Saturday, July 28, 2012

الاتضاع الالهي


أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ. المزامير 22: 6

يا ربي ارحمني.. لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين.. وَأَنْتَ الْقُدُّوسُ الْجَالِسُ بَيْنَ تَسْبِيحَاتِ إِسْرَائِيلَ. المزامير 22: 3

كيف يمكن لرب المجد أن يصل به الحال إلى درجة من الضعف فيكون ليس فقط أقل من الملائكة، بل أقل من إنسان؟! وما أبعد الفرق بين ما قاله عن نفسه: أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ. الخروج 3: 14 أو الكائن، وقوله هنا أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ. المزامير 22: 6. لكن هذه الطبيعة المزدوجة قد ظهرت في شخص ربنا يسوع المسيح وهو ينزف دماً فوق الخشبة. لقد شعر بنفسه أنه أشبه بدودة ضعيفة حقيرة وقد سحقت، حتى أن المعاملات اﻹنسانية المألوفة قد أنكرها الناس عليه ولم يعاملوه معاملة إنسانية... لا إنسان

إن الخطية تستحق العار والازدراء. ولأجل هذا السبب أُسلم يسوع كحامل الخطايا لهذه المعاملات المهينة. لقد أخذ الهوان ليعطيك المجد، وصار مهاناً ليرفع قدرك. فهل قدّرت آلامه؟؟ لأنه تحمل أوجاعنا


الرب ذو المجد الرفيع  .:.  يهوه المسيح المنتظر
قد جاء كالعبد المطيع  .:.  يا عجباً من ذا الخبر

رجل أوجاع اختبر  .:.  حزناً وقد تذلل
لأن حزننا حمل  .:.  أوجاعنا تحمل


--------

قارن مع اشعياء: لاَ تَخَفْ يَا دُودَةَ يَعْقُوبَ، يَا شِرْذِمَةَ إِسْرَائِيلَ. أَنَا أُعِينُكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَفَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ. إشعياء 41: 14. فالدودة هي أحقر المخلوقات ويشعر أمامها الإنسان أنه قوي جدًا وقادر على سحقها. وفي الآيات: عَلَيْكَ اتَّكَلَ آبَاؤُنَا. اتَّكَلُوا فَنَجَّيْتَهُمْ. إِلَيْكَ صَرَخُوا فَنَجَوْا. عَلَيْكَ اتَّكَلُوا فَلَمْ يَخْزَوْا. المزامير 22: 4 - 5. نرى المرنم يقول في ثقة أن الآباء حين إتكلوا على الله خلصهم، أما هو فدودة حقيرة، وحالته ميئوس منها، وأن الله قد تركه. وهنا فالمرنم يتكلم بلسان المسيح الذي صار مهانًا ومحتقر الشعب، بل صار في عيون أعدائه مرذولاً من الله كدودة مداسة بالأقدام

ونلاحظ أن الصليب كان موت العار

وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا. التثنية 21: 22 - 23

مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. إشعياء 53: 1 - 3

والكلمة العبرية المقابلة ل دودة تستخدم للحشرة الصغيرة التي يستخرج منها الصبغة القرمزية، وهذه تنتج عن موت الحشرة، وفي هذا إشارة لدم المسيح وموته، فدمه القرمزي اللون جعلني أنا أبيض اللون: هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ. إشعياء 1: 18

فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَعْلَمُ. فَقَالَ لِي: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ. رؤيا يوحنا اللاهوتي 7: 14

هذا الاتضاع الإلهي يخزي كل إنسان متكبر

---------

أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ. المزامير 22: 6

يخاطب السيد المسيح إلهه الآب عن حاله وما وصل إليه من ضيق شديد. وكأنه يسأل: لماذا يا أبي الأزلي لم تخلصني من هذه الهاوية بعد وقد وصلت إلى أسفل دركها من حقارة الشأن والذلة والعار. ويتكلم عن نفسه هنا بثلاث أوجه. دودة لا إنسان، عار عند البشر وأخيراً المسيح كموضوع احتقار الشعب

دودة لا إنسان

لقد وصل السيد المسيح إلى حالة من الحقارة والضعف بما يشبه الدودة. والدودة حيوان صغير زاحف. دقيق التكوين. لا عظام له ولا أطراف عادة. بل حلقات صغيرة متحركة. في الظاهر ليس للدودة فائدة بل هي كائن محتقر ومرزول وصارت مثالاً للضعف وحقارة الشأن أستخدمها الكثيرين في هذا الشأن مثل أيوب الصديق: فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ، وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ؟ أيوب 25: 6؛ لاَ تَخَفْ يَا دُودَةَ يَعْقُوبَ، يَا شِرْذِمَةَ إِسْرَائِيلَ. أَنَا أُعِينُكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَفَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ. إشعياء 41: 14. فالمسيح أيضاً لم يكتفي بكونه صائراً أقل من الملائكة للبسه جسداً ترابياً. بل صار مهاناً ومحتقر ومرزول من الناس: مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. إشعياء 53: 3 حتى ماثل الدودة وشابه أحقر الكائنات

