Wednesday, August 31, 2011

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادماً للكل
مر 9: 35

ليس شيء مقبولاً لدى الله مثل أن يحسب الإنسان نفسه
آخر الكل. هذا هو الأساس الأول لكل الحكمة العمليّة

القدِّيس يوحنا ذهبي الفم


Share

Tuesday, August 30, 2011

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

محبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة
ار 31: 3

ذاك الذي هو مهتم أن نحبه... لم يشفق على ابنه الوحيد
من أجل حبه لنا... فكيف لا يرحب بنا ويحبنا إن تُبنا؟

القديس يوحنا ذهبي الفم


Share

Sunday, August 28, 2011

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

لكن كنت أطلب إلى الله وعلى الله أجعل أمري
اي 5: 8

لنخضع نحن أنفسنا للصلاة. إنها سلاح قدير ... إنها
تصد حروباً، ... إنها هي عينها دواء منقذ، له قوة
لمنع الخطايا وشفاء الأفعال الشريرة

القديس يوحنا ذهبي الفم


Share

Saturday, August 27, 2011

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

لا تدع الرحمة والحق يتركانك
أم 3: 3


الرحمة... حامية لمن يمارسها. إنها عزيزة عند الله
تقف دائمًا بجواره تسأله من أجل الذين يريدونها

القديس يوحنا ذهبي الفم


Share

Friday, August 26, 2011

صلاة

يارب أخطأنا ﺇليك في السماء، فاقبل رجوعنا وتوبتنا، وأقبل منا نوحنا وبكائنا. ﺇقبلنا نحن المفعمين بؤساً وشقاء الذين سلكنا سبيل الشر

ﺇقبلنا ﺇليك أيها الودود للانام، نحن الذين أغضبناك ﺇقبلنا أيها السيد، نحن الذين أفسدنا حياتنا في النجاسة والعصيان، ﺇقبل أيها الرب الاله، أولئك الذين تجاوزوا وصاياك وشرائعك

ﺇقبلنا أيها السيد لا حسب أعمالنا، فاننا نقر معترفين، بأننا غير مستحقين لهذه الحياة الحاضرة، رجعنا ﺇليك فاقبلنا أيها السيد، كما قبلت الابن الضال واللص التائب. لأن لك المجد ﺇلى الأبد آمين


أبانا الذي في السماوات. ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك
لتكن مشيئتك. كما في السماء كذلك على الأرض
خبزنا الذي للغد أعطنا اليوم
وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا
ولا تدخلنا في تجربة. لكن نجنا من الشرير
بالمسيح يسوع ربنا لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد. آمين


Share

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

لأن محبة المسيح تحصرنا
كورنثوس الثانية 5: 14


إن نحن هجرناك أيها الكلي القدرة فأنت لا تهجرنا

القديس أغسطينوس


Share

Thursday, August 25, 2011

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

هوذا عين الرب على خائفيه الراجين رحمته
مزمور 33: 18


مخافة الرب تفوق كل شيء؛ خف الرب
واحفظ وصاياه، لأن هذا هو الإنسان كله

القديس يوحنا ذهبي الفم


Share

Wednesday, August 24, 2011

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

ولكني دائماً معك. أمسكت بيدي اليمنى. برأيك تهديني
مزمور 73: 23، 24


يحتاج المؤمن إلى روح الحكمة السماوية والتمييز
حتى لا يتوقف عن الحركة، لكنه وهو يتحرك يسلك
في الطريق الملوكي بلا انحراف
القدِّيس يوحنا كاسيان



Share

Tuesday, August 23, 2011

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب
لوقا 1: 45


اقوال القديس كيرلس الكبير

السلام لمريم والدة الإله
الكنز الملوكي للعالم كله، المصباح غير المنطفئ
إكليل البتوليّة، صولجان الأرثوذكسيّة
الهيكل غير المفهوم، مسكن غير المحدود، الأم وعذراء

القدّيس كيرلس الكبير



Share

آيات الكتاب المقدس واقوال الآباء

هأنذا آتي وأسكن في وسطك يقول الرب
ﺯﻛﺮﻳﺎ 2: 10


اقوال القديس يوحنا ذهبي الفم

إن كان الله يسرع إلينا الآن لكي نلتصق به وعندئذ
نعرف الكثير من الأمور التي تُحسب الآن سراً
وننعم بالحياة المطوبة جداً والحكمة

القديس يوحنا ذهبي الفم



Share

Saturday, August 20, 2011

مريم‏ ‏فائقة‏ ‏القداسة


مريم‏ ‏فائقة‏ ‏القداسة
للمتنيح: الأنبا غريغوريوس - أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي


إن‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏ليست‏ ‏فقط‏ ‏صديقة‏ ‏وقديسة‏، ‏لكنها‏ ‏فائقة‏ ‏القداسة‏، ‏وقد‏ ‏وصفها‏ ‏الملاك‏ ‏جبرائيل‏ ‏عندما‏ ‏بشرها‏ ‏بالحبل‏ ‏الإلهي‏ ‏منها‏ ‏أنها‏ (‏الممتلئة‏ ‏نعمة‏) (‏لوقا‏ 1: 28)، ‏ومعني‏ ‏أنها‏ (‏ممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏أنها‏ ‏كانت‏ ‏قبل‏ ‏اختيارها‏ ‏لشرف‏ ‏ولادة‏ ‏الله‏ ‏الكلمة‏ ‏منها‏، ‏نقية‏ ‏وطاهرة‏ ‏وعفيفة‏ ‏ومفعمة‏ ‏بالفضيلة‏ ‏إي‏ ‏درجة‏ ‏الامتلاء‏ ‏الكامل‏، ‏وهي‏ ‏قامة‏ ‏روحية‏ ‏عظيمة‏ ‏نادرة‏ ‏في‏ ‏فتاة‏ ‏في‏ ‏مثل‏ ‏سن‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏قد‏ ‏بلغت‏ ‏الثالثة‏ ‏عشرة‏ ‏من‏ ‏عمرها‏: (‏بنات‏ ‏كثيرات‏ ‏عملن‏ ‏فضلا‏. ‏أما‏ ‏أنت‏ ‏ففقت‏ ‏عليهن‏ ‏جميعا‏) (‏أمثال‏ 31: 29).

