Monday, October 11, 2010

بابة - 1 بــابة

نسبة إلى اله الزرع (بى نت رت) لان فيه يكسو وجه الأرض بالخضرة، وله معابد في قنا المشهورة الأن بأسم "بنود أو أبنود" وله معبد أخر في تمي الأمديد بمحافظة الغربية وتسمى منديس

وقد ينسب أيضا إلى المعبود بتاح خالق العالم "بتاح رس أنيف" أي شهر عبادة بتاح.

مركزه منف بالبدرشين

أمثال الشهر : إن صح زرع بابه، غلب القوم النهابة

إن جاء بابه، ادخل واقفل البوابة

أشهر محاصيله : رمان بابه



Share

القراءات الكنسية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية – 1بابة - 11أكتوبر/تشرين أول

مزمور باكر – مزمور 8: 2، 3
2مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا بِسَبَبِ أَضْدَادِكَ، لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ. 3إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا
مزمور 8: 2، 3

انجيل باكر – يوحنا 4: 15 – 24
15قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:«يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هذَا الْمَاءَ، لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِيَ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا» 17أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ:«لَيْسَ لِي زَوْجٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، 18لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ». 19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:«يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ . لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. 23وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. 24اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا».
يوحنا 4: 15 – 24

البولس – أفسس 5: 8 – 21
8لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ. 9لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرّ وَحَقّ. 10مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ. 11وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا. 12لأَنَّ الأُمُورَ الْحَادِثَةَ مِنْهُمْ سِرًّا، ذِكْرُهَا أَيْضًا قَبِيحٌ. 13وَلكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ يُظْهَرُ بِالنُّورِ. لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ. 14لِذلِكَ يَقُولُ: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ».
15فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، 16مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. 17مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ. 18وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ، 19مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. 20شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ِللهِ وَالآبِ. 21خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ.
أفسس 5: 8 – 21

الكاثوليكون – بطرس الأولى 3: 5 – 14
5فَإِنَّهُ هكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، 6كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ «سَيِّدَهَا». الَّتِي صِرْتُنَّ أَوْلاَدَهَا، صَانِعَاتٍ خَيْرًا، وَغَيْرَ خَائِفَاتٍ خَوْفًا الْبَتَّةَ.
7كَذلِكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ مَعَ الإِنَاءِ النِّسَائِيِّ كَالأَضْعَفِ، مُعْطِينَ إِيَّاهُنَّ كَرَامَةً، كَالْوَارِثَاتِ أَيْضًا مَعَكُمْ نِعْمَةَ الْحَيَاةِ، لِكَيْ لاَ تُعَاقَ صَلَوَاتُكُمْ. 8وَالنِّهَايَةُ، كُونُوا جَمِيعًا مُتَّحِدِي الرَّأْيِ بِحِسٍّ وَاحِدٍ، ذَوِي مَحَبَّةٍ أَخَوِيَّةٍ، مُشْفِقِينَ، لُطَفَاءَ، 9غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرّ بِشَرّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ، بَلْ بِالْعَكْسِ مُبَارِكِينَ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ لِكَيْ تَرِثُوا بَرَكَةً. 10لأَنَّ:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً، فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ، 11لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ، لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ. 12لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَلكِنَّ وَجْهَ الرَّبِّ ضِدُّ فَاعِلِي الشَّرِّ».
13فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟ 14وَلكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا.
بطرس الأولى 3: 5 – 14

الابركسيس – أعمال الرسل 21: 5 – 14
5وَلكِنْ لَمَّا اسْتَكْمَلْنَا الأَيَّامَ خَرَجْنَا ذَاهِبِينَ، وَهُمْ جَمِيعًا يُشَيِّعُونَنَا، مَعَ النِّسَاءِ وَالأَوْلاَدِ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ. فَجَثَوْنَا عَلَى رُكَبِنَا عَلَى الشَّاطِئِ وَصَلَّيْنَا. 6وَلَمَّا وَدَّعْنَا بَعْضُنَا بَعْضًا صَعِدْنَا إِلَى السَّفِينَةِ. وَأَمَّا هُمْ فَرَجَعُوا إِلَى خَاصَّتِهِمْ.
7وَلَمَّا أَكْمَلْنَا السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْ صُورَ، أَقْبَلْنَا إِلَى بُتُولِمَايِسَ، فَسَلَّمْنَا عَلَى الإِخْوَةِ وَمَكَثْنَا عِنْدَهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا. 8ثُمَّ خَرَجْنَا فِي الْغَدِ نَحْنُ رُفَقَاءَ بُولُسَ وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلُبُّسَ الْمُبَشِّرِ، إِذْ كَانَ وَاحِدًا مِنَ السَّبْعَةِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ. 9وَكَانَ لِهذَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ. 10وَبَيْنَمَا نَحْنُ مُقِيمُونَ أَيَّامًا كَثِيرَةً، انْحَدَرَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ نَبِيٌّ اسْمُهُ أَغَابُوسُ. 11فَجَاءَ إِلَيْنَا، وَأَخَذَ مِنْطَقَةَ بُولُسَ، وَرَبَطَ يَدَيْ نَفْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ:«هذَا يَقُولُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ هذِهِ الْمِنْطَقَةُ، هكَذَا سَيَرْبُطُهُ الْيَهُودُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أَيْدِي الأُمَمِ». 12فَلَمَّا سَمِعْنَا هذَا طَلَبْنَا إِلَيْهِ نَحْنُ وَالَّذِينَ مِنَ الْمَكَانِ أَنْ لاَ يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 13فَأَجَابَ بُولُسُ:«مَاذَا تَفْعَلُونَ؟ تَبْكُونَ وَتَكْسِرُونَ قَلْبِي، لأَنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُرْبَطَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ اسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ». 14وَلَمَّا لَمْ يُقْنَعْ سَكَتْنَا قَائِلِينَ:«لِتَكُنْ مَشِيئَةُ الرَّبِّ».
أعمال الرسل 21: 5 – 14

المزمور – مزمور 45: 14، 15
14بِمَلاَبِسَ مُطَرَّزَةٍ تُحْضَرُ إِلَى الْمَلِكِ. في إِثْرِهَا عَذَارَى صَاحِبَاتُهَا. مُقَدَّمَاتٌ إِلَيْكَ. 15يُحْضَرْنَ بِفَرَحٍ وَابْتِهَاجٍ. يَدْخُلْنَ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ.
مزمور 45: 14، 15

الانجيل – متى 25: 1 – 13
1«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. 2وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. 3أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، 4وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. 5وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. 6فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! 7فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. 8فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. 9فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. 10وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. 11أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! 12فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. 13فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ.
متى 25: 1 – 13




Share

Monday, October 4, 2010

فتركت المرأة جرَّتها

هذه المرأة التي كانت منذ يومين أو ثلاثة زوجةً لكثيرين، تُظهِر نفسها الآن فائقة ومترفِّعة عن احتياجات الجسد؛ والتي كانت كثيراً ما تُسبى بالملذَّات الباطلة، تحتقر الآن احتياجات الجسد الضرورية، ولا تُبالي بالعطش أو الشرب على حدٍّ سواء؛ بل تُخلَق من جديد لسيرة أخرى بالإيمان، وللوقت تنطلق بسرعة إلى المدينة، بدافع المحبة التي هي أسمى الفضائل مع المودة، لتُبشِّر الآخرين بالخير الذي استُعلِنَ لها... غير عابئة بالماء الذي جاءت لتستقيه من أعماق البئر، ولا مُستعيدة إلى بيتها جرَّتها المصنوعة من تراب الأرض؛ بل بالحري مالئةً مخازن ذهنها بالنعمة الإلهية السماوية، وبتعاليم المخلِّص الفائقة الحكمة. من ذلك ينبغي أن نتعلَّم كما بمثال أننا إذا ما تسامينا عن الأمور الصغيرة والمادية، فإننا ننال بطريقة مُضاعفة جداً أموراً أفضل آتية من عند الله. فماذا يكون الماء الأرضي إزاء الوعي الذي من فوق؟!

شرح إنجيل يوحنا 4: 28

للقديس كيرلس الكبير

مجلة مرقس – رسالة الفكر المسيحي للشباب والخُدَّام – يصدرها دير القديس أنبا مقار – ببرية شيهيت – السنة 54 – العدد 515 – يونية 2010م – بشنس / بؤونة 1726ش

http://www.stmacariusmonastery.org/



Share

ثوب من السماء


كان أبيفانيوس ماشياً في الطريق فرأى فقيراً يطلب صدقة من أحد الآباء الرهبان، وﺇذ لم يكن معه نقوداً يعطيه، خلع ثوبه الذي عليه وأعطاه له، وعندما أخذ الفقير الثوب رأى ابيفانيوس ثوباً أبيضاً نازلاً من السماء على ذلك الراهب مكان الثوب الذي أعطاه للفقير

فتعجب من ذلك ثم سأل الراهب عن ديانته ولما علم أنه مسيحي طلب منه أن يعرفه المبادئ المسيحية، ثم آمن وتعمد وصار راهباً ثم أسقفاً على قبرص

مجلة الكرازة – رئيس التحرير صاحب القداسة والغبطة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية – السنة الثامنة والثلاثون – الجمعة 17 سبتمبر 2010 ميلادية – 7 توت 1727 شهداء (قبطية) – العددان 23، 24 – صفحة 21




Share

Sunday, October 3, 2010

غروب حياتي من العالم لتشرق عند الله

غروب حياتي من العالم، لتشرق عند الله
يخاطب أهل رومية الذين كانوا يحاولون ﺇعاقته عن الاستشهاد

كم أخاف من محبتكم لي لئلا تؤذيني

لأنه ما أسهل عليكم أن تفعلوا ما تريدون، أما أنا فصعب علىﱠ البلوغ الى عند الله، ﺇلاﱠ ﺇذا لم تحاولوا ﺇنقاذي (تحت ادعاء محبتكم الجسدية لي)

لأني لا أرغب أن أكون بالنسبة لكم كمن يرضي الناس، بل مرضيا لله، كما أنتم ترضونه أيضا

لأنه لن تسنح لي فرصة أخرى كهذه: أن أصل الى الله، ولا أنتم أيضا

فان حافظتم على الهدوء من جهتي، فسوف يحسب لكم هذا شرفا على هذا العمل النبيل. فاذا هدأتم من جهتي وتركتموني لمصيري، فهذا سيجعلني ملك الله

أما ﺇذا أحببتم وجودي الجسدي، فسوف أستأنف الركض في السباق مرة أخرى

أرجوكم، ﺇذن، ألا تحاولوا أن يكون فضلكم علىﱠ ﺇلا بأن تتركوني أقدم حياتي ذبيحة لله، طالما المذبح ما زال معدا

وحينذاك تجتمعون معا بالمحبة كجوقة لترتلوا للآب بيسوع المسيح، ﺇذ جعلني الله، أنا أسقف سوريا، مستحقاً أن أستدعى من الشرق ﺇلى الغرب

ما أمجد أن تغرب شمس حياتي عن هذا العالم نحو الله، لتشرق من جديد عنده

الرسالة ﺇلى رومية 1 – 3


للقديس ﺇغناطيوس الأنطاكي


مجلة مرقس – رسالة الفكر المسيحي للشباب والخُدَّام – يصدرها دير القديس أنبا مقار – ببرية شيهيت – السنة 54 – العدد 516 – سبتمبر 2010م – نسئ 1726 / توت 1727ش





Share


Saturday, August 28, 2010

الأيقونة صعود جسد العذراء مريم


الأيقونة صعود جسد العذراء مريم

مقدسة ومملوءة مجدا والدة الاله العذراء كل حين القديسة الطاهرة مريم

الأيقونة من كنيسة مارمينا بفم الخليج توضح أحداث الصعود تؤرخ بالقرن 18




Share

كأس‏ ‏الألم‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏العذراء



كأس‏ ‏الألم‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏العذراء
للمتنيح: الأنبا غريغوريوس - أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي

