محاضرة قداسة البابا تواضروس الثاني
الأربعاء 26 فبراير 2014م، بعنوان: ألنا قلت هذا الكلام أم للجميع؟ تأملات في إنجيل الثلاثاء من الأسبوع الأول من الصوم الكبير
في إنجيل يوم الثلاثاء من الأسبوع الأول هناك سؤال واضح جداً: فقال له بطرس: يارب، ألنا تقول هذا المَثَل أم للجميع أيضاً
بصيغة أخرى: هل كلام اللَّه وكلام الكتاب المقدس ووصاياه هي لك أنت بصورة خاصة، أم أنها مكتوبة لكل الناس ماعدا أنت؟ للإنسان أم للإنسانية
هل تشعر في داخلك أن الكلمة المُقدَّسة موجَّهة لك بصورة شخصية، ولا تنظر للكتاب المقدس أنه أحداث وشخصيات وتواريخ ومعجزات وأمثال للمعرفة فقط! بطرس الرسول يسأل: ألنا تقول هذا المَثَل؟ متسائل
قد يظن الناس أن الكتاب المقدس بوصاياه يخص فقط الخدام في الكنيسة، هذا هو نفس الفكر الذي سأل به القديس بطرس. ويشرح ربنا يسوع المسيح كيف أن هذا الكلام هو لكل إنسان لكي ما يكون إنساناً مُستعداً
ونُصلِّي في صلاة النوم عبارة هامة جداً: ( العُمر المُنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة )، والملاهي هي الأمور التي تلهي الإنسان وتشغله وتنسيه، حتى لو كانت أمور جيدة مثل الخدمة
ويأتي السؤال: لماذا يهمل الناس كلمة ربنا؟.. الإهمال والإهتمام بكلمة ربنا والكتاب المقدس
بعض الناس لا يعرفون القراءة، والبعض لا يعرف النُّطق، ويمكن أيضاً البعض لا يعرف المعنى أو الربط بين أجزاء الكتاب، وهناك آخرين حجّتهم أنهم لا يملكون وقت للكتاب المقدس، أو ناس حجَّتهم عدم تنظيم الوقت، وآخرين الكسل هو سبب إهمالهم الكتاب المقدس
لذلك عندما يبتعد الإنسان عن كتابه المقدس يسهل على الشيطان أن يُهاجمه، وهذا ما دفع القديس بولس الرسول أن يقول: كلمة اللَّه حيَّة وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدّين، وخارقة إلى مفرق النفس، ومميزة أفكار القلب ونيَّاته
من أسباب اهتمامنا بالكتاب المقدس
أولاً: الكتاب المقدس سراج
وكلمة سراج تعني إضاءة، ومن صغرنا حفظنا الآية: سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي، سراج يُعرِّفك طريقك في الحياة، فالوصية هي التي تُنير لك طريقك
ثانياً: الوصية شبع
كلمة اللَّه تشبع الإنسان، هي لا تشبعه على المستوى المادي، ولكن تشبعه على المستوى الروحي والنفسي، ويقول الكتاب: وجدت كلامك فأكلته، ومعناها إنِّي جعلت كلمتك في فمي على الدوام
ثالثاً: الكتاب يُمثِّل حياة الإنسان
وبحسب تعاليم ربنا يسوع: الكلام الذي أُكلِّمكم به هو روح وحياة، فأنت في كُلِّ مَرَّةٍ تقرأ الكتاب المقدس تأخذ نسمة حياة
رابعاً: الكتاب المقدس حصانة
يقول الكتاب: اسم الرب برج حصين، وكأنك بمعرفتك لكلمة اللَّه على مستواك الشخصي فأنت تبني برج حصين
خامساً: كلمة اللَّه أيضاً هي سبب فرح للإنسان
الإنسان اليوم يتعرَّض للقلق والخوف والاضطراب الداخلي وغياب السلام القلبي، اعرف أن كتابك المقدس على المستوى الشخصي يمنحك فرح
سادساً: كلمة اللَّه صلاة
كل صلاوتنا خارجة من الإنجيل فأنت حينما تقرأ الكتاب المقدس على المستوى الشخصي أنت تُصلِّي، عندما ذهب التلاميذ للمسيح وقالوا له: علِّمنا كيف نُصلِّي. قال لهم: متى صليتم فقولوا: أبانا الذي في السموات..، هذا جزء من الكتاب، وأيضاً صلوات كثيرة مبنية على الكتاب المقدس، ولهذا يقول القديس بولس الرسول في رسالة كولوسي 3 : 16.. لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، أوَّل شيء في هذه الآية الصغيرة كلمة لتسكن فتأتي كلمة اللَّه وتسكن داخلي، وأرجوك أن تستطعم هذا التعبير، يعني كلمة اللَّه تسكن وتقيم داخلك، وهذا يعني المعرفة بكلمة اللَّه وحفظها، ويصير قلبك مقر دائم للكلمة المقدسة، ولتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى بمعنى أن تسكن فيكم كلمة المسيح بوفرة أو بكمال، وتكون طول اليوم في فمك وفي بيتك على الدوام حتى في علاقاتنا اليومية في كل المناسبات
خلاصة الموضوع أن تكون علاقتك بالإنجيل تمر بعدَّة خطوات
الخطوة الأولى
أن يكون لك كتابك المقدس الشخصي الذى تتعوَّد عليه (اقتناء الكتاب). إنجيلك الشخصي أو كتابك المقدس الشخصي
الخطوة الثانية
أن يكون عندك باستمرار هذه المحبة الفيَّاضة لكلمة اللَّه، وتضع الوصية: لتسكن كلمة المسيح بغنى، تجعلها أمامك هدف
الخطوة الثالثة
هي القراءة اليومية ولا تجعل يوم من حياتك يمر دون أن تفتح إنجيلك
الخطوة الرابعة
أنك تتقدَّم وتدرس وتحاول تفهم
الخطوة الخامسة
أنك تحفظ وتكون كلمة اللَّه دائماً في فمك
الخطوة السادسة
أنك تتكلَّم في أحاديثك وعباراتك تستعير من هذا الغنى الذي سكن فيك
الخطوة السابعة والأخيرة
في هذه العلاقة الوثيقة بينك وبين الكلمة المُقدَّسة هي خطوة الحفظ والحياة والعمل تعيشها وتُطبِّقها وتصير جزء من كيانك اليومي، وصرت أنت إنجيل مقروء من جميع الناس، وصار سلوكك وكلامك وملامح وجهك وقراراتك كلها تنبع من خلفية الكتاب المقدس
No comments:
Post a Comment