‏وإذا‏ ‏كانت‏ ‏تلك‏ ‏هي‏ ‏قامتها‏ ‏الروحية‏ ‏وهي‏ ‏صبية‏ ‏صغيرة‏، ‏فلابد‏ ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏القامة‏ ‏امتدت‏ ‏طولا‏ ‏وعرضا‏ ‏وعمقا‏ ‏بتأملها‏ ‏في‏ ‏سر‏ ‏التجسد‏، ‏وبملازمتها‏ ‏للمسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏، ‏وانفعالها‏ ‏المستمر‏ ‏بالمكاشفات‏ ‏الروحية‏ ‏والتجليات‏ ‏العالية‏ ‏التي‏ ‏عاشتها‏ ‏وعايشتها‏، ‏واستغرقت‏ ‏روحها‏ ‏ونفسها‏ ‏وذهنها‏ ‏وكل‏ ‏كيانها‏ ‏ووجدانها‏. ‏قال‏ ‏عنها‏ ‏الإنجيل‏ (‏وأما‏ ‏مريم‏ ‏كانت‏ ‏تحفظ‏ ‏جميع‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏متفكرة‏ ‏به‏ ‏في‏ ‏قلبها‏... ‏وكانت‏ ‏أمه‏ ‏تحفظ‏ ‏جميع‏ ‏هذه‏ ‏الأمر‏ ‏في‏ ‏قلبها‏) (‏لوقا‏ 2: 19، 51). ‏إن‏ ‏مريم‏ ‏تحولت‏ ‏بفضل‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الجو‏ ‏الروحاني‏ ‏الذي‏ ‏غمرها‏، ‏وغرقت‏ ‏هي‏ ‏في‏ ‏أعماقه‏ ‏وغاصت‏ ‏في‏ ‏بحوره‏، ‏ومتابعتها‏ ‏المستمرة‏ ‏المتأنية‏ ‏لكل‏ ‏كلمة‏ ‏من‏ ‏ابنها‏ ‏وسيدها‏ ‏وربها‏ ‏الذي‏ ‏وقفت‏ ‏وأوقفت‏ ‏كل‏ ‏حياتها‏ ‏علي‏ ‏خدمته‏، ‏ومتابعتها‏ ‏المستمرة‏ ‏المتأنية‏ ‏لكل‏ ‏تصرفاته‏ ‏وكل‏ ‏تحركاته‏، ‏وما‏ ‏صاحب‏ ‏حياته‏ ‏من‏ ‏أحداث‏ ‏إلهية‏ ‏مبهرة‏ ‏ومعجزات‏ ‏وآيات‏ ‏وقدرات‏ ‏سحقت‏ ‏روح‏ ‏مريم‏ ‏بمزيد‏ ‏من‏ ‏الاتضاع‏، ‏والاستغراق‏ ‏الروحاني‏، ‏حتي‏ ‏صارت‏ ‏تحيا‏ (‏في‏ ‏الروح‏) (‏الرؤيا‏ 1: 10) ‏وكأنها‏ ‏ليست‏ ‏في‏ ‏الجسد‏، ‏ولعلها‏ ‏من‏ ‏عمق‏ ‏استغراقها‏ ‏في‏ ‏الروحيات‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏تدري‏ (‏هل‏ ‏هي‏ ‏في‏ ‏الجسد‏ ‏أم‏ ‏خارج‏ ‏الجسد‏) (2‏ كورنثوس‏ 12: 2، 3).‏

إن‏ ‏إنسانة‏ ‏روحانية‏ ‏بهذه‏ ‏الدرجة‏، ‏بدأت‏ ‏خدمتها‏ ‏في‏ ‏سن‏ ‏الصبوة‏ ‏وهي‏ (‏ممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏وامتدت‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏قامتها‏ ‏الروحية‏ ‏طولا‏ ‏وعرضا‏ ‏وعمقا‏، ‏كيف‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏لها‏ ‏عند‏ ‏الله‏ ‏شفاعة‏ ‏ودالة؟‏ ‏وكيف‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏لصلواتها‏ ‏وزن‏ ‏ثقيل؟‏.

إذا‏ ‏كان‏ ‏الله‏ ‏تعالي‏ ‏يقرر‏ ‏أنه‏ ‏إن‏ ‏وجد‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏خمسين‏ ‏أو‏ ‏أربعين‏ ‏أو‏ ‏ثلاثين‏ ‏أو‏ ‏عشرين‏ ‏أو‏ ‏عشرة‏ ‏أبرار‏، ‏فإنه‏ ‏يصفح‏ ‏عن‏ ‏المكان‏ ‏كله‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الأبرار‏ ‏الذين‏ ‏فيه‏، ‏ويطيل‏ ‏أناته‏ ‏علي‏ ‏الخطاة‏ ‏الذين‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏ولا‏ ‏يهلكهم‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الأبرار‏ ‏الذين‏ ‏في‏ ‏وسطهم‏ (‏التكوين‏ 18: 23 - 32)، ‏فكيف‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏لمريم‏ ‏العذراء‏ ‏وهي‏ (‏الممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏والفائقة‏ ‏القداسة‏، ‏شفاعة‏ ‏ودالة‏ ‏عند‏ ‏الله‏ ‏بحيث‏ ‏أنه‏ ‏بصلواتها‏ ‏وطلباتها‏ ‏يرحم‏ ‏الرب‏ ‏بشرا‏ ‏آخرين‏ ‏تشفع‏ ‏هي‏ ‏فيهم‏، ‏فتشملهم‏ ‏مراحم‏ ‏الرب‏ ‏ويطيل‏ ‏أناته‏ ‏عليهم؟


الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك
لكن‏ ‏مريم‏ ‏العذراء‏ ‏بفضل‏ ‏روحانيتها‏ ‏وقداستها‏، ‏قد‏ ‏اصطفاها‏ ‏الرب‏ ‏دون‏ ‏نساء‏ ‏العالمين‏ (‏لوقا‏ 1: 28، 42) ‏لتكون‏ ‏هي‏ (‏المختارة‏) (2 ‏يوحنا 1‏: 1) ‏التي‏ ‏يحل‏ ‏الله‏ ‏الكلمة‏ ‏فيها‏، ‏ومن‏ ‏دمها‏ ‏ولحمها‏ ‏تكون‏ ‏الجسد‏ ‏الذي‏ ‏اتحد‏ ‏به‏ ‏اللاهوت‏، ‏وظهر‏ ‏منها‏ (‏الله‏ ‏متجسدا‏) (1 ‏تيموثيئوس‏ 3: 16)، ‏إنه‏ ‏شرف‏، ‏ياله‏ ‏من‏ ‏شرف‏، ‏أن‏ ‏تصبح‏ ‏امرأة‏ ‏من‏ ‏جنسنا‏ (‏سماء‏ ‏ثانية‏) ‏حل‏ ‏فيها‏ ‏الله‏ ‏جسديا‏، ‏وأن‏ ‏تصير‏ ‏من‏ ‏ثم‏ (‏والدة‏ ‏الإله‏)، (‏إشعياء‏ 7: 14) ‏وأن‏ ‏يجلس‏ ‏الله‏ ‏الكلمة‏ ‏علي‏ ‏ركبتيها‏ ‏وهو‏ (‏الجالس‏ ‏فوق‏ ‏الكاروبيم‏) (1 ‏صموئيل‏ 4: 4)، (2 ‏صموئيل‏ 6: 2)، (‏مزمور‏ 79 أو 80: 1)... ‏هي‏ ‏إذن‏ ‏الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك‏ (‏مزمور‏ 44 أو 45: 9). ‏فبهذه‏ ‏المكانة‏ ‏السامية‏ ‏وهذه‏ ‏الصفة‏ ‏والحيثية‏ ‏هي‏ ‏ذات‏ ‏دالة‏ ‏وشفاعة‏، ‏ولابد‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏لصلواتها‏ ‏مكانة‏ ‏أمام‏ ‏الله‏، ‏مكانة‏ ‏لا‏ ‏تعلوها‏ ‏مكانة‏ ‏لأحد‏ ‏آخر‏ ‏من‏ ‏القديسين‏ ‏والقديسات‏.‏
ألم‏ ‏يقل‏ ‏لها‏ ‏الملاك‏ ‏المبشر‏: (‏إنك‏ ‏قد‏ ‏نلت‏ ‏نعمة‏ ‏عند‏ ‏الله‏) (‏لوقا‏ 1: 30) ‏ولا‏ ‏ينال‏ ‏هذه‏ ‏النعمة‏ ‏والحظوة‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏أرضي‏ ‏الرب‏ ‏بسيرته‏ ‏العطرة‏.‏