العذراء‏ ‏اختيرت‏ ‏لتكون‏ ‏الخادمة‏ ‏الأولي‏ ‏لسر‏ ‏التجسد‏، ‏ولكي‏ ‏تكون‏ ‏السماء‏ ‏الثانية‏ ‏الملكة‏ ‏أم‏ ‏الملك‏، ‏هل‏ ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏الاختيار‏ ‏اعتباطا‏ ‏أو‏ ‏نوعا‏ ‏من‏ ‏المنحة‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏أساس‏ ‏لها‏ ‏غير‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏أمر‏ ‏فصار؟‏...‏ لا‏...‏ليست‏ ‏هذه‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏ ‏أبدا‏، ‏أبدا‏، ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏المخرج‏ ‏لرواية‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يسند‏ ‏الدور‏ ‏لهذا‏ ‏الإنسان‏ ‏أو‏ ‏ذلك‏ ‏ليقوم‏ ‏به‏، ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏أولا‏ ‏مطمئنا‏ ‏إلي‏ ‏كفاءة‏ ‏هذا‏ ‏الإنسان‏، ‏بالدور‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يسند‏ ‏إليه‏ ‏الدور‏. ‏فكيف‏ ‏يسند‏ ‏الرب‏ ‏هذا‏ ‏الدور‏ ‏لمريم‏ ‏إلا‏ ‏وهو‏ ‏يعلم‏ ‏أن‏ ‏مريم‏ ‏يمكنها‏ ‏أن‏ ‏تقوم‏ ‏بهذا‏ ‏الدور‏، ‏فليس‏ ‏الموضوع‏ ‏اعتباطا‏ ‏ولا‏ ‏هو‏ ‏من‏ ‏قبيل‏ ‏الأمر‏، ‏ولا‏ ‏لأن‏ ‏مريم‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تقوم‏ ‏بدور‏ ‏كان‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تقوم‏ ‏به‏ ‏أي‏ ‏امرأة‏ ‏أخري‏، ‏لا‏...‏لو‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏مريم‏ ‏مستحقة‏ ‏لهذا‏ ‏الشرف‏ ‏لما‏ ‏أسند‏ ‏الرب‏ ‏إليها‏ ‏هذا‏، ‏خصوصا‏ ‏وأن‏ ‏دور‏ ‏مريم‏ ‏ليس‏ ‏مجرد‏ ‏امرأة‏ ‏حملت‏ ‏وولدت‏، ‏إنما‏ ‏امرأة‏ ‏من‏ ‏شبابها‏ ‏اصطبغت‏ ‏بالألم‏ ‏وشربت‏ ‏من‏ ‏الكأس‏ ‏التي‏ ‏شربها‏ ‏المسيح‏، ‏شربت‏ ‏الألم‏، ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏في‏ ‏طفولتها‏ ‏اليتيمة‏ ‏وما‏ ‏عانته‏، ‏وما‏ ‏لم‏ ‏تره‏ ‏ربما‏ ‏طفلة‏ ‏أخري‏، ‏انفردت‏ ‏مريم‏ ‏منذ‏ ‏طفولتها‏ ‏بألم‏ ‏اليتم‏، ‏ولكن‏ ‏ليس‏ ‏اليتم‏ ‏وحده‏، ‏إنما‏ ‏عندما‏ ‏اختيرت‏ ‏وظهر‏ ‏لها‏ ‏الملاك‏ ‏وبشرها‏ ‏بالحمل‏ ‏الإلهي‏، ‏منذ‏ ‏هذه‏ ‏اللحظة‏ ‏أيضا‏ ‏بدأت‏ ‏مريم‏ ‏تعاني‏، ‏عانت‏ ‏الشكوك‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏ ‏وعفتها‏، ‏حتي‏ ‏يوسف‏ ‏الذي‏ ‏يعرف‏ ‏طهارتها‏ ‏اضطر‏ ‏أن‏ ‏يشك‏ ‏فيها‏، ‏لأنها‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏ظهر‏ ‏لها‏ ‏الملاك‏ ‏وبشرها‏، ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏حملت‏ ‏ذهبت‏ ‏إلي‏ ‏بيت‏ ‏أليصابات‏ ‏وقضت‏ ‏هناك‏ ‏ثلاثة‏ ‏شهور‏، ‏وحضرت‏ ‏ميلاد‏ ‏يوحنا‏، ‏لأنه‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الوقت‏ ‏كان‏ ‏الشهر‏ ‏السادس‏ ‏لأليصابات‏، ‏وعندما‏ ‏رجعت‏ ‏إلي‏ ‏بيتها‏ ‏في‏ ‏الناصرة‏ ‏ورأي‏ ‏يوسف‏ ‏علامات‏ ‏الحمل‏، ‏كرجل‏ ‏وكإنسان‏ ‏شك‏ ‏فيها‏ ‏من‏ ‏أين‏ ‏هذا‏ ‏الحمل؟‏ ‏فهو‏ ‏يعرف‏ ‏جيدا‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الحمل‏ ‏ليس‏ ‏منه‏، ‏ولولا‏ ‏كما‏ ‏يقول‏ ‏الإنجيل‏ ‏أن‏ ‏الرجل‏ ‏كان‏ ‏بارا‏ ‏لما‏ ‏قرر‏ ‏في‏ ‏نفسه‏ ‏أن‏ ‏يطلق‏ ‏سراحها‏ ‏سرا‏ ‏حتي‏ ‏لا‏ ‏يفضح‏ ‏أمرها‏، ‏لأن‏ ‏الشريعة‏ ‏كانت‏ ‏تبيح‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الحالة‏، ‏أن‏ ‏يجمع‏ ‏عليها‏ ‏شيوخ‏ ‏المدينة‏ ‏وأن‏ ‏يقضي‏ ‏عليها‏ ‏بالرجم‏، ‏لأنها‏ ‏وقعت‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الخطر‏ ‏المحظور‏، ‏لكنه‏ ‏لأنه‏ ‏كان‏ ‏بارا‏ ‏لم‏ ‏يرد‏ ‏أن‏ ‏يفضحها‏ ‏فأراد‏ ‏أن‏ ‏يخلي‏ ‏سبيلها‏ ‏سرا‏، ‏هذا‏ ‏يعتبر‏ ‏فضيلة‏ ‏فيه‏، ‏لكن‏ ‏بالنسبة‏ ‏لمريم‏ ‏هذه‏ ‏الإنسانة‏ ‏الطاهرةالنقية‏ ‏التي‏ ‏يعلم‏ ‏الله‏ ‏طهارتها‏، ‏كيف‏ ‏كان‏ ‏وضعها‏ ‏من‏ ‏الداخل‏ ‏وهي‏ ‏تحس‏ ‏أنها‏ ‏متهمة‏ ‏ومتهمة‏ ‏من‏ ‏أقرب‏ ‏الناس‏ ‏إليها‏، ‏هنا‏ ‏بدأت‏ ‏حلقة‏ ‏جديدة‏ ‏من‏ ‏حلقات‏ ‏الآلام‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏مريم‏، ‏الاتهامات‏ ‏والظنون‏ ‏والشكوك‏، ‏وليس‏ ‏هناك‏ ‏أمر‏ ‏عند‏ ‏بنت‏ ‏عفيفة‏ ‏طاهرة‏ ‏بكر‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏تتهم‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏سلاحها‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏رأسمالها‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏مجدها‏، ‏ليس‏ ‏هناك‏ ‏أبدا‏ ‏شئ‏ ‏يجرحها‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏يجرحها‏ ‏شرفها‏ ‏الذي‏ ‏مس‏، ‏والذي‏ ‏حدث‏ ‏يجعل‏ ‏كل‏ ‏إنسان‏ ‏له‏ ‏عقل‏ ‏يكون‏ ‏معذورا‏ ‏أن‏ ‏يتهمها‏

وظلت‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏وضع‏ ‏الاتهام‏ ‏كل‏ ‏أيام‏ ‏حياتها‏، ‏وربما‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏ ‏يصب‏ ‏عليها‏ ‏اليهود‏ ‏الاتهامات‏ ‏يتهمونها‏ ‏في‏ ‏طهارتها‏، ‏وأقل‏ ‏ما‏ ‏فيها‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏يقوله‏ ‏بعض‏ ‏اليهود‏ ‏عن‏ ‏المسيح‏، ‏ها‏ ‏نحن‏ ‏عارفون‏ ‏بأبيه‏ ‏وأمه‏ ‏وكأن‏ ‏يوسف‏ ‏هو‏ ‏أبو‏ ‏المسيح‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏أقل‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏من‏ ‏اتهام‏ ‏يصيبها‏ ‏بالألم‏. ‏أن‏ ‏يعتبر‏ ‏ميلاد‏ ‏المسيح‏ ‏من‏ ‏يوسف‏ ‏وأنها‏ ‏تزوجت‏، ‏وهي‏ ‏لم‏ ‏تتزوج‏ ‏ولكن‏ ‏هذا‏ ‏أقل‏ ‏ما‏ ‏في‏ ‏القضية‏ ‏من‏ ‏اتهام‏. ‏إنما‏ ‏مريم‏ ‏عاشت‏ ‏كل‏ ‏أيام‏ ‏حياتها‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الاتهام‏. ‏من‏ ‏الذي‏ ‏يصدق؟‏ ‏وبعد‏ ‏ذلك‏ ‏عاشت‏ ‏مريم‏ ‏تعاني‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏، ‏حينما‏ ‏جاء‏ ‏ميعادها‏ ‏لتلد‏، ‏كان‏ ‏أوغسطس‏ ‏قيصر‏ ‏أصدر‏ ‏أمرا‏ ‏أن‏ ‏يكتتب‏ ‏كل‏ ‏المسكونة‏، ‏كل‏ ‏واحد‏ ‏يذهب‏ ‏إلي‏ ‏مدينته‏ ‏التي‏ ‏ولد‏ ‏فيها‏ ‏لكي‏ ‏يكتتب‏، ‏لكي‏ ‏يسجل‏ ‏اسمه‏ ‏في‏ ‏البلد‏ ‏التي‏ ‏هي‏ ‏مسقط‏ ‏رأسه‏، ‏ومريم‏ ‏كانت‏ ‏من‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏ ‏ومن‏ ‏بيت‏ ‏داود‏، ‏ويحدث‏ ‏أن‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏فيه‏ ‏ستلد‏ ‏المسيح‏، ‏تضطر‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏منها‏ ‏أن‏ ‏تركب‏ ‏حمارا‏، ‏وأن‏ ‏تسير‏ ‏من‏ ‏الناصرة‏ ‏إلي‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏، ‏وياليتها‏ ‏وجدت‏ ‏هناك‏ ‏مكانا‏، ‏وهي‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏اللحظات‏ ‏الصعبة‏ ‏الحرجة‏ ‏لم‏ ‏تجد‏ ‏مكانا‏ ‏في‏ ‏الخان‏، ‏لم‏ ‏يجدوا‏ ‏في‏ ‏الخان‏ ‏مكانا‏ ‏فاستضافها‏ ‏الحيوان‏ ‏وولد‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏مذود‏ ‏البقر‏، ‏لماذا‏ ‏هذا‏ ‏كله؟‏ ‏لماذا‏ ‏لم‏ ‏يتأخر‏ ‏أوغسطس‏ ‏قيصر‏ ‏في‏ ‏الميعاد؟‏ ‏لو‏ ‏كان‏ ‏أحد‏ ‏فينا‏ ‏لتذمر‏، ‏لماذا‏ ‏لا‏ ‏يأتي‏ ‏الاكتتاب‏ ‏إلا‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏فيه‏ ‏مريم‏ ‏كمل‏ ‏زمانها‏ ‏لتلد؟‏ ‏ألكي‏ ‏تتعذب‏ ‏أكثر‏ ‏وتتألم‏ ‏أكثر؟‏ ‏لماذا‏ ‏لم‏ ‏يتدخل‏ ‏الله‏ ‏ليسهل‏ ‏مهمتها؟‏!!‏هذه‏ ‏مهمته‏ ‏هو‏، ‏لكن‏ ‏لكي‏ ‏تعرفوا‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏لا‏ ‏يحابي‏ ‏كما‏ ‏نحن‏ ‏نتصور‏، ‏ليس‏ ‏لأن‏ ‏الشخص‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏ودائما‏ ‏يتعبد‏ ‏ويصوم‏ ‏تكون‏ ‏كل‏ ‏حياته‏ ‏سهلة‏، ‏الله‏ ‏يعطينا‏ ‏مثلا‏ ‏ونموذجا‏، ‏لايوجد‏ ‏إنسانة‏ ‏ممكن‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏في‏ ‏وضع‏ ‏مريم‏، ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏سمح‏ ‏الله‏ ‏بأن‏ ‏تعاني‏ ‏مريم‏ ‏هذه‏ ‏المعاناة‏ ‏وهذا‏ ‏أيضا‏ ‏لخيرها‏ ‏الأبدي‏، ‏لكي‏ ‏تصطبغ‏ ‏بصبغة‏ ‏الألم‏ ‏وتشرب‏ ‏من‏ ‏الكأس‏، ‏وتعاني‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏فتكون‏ ‏مشاركة‏ ‏له‏، ‏مشاركة‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏آلامه‏، ‏ولدت‏ ‏مريم‏ ‏وظهر‏ ‏النجم‏ ‏للمجوس‏ ‏وقادهم‏ ‏إلي‏ ‏أورشليم‏ ‏ثم‏ ‏اختفي‏ ‏ليذهبوا‏ ‏ويوقظوا‏ ‏اليهود‏ ‏الذين‏ ‏لا‏ ‏يدرون‏ ‏بولادة‏ ‏المسيح‏ ‏وكأن‏ ‏اختفاء‏ ‏النجم‏ ‏مقصودا‏ ‏ليعرف‏ ‏الملك‏ ‏وكل‏ ‏الشعب‏ ‏وترتبك‏ ‏المدينة‏ ‏كلها‏ ‏من‏ ‏سؤال‏ ‏المجوس‏، ‏أين‏ ‏هو‏ ‏المولود‏ ‏ملك‏ ‏اليهود‏ ‏أننا‏ ‏أتينا‏ ‏لنسجد‏ ‏له؟‏ ‏هيرودس‏ ‏الرجل‏ ‏السفاح‏ ‏الذي‏ ‏قتل‏ ‏أمه‏ ‏وأخته‏، ‏هل‏ ‏يقبل‏ ‏أن‏ ‏يولد‏ ‏من‏ ‏يأخذ‏ ‏منه‏ ‏الملك؟ جمع‏ ‏هيرودس‏ ‏رؤساء‏ ‏الكهنة‏ ‏وسألهم‏ ‏أين‏ ‏ولد‏ ‏المسيح‏، ‏قالوا‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏، ‏الإجابة‏ ‏كانت‏ ‏جاهزة‏، ‏بحسب‏ ‏تعاليم‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏لأنه‏ ‏هكذا‏ ‏مكتوب أما‏ ‏أنت‏ ‏يا‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏ ‏إفراته‏ ‏وأنت‏ ‏صغيرة‏ ‏أن‏ ‏تكوني‏ ‏بين‏ ‏ألوف‏ ‏يهوذا‏ ‏فمنك‏ ‏يخرج‏ ‏لي‏ ‏الذي‏ ‏يكون‏ ‏متسلطا‏ ‏علي‏ ‏إسرائيل ‏(‏ميخا‏ 5 : 2) ‏فقال‏ ‏هيرودس‏ ‏للمجوس‏، ‏اذهبوا‏ ‏ابحثوا‏ ‏عنه‏ ‏بالتدقيق‏ ‏في‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏، ‏ومتي‏ ‏رأيتموه‏ ‏تعالوا‏ ‏وقولوا‏ ‏لي‏ ‏لكي‏ ‏أنا‏ ‏أيضا‏ ‏أذهب‏ ‏وأسجد‏ ‏له‏، ‏قال‏ ‏هذا‏ ‏عن‏ ‏خبث‏، ‏فخرج‏ ‏المجوس‏ ‏من‏ ‏أورشليم‏ ‏فظهر‏ ‏النجم‏، ‏ففرحوا‏ ‏فرحا‏ ‏عظيما‏، ‏وسار‏ ‏النجم‏ ‏حتي‏ ‏وصلوا‏ ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏الصبي‏، ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏قدم‏ ‏المجوس‏ ‏هداياهم‏ ‏أوحي‏ ‏إليهم‏ ‏في‏ ‏حلم‏، ‏أن‏ ‏لا‏ ‏يرجعوا‏ ‏إلي‏ ‏هيرودس‏.‏ بل‏ ‏يذهبوا‏ ‏إلي‏ ‏بلادهم‏ ‏من‏ ‏طريق‏ ‏آخر‏. ‏وفعلا‏ ‏أطاعوا‏ ‏ما‏ ‏أوحي‏ ‏به‏ ‏إليهم‏ ‏ورجعوا‏ ‏إلي‏ ‏بلادهم‏. ‏وهذا‏ ‏يدل‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏الناس‏ ‏غير‏ ‏المسيحيين‏ ‏وغير‏ ‏المتدينين‏ ‏بديانة‏ ‏إلهية‏ ‏ممكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏لهم‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏الوحي‏، ‏وهيرودس‏ ‏استمر‏ ‏ينتظر‏ ‏وعندما‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏المجوس‏ ‏استشاط‏ ‏غضبا‏. ‏وأمر‏ ‏بأن‏ ‏يقتل‏ ‏الأطفال‏ ‏من‏ ‏ابن‏ ‏سنتين‏ ‏فأقل‏. ‏يارب‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏ذنب‏ ‏الأطفال‏ ‏الأبرياء‏ 144 ‏ألفا‏ ‏يقتلوا‏ ‏بسبب‏ ‏المسيح؟‏. ‏لماذا‏ ‏لم‏ ‏يقود‏ ‏النجم‏ ‏المجوس‏ ‏علي‏ ‏بيت‏ ‏لحم‏ ‏مباشرة‏ ‏حيث‏ ‏المسيح؟‏... ‏ثم‏ ‏يظهر‏ ‏الملاك‏ ‏ليوسف‏ ‏ويقول‏ ‏له‏ ‏خذ‏ ‏الصبي‏ ‏وأمه‏ ‏واهرب‏ ‏إلي‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏وكن‏ ‏هناك‏ ‏حتي‏ ‏أقول‏ ‏لك‏، ‏وخرجت‏ ‏الصبية‏ ‏مريم‏ ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏وصلت‏ ‏إلي‏ ‏سن‏ 14‏سنة‏، ‏خرجت‏ ‏في‏ ‏جنح‏ ‏الظلام‏ ‏هي‏ ‏ويوسف‏ ‏هربا‏ ‏من‏ ‏هيرودس‏، ‏وتصور‏ ‏شعور‏ ‏الإنسان‏ ‏وحالته‏ ‏النفسية‏ ‏من‏ ‏الداخل‏ ‏عندما‏ ‏يكون‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏هرب‏

المعاناة‏ ‏النفسية‏ ‏التي‏ ‏عانتها‏ ‏نتيجة‏ ‏المطاردة‏، ‏لأن‏ ‏هيروس‏ ‏أرسل‏ ‏عشرة‏ ‏جواسيس‏ ‏وراءهم‏ ‏ليمسك‏ ‏المسيح‏ ‏ويقبض‏ ‏عليه‏ ‏ويقتله‏. ‏وفي‏ ‏الطريق‏ ‏كانت‏ ‏العذراء‏ ‏معها‏ ‏الذهب‏ ‏الذي‏ ‏قدمه‏ ‏المجوس‏ ‏والمعاناة‏ ‏من‏ ‏قطاع‏ ‏الطرق‏ ‏واللصوص‏، ‏وقابلهم‏ ‏اثنان‏ ‏من‏ ‏اللصوص‏ ‏رأيا‏ ‏الذهب‏ ‏فسال‏ ‏لعابهما‏ ‏لكي‏ ‏يأخذاه‏، ‏وفعلا‏ ‏هجما‏ ‏علي‏ ‏مريم‏ ‏الصبية‏ ‏الصغيرة‏ ‏علي‏ ‏الحمار‏, ‏ومعها‏ ‏الطفل‏ ‏الإله‏ ‏يسوع‏، ‏ولحكمته‏ ‏لم‏ ‏يحمها‏ ‏المسيح‏ ‏ولم‏ ‏يدفع‏ ‏عنها‏ ‏شرا‏، ‏وأخذ‏ ‏اللصان‏ ‏الذهب‏ ‏وأيضا‏ ‏ما‏ ‏أمكن‏ ‏من‏ ‏هدايا‏ ‏المجوس‏ ‏للمسيح‏، ‏قال‏ ‏أحد‏ ‏اللصين‏ ‏إلي‏ ‏الآخر‏، ‏نحن‏ ‏بلغنا‏ ‏من‏ ‏القسوة‏ ‏ومن‏ ‏الجفاء‏ ‏وعدم‏ ‏الضمير‏، ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يكفنا‏ ‏ما‏ ‏صنعناه‏ ‏وسرقناه‏، ‏فنهجم‏ ‏علي‏ ‏هذه‏ ‏الصبية‏ ‏الصغيرة‏ ‏وعلي‏ ‏طفلها‏، ‏وكان‏ ‏يوسف‏ ‏رجلا‏ ‏عجوزا‏، ‏ليس‏ ‏في‏ ‏قدرته‏ ‏أن‏ ‏يدفع‏ ‏لصين‏ ‏أقوياء‏، ‏فطلب‏ ‏أحدهما‏ ‏من‏ ‏الآخر‏ ‏أن‏ ‏يرد‏ ‏الذهب‏ ‏للعذراء‏، ‏واختلفا‏ ‏الاثنان‏ ‏معا‏ ‏وتغلب‏ ‏واحد‏ ‏علي‏ ‏الآخر‏ ‏وردا‏ ‏الذهب‏ ‏للعذراء‏، ‏وسيدنا‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏نظر‏ ‏للعذراء‏ ‏وأخبرها‏ ‏أن‏ ‏هذين‏ ‏اللصين‏ ‏سيصلبان‏ ‏واحد‏ ‏عن‏ ‏يمينه‏ ‏والآخر‏ ‏عن‏ ‏يساره‏، ‏وصاحب‏ ‏القلب‏ ‏الرحيم‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏سيعلن‏ ‏توبته‏ ‏علي‏ ‏الصليب‏، ‏ويقول‏: ‏اذكرني‏ ‏يارب‏ ‏متي‏ ‏جئت‏ ‏في‏ ‏ملكوتك‏. ‏فالعذراء‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏طريقها‏ ‏سهلا‏، ‏ثم‏ ‏دخلوا‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏وكلما‏ ‏ذهبوا‏ ‏إلي‏ ‏منطقة‏ ‏تتحطم‏ ‏الأوثان‏ ‏كما‏ ‏قال‏ ‏إشعياء‏ ‏النبي‏ ‏فيقوم‏ ‏كهنة‏ ‏الأوثان‏ ‏والشعب‏ ‏يضربونهم‏ ‏ويطردونهم‏ ‏من‏ ‏المكان‏، ‏فيذهبوا‏ ‏إلي‏ ‏مكان‏ ‏آخر‏ ‏فيحدث‏ ‏ما‏ ‏حدث‏ ‏في‏ ‏الأول‏ ‏وتتحطم‏ ‏الأوثان‏ ‏ويطردوا‏ ‏منها‏ ‏وبهذا‏ ‏انتقل‏ ‏المسيح‏ ‏والعذراء‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏في‏ ‏محطات‏ ‏مختلفة‏، ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏نتيجة‏ ‏الطرد‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏آخر‏ ‏فكان‏ ‏هذا‏ ‏بركة‏ ‏لبلادنا‏، ‏اتخذ‏ ‏المسيح‏ ‏شر‏ ‏هيرودس‏ ‏تبريرا‏ ‏لأن‏ ‏يدخل‏ ‏بلادنا‏ ‏وأن‏ ‏يباركها‏، ‏واتخذ‏ ‏شر‏ ‏الكهنة‏ ‏الوثنيين‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يطردونهم‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏مكان‏، ‏ويضربونهم‏ ‏تبريرا‏ ‏بأن‏ ‏ينتقل‏ ‏من‏ ‏محطة‏ ‏إلي‏ ‏محطة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏، ‏العذراء‏ ‏كانت‏ ‏تهان‏ ‏وتطرد‏ ‏وتضرب‏ ‏والمسيح‏ ‏لا‏ ‏يدافع‏ ‏عنها‏، ‏ليس‏ ‏لأنها‏ ‏معه‏ ‏يعفيها‏ ‏من‏ ‏الآلام‏...‏ لا‏... ‏لأنه‏ ‏أيضا‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يعطيها‏ ‏الأجر‏ ‏والأجر‏ ‏يعطي‏ ‏علي‏ ‏قدر‏ ‏التعب‏، ‏فتركها‏ ‏لتساهم‏ ‏معه‏، ‏وتحمله‏ ‏علي‏ ‏كتفيها‏ ‏وتسير‏ ‏به‏ ‏من‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏ ‏آخر‏، ‏تصوروا‏ ‏شعور‏ ‏الإنسان‏ ‏المطرود‏ ‏والمضطهد‏ ‏والمذل‏، ‏تصوروا‏ ‏شعور‏ ‏بنت‏ ‏في‏ ‏سن ‏14‏سنة‏ ‏كم‏ ‏عانت‏ ‏حتي‏ ‏وصلت‏ ‏إلي‏ ‏جبل‏ ‏قسقام‏ ‏الذي‏ ‏قام‏ ‏عليه‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏ ‏دير‏ ‏المحرق‏، ‏وأقاموا‏ ‏في‏ ‏غرفة‏ ‏هناك‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏أصبحت‏ ‏هيكل‏ ‏الكنيسة‏ ‏الأثرية‏، ‏أطول‏ ‏مدة‏ ‏ممكنة‏ ‏وهي‏ ‏ستة‏ ‏شهور‏ ‏وعشرة‏ ‏أيام‏، ‏وهناك‏ ‏رأي‏ ‏يوسف‏ ‏حلما‏ ‏أن‏ ‏الملاك‏ ‏جبرائيل‏ ‏يخبره‏ ‏أن‏ ‏يرجع‏ ‏إلي‏ ‏أرض‏ ‏فلسطين‏ ‏لأنه‏ ‏قد‏ ‏مات‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يبتغون‏ ‏قتل‏ ‏الصبي‏، ‏أربع‏ ‏سنين‏ ‏قضتها‏ ‏العائلة‏ ‏المقدسة‏ ‏في‏ ‏مصر‏، ‏لما‏ ‏لم‏ ‏يقض‏ ‏الله‏ ‏علي‏ ‏هيرودس‏ ‏من‏ ‏أول‏ ‏لحظة‏، ‏ومن‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يقتل‏ ‏الأطفال‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏تفكيرنا‏ ‏باستمرار‏، ‏فلان‏ ‏متعب‏، ‏سئ‏، ‏قاسي‏، ‏نطلب‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏يميته‏، ‏هذه‏ ‏ليست‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏لو‏ ‏كانت‏ ‏هذه‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏كان‏ ‏من‏ ‏مثل‏ ‏هيرودس‏ ‏بلعته‏ ‏الأرض‏ ‏من‏ ‏زمن‏ ‏طويل‏، ‏وكان‏ ‏مات‏ ‏في‏ ‏اللحظة‏ ‏التي‏ ‏حاول‏ ‏فيها‏ ‏أن‏ ‏يمس‏ ‏المسيح‏ ‏بأذي‏، ‏بل‏ ‏الرب‏ ‏تركه‏، ‏ولم‏ ‏يتدخل‏ ‏الله‏ ‏ليقتله‏، ‏لأن‏ ‏الله‏ ‏أب‏ ‏يعطي‏ ‏فرصة‏ ‏للإنسان‏ ‏لعله‏ ‏يتوب‏، ‏الله‏ ‏لما‏ ‏حكم‏ ‏علي‏ ‏الفلسطينيين‏ ‏أن‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏ ‏يخرجون‏، ‏من‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏، ‏وكانوا‏ ‏يقدرون‏ ‏أن‏ ‏يصلوا‏ ‏لأرض‏ ‏الميعاد‏ ‏في‏ ‏يومين‏ ‏فقط‏، ‏وفعلا‏ ‏اثنين‏ ‏من‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏عبروا‏ ‏البحر‏ ‏الأحمر‏ ‏استطاعوا‏ ‏أن‏ ‏يصلوا‏ ‏الأرض‏ ‏التي‏ ‏وعدهم‏ ‏بها‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏يومين‏ ‏فقط‏، ‏ولكن‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏ ‏استمروا‏ ‏أربعين‏ ‏سنة‏ ‏في‏ ‏سيناء‏، ‏لماذا؟‏ ‏يقول‏ ‏لأن‏ ‏ذنب‏ ‏الأموريين‏ ‏ليس‏ ‏إلي‏ ‏الآن‏ ‏كاملا‏، ‏يعطي‏ ‏فرصة‏ ‏للأموريين‏ ‏وهم‏ ‏الفلسطينيون‏ ‏أربعين‏ ‏سنة‏ ‏أخري‏، ‏لأنه‏ ‏إله‏ ‏وأب‏ ‏وخالق‏، ‏كلنا‏ ‏خليقته‏، ‏لا‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يفني‏ ‏الفلسطينيون‏ ‏بل‏ ‏يعطيهم‏ ‏فرصة‏ ‏أربعين‏ ‏سنة‏ ‏لعلهم‏ ‏يتوبوا‏. ‏هذه‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏وفي‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏يؤدب‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏ ‏في‏ ‏أرض‏ ‏سيناء‏ ‏ويربيهم‏ ‏تربية‏ ‏معينة‏ ‏ويهذبهم‏ ‏لكي‏ ‏يصلحوا‏ ‏لأن‏ ‏يدخلوا‏ ‏أرض‏ ‏كنعان‏، ‏العذراء‏ ‏عانت‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏منزل‏ ‏إلي‏ ‏منزل‏، ‏في‏ ‏منطقة‏ ‏المطرية‏ ‏تطرق‏ ‏الأبواب‏ ‏تطلب‏ ‏أن‏ ‏تأكل‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الطفل‏، ‏ولكن‏ ‏الشيطان‏ ‏يسبقها‏ ‏إلي‏ ‏هناك‏ ‏ويغلقوا‏ ‏الأبواب‏ ‏في‏ ‏وجهها‏، ‏ولا‏ ‏يوجد‏ ‏أي‏ ‏مصدر‏ ‏آخر‏ ‏للأكل‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏الذل‏ ‏الذي‏ ‏لاقته‏ ‏مريم‏. ‏لو‏ ‏أحد‏ ‏منا‏ ‏عاش‏ ‏هذا‏ ‏الذل‏ ‏لصرخ‏ ‏لماذا‏ ‏يارب‏ ‏كل‏ ‏ذلك؟‏ ‏أنت‏ ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تنهي‏ ‏هذا‏ ‏كله‏، ‏كان‏ ‏من‏ ‏الممكن‏ ‏أن‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏الرحلة‏ ‏وتقضي‏ ‏علي‏ ‏هيرودس‏، ‏هذه‏ ‏ليست‏ ‏سياسة‏ ‏الله‏، ‏وفي‏ ‏مرة‏ ‏مريم‏ ‏طرقت‏ ‏الباب‏ ‏فأجابتها‏ ‏السيدة‏ ‏أنا‏ ‏عجنت‏ ‏العجين‏ ‏وسأخبز‏، ‏فقالت‏ ‏لها‏ ‏مريم‏ ‏هل‏ ‏تسمحي‏ ‏لي‏ ‏أن‏ ‏أساعدك‏ ‏حتي‏ ‏لا‏ ‏آكل‏ ‏خبز‏ ‏الكسل‏، ‏فوافقت‏ ‏السيدة‏ ‏وقد‏ ‏تكون‏ ‏سيدة‏ ‏عجوز‏، ‏فأخذت‏ ‏العذراء‏ ‏قماط‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏ولفته‏ ‏علي‏ ‏المجور‏ ‏وبدأت‏ ‏تقطع‏ ‏العجين‏ ‏الذي‏ ‏ملأ‏ ‏الدور‏ ‏الأرضي‏ ‏وابتدأت‏ ‏تملأ‏ ‏الدور‏ ‏الأعلي‏، ‏والعجين‏ ‏لايريد‏ ‏أن‏ ‏ينتهي‏، ‏صاحبة‏ ‏البيت‏ ‏قالت‏ ‏لها‏ ‏يا‏ ‏سيدتي‏ ‏هذا‏ ‏الخبز‏ ‏كله‏ ‏ماذا‏ ‏أعمل‏ ‏به؟ أنا‏ ‏أعيش‏ ‏هنا‏ ‏لوحدي‏، ‏يكفي‏ ‏هذا‏، ‏فرفعت‏ ‏العذراء‏ ‏القماط‏ ‏فجف‏ ‏المجور‏، ‏وأصبح‏ ‏هذا‏ ‏الشارع‏ ‏بسبب‏ ‏هذه‏ ‏السيدة‏ ‏التي‏ ‏فتحت‏ ‏الباب‏ ‏أمام‏ ‏العذراء‏ ‏يسمي‏ ‏شارع‏ ‏البركة‏ ‏في‏ ‏المطرية‏

