‏ ‏به‏ ‏رابطة‏ ‏القرابة‏ ‏اللحمية‏، ‏إنما‏ ‏للكل‏ ‏لأن‏ ‏الجميع‏ ‏خليقة‏ ‏الله‏. ‏وكل‏ ‏نفس‏ ‏مهما‏ ‏كان‏ ‏حكمك‏ ‏المبدئي‏ ‏عليها‏ ‏قد‏ ‏خلقت‏ ‏علي‏ ‏صورة‏ ‏الله‏ ‏ومثاله‏، ‏محبة‏ ‏للجميع‏، ‏محبة‏ ‏متسعة‏

هذا‏ ‏القلب‏ ‏الذي‏ ‏حجمه‏ ‏كقبضة‏ ‏اليد‏ ‏كيف‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتسع‏ ‏للناس‏ ‏جميعا‏ ‏ويحتمل‏ ‏الناس‏ ‏جميعا‏، ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏الروحانية‏ ‏أشرقت‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏القلب‏ ‏فحولته‏ ‏من‏ ‏قلب‏ ‏ضيق‏ ‏إلي‏ ‏قلب‏ ‏متسع‏ ‏يحتمل‏ ‏الجميع‏ ‏ويحب‏ ‏الجميع‏ ‏ويؤمن‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏يراه‏ ‏من‏ ‏شر‏ ‏هو‏ ‏مؤقت‏ ‏ولكن‏ ‏بنعمة‏ ‏الله‏ ‏يتحول‏ ‏الشر‏ ‏إلي‏ ‏خير‏

أيها‏ ‏الإخوة‏ ‏والأبناء‏ ‏تعالوا‏ ‏إلي‏ ‏الكنيسة‏ ‏وتعالوا‏ ‏إلي‏ ‏خدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏وخدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏هي‏ ‏العبادة‏، ‏العبادة‏ ‏أولا‏ ‏وبروح‏ ‏العبادة‏ ‏يخدم‏ ‏الإنسان‏ ‏الآخرين‏، لا‏ ‏تبدأوا‏ ‏بخدمة‏ ‏الآخرين‏، ‏بل‏ ‏ابدأوا‏ ‏بخدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏أولا‏، وخدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏تؤهلكم‏ ‏لأن‏ ‏تخدموا‏ ‏الآخرين‏ ‏لحساب‏ ‏سيدكم‏. ‏لئلا‏ ‏تتحولوا‏ ‏إلي‏ ‏زعماء‏ ‏علي‏ ‏حساب‏ ‏مجد‏ ‏سيدكم‏. ‏تعالوا‏ ‏وتعبدوا‏ ‏وصلوا‏ "‏ماذا‏ ‏ينتفع‏ ‏الإنسان‏ ‏لو‏ ‏ربح‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏وخسر‏ ‏نفسه‏، ‏أو‏ ‏ماذا‏ ‏يعطي‏ ‏الإنسان‏ ‏فداء‏ ‏عن‏ ‏نفسه‏".‏

وبولس‏ ‏الرسول‏ ‏يقول‏ "‏أقمع‏ ‏جسدي‏ ‏وأستعبده‏ ‏حتي‏ ‏بعد‏ ‏ما‏ ‏كرزت‏ ‏للآخرين‏ ‏لا‏ ‏أصير‏ ‏أنا‏ ‏نفسي‏ ‏مرفوضا‏".‏

كنيستنا‏ ‏كنيسة‏ ‏تعبدية‏، ‏إذا‏ ‏حضرت‏ ‏القداس‏ ‏بروح‏ ‏الورع‏ ‏والتقوي‏ ‏انسحق‏، ‏انسحق‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏العالم‏ ‏وليسرح‏ ‏فكرك‏ ‏في‏ ‏المعاني‏ ‏العظيمة‏ ‏التي‏ ‏تنطق‏ ‏بها‏ ‏كل‏ ‏كلمة‏ ‏في‏ ‏القداس‏ ‏الإلهي‏، ‏إنما‏ ‏ضع‏ ‏في‏ ‏قلبك‏ ‏أولا‏ ‏أن‏ ‏خدمتك‏ ‏لله‏ ‏رقم‏ ‏واحد‏ ‏هي‏ ‏العبادة‏ ‏الصادقة‏، ‏العبادة‏ ‏الروحانية‏، ‏العبادة‏ ‏العقلية‏، ‏العبادة‏ ‏بالقلب‏ ‏وبالإخلاص‏، لا‏ ‏بخبث‏ ‏ولا‏ ‏بمكر‏ ‏ولا‏ ‏لهدف‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏أنواع‏ ‏الأهداف‏. ‏لكن‏ ‏بإخلاص‏ ‏وببساطة‏ القلب‏، ‏البساطة‏، ‏البساطة‏، ‏البساطة‏

‏‏ونعمة‏ ‏الرب‏ ‏تشمل‏ ‏حياتنا‏ ‏جميعا‏ ‏ونتخذ‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏البابا‏ ‏سراجا‏، ‏سيرة‏ ‏القديسين‏ ‏نور‏، ‏إن‏ ‏هؤلاء‏ ‏القديسين‏ ‏منا‏، ‏من‏ ‏طبيعتنا‏، ‏من‏ ‏طينتنا‏، ‏لا‏ ‏من‏ ‏عالم‏ ‏آخر‏، ‏من‏ ‏عالمنا‏ ‏وحينما‏ ‏نري‏ ‏أمثال‏ ‏هذه‏ ‏المنائر‏ ‏العالية‏، ‏إنها‏ ‏شهب‏ ‏شهب‏ ‏ترشدنا‏ "‏التفتوا‏ ‏إليه‏ ‏واخلصوا‏ ‏يا‏ ‏جميع‏ ‏أقاصي‏ ‏الأرض‏".‏

والقديسون‏ ‏ليسوا‏ ‏هم‏ ‏النور‏، ‏النور‏ ‏هو‏ ‏الله‏، ‏هو‏ ‏المسيح‏، "‏أنا‏ ‏نور‏ ‏العالم‏" ‏المسيح‏ ‏هو‏ ‏النور‏ ‏ولكن‏ ‏القديسين‏ ‏موعودون‏ ‏أن‏ ‏يصيروا‏ ‏أنوارا‏ ‏كلما‏ ‏حملقوا‏ ‏في‏ ‏النور‏. ‏يشحنوا‏ ‏بالنور‏ ‏فيتحولوا‏ ‏إلي‏ ‏نور‏ ‏ويضئ‏ ‏الأبرار‏ ‏كالكواكب‏ ‏في‏ ‏ملكوت‏ ‏أبيهم‏

نعمة‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏تشملنا‏ ‏جميعا‏ ‏له‏ ‏الإكرام‏ ‏والمجد‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏ ‏آمين‏

مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 52 العدد 2515 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 481 – يوم الأحد الموافق 7 مارس (آذار) 2010 ميلادية، 28 أمشير 1726 شهداء (قبطية)، 21 ربيع الأول 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg


ذكري نياحه القديس العظيم في البطاركه البابا كيرلس السادس - 9 مارس/آذار – 30 أمشير




Share/Bookmark

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News