ولقد ذكر لنا الوحي المقدس مثل ذلك أيضاً في سفر اشعياء النبي: لاَ تَخَفْ يَا دُودَةَ يَعْقُوبَ، يَا شِرْذِمَةَ إِسْرَائِيلَ. أَنَا أُعِينُكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَفَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ. هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُكَ نَوْرَجًا مُحَدَّدًا جَدِيدًا ذَا أَسْنَانٍ. تَدْرُسُ الْجِبَالَ وَتَسْحَقُهَا، وَتَجْعَلُ الآكَامَ كَالْعُصَافَةِ. تُذَرِّيهَا فَالرِّيحُ تَحْمِلُهَا وَالْعَاصِفُ تُبَدِّدُهَا، وَأَنْتَ تَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ. بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ تَفْتَخِرُ. إشعياء 41: 14 - 16

أيضاً المسيح هنا يشبه نفسه بالدودة. لأن الدود هو مصدر الصبغة الحمراء المستعملة قديماً والمسماه الدودى أو الدودي.. هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ. إشعياء 1: 18
لذا صارت الدودة رمزاً للسيد المسيح له المجد الذي جاز المعصرة لكي ينزف لنا دماً ثميناً. بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ. رسالة بطرس الرسول الأولى 1: 19
منذ البداية وبالذات بداية آلام الجلجثة حيث ركع ليصلي، وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. لوقا 22: 44
هذا الدم هو صبغة روحية حمراء قانية كالدودي ولكن من يستعملها يبيض في الحال، هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ. رؤيا يوحنا اللاهوتي 7: 14

الدودة أيضاً لها فائدة بالنسبة للطبيعة فهي تخلص الخليقة من أجساد الموتى بأكلها أجسام الموتى أو الجثث، أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ، رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ. إشعياء 14: 11. والسيد المسيح أيضاً في الاحتماء بصليب آلامه نتخلص من جسد الموت اﻹنسان العتيق

يهتم كثير من الآباء بكون السيد المسيح دعى نفسه هنا دودة لا إنسان أي وصل لأقل مستوى من الحقارة والتفاهة من الناحية الجسدية المادية ولكن الوحي هنا يستطرد أنه ليس إنسان حتى نفرق بين تكوين المسيح وتكوين سائر البشر عامة. نعم أخذ جسداً ولكن هذا الجسد لم يكن بزرع بشر ولا بمشيئة جسد بل هو إلهي بالروح القدس وليس بانسان

يوجد نوع من الدود يسمى الهيدرا، هذا النوع من الدود أنبوبي الشكل الذي يعيش في الماء وطوله بضعة مليمترات له قاعدة مقفلة وفتحة أمامية يستخدمها كفم لدخول الطعام وكفتحة إست ﻹخراج الفضلات وحول هذه الفتحة عدد من الزوائد المجوفة المتصلة بالجسم فالعجيب في هذا الحيوان. إننا إذا قطعنا هذا الحيوان عدة أجزاء فكل جزء يستكمل نفسه ليصير هيدرا كاملة

فالمسيح وإن كان صار دودة لكن بموته وقيامته ينتشر اﻹيمان به في كل العالم لذلك قال: اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. يوحنا 12: 24

بل والمؤمنين الشهداء أولاده فبموتهم وتقطيع أعضائهم كانت دمائهم بذار للايمان حيث أنه إذا استشهد واحد فان آلاف من الواقفين يصرخون قائلين نحن مسيحين نؤمن باله هذا القديس

عار عند البشر

لقد تنبأ عنه اشعياء النبي قائلاً: كَمَا انْدَهَشَ مِنْكَ كَثِيرُونَ. كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَدًا أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ. إشعياء 52: 14. لقد كان اليهود يعايرون من يتبع المسيح لدرجة أنهم شتموا المولود أعمى عندما فتح عينه المسيح وأعترف به قالوا له، فَشَتَمُوهُ وَقَالُوا: أَنْتَ تِلْمِيذُ ذَاكَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّنَا تَلاَمِيذُ مُوسَى. يوحنا 9: 28
وبطرس الرسول عندما قالت له الجارية أنت كنت معه أنكر وسب ولعن قائلاً إني لا أعرف هذا الرجل، فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ! وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. متى 26: 74

وتاريخ الكنيسة مملوء بالاضطهادات التي تحملها أولاد المسيح من أجل المسيح. وللآن كل من يتبع إسم المسيح فهو حامل لعار المسيح وينسب له من الآخرين الكفر والشرك بالله ويضطهد من الجميع في العمل وفي الدراسة وليس فقط من غير المسيحيين بل ومن المسيحيين بالاسم فقط الذين لا يعرفون شيئ عن المسيح ولكن ثقوا من يتألم مع المسيح سوف يتمجد معه ومن يحمل عاره سيأخذ أمجاده والله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي اظهرتموها نحو إسمه القدوس لقد وعد بفمه الطاهر كأس ماء بارد أجره لا يضيع فبالأولى من يحمل عار المسيح سيكافأ في الدهر الآتي

محتقر الشعب

كان كل من يراه معلقاً على الصليب ينغض الرأس ويجدف قائلاً: يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، هذَا قَالَ: إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ. متى 26: 61.. وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ! متى 27: 41 - 42


Share

No comments:

Post a Comment

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News