أريد‏ ‏أن‏ ‏ترجع‏ ‏أفكاركم‏ ‏للخلف‏ ‏وتري‏ ‏ماذا‏ ‏حدث‏ ‏للعذراء‏ ‏من‏ ‏متاعب‏، ‏فتتحملوا‏ ‏المتاعب‏ ‏ولا‏ ‏يظن‏ ‏أحد‏ ‏أنه‏ ‏ما‏ ‏دام‏ ‏يصلي‏ ‏ويصوم‏ ‏لاتقف‏ ‏العقبات‏ ‏أمامه‏، ‏لأن‏ ‏هذه‏ ‏المعاناة‏ ‏سيكون‏ ‏لها‏ ‏أجر‏، ‏وسيكون‏ ‏عنها‏ ‏جزاء‏ ‏لأنه‏ ‏بقدر‏ ‏التعب‏ ‏يكون‏ ‏الجزاء‏

انظروا‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏حياة‏ ‏المسيح‏ ‏كلها‏، ‏يوسف‏ ‏كان‏ ‏رجلا‏ ‏عجوزا‏ ‏ومات‏، ‏مات‏ ‏عندما‏ ‏كان‏ ‏سيدنا‏ ‏سنه‏ 16‏سنة‏ ‏في‏ ‏الجسد‏، ‏وعاشت‏ ‏العذراء‏ ‏منفردة‏، ‏وبدأ‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏يعمل‏ ‏نجارا‏، ‏خصوصا‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏مات‏ ‏يوسف‏ ‏حتي‏ ‏سن‏ ‏الثلاثين‏، ‏وكان‏ ‏عمله‏ ‏هذا‏ ‏شرفا‏ ‏للعمل‏ ‏ولو‏ ‏ننتقل‏ ‏بسرعة‏ ‏إلي‏ ‏الأسبوع‏ ‏الأخير‏، ‏إلي‏ ‏الآلام‏ ‏وإلي‏ ‏الصلب‏، ‏انظروا‏ ‏قلب‏ ‏الأم‏ ‏عندما‏ ‏المسيح‏ ‏يسلمه‏ ‏الخائن‏ ‏يهوذا‏ ‏وهو‏ ‏أحد‏ ‏تلاميذه‏، ‏وكل‏ ‏التلاميذ‏ ‏الآخرين‏ ‏أيضا‏ ‏يهربون‏، ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏امرأة‏ ‏بيلاطس‏ ‏عندما‏ ‏رأت‏ ‏حلما‏ ‏أرسلت‏ ‏إلي‏ ‏بيلاطس‏ ‏وهو‏ ‏في‏ ‏عمله‏ ‏وقالت‏ ‏له‏: ‏إياك‏ ‏وهذا‏ ‏البار‏ ‏فإني‏ ‏تعذبت‏ ‏كثيرا‏ ‏في‏ ‏حلم‏ ‏من‏ ‏أجله‏، ‏امرأة‏ ‏بيلاطس‏ ‏تعذبت‏ ‏كثيرا‏ ‏فماذا‏ ‏كان‏ ‏حال‏ ‏العذراء‏ ‏مريم؟‏! ‏وماذا‏ ‏كانت‏ ‏فيه‏ ‏من‏ ‏الألم‏ ‏والحزن‏ ‏الذي‏ ‏يقطع‏ ‏قلبها‏، ‏هي‏ ‏أم‏ ‏وليس‏ ‏لها‏ ‏غير‏ ‏المسيح‏ ‏من‏ ‏الناحية‏ ‏الجسدية‏ ‏أو‏ ‏من‏ ‏الناحية‏ ‏الروحية‏، ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏غيره‏، ‏ما‏ ‏هو‏ ‏شعورها؟‏ ‏ماهو‏ ‏حالها؟‏ ‏ومقدار‏ ‏ما‏ ‏عانته‏ ‏بعد‏ ‏الحكم‏ ‏عليه‏، ‏وما‏ ‏عانته‏ ‏في‏ ‏طريق‏ ‏الصليب‏ ‏حتي‏ ‏وقفت‏ ‏تحت‏ ‏الصليب؟‏ ‏ونظرت‏ ‏له‏ ‏ونظر‏ ‏إليها‏ ‏وسلمها‏ ‏إلي‏ ‏يوحنا‏ ‏وأخذها‏ ‏يوحنا‏ ‏إلي‏ ‏بيته‏

أنا‏ ‏رأيت‏ ‏صورة‏ ‏في‏ ‏فينيسيا‏ ‏لفنان‏ ‏من‏ ‏القرن‏ ‏الثالث‏ ‏عشر‏، ‏اعتقد‏ ‏أنها‏ ‏أجمل‏ ‏صورة‏ ‏رأيتها‏ ‏في‏ ‏حياتي‏، ‏صورة‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏القبر‏ ‏والعذراء‏ ‏واقفة‏، ‏وكيف‏ ‏نجح‏ ‏الفنان‏ ‏في‏ ‏أن‏ ‏يصور‏ ‏العذراء‏ ‏في‏ ‏أصعب‏ ‏حالات‏ ‏الألم‏ ‏وأصعب‏ ‏لحظة‏ ‏من‏ ‏لحظات‏ ‏الحياة‏، ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏لأنه‏ ‏ابنها‏، ‏بل‏ ‏وحيدها‏ ‏وعائلها‏، ‏ماهو‏ ‏مصيرها‏ ‏بعد‏ ‏صلب‏ ‏المسيح؟‏ ‏وماذا‏ ‏سوف‏ ‏تعاني‏ ‏من‏ ‏اضطهاد‏ ‏ومتاعب‏ ‏من‏ ‏اليهود‏ ‏الذين‏ ‏يصبون‏ ‏عليها‏ ‏جام‏ ‏الغضب‏ ‏والاضطهاد‏ ‏والآلام‏. ‏ضع‏ ‏أي‏ ‏واحد‏ ‏منا‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الموقف‏، ‏فالفنان‏ ‏نجح‏ ‏نجاحا‏ ‏ممتازا‏ ‏بأن‏ ‏يصور‏ ‏العذراء‏ ‏والألم‏ ‏علي‏ ‏وجهها‏ ‏وعينيها‏ ‏تآكلت‏ ‏من‏ ‏البكاء‏، ‏ووضعها‏ ‏شئ‏ ‏صعب‏ ‏جدا‏، ‏أنا‏ ‏وقفت‏ ‏أمام‏ ‏الصورة‏ ‏حوالي‏ ‏ثلث‏ ‏ساعة‏ ‏وكان‏ ‏ممكن‏ ‏لولا‏ ‏الاستعجال‏ ‏أن‏ ‏استمر‏ ‏ساعة‏ ‏وساعتين‏ ‏أمام‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏‏

كيف‏ ‏نجح‏ ‏المصور‏ ‏والفنان‏ ‏في‏ ‏القرن‏ ‏الثالث‏ ‏عشر‏، ‏أن‏ ‏يصور‏ ‏العذراء‏ ‏في‏ ‏أصعب‏ ‏فترة‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏الأم‏ ‏الوحيدة‏ ‏المنفردة‏ ‏التي‏ ‏يموت‏ ‏ابنها‏ ‏ووحيدها‏ ‏وعائلها؟ وماذا‏ ‏سيكون‏ ‏مصيرها‏ ‏من‏ ‏بعده‏ ‏وهي‏ ‏بنت‏ ‏يافعة؟‏. ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الوقت‏ ‏أكثر‏ ‏من‏47 ‏سنة‏ ‏أو‏48 ‏سنة‏ ‏لذلك‏ ‏قال‏ ‏سمعان‏ ‏الشيخ وأنت‏ ‏أيضا‏ ‏يجوز‏ ‏في‏ ‏نفسك‏ ‏سيف‏، ‏أي‏ ‏سيف‏ ‏سوف‏ ‏يطعنك‏ ‏في‏ ‏قلبك‏ ‏من‏ ‏الداخل؟طبعا‏ ‏هنا‏ ‏يشير‏ ‏إلي‏ ‏سيف‏ ‏الألم‏

الخلاصة‏ ‏لماذا‏ ‏ترك‏ ‏المسيح‏ ‏العذراء‏ ‏ولم‏ ‏يتدخل‏ ‏ليخفف‏ ‏آلامها؟ ليس‏ ‏فقط‏ ‏ليعطيها‏ ‏الأجر‏ ‏الذي‏ ‏هي‏ ‏تستحقه‏، ‏ولكن‏ ‏ليقدم‏ ‏فيها‏ ‏نموذجا‏ ‏للفضيلة‏، ‏ونموذجا‏ ‏للإنسان‏ ‏الذي‏ ‏يتعب‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏المسيح‏. ‏كما‏ ‏أمهل‏ ‏الله‏ ‏أيوب‏ ‏ليقدم‏ ‏في‏ ‏أيوب‏ ‏نموذجا‏ ‏للصبر‏. ‏كل‏ ‏الناس‏ ‏الآن‏ ‏يقولون‏ ‏صبر‏ ‏أيوب‏. ‏أيوب‏ ‏صار‏ ‏مثلا‏ ‏للصبر‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏وفي‏ ‏التاريخ‏ ‏كله‏، ‏لأن‏ ‏أيوب‏ ‏كان‏ ‏فعلا‏ ‏مملوءا‏ ‏بالفضيلة‏ ‏ولكن‏ ‏كانت‏ ‏الفضيلة‏ ‏غير‏ ‏ظاهرة‏.‏ فهذه‏ ‏فرصة‏ ‏لإظهار‏ ‏فضيلة‏ ‏أيوب‏. ‏فضيلة‏ ‏استمساكه‏ ‏وإيمانه‏ ‏وتدينه‏ ‏وتعبده‏ ‏للإله‏ ‏واحتماله‏