مريم‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏آلامه
علي‏ ‏أن‏ ‏شفاعة‏ ‏مريم‏ ‏وفعاليات‏ ‏صلواتها‏ ‏ودالتها‏ ‏أمام‏ ‏الله‏ ‏ليست‏ ‏فقط‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏مكانتها‏ ‏باعتبارها‏ ‏الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك‏، ‏وليست‏ ‏فحسب‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏روحانية‏ ‏حياتها‏ ‏وقداسة‏ ‏سيرتها‏ ‏وهي‏ (‏الممتلئة‏ ‏نعمة‏) ‏والفائقة‏ ‏القداسة‏ ‏ولذلك‏ (‏نالت‏ ‏نعمة‏ ‏عند‏ ‏الله‏)، ‏ولكنها‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلي‏ ‏هذا‏ ‏وذاك‏، ‏لأنها‏ ‏تعبت‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏ومن‏ ‏أجله‏ ‏كثيرا‏... ‏وإذا‏ ‏كان‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏يقول‏ ‏عن‏ ‏المرأة‏ ‏الخاطئة‏ ‏التي‏ ‏تابت‏ ‏باكية‏ ‏عند‏ ‏قدميه‏ (‏إن‏ ‏خطاياها‏ ‏الكثيرة‏ ‏مغفورة‏ ‏لها‏، ‏لأنها‏ ‏أحبت‏ ‏كثيرا‏)، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏محبتها‏ ‏مجرد‏ ‏عاطفة‏ ‏روحية‏ ‏جياشة‏، ‏وليست‏ ‏مجرد‏ ‏تبتل‏ ‏وانقطاع‏ ‏تام‏ ‏وتفرغ‏ ‏كامل‏ ‏للرياضات‏ ‏الروحانية‏ ‏العالية‏، ‏ولكن‏ ‏مريم‏ ‏قد‏ ‏تعبت‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الرب‏ ‏يسوع‏ ‏كثيرا‏، ‏كما‏ ‏لم‏ ‏يتعب‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏أحد‏ ‏آخر‏ ‏مثل‏ ‏تعبها‏، ‏فهي‏ ‏التي‏ ‏حملته‏ ‏جسديا‏ ‏كأم‏ ‏في‏ ‏أحشائها‏، ‏وأرضعته‏ ‏جسديا‏، ‏وربته‏ ‏وهو‏ ‏ينمو‏ ‏في‏ ‏جسده‏ ‏نموا‏ ‏تدريجيا‏ ‏إلي‏ ‏قامة‏ ‏الإنسان‏ ‏الكامل‏ (‏لوقا‏ 2: 52)، ‏واحتملت‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏التعيير‏ ‏والشكوك‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏، ‏حتي‏ ‏يوسف‏ ‏خطيبها‏ ‏البار‏ ‏شك‏ ‏فيها‏، ‏ولكنه‏ (‏إذ‏ ‏كان‏ ‏يوسف‏ ‏رجلها‏ ‏بارا‏، ‏ولم‏ ‏يشأ‏ ‏أن‏ ‏يشهر‏ ‏أمرها‏، ‏أراد‏ ‏أن‏ ‏يخلي‏ ‏سبيلها‏ ‏سرا‏، ‏ولكنه‏ ‏فيما‏ ‏كان‏ ‏يفكر‏ ‏في‏ ‏ذلك‏، ‏إذا‏ ‏ملاك‏ ‏الرب‏ ‏قد‏ ‏ظهر‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏حلم‏ ‏قائلا‏: ‏يا‏ ‏يوسف‏ ‏بن‏ ‏داود‏، ‏لا‏ ‏تخف‏ ‏أن‏ ‏تستبقي‏ ‏امرأتك‏، ‏لأن‏ ‏الذي‏ ‏سيولد‏ ‏منها‏ ‏إنما‏ ‏هو‏ ‏من‏ ‏روح‏ ‏القدس‏) (‏متي‏ 1: 19، 20) ‏ولقد‏ ‏عانت‏ ‏معه‏ ‏في‏ ‏رحلتها‏ ‏الطويلة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏، ‏من‏ ‏شمالها‏ ‏إلي‏ ‏جنوبها‏، ‏وهم‏ ‏يطاردونها‏ ‏معه‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏مكان‏، ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏عادت‏ ‏إلي‏ ‏أرض‏ ‏فلسطين‏ ‏عاشت‏ ‏معه‏ ‏نفس‏ ‏المصير‏ ‏الذي‏ ‏عاناه‏ ‏من‏ ‏مضايقات‏ ‏اليهود‏ ‏واضطهادهم‏ ‏له‏ (‏يوحنا‏ 15: 20) ‏ويمكننا‏ ‏أن‏ ‏نتصور‏ ‏معاناة‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏خصوصا‏ ‏في‏ ‏أسبوع‏ ‏آلام‏ ‏سيدها‏ ‏وابنها‏، ‏وكيف‏ ‏عاشت‏ ‏معه‏ ‏تلك‏ ‏الأيام‏ ‏القاتمة‏ ‏الحزينة‏ ‏والمحاكمات‏ ‏الدينية‏ ‏والمدنية‏ ‏التي‏ ‏حاكموه‏ ‏بها‏، ‏والقضاء‏ ‏عليه‏ ‏بالجلد‏ ‏والضرب‏ ‏والصلب‏، ‏وكيف‏ ‏كانت‏ ‏تراه‏ ‏وتتابعه‏ ‏في‏ ‏مراحل‏ ‏الصلب‏ ‏مرحلة‏ ‏مرحلة‏، ‏وكيف‏ ‏كان‏ ‏شعورها‏ ‏كأم‏ ‏وهي‏ ‏تراه‏ ‏واقعا‏ ‏تحت‏ ‏حمل‏ ‏الصليب‏ ‏الثقيل‏ ‏ثلاث‏ ‏مرات‏، ‏وقائد‏ ‏الجند‏ ‏القاسي‏ ‏القلب‏ ‏يلهب‏ ‏بالسياط‏ ‏ظهره‏ ‏المثخن‏ ‏بالجراح‏ ‏يستحثه‏ ‏علي‏ ‏النهوض‏ ‏وهو‏ ‏منهك‏، ‏والعرق‏ ‏يتصبب‏ ‏من‏ ‏جبينه‏ ‏مختلطا‏ ‏بالدم‏ ‏ثم‏ ‏يمتزج‏ ‏بتراب‏ ‏الأرض‏، ‏فيصير‏ ‏وجهه‏ ‏ملطخا‏ ‏كله‏ ‏بالطين‏...

كيف‏ ‏كان‏ ‏شعورها‏ ‏كأم‏ ‏وهي‏ ‏تري‏ ‏الذي‏ ‏هو‏ (‏أبرع‏ ‏جمالا‏ ‏من‏ ‏بني‏ ‏البشر‏) (‏مزمور‏ 44 أو 45: 2) ‏قد‏ ‏صار‏ (‏لا‏ ‏صورة‏ ‏له‏ ‏ولا‏ ‏جمال‏) (‏إشعياء‏ 53: 2)... ‏ثم‏ ‏تراه‏ ‏والمسامير‏ ‏تدق‏ ‏في‏ ‏يديه‏ ‏ورجليه‏ ‏في‏ ‏قسوة‏ ‏بالغة‏، ‏وتراه‏ ‏وهو‏ ‏علي‏ ‏الصليب‏ ‏يقول‏ (‏أنا‏ ‏عطشان‏) (‏يوحنا‏ 19: 28) ‏فلا‏ ‏يقدمون‏ ‏له‏ ‏ماء‏ ‏وإنما‏ ‏يقدمون‏ ‏له‏ ‏خلا‏ ‏في‏ ‏أسفنجة‏ (‏يوحنا‏ 19: 29) ‏ثم‏ ‏تري‏ ‏رئيس‏ ‏الجند‏ ‏يطعنه‏ ‏بالحربة‏ ‏في‏ ‏جنبه‏، ‏فيجري‏ ‏من‏ ‏جنبه‏ ‏دم‏ ‏وماء‏ (‏يوحنا ‏19: 34)، ‏وحقا‏ ‏ما‏ ‏قاله‏ ‏سمعان‏ ‏الشيخ‏ ‏عندما‏ ‏رأي‏ ‏المسيح‏ ‏علي‏ ‏يدي‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏تحمله‏ ‏عند‏ ‏تمام‏ ‏الأربعين‏ ‏يوما‏ ‏من‏ ‏ولادته‏، ‏متنبئا‏ ‏عن‏ ‏آلامها‏ ‏ومعاناتها‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏ربها‏، ‏وفاديها‏ ‏وابنها‏ (‏إن‏ ‏هذا‏ ‏قد‏ ‏جعل‏ ‏لسقوط‏ ‏وقيام‏ ‏كثيرين‏ ‏في‏ ‏إسرائيل‏، ‏وسيكون‏ ‏هدفا‏ ‏للمقاومة‏، ‏وأنت‏ ‏أيضا‏ ‏سينفذ‏ ‏في‏ ‏نفسك‏ ‏سيف‏، ‏حتي‏ ‏تنكشف‏ ‏نوايا‏ ‏قلوب‏ ‏كثيرة‏) (‏لوقا‏ 2: 34، 35).‏