فالمسيح‏ ‏ترك‏ ‏الظروف‏ ‏كلها‏ ‏تأتي‏ ‏ضد‏ ‏العذراء‏، ‏ولم‏ ‏يتدخل‏ ‏للتخفيف‏ ‏عنها‏، ‏لكي‏ ‏تعاني‏ ‏معه‏ ‏وهذا‏ ‏له‏ ‏جزاؤه‏، ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ ‏لإظهار‏ ‏فضيلة‏ ‏مريم‏، ‏هل‏ ‏سمع‏ ‏أحد‏ ‏كلمة‏ ‏قالتها‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏التاريخ‏ ‏لا‏ ‏في‏ ‏الإنجيل‏ ‏ولا‏ ‏غير‏ ‏الإنجيل‏، ‏لم‏ ‏ينسب‏ ‏إلي‏ ‏مريم‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏الظروف‏ ‏خطأ‏، ‏أو‏ ‏أنها‏ ‏شتمت‏ ‏شتيمة‏ ‏أو‏ ‏تضايقت‏، ‏امرأة‏ ‏أيوب‏ ‏قالت‏ ‏له‏ ‏بارك‏ ‏ربك‏ ‏ومت‏، ‏فأجابها‏ ‏تتكلمين‏ ‏كلاما‏ ‏كإحدي‏ ‏الجاهلات‏، ‏الخير‏ ‏من‏ ‏الله‏ ‏نقبل‏ ‏والشر‏ ‏لا‏ ‏نقبل‏!! ‏مريم‏ ‏هل‏ ‏حدث‏ ‏منها‏ ‏شئ‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏هذا؟‏ ‏أبدا‏ ‏كانت‏ ‏صامتة‏ ‏متحملة‏ ‏لأنها‏ ‏جعلت‏ ‏نصيبها‏ ‏من‏ ‏نصيب‏ ‏الرب‏. ‏الكأس‏ ‏الذي‏ ‏أشربها‏ ‏أنا‏ ‏شربتها‏ ‏مريم‏ ‏معه‏ ‏والصبغة‏ ‏التي‏ ‏اصطبغ‏ ‏بها‏، ‏مريم‏ ‏اصطبغت‏ ‏بها‏ ‏معه‏، ‏لم‏ ‏تفترق‏ ‏عنه‏. ‏ولذلك‏ ‏يا‏ ‏أولادنا‏ ‏دائما‏ ‏العذراء‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏، ‏في‏ ‏تقليد‏ ‏الكنيسة‏ ‏خصوصا‏ ‏كنيستنا‏ ‏القبطية‏ ‏والأرثوذكسية‏ ‏بصفة‏ ‏عامة‏، ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نصور‏ ‏العذراء‏ ‏وحدها‏، ‏أقول‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏لأنه‏ ‏يوجد‏ ‏بعض‏ ‏الصور‏، ‏العذراء‏ ‏بمفرده‏، ‏في‏ ‏الفن‏ ‏القبطي‏ ‏لم‏ ‏يحدث‏ ‏أبدا‏ ‏أن‏ ‏العذراء‏ ‏تكون‏ ‏لوحدها‏ ‏أبدا‏ ‏العذراء‏ ‏لا‏ ‏تنفصل‏ ‏عن‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏، ‏مصيرها‏ ‏مصيرها‏ ‏فارتبطت‏ ‏به‏ ‏فلا‏ ‏انفصال‏ ‏باستمرار‏ ‏علي‏ ‏ذراعها‏ ‏الشمال‏ ‏لكي‏ ‏تكون‏ ‏هي‏ ‏علي‏ ‏اليمين‏، ‏لكن‏ ‏الوضع‏ ‏الأفضل‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏حجرها أنت‏ ‏الذي‏ ‏في‏ ‏حجرك‏ ‏الملائكة‏ ‏لماذا؟‏ ‏لتكون‏ ‏هي‏ ‏بالنسبة‏ ‏له‏ ‏المركبة‏ ‏وهو‏ ‏جالس‏ ‏عليها‏. ‏أنت‏ ‏الجالس‏ ‏فوق‏ ‏الكاروبيم‏، ‏جلس‏ ‏علي‏ ‏مريم‏ ‏فكانت‏ ‏مريم‏ ‏هي‏ ‏المركبة‏ ‏الشاروبيمية‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏الوضع‏ ‏المفضل‏، ‏دائما‏ ‏في‏ ‏كنيستنا‏ ‏العذراء‏ ‏تضع‏ ‏المسيح‏ ‏علي‏ ‏حجرها‏ ‏لكي‏ ‏تكون‏ ‏هي‏ ‏بالنسبة‏ ‏له‏ ‏مركبة‏. ‏فلا‏ ‏انفصال‏ ‏أبدا‏ ‏بين‏ ‏العذراء‏ ‏والمسيح‏، ‏وارتبطت‏ ‏به‏ ‏وارتبط‏ ‏به‏ ‏مصيرها‏، ‏لذلك‏ ‏حتي‏ ‏جسدها‏ ‏أخذه‏ ‏وهذا‏ ‏ما‏ ‏نحتفل‏ ‏به‏ ‏في‏ ‏اليوم‏ ‏السادس‏ ‏عشر‏ ‏من‏ ‏مسري‏. ‏نعمة‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏تكون‏ ‏معكم‏ ‏جميعا‏ ‏الآن‏ ‏وكل‏ ‏أوان‏ ‏وإلي‏ ‏دهر‏ ‏الدهور‏ ‏أمين


مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 52 العدد 2539 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 505 – يوم الأحد الموافق 22 أغسطس (آب) 2010 ميلادية، 16 مسرى 1726 شهداء (قبطية)، 12 رمضان 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg
‏‏‏‏



Share


Monday, March 15, 2010

اقوال الآباء - القديس كبريانوس عن القداسة والروحانية

بعد ذلك وجده يسوع في الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت فلا تخطيء أيضا لئلا يكون لك أشر. يو5: 14

Afterward Jesus found him in the temple, and said to him, “See, you have been made well. Sin no more, lest a worse thing come upon you.” (John 5: 14)


إن كنا أولادًا لله، إن كنا بالفعل قد بدأنا أن نكون هياكله، إن كنا نتقبل روحه القدوس، يلزمنا أن نحيا بالقداسة والروحانية. القديس كبريانوس


If we are children of God; If we have actually begun to be His temples: If we have received His Holy Spirit, we have got to live holy and spiritually. (St. Cyprian)


Abouna Zakaria Albramousy - http://www.facebook.com/profile.php?id=1335485404
Coptic Mission in Mexico - http://www.facebook.com/group.php?gid=34545155352


Abouna Zakaria Albramousy ابونا زكريا البرموسى
Coptic Mission in Mexico الكنيسة القبطية الارثوذكسية بالمكسيك



Share/Bookmark

المحبة الضارة

المحبة الضارة
بقلم: البابا شنودة الثالث

علي الرغم من أن المحبة فضيلة كبري‏،‏ إلا أنه توجد محبة ضارة‏.‏ ولعل من أسباب المحبة الضارة‏،‏ أن تكون بغير حكمة‏،‏ أو بعيدة عن الروحيات‏، او تتصف بالذاتية‏،‏ أو تتعارض مع وصايا الله‏‏

وسنتكلم في هذا المقال عن أنواع من هذه المحبة الضارة‏.‏ لايستطيع احد منا ان ينكر محبة الأم‏،‏ حتي انه يضرب بها المثل في الحنان وفي عمق المحبة‏.‏ ومع ذلك يمكن ان أما تحب ابنها بطريقة ضارة‏.‏ ومن أمثلة ذلك تدخلها في زواج ابنها وبعد زواجه‏.‏ هذا مع الابن ومع الابنة‏:‏ إما في الاسراع بالتزويج قبل النضوج او قبل التوافق‏..‏ او اختيار زوج تظن فيه الام انه صالح لابنتها‏،‏ فتدفعها الي الزواج به دفعا‏،‏ ويكون في ذلك ضرر لها طول الحياة‏..‏ ومن المحبة الضارة ان تتدخل الام في الحياة الزوجية لابنها‏.‏ وهي تظن انها تفعل ذلك إشفاقا عليه‏،‏ بينما تحطم حياته الزوجية‏

ومن أساليب المحبة الضارة‏،‏ المديح الضار‏،‏ الذي يقود احيانا الي الغرور‏،‏ وإلي حسد الآخرين ومتاعبهم‏.‏ وإعلان ذلك المديح يكون بغير حكمة‏

ويماثل المديح الخاطئ في ضرره‏،‏ الدفاع عن الأخطاء بدافع من الحب الخاطئ‏

هذا الدفاع يجعل المخطئ يثبت في أخطائه‏،‏ وقد يؤدي ذلك الي هلاكه‏.‏ ولاشك ان مبرئ المذنب هو مثل مذنب البريء‏،‏ في ان كليهما ضد الحق‏

وقد يحدث الدفاع عن الاخطاء في جو الاسرة والأصدقاء‏،‏ او في تملق الملوك والزعماء‏،‏ او في مجال المخطئين دينيا‏.‏ إنها محبة خاطئة‏،‏ بل محبة ضارة‏.‏ سواء كانت عن ثقة واقتناع‏،‏ او عن تملق رخيص‏

ومن ألوان المحبة الخاطئة تسهيل الشر‏.‏ مثال ذلك طالب يقوم بتغشيش زميله في الامتحان بدافع من الشفقة والمحبة‏!‏ أو طبيب يكتب شهادة مرضية وهمية‏....!‏ أو صديق يشهد شهادة زور تأييدا لصديقه‏.‏ أو محاسب يساعد ممولا علي اختلاس حقوق الدولة في الضرائب‏.‏ أو استاذ باسم الرحمة او المحبة يخفض المقرر لتلاميذه‏،‏ ويقدم لهم في الامتحان أسئلة تافهة لكي ينجحوا ولم ينالوا من العلم شيئا‏

وينضم الي هذا البند ايضا النصح الخاطئ‏

ومن أمثلة المحبة الضارة‏،‏ أن ابا يحب ابنا له اكثر من بقية ابنائه‏.‏ فيثير فيهم عن عوامل الحسد ضد أخيه‏.‏ ومن أمثلته ايضا الذي يتزوج امرأتين‏،‏ ولا يكون عادلا بينهما في المحبة‏

ومن ألوان المحبة الضارة الاستحواذ‏..‏ اي المحبة التي تحبس محبوبها في حيزها الخاص‏.‏ كالأم التي تمنع ابنها من سفر بعيد يفيده جدا‏،‏ لأنها تريده الي جوارها وبهذا تضره وتضيع مستقبله بسبب محبتها الضارة‏.‏ وكثيرا ماتحدث أمثال هذه المشاكل في محيط الحياة الزوجية او الحياة العائلية بصفة عامة‏.‏ مثل الزوج الذي تدعوه أنانيته في محبته الي التضييق علي زوجته في الدخول والخروج‏،‏ وفي الكلام وفي الابتسام‏،‏ وفي الزيارات وفي اللقاءات‏.‏ كمن يحبس عصفورا في قفص‏، ويمنعه من الطيران‏،‏ ليصير له وحده‏،‏ ويغني العصفور له وحده‏!‏ ولاتهمه حرية العصفور في شيء‏.‏ وفي تضييق الرجل علي امرأته بسبب محبته الانانية لها‏،‏ يجمع الرجل بين نقيضين‏:‏ الحب والقسوة‏!!‏

ونفس الوضع بالنسبة الي الزوجة التي تضر رجلها بمحبتها‏،‏ فتضيق عليه الخناق ايضا‏

وتكثر من أسئلتها وتحقيقاتها حول مواعيده ومقابلاته وعلاقاته‏،‏ بطريقة تصيبه بالضجر والضيق النفسي‏.‏ وتصيبها هي بالشك والقلق والخوف‏..‏ وكل ذلك باسم الحب‏!!‏ ومحبة الاستحواز قد توجد ايضا في محيط الاصدقاء‏.‏ فباسم المحبة يريد الشخص من صديقه ان يتحيز له‏،‏ فيصادق من يصادقه ويعادي من يعاديه‏.‏ وهكذا يضره من جهة علاقاته ومن جهة روحياته‏...‏ وأحيانا يضيع وقت هذا الذي يحبه‏.‏ وباسم المحبة اذ يشغل وقته‏،‏ كثيرا مايؤثر ذلك علي دراسته او عمله فيضره‏!‏