وإذا‏ ‏كان‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏يقرر‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏عادل‏، ‏وأنه‏ ‏لعدله‏ (‏يجازي‏ ‏كل‏ ‏إنسان‏ ‏علي‏ ‏حسب‏ ‏أعماله‏) (‏متي‏ 16: 27)، (‏رومية‏2: 6) ‏وأن‏ (‏كل‏ ‏واحد‏ ‏ينال‏ ‏أجرته‏ ‏علي‏ ‏مقدار‏ ‏تعبه‏) (1 ‏كورنثوس ‏3: 8)، ‏والتعب‏ ‏هو‏ ‏برهان‏ ‏المحبة‏، (‏وما‏ ‏من‏ ‏حب‏ ‏أعظم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يبذل‏ ‏أحد‏ ‏نفسه‏ ‏عن‏ ‏أحبائه‏) (‏يوحنا‏ 15: 13) ‏فإن‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏قد‏ ‏أحبت‏ ‏الرب‏ ‏حبا‏ ‏لايدانيه‏ ‏حب‏، ‏أولا‏- ‏كقديسة‏ ‏جزيلة‏ ‏القداسة‏. ‏وثانيا‏- ‏كأم‏، ‏وليس‏ ‏كمحبة‏ ‏الأم‏ ‏محبة‏ ‏أخري‏ ‏تدانيها‏، ‏وثالثا‏- ‏كإنسانة‏ ‏عاشت‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏وعايشته‏ ‏وارتبط‏ ‏مصيرها‏ ‏بمصيره‏ ‏واحتملت‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏مالم‏ ‏يحتمله‏ ‏أحد‏ ‏آخر‏، ‏وعانت‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏مالم‏ ‏يجرؤ‏ ‏أحد‏ ‏أن‏ ‏يدعيه‏، ‏فهي‏ ‏معه‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏شهيدة‏، ‏تعذبت‏ ‏معه‏ ‏منذ‏ ‏بدء‏ ‏تجسده‏، ‏وقبل‏ ‏تجسده‏، ‏وتعذبت‏ ‏معه‏ ‏آلامه‏ ‏وموته‏، ‏وبعد‏ ‏قيامته‏ ‏وبعد‏ ‏صعوده‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏، ‏ومازال‏ ‏اليهود‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏ ‏يسبونها‏ ‏ويعادونها‏ ‏وييبغضونها‏.‏

هناك‏ ‏آلام‏ ‏ليست‏ ‏نتيجة‏ ‏خطايانا‏، ‏هذه‏ ‏لو‏ ‏أصابتنا‏ ‏فهي‏ ‏لفائدتنا‏ ‏ولتمحيصنا‏، ‏ولتظهر‏ ‏فضيلتنا‏، ‏لأنه‏ ‏كيف‏ ‏تظهر‏ ‏فضيلة‏ ‏الاحتمال‏ ‏مالم‏ ‏يكن‏ ‏هناك‏ ‏ألم‏ ‏وإهانة‏ ‏أو‏ ‏موقف‏ ‏يقتضي‏ ‏أو‏ ‏يستخدم‏ ‏الإنسان‏ ‏أن‏ ‏يوظف‏ ‏هذه‏ ‏الفضيلة‏، ‏أين‏ ‏تظهر‏ ‏فضيلة‏ ‏الاحتمال‏ ‏وفضيلة‏ ‏الصبر‏، ‏ويصبر‏ ‏الإنسان‏ ‏ويقبل‏ ‏الأحداث‏ ‏بشكر‏، ‏متي‏ ‏تظهر‏ ‏هذه‏ ‏الأشياء‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏هناك‏ ‏مواقف‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏القبيل‏. ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏نتعلم‏ ‏من‏ ‏العذراء‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏الآلام‏ ‏لفائدتنا‏ ‏ولنمونا‏ ‏وأيضا‏ ‏لتزود‏ ‏الأكليل‏، ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏جعل‏ ‏كرامة‏ ‏العذراء‏ ‏أمام‏ ‏الله‏ ‏لها‏ ‏الدالة‏ ‏والشفاعة‏ ‏لأنها‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏عاشت‏ ‏ومن‏ ‏أجله‏ ‏احتملت‏.

تلك‏ ‏الاعتبارات‏ ‏الثلاثة‏، ‏علي‏ ‏الأقل‏، ‏من‏ ‏أجلها‏ ‏تكون‏ ‏للعذراء‏ ‏عند‏ ‏المسيح‏ ‏الرب‏ ‏شفاعة‏ ‏ودالة‏ ‏فوق‏ ‏كل‏ ‏شفاعة‏ ‏ودالة‏ ‏لأي‏ ‏إنسان‏ ‏آخر‏... ‏ويكفي‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏فخرا‏ ‏أن‏ ‏أول‏ ‏معجزة‏ ‏صنعها‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏في‏ ‏خدمته‏ ‏الجهرية‏، ‏كانت‏ ‏استجابة‏ ‏لرغبة‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏. ‏فعلي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏يشاء‏ ‏أن‏ ‏يصنع‏ ‏معجزة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الوقت‏، ‏لكنه‏ ‏صنع‏ ‏المعجزة‏ ‏الأولي‏ ‏التي‏ ‏افتتح‏ ‏بها‏ ‏خدمته‏ ‏الجهارية‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏، ‏فحول‏ ‏الماء‏ ‏إلي‏ ‏خمر‏، ‏في‏ ‏عرس‏ ‏قانا‏ ‏الجليل‏ (‏يوحنا‏2: 1 - 11).‏

وإذا‏ ‏كان‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏لم‏ ‏ينس‏ ‏لمريم‏ ‏أخت‏ ‏لعازر‏ ‏التي‏ ‏سكبت‏ ‏الطيب‏ ‏علي‏ ‏رأسه‏، ‏ودافع‏ ‏عنها‏، ‏وقال‏ ‏للمعترضين‏ ‏عليها‏ (‏إنها‏ ‏قد‏ ‏صنعت‏ ‏بي‏ ‏صنيعا‏ ‏حسنا‏، ‏لقد‏ ‏فعلت‏ ‏ما‏ ‏في‏ ‏وسعها‏... ‏الحق‏ ‏أقول‏ ‏لكم‏ ‏إنه‏ ‏حيثما‏ ‏يبشر‏ ‏بهذا‏ ‏الإنجيل‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏يحدث‏ ‏أيضا‏ ‏بما‏ ‏فعلته‏ ‏هذه‏ ‏المرأة‏، ‏إحياء‏ ‏لذكرها‏) (‏مرقس‏14: 8، 9)، (‏متي‏ 26: 10-13)، ‏فإنه‏ ‏بالأحري‏ ‏لا‏ ‏ينسي‏ ‏لمريم‏ ‏العذراء‏ ‏أتعابها‏ ‏في‏ ‏سبيله‏، ‏فقد‏ ‏سكبت‏ ‏علي‏ ‏جسده‏، ‏ليس‏ ‏طيبا‏ ‏من‏ ‏قارورة‏، ‏بل‏ ‏لقد‏ ‏سكبت‏ ‏دمها‏ ‏وأعصابها‏، ‏بل‏ ‏أهلكت‏ ‏حياتها‏ ‏من‏ ‏أجله‏. ‏فكيف‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏لها‏ ‏حسن‏ ‏القبول‏ ‏أمامه؟‏، ‏وكيف‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏لصلواتها‏ ‏الفاعلية‏ ‏العظمي‏ ‏عنده؟‏.


مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 53 العدد 2590 - ﺇصدار ثان: السنة 11 العدد 556 – يوم الأحد الموافق 14 أغسطس (آب) 2011 ميلادية، 8 مسرى 1727 شهداء (قبطية)، 14 رمضان 1432 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg




Share

Friday, August 19, 2011

عِيدُ التَّجَلّي

بقلم: القمص أثناسيوس فهمي جورج
الاربعاء ١٧ اغسطس ٢٠١١

تجلِّي الرب حادث مِفْصَلي في الإنجيل. قَبْلَه وفيه وبعده، فقد أظهر المسيح فيه نفسه محقِّقًا ما جاء عنه في الأسفار المقدسة ونبوءاتها عن المسيا، الممسوح
لأجل خلاصنا، قبل أن يتمم تدبير خلاصنا بالصليب والقيامة والصعود... هناك على جبل التجربة انتصر على المجرِّب وأبطل حُجَجه، وهنا على جبل التجلي أعلن مجده الإلهي الفائق قبل رحلة الآلام، ومن مجد التجلي على الجبل إلى مجد الآلام على رابية الجلجثة، فلا تجلي إلا بالصليب. في التجلي تغيرت هيئته وأضاء وجهه كالشمس وصار كله مُشِعًّا بمجد عظيم، وصارت ثيابه بيضاء كالنور، هيئة وجهه صارت متغيرة وثيابه بيضاء جدًا كالثلج مُبيَضًّا لامعًا، وظهر معه النبيان موسى وإيليا الذان كانا قد رحلا من العالم منذ مئات السنين. ظهر معه إيليا الحي وموسى من عالم الأموات، لأنه هو إله الأحياء والأموات، وكانت سحابة تظللهم، وصار صوت من السحابة قائلاً "هذا هوابني الحبيب له اسمعوا"(لو ٣٤:٩).

كان معه تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا "للتأكيد المثلث للشهادة"، وهم الذين عاينوا عظمته وسمعوا صوت المجد الأسنىَ المُقبِل من السماء، صعدوا ليروا التجلي وتسلقوا القمم حتى تبْيَضّ ملابسهم... ارتقوا ليعاينوا الجمال الإلهي الذي لا يقدر قَصّارٌ على الأرض أن يُجليه... إنها رحلة رؤيوية كشف فيها الرب عن طبيعته الإلهية النورانية، وعن كيانه المجيد الذي هو عتيد أن يكمله بالآلام، وسيظهر به في مجيئه الثاني الآتي من السموات، المخوف والمملوء مجدًا والدائم إلى الأبد. أضاء يسوع نفسه لأنه هو شمس البر الذي ينير لكل إنسان آتٍ إلى العالم... وضَمَّ إليه رداءه التي هي كنيسته المجيدة التي جمعها في عُشّ أبيه وبيّضها وزينها وغسّلها ومَحَا خطاياها القرمزية لتبيَضّ كالثلج، حوَّط عليها بثيابه التي هي كلام إنجيله "أنفاس الله" لتكون بيضاء نورانية مُشِعّة وطاهرة بنور ضياء كلمته التي لا يقدر أي قَصّارٌ على الأرض أن يبيّض مثلها مهما كانت حكمتهم أو أيدولوجياتهم، لأن كلمته روح وحياة، حية ولامعة... كان مجد الآلام موضوع حديث ربنا مع الزائرين السماويين. فناموس موسى ونبوءة إيليا والأنبياء قد سبقوا ورمزوا للمرموز إليه. ظهرا النبيان في مجد، وسط السحابة النيّرة التي هي شَكِينَة الحضرة الإلهية، ومعهم الابن الوحيد رب الناموس والأنبياء، الذي جمَّع ووحَّد في شخصه العهد القديم والجديد بالرسل، والكنيسة المنتصرة مع المجاهدة.

إن مجد التجلي هو استباق لمجد الآلام والقيامة، حيث خروج الرب وسِرّ تدبيره الخلاصي الثمين، وتحقيق الظلال والرموز والنبوءات. حضر الأنبياء كشاهدين لربنا يسوع المسيح، باعتبارهما ممثلين للناموس والأنبياء، وقد ظهر الآن بر الله بدون ناموس، وها مسيحنا القدوس مشهود له من الناموس والأنبياء، وهو حاضر فيهم بالمجد الذي كان عتيدًا أن يكمله في أورشليم.

إن عيد تجليك يا ربنا هو عيد المظال الحقيقي، ليس مصنوعًا من أوراق الأشجار ليقدم طعامًا بائدًا، لكنه مزيَّن بنور لاهوتك البهي غير الفاني، في مظلة دائمة أبدية تثبُت بنعمتك... ومجد سحابتك مضيء في مجد صوت أبيك، وفي مَعيّتك موسى الكليم الذي تكلم عن المستقبل وشهد عن ما هو حاضر كل حين، ذاك الذي في وسطنا قائم وسيأتي، وفي مَعيّتك إيليا مركبة إسرائيل وفرسانها الذي حفظته مع مركبته، وهو الآن يراك متجهًا نحو الآلام ولك كل العلو والعمق... لقد أعلنتَ مجدك في ميلادك وعمادك وصومك على جبل التجربة، وسلطانك على الشياطين وإقامة الموتى وشفاء المرضى، وسلطانك على الطبيعة كلها، ومجد تجليك هو إعلان لقيامتك.

إن مجد تجليك الذي أظهرته قبل قيامتك موجود أصلاً فيك كل حين، لأنه مجد لاهوتك الذي كان محتجبًا في الجسد، وهو مجد تدبيرك وحضرتك في كنيستك كل حين... لكنه مَخفيٌّ لا يحسه إلا مَن يتبعك ويصعد معك ومَن أردتَ أن تعلنه له. إن مجد ملكوتك الآتي سيَظهَر علانية ويغمر الخليقة كلها، عندما تأتي في نهاية الزمان وتَصِير الكل في الكل. مجدك هذا سيظهر بقوة ليقيم أجساد القديسين، فتتغير إلى تلك الصورة عينها، وتضيء كالجَلَد، وتكون على صورة مجدك عندما نراك ونعاين مجد الحياة والبهجة، وصلاح بر الحق الذي ستعطيه لمن يرتضي حمل صليبك، ولمن لا يترجّىَ له مظالًا هنا، ولمن لا يضع النور تحت المكيال، عندئذٍ تحسبه أهلاً لرؤية مجد ظهورك المجيد، وتغيِّر شكل جسده لتجعله على صورة جسد مجدك، فصليبك هو طريقنا للتمجيد، مدركين نفقة صعود جبل تجليك.

إن مجد تجليك في كشفك عن المجد الذي فيك والذي لك، بظهورك بهيئتك الحقيقية الأصلية، التي لونها اللمعان والصفاء البرّاق، أظهرته قبل أن تعلَّق على الصليب لتكمل سر التدبير وآلامك الخلاصية على الصليب المكرَّم (قد اُكمِل)... فرأوك ممجدًا كحقيقتك ومعك اتفاق شهادة النبوءات والشريعة التي انحنت لك يا رب الشريعة وواضع الناموس، حيث تقابلا العهدان وتلاثما وصارا في خيمة الإنجيل.

ونحن يا سيدنا بالسجود والصلاة والتبعيّة لك نتلمَّس سِرّ تجليك ممجَّدًا من أجلنا حتى نختبر الارتقاء لملكوتك في شركة ميراث القديسين في النور، حيث يقوم فيك الكل. سحابتك النيرة تغطينا بظلها، وصوت أبيك المفرح يدوّي كي نسمعك ونَقبَلك ونطيعك يا ديان الأحياء والأموات، يا صاحب المظال الأبدية.

إن سحابة مجدك والصوت المسموع سبقا وقيلا في معموديتك، فصوت نهر الأردن هو نفسه صوت جبل التجلي (هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررتُ له اسمعوا)... فمضمون المعمودية ومضمون التجلي واحد، والقضية كلها من البداءة إلى النهاية هي فداؤك الثمين وقيامتك. إننا في المعمودية نأخذ العربون وننال بنوَّتنا فيك، والمشروطة بأن (له اسمعوا)عندما نقبَلك ونستجيب لعمل نعمتك ونسلك في رضاك، فننال محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة وموهبة وعطية الروح القدس






Share

Wednesday, August 17, 2011

اللاهُوتُ المَريَمِيُ والثِيُؤطُوكِياتُ

اللاهُوتُ المَريَمِيُ والثِيُؤطُوكِياتُ

بقلم: القمص أثناسيوس فهمي جورج
السبت ١٣ اغسطس ٢٠١١

نشأت الثيؤطوكيات كأدب كنسي مكتوب يتضمن إيمان الكنيسة المحفوظ في وعيها وضميرها وتعليمها الشفاهي. وهي تتضمن خلاصة اللاهوت المريمي في قطع قبطية موزونة لتمجيد والدة الإله القديسة الطاهرة مريم، لتشرح في اصطلاحات لاهوتية عميقة رموز ونبوءات وتوصيفات وتشبيهات عن العذراء وسر التجسد الإلهي العجيب. لذلك حوت ألقابًا ومديحًا وتطويبًا للعذراء، عاشته الكنيسة على الدوام وإلى مدى الأجيال عبر العبادة الكنسية اليومية، مضافًا إليها ما انتهت إليه المجامع الثلاثة القانونية. وتدل هذه الثيؤطوكيات على أن واضعيها كانوا شخصياتٍ لاهوتيةً ونسكية بارعة، حرصوا أن يجعلوا اللحن صلاةً والصلاة لحنًا، وأدخلوا تفاسير الكتاب المقدس لآباء الكنيسة كمادة أساسية في العبادة، تشكِّل المفردات والاصطلاحات اللاهوتية الغنية في مضامينها، لتكون معبِّرة عن وحدة الحياة وما يغترفه المسيحي من معانٍ كتابية في صلواته اليومية، فلا يبقىَ الكتاب المقدس مصدرًا قائمًا بذاته منفصلاً عن الحياة الكنسية، بل مادة بناء للحياة المسيحية التَقَوية، وبالذات في العقيدة والليتورﭼيا... وقد أتت في جملتها غنية وخصبة بالإشارات والتفاسير والرمزيات ضمن التيار الروحي النسكي والليتورجي في وحدة وانسجام

احتوت الثيؤطوكيات على لاهوت العهد الجديد الذي تحولت فيه رموز العهد القديم إلى حقائق إلهية، تمت بحسب تدبير النعمة لتكميل الخلاص في شخص مريم العذراء القبة الثانية المباركة، التي صارت قدس أقداس وفيها لوحَا العهد، تلك العذراء هي التي دلتنا على (اليوتا) اسم الخلاص، الذي تجسد منها بغير تغيير وصار وسيطًا لعهد جديد، ومن قِبَل رشاش دمه الكريم تطهرنا وتبررنا وفزنا بالرحمة... هذه هي العذراء المتسربلة بمجد اللاهوت من داخل ومن خارج، قدمت لله شعبًا وشعوبًا كثيرة من قِبَل طهارتها. هي قديسة كل حين لأنها قسط الذهب النقي التي في وسطها المن المخفي، حملت في بطنها المَنّ العقلي الذي أتى من الآب، ولدته بغير دنس ولا مباضعة. هي منارة ذهبية حاملة المسيح النور الحقيقي، وهي المجمرة الذهب النقي الحاملة الحجر المختار والبخور العنبري، حملت في بطنها غير المنظور كلمة الآب، هي الحمامة الحسنة وزهرة البخور التي أينعت، وهي عصا هارون التي أزهرت بغير غرس ولا سقي، مشتملة بالأنوار والطهارة وأعمال كريمة قيلت عنها، لأن الرب أشرق جسديًا منها، ومن قِبَلها رجع آدم إلى رئاسته دفعة أخرى... بسبب طهارتها أحببنَ العذارى الطهارة وصرنَ بنات لها، ومن قِبَلها نجد دالة عند الديان بعد أن صارت هي إكليل فخرنا ورأس خلاصنا وثبات طهرنا

عالية هي الأعجوبة التي لولادتها، وعظيم هو مجد بتوليتها الكاملة، الذي جعلها كالسُلّم الذي رآه يعقوب ثابتة على الأرض ومرتفعة إلى السماء، جعلها كالعليقة المشتعلة التي لم تحترق، وككنز الجوهر التي وَلدت خالق الكل، وكباب المشرق المختوم بختم عجيب، دخل وخرج منه رب القوات وبقي مختومًا على حاله

إن كرامة العذراء لا يُنطق بها، زينتها في السموات العلوية عن يمين حبيبها، والمواهب الإلهية التي نالتها كانت مواهب مضافة إليها وظلت كذلك، طهارتها خشب لا يسوَّس لأنها حازت من النعمة بالقدر الذي يؤهلها أن تكون أم القدوس، المظللة بقوة العلي (بالشكينة) فصارت عرشًا ملوكيًا للمحمول على الشاروبيم، وارتفعت عن الطبائع العلوية العقلية لأن الذي في حجرها الملائكة تسبحه والشاوربيم يسجدون له باستحقاق والسيرافيم بغير فتور... هي باب المشارق، الخدر الظاهر الذي للختن، وكلنا نسير في ضيائها لأنها ولدت لنا الحياة مخلص العالم الحي والمحيي. ولدت الحمل ومن مجده سَتَر كل عُري، ومن صوفه (ناسوته) وُلدت الطبيعة الجديدة وعدم الفساد، حملت بالظافر كسحابة نيِّرة ممطرة بالنعمة وخلاص العالم، لتُطفئ عطش حواء وتستر آدم الذي طردته نتانة العصيان... فكانت سحابة وعطرًا وبخورًا (اسطوينوفي) ومعملاً للاتحاد غير المفترق