ومن المحبة الضارة‏، أنها تتركز احيانا في الجسد‏،‏ وتتحول الي شهوة‏.‏ وللأسف قد يسميها البعض حبا بينما هي شهوة‏،‏ تضر نفسها‏،‏ وتضر من تحبه ايضا‏.‏ سواء الضرر الروحي‏،‏ أو ما يصاحبه من أضرار اخري‏.‏ ومن المحبة الضارة المحبة التي تشفق علي الجسد وتضر الروح‏.‏ كأم تشفق علي ابنها‏،‏ وتمنعه من الصوم حرصا علي صحة جسده‏.‏ ومن مظاهر المحبة الخاطئة التدليل‏.‏ وفيه الشفقة الزائدة والانفاق الزائد علي الحاجة وتقديم انواع المتع العديدة‏.‏ وعدم فرض عقوبة مهما كان الذنب‏.‏ او تكون العقوبة نوعا من التوبيخ الهادئ جدا الذي لايمكن ان يروع احدا فيستمر الخطأ‏

ومن ألوان المحبة الضارة‏،‏ محبة المريض لما يزيد مرضه كمريض بالسكر يحب الحلويات‏،‏ او مريض بالكوليسترول يحب الدهنيات‏.‏ أو شخص يحب المخدرات ولايقدر علي الامتناع عنها وكل هذا يضره‏.‏ وكل من هؤلاء يضر نفسه دون ان يضره غيره‏..‏

وبالمثل شخص لمحبته الخاطئة لنفسه يكثر من الافتخار ومديح نفسه بطريقة تنفر الناس منه‏..‏ او انسان بخيل يحب المال ويكنزه وينمي رصيده‏،‏ بأسلوب يبخل به علي نفسه وعلي المحيطين به‏،‏ فيضر نفسه ويضرهم‏

وهناك محبة اخري للمرضي تضرهم‏.‏ كأن يزورهم شخص يحبهم‏،‏ فيبقي الي جوارهم مدة طويلة يتحدث إليهم‏.‏ وهم صحيا في حاجة الي الراحة‏.‏ وبكلامه معهم لايعطيهم فرصة للاتصال بالله أثناء مرضهم‏.‏ أو من المحبة للمريض‏، خداعه في نوع مرضه‏.‏ فلا يهتم بأبديته ومايلزمه من التوبة‏.‏ او بتقديم متع للمريض أثناء مرضه يمكن أن تضره‏

وربما إنسان يحب شخصا فيضيع سمعته‏


مقال قداسة الانبا شنوده الثالث – بابا الاسكندرية 117 وبطريرك الكرازة المرقسية – في جريدة الأهرام – السنة 134 – العدد 45023 – يوم الأحد الموافق 14 مارس (آذار) 2010 ميلادية، 5 برمهات 1726 شهداء (قبطية)، 28 ربيع أول 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة العاشرة (10)، قضايا وآراء
http://www.ahram.org.eg


‏‏‏‏‏‏‏‏‏



Share/Bookmark

Friday, March 12, 2010

البابا‏ ‏كيرلس السادس‏ ‏جندي‏ ‏صالح‏ ‏للمسيح


البابا‏ ‏كيرلس السادس‏ ‏جندي‏ ‏صالح‏ ‏للمسيح
للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس

‏الأصحاح‏ ‏الثاني‏ ‏من‏ ‏الرسالة‏ ‏الثانية‏ ‏إلي‏ ‏تيموثيئوس‏، ‏يبدأ‏ ‏بهذا‏ ‏التعبير‏ "‏فاشترك‏ ‏أنت‏ ‏في‏ ‏احتمال‏ ‏المشقات‏ ‏كجندي‏ ‏صالح‏ ‏ليسوع‏ ‏المسيح‏

ليس‏ ‏أحد‏ ‏وهو‏ ‏يتجند‏ ‏يرتبك‏ ‏بأعمال‏ ‏الحياة‏ ‏لكي‏ ‏يرضي‏ ‏من‏ ‏جنده‏، ‏وأيضا‏ ‏إن‏ ‏كان‏ ‏أحد‏ ‏يجاهد‏ ‏لا‏ ‏يكلل‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يجاهد‏ ‏قانونيا‏. ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏الحراث‏ ‏الذي‏ ‏يتعب‏ ‏يشترك‏ ‏هو‏ ‏أولا‏ ‏في‏ ‏الأثمار‏، ‏افهم‏ ‏ما‏ ‏أقول‏ ‏فليعطك‏ ‏الرب‏ ‏فهما‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏شئ

وأنا‏ ‏أقرأ‏ ‏هذه‏ ‏الكلمات‏ ‏شرد‏ ‏ذهني‏ ‏إلي‏ ‏أبينا‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏السادس‏. ‏رأيته‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 1937 ‏عندما‏ ‏كنت‏ ‏طالبا‏ ‏في‏ ‏الإكليريكية‏ ‏في‏ ‏السنة‏ ‏الأولي‏ ‏وذهبنا‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏الشباب‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الوقت‏ ‏إلي‏ ‏جبل‏ ‏المقطم‏ ‏لنزوره‏ ‏وقد‏ ‏كان‏ ‏وقتها‏ ‏يسكن‏ ‏طاحونة‏ ‏هواء‏

ولما‏ ‏كان‏ ‏عددنا‏ ‏كبيرا‏ ‏لم‏ ‏يسمح‏ ‏لهذا‏ ‏العدد‏ ‏أن‏ ‏يدخل‏ ‏هذه‏ ‏الطاحونة‏ ‏الضيقة‏ ‏فخرج‏ ‏معنا‏ ‏إلي‏ ‏الجبل‏ ‏وجلس‏ ‏وجلسنا‏ ‏من‏ ‏حوله‏ ‏وأذكر‏ ‏ولا‏ ‏أنسي‏ ‏وهذا‏ ‏لأول‏ ‏مرة‏ ‏في‏ ‏حياتي‏ ‏وأنا‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏السن‏ ‏الصغيرة‏ ‏رأيته‏ ‏بالمنطقة‏ ‏من‏ ‏حول‏ ‏وسطه‏ ‏لكنها‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏بصورة‏ ‏المنطقة‏ ‏التي‏ ‏يلبسها‏ ‏الرهبان‏ ‏اليوم‏. ‏كان‏ ‏يلبسها‏ ‏بطريقة‏ ‏العسكر‏ ‏كعسكري‏، ‏كجندي‏. ‏استوقفني‏ ‏منظره‏ ‏وإلي‏ ‏اليوم‏ ‏لا‏ ‏أنساه‏

حقيقة‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الرجل‏ ‏كان‏ ‏جنديا‏، ‏بدأ‏ ‏بالجندية‏ ‏وحتي‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أصبح‏ ‏رئيس‏ ‏الجنود‏ ‏عندما‏ ‏رسم‏ ‏بابا‏، لكن‏ ‏رئيس‏ ‏الجنود‏ ‏جندي‏ ‏ورئيس‏ ‏العسكر‏ ‏عسكري‏.‏ فبهذه‏ ‏الصفة‏ ‏عاش‏ ‏الرجل‏ ‏جنديا‏ ‏وكان‏ ‏يفهم‏ ‏نفسه‏ ‏أنه‏ ‏جندي‏ ‏بكل‏ ‏ما‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الكلمة‏ ‏من‏ ‏معني‏. ‏غير‏ ‏أنه‏ ‏جندي‏ ‏أولا‏ ‏لسيده‏ ‏الذي‏ ‏أعطاه‏ ‏حياته‏، ‏ولم‏ ‏يبق‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏شيئا‏ ‏لذاته‏

نحن‏ ‏لا‏ ‏نمدح‏ ‏الرجل‏ ‏وإنما‏ ‏نقرر‏ ‏الواقع‏، ‏وهو‏ ‏الآن‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏الآخر‏، ‏إنه‏ ‏كان‏ ‏ذلك‏ ‏الجندي‏ ‏المخلص‏ ‏لا‏ ‏يسمع‏ ‏إلا‏ ‏صوت‏ ‏سيده‏، ‏وكأنه‏ ‏إيليا‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏دائما‏ ‏يعبر‏ ‏بهذا‏ ‏التعبير‏ '‏حي‏ ‏الرب‏ ‏الذي‏ ‏أنا‏ ‏واقف‏ ‏أمامه‏'

كان‏ ‏يفهم‏ ‏أنه‏ ‏خادم‏ ‏لسيده‏، ‏وليس‏ ‏له‏ ‏إلا‏ ‏سيد‏ ‏واحد‏ ‏كل‏ ‏الآخرين‏ ‏ممن‏ ‏يرتفعون‏ ‏عنه‏ ‏مكانة‏ ‏أو‏ ‏سنا‏ ‏لهم‏ ‏إحترامهم‏ ‏لكنه‏ ‏عبد‏ ‏خاص‏ ‏لسيد‏ ‏واحد‏، ‏واقف‏ ‏علي‏ ‏بابه‏ ‏يعنيه‏ ‏أولا‏ ‏أن‏ ‏يسمع‏ ‏صوت‏ ‏سيده‏، ‏ليس‏ ‏له‏ ‏عمل‏ ‏وليست‏ ‏له‏ ‏خدمة‏، ‏لا‏ ‏صوت‏ ‏له‏ ‏وقع‏ ‏عنده‏ ‏إلا‏ ‏صوت‏ ‏سيده‏ ‏"حي‏ ‏الرب‏ ‏الذي‏ ‏أنا‏ ‏واقف‏ ‏أمامه"‏ ‏واقف‏ ‏أمامه‏ ‏في‏ ‏عبادتي‏ ‏له‏، ‏واقف‏ ‏أمامه‏ ‏في‏ ‏خدمته‏، ‏منتظر‏ ‏الكلمة‏ ‏التي‏ ‏يقولها‏ ‏لي‏ ‏لأجري‏ ‏كما‏ ‏يأمرني‏ ‏أذهب‏، ‏ليس‏ ‏هناك‏ ‏لي‏ ‏صوت‏ ‏آخر‏ ‏يهز‏ ‏نفسي‏ ‏ويستثيرني‏ ‏للعمل‏ ‏إلا‏ ‏صوته‏

أنا‏ ‏جندي‏ ‏ولست‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏جندي‏ ‏وهذا‏ ‏شرفي‏، ‏شرفي‏ ‏أنني‏ ‏جندي‏، جندي‏ ‏لهذا‏ ‏السيد‏ ‏واقف‏ ‏علي‏ ‏خدمته‏ ‏مطيع‏ ‏لصوته‏ ‏وخدمتي‏ ‏له‏ ‏خدمة‏ ‏الملائكة‏. ‏وما‏ ‏هي‏ ‏خدمة‏ ‏الملائكة؟ هم‏ ‏وقوف‏ ‏أمامه‏ ‏يسمعون‏ ‏صوته‏ ‏وينتظرون‏ ‏كلمته‏ ‏ويعملون‏ ‏بكلمته‏، ‏لهم‏ ‏خدمة‏ ‏للناس‏ ‏ولكن‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏خدمتهم‏ ‏لسيدهم‏، ‏هم‏ ‏لا‏ ‏يخدمون‏ ‏الناس‏ ‏ابتداء‏، ‏لئلا‏ ‏يتحول‏ ‏في‏ ‏نظر‏ ‏الناس‏ ‏إلي‏ ‏سادة‏، ‏ويغطي‏ ‏وجودهم‏ ‏كرامة‏ ‏سيدهم‏، ‏لا‏...

أنا‏ ‏جندي‏ ‏أخدم‏ ‏سيدي‏ ‏أولا‏، ‏وإذا‏ ‏خدمت‏ ‏الناس‏ ‏فباسم‏ ‏سيدي‏ ‏أخدمهم‏، ‏لأن‏ ‏سيدي‏ ‏أعطاني‏ ‏هذه‏ ‏الأمانة‏، ‏إنما‏ ‏أنا‏ ‏لا‏ ‏أخدمهم‏ ‏لأتحول‏ ‏في‏ ‏نظرهم‏ ‏إلي‏ ‏زعيم‏

أنا‏ ‏جندي‏ ‏مأمور‏ ‏مربوط‏ ‏بهذه‏ ‏المنطقة‏، ‏لأنني‏ ‏في‏ ‏خدمة‏ ‏هذا‏ ‏السيد‏ ‏الواحد‏، ‏فإذا‏ ‏أرسلني‏ ‏فهو‏ ‏الذي‏ ‏أرسلني‏ ‏ولا‏ ‏فضل‏ ‏لي‏ ‏في‏ ‏هذا‏، ‏المجد‏ ‏مجده‏، ‏الكرامة‏ ‏كرامته‏، ‏وأنا‏ ‏كخادم‏ ‏لا‏ ‏كرامة‏ ‏لي‏. ‏لقد‏ ‏اندمجت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏لقد‏ ‏اتحدت‏ ‏إرادتي‏ ‏بإرادته‏، ‏بل‏ ‏لقد‏ ‏أسقطت‏ ‏إرادتي‏ ‏في‏ ‏إرادة‏ ‏سيدي‏، ‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏لي‏ ‏شئ‏ ‏أنوي‏ ‏عليه‏ ‏أو‏ ‏أهتم‏ ‏به‏ ‏حتي‏ ‏لو‏ ‏نلت‏ ‏من‏ ‏جراء‏ ‏خدمتي‏ ‏لسيدي‏ ‏متاعب‏، ‏هذه‏ ‏لا‏ ‏تعنيني‏ ‏لأن‏ ‏سيدي‏ ‏قال‏ ‏لي‏ ‏إن‏ ‏كانوا‏ ‏قد‏ ‏اضطهدوني‏ ‏فسيضهدونكم