حقيقة إن هذه الثيؤطوكيات عميقة وغنية وزاخرة بالمعاني والحياة والأصالة وتحقيق النبوءات، ارتفعت درجتها الروحية فوق التعبير اللفظي بل وفوق المعقول... تتكشف معانيها بالبرهان العملي، وتتميز بأن جوهر الوزن فيها هو للوزن الفكري والإلهام، ولِمَا لا؟ ما دامت مريم العذراء هي فردوس الكلمة الحاوية للاهوت؟! فكل تمجيد للمسيح هو فخر للعذراء، ويُعتبر في حد ذاته مديحًا لها كأم المسيح، فلا يمكن فَهم قداستها وتمجيدها بعيدًا عن المسيح المتجسد، ففي تكريمنا لها مراجعة لكافة أحداث الخلاص بصفتنا مشاركين لا مشاهدين، نرقىَ إلى كرامة شهود عيان لتاريخ الخلاص، شهود يعاينون حياة المسيح عيانًا... هذه كلها حرص عليها الشاعر القبطي في وضع الثيؤطوكيات لتكون لنا نسيج قماشة التسبيح الذي لا يَعرف التقسيم العقلي الذي ساد مدارس اللاهوت في فصل التجسد عن الصليب والقيامة وأسرار الكنيسة... إنها أوبرا إلهية وسيمفونيات ومدخل إدراك الخلاص الذي يتحقق الآن في عبادة الكنيسة، فيتعظم مجد مريم وتطوِّبها الشعوب






Share

Sunday, August 14, 2011

التأمل‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏السيدة‏ ‏العذراء


التأمل‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏السيدة‏ ‏العذراء
لنيافة‏ ‏الأنبا‏ ‏موسي أسقف‏ ‏الشباب

كانت‏ ‏السيدة‏ ‏العذراء‏ ‏رمز‏ ‏ونموذج‏ ‏لحياة‏ ‏التأمل‏ ‏والعبادة‏ ‏والصلاة‏.. ‏فمنذ‏ ‏طفولتها‏ ‏المباركة‏ ‏كانت‏ ‏في‏ ‏الهيكل‏ ‏تتأمل‏ ‏وتتعبد‏ ‏وتصلي‏، ‏وحتي‏ ‏بعدما‏ ‏كبرت‏ ‏في‏ ‏السن‏ ‏وخرجت‏ ‏إلي‏ ‏الهيكل‏، ‏وذهبت‏ ‏إلي‏ ‏بيت‏ ‏يوسف‏ ‏النجار‏ ‏كانت‏ ‏مصرة‏ ‏علي‏ ‏حياة‏ ‏البتولية‏ ‏التي‏ ‏تساندها‏ ‏بالتأمل‏ ‏والعبادة‏ ‏والشركة‏ ‏الحية‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏وحتى ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏حبلت‏ ‏بالرب‏ ‏يسوع‏ ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏ولدت‏ ‏الطفل‏ ‏الإلهي‏.. ‏يقول‏ ‏الكتاب‏ ‏عنها‏. ‏أما‏ ‏مريم‏ ‏فكانت‏ ‏تحفظ‏ ‏جميع‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏متفكرة‏ ‏به‏ ‏في‏ ‏قلبها‏. ‏ولكن‏ ‏السؤال‏ ‏هو‏.. ‏العذراء‏ ‏كانت‏ ‏تتأمل‏ ‏كيف؟‏ ‏وفيما‏ ‏نتأمل‏ ‏نحن؟‏.‏

هناك‏ ‏عدة‏ ‏مدارس‏ ‏في‏ ‏التأمل‏.. ‏المدرسة‏ ‏الأولى‏ ‏هي‏ ‏نصوص‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏، ‏الثانية‏ ‏شخصيات‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏، ‏الثالثة‏ ‏سير‏ ‏القديسين‏، ‏الرابعة‏ ‏هي‏ ‏أحداث‏ ‏الحياة‏.‏

أولا‏ ‏نصوص‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏:‏
الإنسان‏ ‏المسيحي‏ ‏يلهج‏ ‏في‏ ‏الكلام‏ ‏الرب‏ ‏نهارا‏ ‏وليلا‏، ‏لأن‏ ‏كلمات‏ ‏الإنجيل‏ ‏هي‏ ‏روح‏ ‏الحياة‏، ‏أي‏ ‏بمثابة‏ ‏الأكسجين‏ ‏الروحي‏ ‏والنسمة‏ ‏الروحية‏ ‏لأنه‏ ‏كما‏ ‏أن‏ ‏نسمة‏ ‏الهواء‏ ‏تحي‏ ‏جسده‏، ‏فإن‏ ‏كلمة‏ ‏الروح‏ ‏تحي‏ ‏روحه‏.‏
لذلك‏ ‏الإنسان‏ ‏يجب‏ ‏ألا‏ ‏يكف‏ ‏عن‏ ‏قراءة‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏أبدا‏، ‏بل‏ ‏ويقرأه‏ ‏بانتظام‏ ‏فهذه‏ ‏الكلمات‏ ‏هي‏ ‏رسالة‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏وكلمة‏ ‏الله‏ ‏إلي‏ ‏قلبه‏. ‏نحن‏ ‏في‏ ‏احتياج‏ ‏دائم‏ ‏لقراءة‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏بتأمل‏, ‏نقرأ‏ ‏الأصحاح‏ ‏ونحن‏ ‏مفتوحي‏ ‏الذهن‏ ‏والقلب‏.‏

أليست‏ ‏كلمتي‏ ‏كنار‏ ‏يقول‏ ‏الرب‏ ‏وكمطرقة‏ ‏تحطم‏ ‏الصخر‏ ‏فالإنسان‏ ‏الذي‏ ‏يقرأ‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏نار‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏تحرق‏ ‏شوائب‏ ‏الخطية‏ ‏التي‏ ‏فيه‏، ‏ومطرقة‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏تحرق‏ ‏شوائب‏ ‏الخطية‏ ‏التي‏ ‏فيه‏، ‏ومطرقة‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏بك‏ ‏تحطم‏ ‏الصخر‏ ‏الذي‏ ‏يعترض‏ ‏حياته‏.. ‏كلمة‏ ‏الله‏ ‏نار‏.. ‏مطرقة‏.. ‏خبز‏ ‏يشبع‏ ‏ويحيي‏ ‏كلمة‏ ‏ربنا‏ ‏سيف‏ ‏بتار‏ - ‏كلمة‏ ‏الله‏ ‏حية‏ ‏وفعالة‏ ‏وأقوي‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏سيف‏ ‏ذي‏ ‏حدين‏.‏

إذن‏ ‏فعند‏ ‏سماعي‏ ‏تعليم‏ ‏غريب‏ ‏كلمة‏ ‏الله‏ ‏سيف‏ ‏بتار‏ ‏تحكم‏ ‏عليه‏ ‏وتقول‏ ‏هذا‏ ‏خطا‏ ‏وتقطعه‏.. ‏عادة‏ ‏رديئة‏ ‏لدي‏ ‏الناس‏ ‏كلمة‏ ‏الله‏ ‏تقطعها‏.‏ كلمة‏ ‏ربنا‏ ‏أيضا‏ ‏نور‏ ‏وسراج‏ - ‏سراج‏ ‏لرجلي‏ ‏كلامك‏ ‏ونور‏ ‏لسبيلي‏ ‏فالوصية‏ ‏مصباح‏ ‏والشريعة‏ ‏نور‏.‏

ليتك‏ ‏تسأل‏ ‏نفسك‏: ‏هل‏ ‏استطعت‏ ‏أن‏ ‏تقرأ‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏كاملا‏ ‏بتأمل‏ ‏وبانتظام؟‏ ‏ليتك‏ ‏تأخذ‏ ‏تعهدا‏ ‏على ‏نفسك‏ ‏الآن‏ ‏بقراءة‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏يوميا‏.. ‏وبروح‏ ‏التأمل‏!!‏