هذا‏ ‏الرجل‏ ‏الذي‏ ‏نحتفل‏ ‏بذكراه‏ ‏وهو‏ ‏سعيد‏ ‏في‏ ‏عالمه‏، ‏وهو‏ ‏هناك‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏العالم‏ ‏ما‏ ‏زال‏ ‏ذلك‏ ‏الجندي‏، ‏ما‏ ‏زال‏ ‏ذلك‏ ‏الجندي‏ ‏في‏ ‏درجة‏ ‏رئيس‏ ‏كهنة‏، ‏نعم‏ ‏لكنه‏ ‏جندي‏ ‏لسيده‏ ‏يخدم‏ ‏هناك‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏الواسع‏ ‏ويخدم‏ ‏هنا‏ ‏بأسلوب‏ ‏منظور‏ ‏أحيانا‏ ‏وبأسلوب‏ ‏غير‏ ‏منظور‏ ‏أحيانا‏ ‏أخري‏. ‏اتسع‏ ‏مجال‏ ‏خدمته‏ ‏لكنه‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الاتساع‏ ‏خادم‏ ‏لسيد‏ ‏واحد‏، ‏جندي‏ ‏يعمل‏ ‏كل‏ ‏شئ‏ ‏لحساب‏ ‏سيده‏ ‏لا‏ ‏لحسابه‏ ‏هو‏ ‏شكرا‏ ‏لله‏، في‏ ‏هذا‏ ‏اليوم‏ ‏خطر‏ ‏لبالي‏. ‏عندما‏ ‏كان‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏حيا‏ ‏في‏ ‏الأرض‏، كان‏ ‏يخدم‏، ‏كان‏ ‏يصلي‏، ‏كان‏ ‏يتعبد‏، ‏كان‏ ‏يبارك‏، ‏كان‏ ‏يخدم‏ ‏الناس‏ ‏الذين‏ ‏خلقهم‏ ‏الله‏ ‏علي‏ ‏صورته‏ ‏ومثاله‏. ‏كثيرون‏ ‏انتفعوا‏ ‏بصلواته‏ ‏وببركاته‏، ‏كثيرون‏ ‏انتفعوا‏ ‏بكلمته‏، ‏كثيرون‏ ‏أرشدهم‏ ‏إلي‏ ‏أمور‏ ‏مستقبلية‏ ‏في‏ ‏حياتهم‏، ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏فإن‏ ‏الذين‏ ‏عرفوه‏ ‏بعد‏ ‏حياته‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏ماذا‏ ‏أقول‏...‏ أكثر‏ ‏من‏ ‏الذين‏ ‏عرفوه‏ ‏وهو‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏

إنها‏ ‏ظاهرة‏ ‏جميلة‏ ‏وعجيبة‏ ‏تبرهن‏ ‏علي‏ ‏صدق‏ ‏الرسالة‏ ‏المسيحية‏، ‏تبرهن‏ ‏علي‏ ‏حقيقة‏ ‏الرسالة‏ ‏الرهبانية‏، ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏أسلوب‏ ‏النجاح‏ ‏الإلهي‏.‏ الإنسان‏ ‏الذي‏ ‏قد‏ ‏يجد‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏قبولا‏ ‏من‏ ‏جهة‏ ‏وعدم‏ ‏قبول‏ ‏من‏ ‏جهة‏، ‏وقد‏ ‏يجد‏ ‏المتاعب‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏والضيقات‏ ‏في‏ ‏حياته‏. ‏لكن‏ ‏جميع‏ ‏ضيقاته‏ ‏انقلبت‏ ‏إلي‏ ‏خير‏ ‏للكنيسة‏ ‏ولمجد‏ ‏الله‏. ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏ذهب‏ ‏هو‏ ‏ضحية‏ ‏هذه‏ ‏الآلام‏ ‏فكما‏ ‏يقول‏ ‏المسيح‏ '‏من‏ ‏أهلك‏ ‏نفسه‏ ‏من‏ ‏أجلي‏ ‏يجدها‏' ‏ربما‏ ‏كانت‏ ‏حياته‏ ‏قصيرة‏ ‏وأنهتها‏ ‏بعض‏ ‏الآلام‏ ‏التي‏ ‏ضيقت‏ ‏عليه‏ ‏لكنها‏ ‏جلبت‏ ‏خيرا‏ ‏كبيرا‏ ‏للكنيسة‏ ‏من‏ ‏جهة‏، ‏وأيضا‏ ‏أثمرت‏ ‏لأنها‏ ‏قوضت‏ ‏في‏ ‏مملكة‏ ‏الشيطان‏ ‏ما‏ ‏قوضت‏

واليوم‏ ‏نجد‏ ‏أن‏ ‏خدمته‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏القصيرة‏ ‏أثمرت‏ ‏والثمر‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏يتزايد‏، ‏ما‏ ‏معني‏ ‏هذا؟‏ ‏معناه‏ ‏أن‏ ‏الرجل‏ ‏لم‏ ‏يحيا‏ ‏لنفسه‏ ‏بل‏ ‏كان‏ ‏حيا‏ ‏لسيده‏، ‏ولكن‏ ‏كانت‏ ‏حياته‏ ‏ومتاعبه‏ ‏سبب‏ ‏بركة‏ ‏للكنيسة‏ ‏كلها‏ ‏ولمصر‏ ‏بأكملها‏

سمعتها‏ ‏من‏ ‏ثلاثة‏ ‏وزراء‏ ‏أن‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏الرئيس‏ ‏الراحل‏ ‏كان‏ ‏يقول‏: ‏لم‏ ‏يخدمني‏ ‏أحد‏ ‏كما‏ ‏خدمني‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏في‏ ‏السنوات‏ ‏الأولي‏ ‏كانت‏ ‏هناك‏ ‏ضيقة‏ ‏وكانت‏ ‏أزمة‏ ‏لكن‏ ‏الرجل‏ ‏لأنه‏ ‏جندي‏ ‏لسيده‏ ‏لم‏ ‏يفعل‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏يعتكف‏ ‏للصلاة‏ ‏قداسات‏ ‏مستمرة‏، ‏بخور‏ ‏مرتفع‏ ‏دائم‏ ‏بلا‏ ‏توقف‏، اعتكاف‏ ‏في‏ ‏قلايته‏ ‏في‏ ‏البطريركية‏ ‏وفي‏ ‏دير‏ ‏مارمينا‏ ‏بمريوط‏

هذا‏ ‏الاعتكاف‏ ‏الصامت‏ ‏أثمر‏ ‏كثيرا‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏أنه‏ ‏رد‏ ‏اعتبار‏ ‏الرجل‏ ‏ولكنه‏ ‏أنجب‏ ‏خيرا‏ ‏للكنيسة‏.. ‏الضيقة‏ ‏التي‏ ‏أصابت‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏بلدة‏ ‏صغيرة‏ ‏اسمها‏ ‏المواساة‏ ‏تابعة‏ ‏لمركز‏ ‏السباعية‏ ‏التابعة‏ ‏لإدفو‏ ‏هذه‏ ‏الضيقة‏ ‏أثمرت‏ ‏الكاتدرائية‏ ‏الكبري‏

حقيقة‏ ‏لسنا‏ ‏نحن‏ ‏الذين‏ ‏طلبنا‏ ‏هذه‏ ‏الكاتدرائية‏ ‏طلبها‏ ‏الرئيس‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏اقترح‏ ‏هذا‏ ‏الاقتراح‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏شعر‏ ‏بأن‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏أكبر‏ ‏رئيس‏ ‏لأقدم‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏فلماذا‏ ‏لايكون‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏بابا‏ ‏الشرق‏ ‏أيضا‏ ‏ولماذا‏ ‏لاتكون‏ ‏هناك‏ ‏كنيسة‏ ‏عظيمة‏ ‏تكون‏ ‏مركزا‏ ‏دينيا‏ ‏لبابا‏ ‏الشرق‏ ‏في‏ ‏مقابل‏ ‏الفاتيكان‏ ‏في‏ ‏روما‏، ‏لسنا‏ ‏نحن‏ ‏الذين‏ ‏اقترحنا‏ ‏هذا‏ ‏الاقتراح‏

الله‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏تكلم‏، ‏الله‏ ‏الذي‏ ‏في‏ ‏قدرته‏ ‏أن‏ ‏يحول‏ ‏الشر‏ ‏إلي‏ ‏خير‏ ‏بصورة‏ ‏لايتوقعها‏ ‏الإنسان‏ ‏ولا‏ ‏يحلم‏ ‏بها‏. ‏ليس‏ ‏هذا‏ ‏فقط‏ ‏بل‏ ‏كان‏ ‏طريقا‏ ‏لرد‏ ‏اعتبار‏ ‏الرجل‏، ‏بل‏ ‏يوم‏ ‏أن‏ ‏تنيح‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏كل‏ ‏الدولة‏ ‏نعته‏ ‏بحزن‏ ‏حقيقي‏، ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏النعي‏ ‏يقفز‏ ‏بالمشاعر‏ ‏العظيمة‏ ‏التي‏ ‏تركها‏ ‏في‏ ‏نفوس‏ ‏المصريين‏ ‏جميعا‏، ‏بل‏ ‏أقول‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏وفي‏ ‏الغرب‏ ‏أيضا‏

هذا الجندي‏ ‏عندما‏ ‏جاء‏ ‏البطريرك‏ ‏أثيناغوراس‏ ‏بطريرك‏ ‏القسطنطينية‏، ‏ويعد‏ ‏في‏ ‏مكانته‏ ‏المقدم‏ ‏بين‏ ‏جميع‏ ‏البطاركة‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏الكنائس‏ ‏البيزنطية‏ ‏واستقبلناه‏ ‏في‏ ‏القاعة‏ ‏المرقسية‏ ‏في‏ ‏دير‏ ‏الأنبا‏ ‏رويس‏. ‏لا‏ ‏أنسي‏ ‏الكلمات‏ ‏التي‏ ‏قالها‏ ‏الرجل‏ ‏في‏ ‏غيبة‏ ‏الأنبا‏ ‏كيرلس‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏موجودا‏، ‏إنما‏ ‏قال‏: ‏إن‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏وصل‏ ‏شذي‏ ‏عطر‏ ‏حياته‏ ‏الروحية‏ ‏فاستثار‏ ‏ذكرياتنا‏ ‏عن‏ ‏الأنبا‏ ‏أنطونيوس‏ ‏والأنبا‏ ‏مكاريوس‏ ‏والأنبا‏ ‏بولا‏ ‏والآباء‏ ‏الروحانيين‏. ‏استعاد‏ ‏إلي‏ ‏أذهان‏ ‏الناس‏ ‏جميعا‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏والغرب‏، ‏سيرة‏ ‏الآباء‏ ‏العظام‏ ‏في‏ ‏الروحانية‏ ‏والتقوي‏ ‏والأمانة‏ ‏لسيدهم‏

وعندما‏ ‏ذهبنا‏ ‏إلي‏ ‏روما‏ ‏لنستحضر‏ ‏رفات‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 1968 ‏في‏ ‏يونية‏، ‏لم‏ ‏يذهب‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏وإنما‏ ‏أناب‏ ‏عنه‏ ‏المطارنة‏ ‏لكن‏ ‏أقول‏ ‏لكم‏، ‏كم‏ ‏كان‏ ‏الرجل‏ ‏وهو‏ ‏علي‏ ‏بعد‏ ‏المسافات‏ ‏موضع‏ ‏تحية‏ ‏وتكريم‏ ‏وإجلال‏ ‏وإكبار‏ ‏وكان‏ ‏البابا‏ ‏بولس‏ ‏السادس‏ ‏في‏ ‏خطابه‏ ‏يشير‏ ‏إلي‏ ‏مكانة‏ ‏الرجل‏ ‏الروحية‏ ‏التي‏ ‏مثلت‏ ‏عظم‏ ‏التاريخ‏ ‏لكنيسة‏ ‏الإسكندرية‏، ‏تاريخ‏ ‏الرهبنة‏ ‏النقية‏ ‏الخالصة‏ ‏لوجه‏ ‏الله‏

إن‏ ‏ما‏ ‏جري‏ ‏بعد‏ ‏حياة‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏كان‏ ‏أعظم‏ ‏مما‏ ‏جري‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏برهان‏ ‏الروحانية‏ ‏الصادقة‏ ‏وبرهان‏ ‏العمل‏ ‏الإلهي‏، ‏لأنه‏ ‏ليس‏ ‏كما‏ ‏يرسم‏ ‏الإنسان‏ ‏يرسم‏ ‏الله‏

الإنسان‏ ‏قد‏ ‏ينجح‏ ‏لفهمه‏ ‏وذكائه‏ ‏وتخطيطه‏، وقد‏ ‏يري‏ ‏نتائج‏ ‏سريعة‏، ‏إنما‏ ‏النجاح‏ ‏الإلهي‏ ‏شيء‏ ‏آخر‏ ‏أسلوب‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏الطبيعة‏ ‏ليس‏ ‏كأسلوب‏ ‏الناس‏، ‏بذرة‏ ‏ترمي‏ ‏في‏ ‏الأرض‏ ‏وتختفي‏ ‏وتموت‏ ‏ولايراها‏ ‏أحد‏ ‏ولكن‏ ‏بعد‏ ‏قليل‏ ‏تنمو‏ ‏قليلا‏ ‏قليلا‏ ‏ثم‏ ‏تظهر‏ ‏وتأخذ‏ ‏وقتا‏ ‏طويلا‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏تتحول‏ ‏إلي‏ ‏شجرة‏

‏‏هذا‏ ‏هو‏ ‏الأسلوب‏ ‏الإلهي‏ ‏الذي‏ ‏ينجح‏ ‏أخيرا‏، ‏وخصوصا‏ ‏بعد‏ ‏حياته‏، ‏هذا‏ ‏برهان‏ ‏علي‏ ‏أنه‏ ‏صار‏ ‏في‏ ‏الطريق‏ ‏الإلهي‏، ‏وما‏ ‏يراه‏ ‏من‏ ‏مقاومات‏ ‏كانت‏ ‏هي‏ ‏حروب‏ ‏الشيطان‏، ‏ولكنها‏ ‏تنتهي‏ ‏وتنتهي‏ ‏إلي‏ ‏خير‏ ‏ليس‏ ‏له‏ ‏فقط‏، ‏حياته‏ ‏لا‏ ‏تهمه‏ ‏وشخصه‏ ‏لا‏ ‏يعنيه‏ ‏لأنه‏ ‏مات‏ ‏عنها‏، ‏مات‏ ‏عن‏ ‏نفسه‏، ‏ويوم‏ ‏أن‏ ‏صلوا‏ ‏عليه‏ ‏صلاة‏ ‏الموتي‏، ‏علي‏ ‏وجه‏ ‏حقيقي‏ ‏قد‏ ‏مات‏، ‏ماتت‏ ‏كرامته‏ ‏الشخصية‏، ‏مات‏ ‏وجوده‏ ‏المادي‏ ‏البدني‏، ‏ولكن‏ ‏عاش‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏مقام‏ ‏البقاء‏ ‏بعد‏ ‏الفناء‏

أحيا‏ ‏لا‏ ‏أنا‏ ‏بل‏ ‏المسيح‏ ‏يحيا‏ ‏في‏، ‏أنا‏ ‏أموت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏سيدي‏ ‏يحيا‏ ‏وأنا‏ ‏فيه‏ ‏أحيا‏، ‏أنا‏ ‏لا‏ ‏أموت‏.‏ سوف‏ ‏لا‏ ‏أموت‏ ‏لأني‏ ‏موعود‏ ‏بالحياة‏ ‏الأبدية‏، ‏إنما‏ ‏إذا‏ ‏مت‏ ‏عن‏ ‏آنيتي‏ ‏وعن‏ ‏ذاتيتي‏ ‏وعن‏ ‏شخصيتي‏ ‏وعن‏ ‏كرامتي‏، ‏إذا‏ ‏مت‏ ‏عن‏ ‏حساسيتي‏ ‏لذاتي‏، ‏مت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏سيدي‏ ‏يحيا‏ ‏وأنا‏ ‏فيه‏ ‏أموت‏، ‏ذبت‏ ‏في‏ ‏سيدي‏، ‏ذاب‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏في‏ ‏سيده‏، ‏فصارت‏ ‏الحياة‏ ‏للمسيح‏، ‏هي‏ ‏حياة‏ ‏المسيح‏ ‏لكنه‏ ‏هو‏ ‏أيضا‏ ‏لم‏ ‏يمت‏ ‏بل‏ ‏بالعكس‏ ‏عاش‏، ‏بل‏ ‏عاش‏ ‏في‏ ‏سيده‏ ‏وعاش‏ ‏ويعيش‏ ‏وسوف‏ ‏يعيش‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏. ‏وأيضا‏ ‏يخدم‏ ‏لكن‏ ‏لا‏ ‏باسمه‏ ‏ولا‏ ‏لاسمه‏، ‏إنما‏ ‏لسيده‏

إننا‏ ‏نجتمع‏ ‏كل‏ ‏سنة‏ ‏لنتذاكر‏ ‏حياة‏ ‏الرجل‏، إنما‏ ‏إذا‏ ‏كنتم‏ ‏تحبونه‏ ‏حقا‏، ‏لا‏ ‏تظنوا‏ ‏أنه‏ ‏يفرح‏ ‏بمديحكم‏ ‏له‏، ‏هذه‏ ‏أمور‏ ‏قد‏ ‏داسها‏ ‏بقدميه‏. ‏ولم‏ ‏تعد‏ ‏لها‏ ‏مكانة‏ ‏عنده‏ ‏ولا‏ ‏جاذبية‏. ‏إنما‏ ‏إن‏ ‏كنتم‏ ‏تحبونه‏ ‏خذوا‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏نموذجا‏، ‏خذوا‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏مثالا، ‏عيشوا‏، ‏عيشوا‏ ‏عيشوا‏ ‏كجنود‏ ‏للمسيح‏

نحن‏ ‏المسيحيين‏ ‏لنا‏ ‏انتماء‏ ‏لشيئين‏: ‏انتماء‏ ‏لمملكة‏ ‏السماء‏ ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ ‏لنا‏ ‏انتماء‏ ‏لمملكة‏ ‏الأرض‏

فالمسيحي‏ ‏يعيش‏ ‏مخلصا‏ ‏لبلده‏، ‏مخلصا‏ ‏لأهله‏، ‏ولكنه‏ ‏لكي‏ ‏يعيش‏ ‏مخلصا‏ ‏لوطنه‏ ‏ينبغي‏ ‏أولا‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏مخلصا‏ ‏لخالقه‏. ‏ولا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تتصوروا‏ ‏إنسانا‏ ‏خان‏ ‏سيده‏ ‏الذي‏ ‏خلقه‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏مواطنا‏ ‏صالحا‏.. ‏إنما‏ ‏العكس‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏الإنسان‏ ‏عبدا‏ ‏لسيده‏ ‏وشاخصا‏ ‏فيه‏ ‏ومتجها‏ ‏إليه‏ ‏سيخدم‏ ‏المواطنين‏ ‏وسيخدم‏ ‏أهله‏ ‏وسيخدم‏ ‏بلده‏ ‏وسيخدم‏ ‏الآخرين‏ ‏من‏ ‏دينه‏ ‏ومن‏ ‏غير‏ ‏دينه‏، ‏لأنه‏ ‏يشعر‏ ‏أنه‏ ‏جندي‏ ‏في‏ ‏مملكة‏ ‏سيده‏، ‏وسيده‏ ‏يشرق‏ ‏بشمسه‏ ‏علي‏ ‏الأبرار‏ ‏والأشرار‏ ‏وينزل‏ ‏المطر‏ ‏علي‏ ‏الجميع‏ ‏بلا‏ ‏تمييز‏، ‏لا‏ ‏يتحيز‏ ‏ولا‏ ‏يتعصب‏...‏لا‏...‏أنا‏ ‏جندي‏ ‏في‏ ‏مملكة‏ ‏السماء‏ ‏ولي‏ ‏رسالة‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏، رسالتي‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏أن‏ ‏أخدم‏ ‏سيدي‏، ‏أن‏ ‏أنشر‏ ‏الخير‏ ‏والحق‏ ‏والجمال‏ ‏بكل‏ ‏صوره‏، ‏لا‏ ‏لأحد‏ ‏لأنه‏ ‏تربطني‏ ‏به‏ ‏رابطة‏ ‏القرابة‏ ‏اللحمية‏، ‏إنما‏ ‏للكل‏ ‏لأن‏ ‏الجميع‏ ‏خليقة‏ ‏الله‏. ‏وكل‏ ‏نفس‏ ‏مهما‏ ‏كان‏ ‏حكمك‏ ‏المبدئي‏ ‏عليها‏ ‏قد‏ ‏خلقت‏ ‏علي‏ ‏صورة‏ ‏الله‏ ‏ومثاله‏، ‏محبة‏ ‏للجميع‏، ‏محبة‏ ‏متسعة‏

هذا‏ ‏القلب‏ ‏الذي‏ ‏حجمه‏ ‏كقبضة‏ ‏اليد‏ ‏كيف‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتسع‏ ‏للناس‏ ‏جميعا‏ ‏ويحتمل‏ ‏الناس‏ ‏جميعا‏، ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏الروحانية‏ ‏أشرقت‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏القلب‏ ‏فحولته‏ ‏من‏ ‏قلب‏ ‏ضيق‏ ‏إلي‏ ‏قلب‏ ‏متسع‏ ‏يحتمل‏ ‏الجميع‏ ‏ويحب‏ ‏الجميع‏ ‏ويؤمن‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏يراه‏ ‏من‏ ‏شر‏ ‏هو‏ ‏مؤقت‏ ‏ولكن‏ ‏بنعمة‏ ‏الله‏ ‏يتحول‏ ‏الشر‏ ‏إلي‏ ‏خير‏

أيها‏ ‏الإخوة‏ ‏والأبناء‏ ‏تعالوا‏ ‏إلي‏ ‏الكنيسة‏ ‏وتعالوا‏ ‏إلي‏ ‏خدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏وخدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏هي‏ ‏العبادة‏، ‏العبادة‏ ‏أولا‏ ‏وبروح‏ ‏العبادة‏ ‏يخدم‏ ‏الإنسان‏ ‏الآخرين‏، لا‏ ‏تبدأوا‏ ‏بخدمة‏ ‏الآخرين‏، ‏بل‏ ‏ابدأوا‏ ‏بخدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏أولا‏، وخدمة‏ ‏الملائكة‏ ‏تؤهلكم‏ ‏لأن‏ ‏تخدموا‏ ‏الآخرين‏ ‏لحساب‏ ‏سيدكم‏. ‏لئلا‏ ‏تتحولوا‏ ‏إلي‏ ‏زعماء‏ ‏علي‏ ‏حساب‏ ‏مجد‏ ‏سيدكم‏. ‏تعالوا‏ ‏وتعبدوا‏ ‏وصلوا‏ "‏ماذا‏ ‏ينتفع‏ ‏الإنسان‏ ‏لو‏ ‏ربح‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏وخسر‏ ‏نفسه‏، ‏أو‏ ‏ماذا‏ ‏يعطي‏ ‏الإنسان‏ ‏فداء‏ ‏عن‏ ‏نفسه‏".‏

وبولس‏ ‏الرسول‏ ‏يقول‏ "‏أقمع‏ ‏جسدي‏ ‏وأستعبده‏ ‏حتي‏ ‏بعد‏ ‏ما‏ ‏كرزت‏ ‏للآخرين‏ ‏لا‏ ‏أصير‏ ‏أنا‏ ‏نفسي‏ ‏مرفوضا‏".‏

كنيستنا‏ ‏كنيسة‏ ‏تعبدية‏، ‏إذا‏ ‏حضرت‏ ‏القداس‏ ‏بروح‏ ‏الورع‏ ‏والتقوي‏ ‏انسحق‏، ‏انسحق‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏العالم‏ ‏وليسرح‏ ‏فكرك‏ ‏في‏ ‏المعاني‏ ‏العظيمة‏ ‏التي‏ ‏تنطق‏ ‏بها‏ ‏كل‏ ‏كلمة‏ ‏في‏ ‏القداس‏ ‏الإلهي‏، ‏إنما‏ ‏ضع‏ ‏في‏ ‏قلبك‏ ‏أولا‏ ‏أن‏ ‏خدمتك‏ ‏لله‏ ‏رقم‏ ‏واحد‏ ‏هي‏ ‏العبادة‏ ‏الصادقة‏، ‏العبادة‏ ‏الروحانية‏، ‏العبادة‏ ‏العقلية‏، ‏العبادة‏ ‏بالقلب‏ ‏وبالإخلاص‏، لا‏ ‏بخبث‏ ‏ولا‏ ‏بمكر‏ ‏ولا‏ ‏لهدف‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏أنواع‏ ‏الأهداف‏. ‏لكن‏ ‏بإخلاص‏ ‏وببساطة‏ القلب‏، ‏البساطة‏، ‏البساطة‏، ‏البساطة‏

‏‏ونعمة‏ ‏الرب‏ ‏تشمل‏ ‏حياتنا‏ ‏جميعا‏ ‏ونتخذ‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏البابا‏ ‏سراجا‏، ‏سيرة‏ ‏القديسين‏ ‏نور‏، ‏إن‏ ‏هؤلاء‏ ‏القديسين‏ ‏منا‏، ‏من‏ ‏طبيعتنا‏، ‏من‏ ‏طينتنا‏، ‏لا‏ ‏من‏ ‏عالم‏ ‏آخر‏، ‏من‏ ‏عالمنا‏ ‏وحينما‏ ‏نري‏ ‏أمثال‏ ‏هذه‏ ‏المنائر‏ ‏العالية‏، ‏إنها‏ ‏شهب‏ ‏شهب‏ ‏ترشدنا‏ "‏التفتوا‏ ‏إليه‏ ‏واخلصوا‏ ‏يا‏ ‏جميع‏ ‏أقاصي‏ ‏الأرض‏".‏

والقديسون‏ ‏ليسوا‏ ‏هم‏ ‏النور‏، ‏النور‏ ‏هو‏ ‏الله‏، ‏هو‏ ‏المسيح‏، "‏أنا‏ ‏نور‏ ‏العالم‏" ‏المسيح‏ ‏هو‏ ‏النور‏ ‏ولكن‏ ‏القديسين‏ ‏موعودون‏ ‏أن‏ ‏يصيروا‏ ‏أنوارا‏ ‏كلما‏ ‏حملقوا‏ ‏في‏ ‏النور‏. ‏يشحنوا‏ ‏بالنور‏ ‏فيتحولوا‏ ‏إلي‏ ‏نور‏ ‏ويضئ‏ ‏الأبرار‏ ‏كالكواكب‏ ‏في‏ ‏ملكوت‏ ‏أبيهم‏

نعمة‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏تشملنا‏ ‏جميعا‏ ‏له‏ ‏الإكرام‏ ‏والمجد‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏ ‏آمين‏

مقال للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 52 العدد 2515 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 481 – يوم الأحد الموافق 7 مارس (آذار) 2010 ميلادية، 28 أمشير 1726 شهداء (قبطية)، 21 ربيع الأول 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg


ذكري نياحه القديس العظيم في البطاركه البابا كيرلس السادس - 9 مارس/آذار – 30 أمشير




Share/Bookmark

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News