ثانيا‏ ‏شخصيات‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏:‏ الإنسان‏ ‏الذي‏ ‏يقرأ‏ ‏الكتاب‏ ‏لن‏ ‏يجد‏ ‏فقط‏ ‏كلام‏ ‏الله‏ ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ ‏شخصيات‏ ‏نتعلم‏ ‏منها‏.. ‏آدم‏ ‏وحواء‏ ‏نتعلم‏ ‏منهما‏ ‏عدم‏ ‏الحوار‏ ‏مع‏ ‏الشيطان‏.. ‏قايين‏ ‏وهابيل‏ ‏نتعلم‏ ‏الذبيحة‏ ‏المقبولة‏ ‏ومحبة‏ ‏الإخوة‏ - ‏نوح‏.. ‏سأسير‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏حتى ‏ولو‏ ‏كنت‏ ‏كمازح‏ ‏في‏ ‏عيون‏ ‏العالم‏.. ‏إبراهيم‏.. ‏نترك‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏أن‏ ‏نتبع‏ ‏الله‏ ‏وإسحق‏ ‏نتعلم‏ ‏منه‏ ‏كيف‏ ‏نتمسك‏ ‏بالمواعيد‏ ‏الإلهية‏.. ‏أنظروا‏ ‏هذا‏ ‏في‏ ‏سفر‏ ‏واحد‏ ‏فقط‏ ‏جزء‏ ‏بسيط‏ ‏منه‏ ‏سفر‏ ‏التكوين‏ ‏ماذا‏ ‏عن‏ ‏باقي‏ ‏الأسفار‏!!‏

ثالثا‏ ‏سير‏ ‏القديسين‏:‏ من‏ ‏يريد‏ ‏التأمل‏ ‏يذهب‏ ‏ويقرأ‏ ‏في‏ ‏سير‏ ‏القديسين‏، ‏قد‏ ‏يقول‏ ‏البعض‏ ‏إنهم‏ ‏من‏ ‏القرن‏ ‏الرابع‏ - ‏أقول‏ ‏لا‏ ‏صحيح‏ ‏أنهم‏ ‏من‏ ‏القرن‏ ‏الرابع‏ ‏وما‏ ‏قبله‏ ‏وما‏ ‏بعده‏ ‏ولكنك‏ ‏أنت‏ ‏كابن‏ ‏لله‏ ‏تقرأ‏ ‏سيرة‏ ‏القديس‏ ‏فتعلق‏ ‏وتحب‏ ‏فضيلة‏ ‏معينة‏ ‏فيه‏. ‏هذه‏ ‏الفضيلة‏ ‏تمتصها‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏تشعر‏.. ‏إذا‏ ‏أعجبت‏ ‏بفضيلة‏ ‏في‏ ‏العذراء‏ ‏كالتسليم‏ ‏تأخذ‏ ‏قبسا‏ ‏منها‏.. ‏هوذا‏ ‏أنا‏ ‏أمة‏ ‏الرب‏ ‏ليكن‏ ‏لي‏ ‏كقولك‏، ‏لتكن‏ ‏مشيئتك‏.. ‏مهما‏ ‏حدث‏ ‏ومهما‏ ‏ظن‏ ‏الناس‏ ‏بي‏.. ‏حتي‏ ‏لو‏ ‏أن‏ ‏ظهر‏ ‏الحمل‏ ‏سترجمين‏.. ‏لكن‏ ‏لتكن‏ ‏مشيئتك‏، ‏وها‏ ‏هي‏ ‏عند‏ ‏الصليب‏ ‏في‏ ‏تسليم‏ ‏عجيب‏.. ‏أما‏ ‏العالم‏ ‏فيفرح‏ ‏لقبوله‏ ‏الخلاص‏ ‏وأما‏ ‏قلبي‏ ‏فيلتهب‏ ‏عند‏ ‏النظر‏ ‏إلى ‏صلبوتك‏.‏

رابعا‏ ‏أحداث‏ ‏الحياة‏:‏ لو‏ ‏حدث‏ ‏في‏ ‏حياتك‏ ‏بركة‏ ‏أو‏ ‏تجربة‏ ‏تأمل‏ ‏فيها‏ ‏وتعمق‏ ‏فيها‏.. ‏لو‏ ‏حدث‏ ‏في‏ ‏حياتك‏ ‏نجاح‏ ‏أو‏ ‏فشل‏ ‏تأمل‏ ‏فيه‏ ‏لأن‏ ‏الله‏ ‏يكلمك‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏هذا‏ ‏الحدث‏.. ‏أعرف‏ ‏طبيبا‏ ‏كان‏ ‏مستهترا‏ ‏جدا‏ ‏ومن‏ ‏شدة‏ ‏استهتار‏ه ‏كان‏ ‏يعلم‏ ‏ابن‏ ‏أخته‏ ‏كل‏ ‏الخطايا‏ ‏وفي‏ ‏إحدى‏ ‏المرات‏ ‏وهما‏ ‏عائدين‏ ‏من‏ ‏الإسكندرية‏ ‏مشبعين‏ ‏بالرذائل‏ ‏تحدث‏ ‏حادثة‏ ‏لهما‏ ‏وينتقل‏ ‏الشاب‏ ‏الصغير‏ ‏إلى‏ ‏العالم‏ ‏الآخر‏.. ‏بدأ‏ ‏يشعر‏ ‏أنه‏ ‏نجى‏ ‏من‏ ‏الحادثة‏ ‏وأنه‏ ‏سبب‏ ‏هلاك‏ ‏هذا‏ ‏الشخص‏، ‏وبدأ‏ ‏يبكي‏ ‏بالدموع‏ ‏أمام‏ ‏الله‏ ‏ليقدم‏ ‏توبة‏ ‏الله‏ ‏يقسمها‏ ‏بينه‏ ‏وبين‏ ‏هذا‏ ‏الشاب‏ ‏يتوب‏ ‏ويصلي‏ ‏إلى‏ ‏الله‏، ‏أن‏ ‏يغفر‏ ‏لهما‏ ‏وتحول‏ ‏اتجاه‏ ‏هذا‏ ‏الإنسان‏ ‏نحو‏ ‏الله‏.‏

نحن‏ ‏نحتاج‏ ‏أيها‏ ‏الأحباء‏ ‏أن‏ ‏نتعامل‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏الحياة‏ ‏اليومية‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏نجاح‏ ‏أشكرك‏ ‏يارب‏، ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏فشل‏ ‏ماذا‏ ‏تريد‏ ‏أن‏ ‏تقول‏ ‏يارب‏، ‏وأن‏ ‏كانت‏ ‏تجربة‏ ‏أسمع‏ ‏صوت‏ ‏ربنا‏ - ‏الرب‏ ا‏فتح‏ ‏لي‏ ‏أذنا‏ ‏لأسمع‏ ‏كالمتعلمين‏.‏

أحبائي‏:‏ تعالوا‏ ‏نعيش‏ ‏حياة‏ ‏التأمل‏ ‏التي‏ ‏عاشتها‏ ‏السيدة‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏.‏
الله‏ ‏يعطينا‏ ‏ألا‏ ‏نصوم‏ ‏وألا‏ ‏نحتفل‏ ‏بأعياد‏ ‏القديسين‏ ‏في‏ ‏روح‏ ‏جسدية‏, ‏ولكن‏ ‏في‏ ‏فرحة‏ ‏روحية‏ ‏مقدسة‏ ‏حتي‏ ‏نسير‏ ‏وراءهم‏ ‏علي‏ ‏نفس‏ ‏الدرب‏ ‏ونصل‏ ‏معهم‏ ‏إلي‏ ‏أورشليم‏ ‏السمائية‏ ‏ونحيا‏ ‏معهم‏ ‏مع‏ ‏الرب‏.. ‏آمين‏

مقال لنيافة‏ ‏الأنبا‏ ‏موسي - أسقف‏ ‏الشباب – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 53 العدد 2589 - ﺇصدار ثان: السنة 11 العدد 555 – يوم الأحد الموافق 7 أغسطس (آب) 2011 ميلادية، 1 مسرى 1727 شهداء (قبطية)، 7 رمضان 1432 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثالثة (3)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg



Share

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News