وسط الأتون
إن الله يحبنا.. وقد أعلن لنا حبه كثيرًا.. "مَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ" (إر31: 3).. وإلهنا المُحب إله قوي وقادر على كل شيء.. "وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" (2كو6: 18).
يحق لنا إذًا أن نتساءل.. لماذا يا إلهنا الصالح، والأب الحقيقي المُحب والحنون والقدير.. لماذا تترك الأشرار يقتلون أولادك ويظلمونهم؟
يجيب إلهنا القدوس..
"الرَّبُّ سَائِرٌ أَمَامَكَ. هُوَ يَكُونُ مَعَكَ.
لاَ يُهْمِلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ. لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ"
تث31: 8
والرب يُؤكد لنا أنه معنا وسط الضيقات.. "اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا" (مز46: 1).. علينا فقط أن نلجأ إليه وندعوه.. "يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقْ، أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ" مز91: 15
وإلهنا يريدنا أن نرتمي في حضنه،
ولا نتكل على البشر..
"أَعْطِنَا عَوْنًا فِي الضِّيقِ، فَبَاطِلٌ هُوَ خَلاَصُ الإِنْسَانِ"
مز108: 12
ونصلي
إليه قائلين: "يَا إِلهَنَا أَمَا تَقْضِي عَلَيْهِمْ، لأَنَّهُ لَيْسَ
فِينَا قُوَّةٌ أَمَامَ هذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ الآتِي عَلَيْنَا،
وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا" 2أخ20: 12 .. فيجيبنا الرب الصالح:
لاَ تَخَفْ مِنْهُمُ. اذْكُرْ مَا فَعَلَهُ الرَّبُّ إِلهُكَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ الْمِصْرِيِّينَ -
18: تث7
لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ
أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي إش41: 10
لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ إر1 : 8 -
لذلك ..
لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ 2 مل6: 16 -
فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُنْقِذَكَ -
إر1: 19
إذًا كيف نفسر ما يحدث من ظلم وقتل وتزييف الحقائق؟
1- هناك عداوة تاريخية بين الشيطان والكنيسة..
نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ 1يو5: 19 -
لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ 1يو3: 13 -
إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ
أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ
الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ
الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ
يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ يو15: 18-19
وقد
سبق وأخبرنا السيد المسيح عن هذه الصعوبات التي سوف تصادفنا من العالم
بسبب الشيطان.. "اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ
بَيْنَ ذِئَابٍ" لو10: 3
ماذا يتوقع الحَمَل من الذئب؟
هل يستقبله بالود والحب والترحاب؟
هل يغيّر الذئب (الشيطان) طبعه؟
حقًا قال عنهم الكتاب المُقدَّس الصادق والأمين: "هَلْ يُغَيِّرُ الْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ النَّمِرُ رُقَطَهُ؟ فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَقْدِرُونَ أَنْ تَصْنَعُوا خَيْرًا أَيُّهَا الْمُتَعَلِّمُونَ الشَّرَّ!" إر13: 23
2- نحن مدعوون أن نفرح بالألم من أجل المسيح لا أن نجزع منه..
"اِفْرَحُوا
فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَتَهَلَّلُوا، فَهُوَذَا أَجْرُكُمْ عَظِيمٌ فِي
السَّمَاءِ. لأَنَّ آبَاءَهُمْ هكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
بِالأَنْبِيَاءِ" لو6: 23 .
فالألم من أجل المسيح
هو موهبة لا نستحق أن ننالها..
"لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ،
بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ"
في1: 29
3- الآلام يعقبها أمجاد..
"إِنْ
كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ
وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ
نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ
الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ
يُسْتَعْلَنَ فِينَا" رو8: 17-18
4- الله سينتقم من الأشرار..
"إِذْ
هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ
ضِيقًا" (2تس1: 6).. وكل شيء له ميعاد عند الله "لِيَ النَّقْمَةُ
وَالْجَزَاءُ. فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ. إِنَّ يَوْمَ هَلاَكِهِمْ
قَرِيبٌ وَالْمُهَيَّآتُ لَهُمْ مُسْرِعَةٌ" (تث32: 35).. فـ "مَنْ
يَسُدُّ أُذُنَيْهِ عَنْ صُرَاخِ الْمِسْكِينِ، فَهُوَ أَيْضًا يَصْرُخُ
وَلاَ يُسْتَجَابُ" (أم21: 13).
"وقال:
إن هؤلاء إنما يتوكلون على سلاحهم وجسارتهم، وأما نحن فنتوكل على الله
القدير الذي يستطيع في لمحة أن يبيد الثائرين علينا بل العالم بأسره"
(2مكابين8: 18).
لكنه
يتأنى مُعطيًا فرصة للأشرار أن يتوبوا.. "لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ
وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى
عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ
الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ" 2بط 3: 9
5- نصرة الأشرار وهمية ووقتية..
فَإِنَّهُمْ مِثْلَ الْحَشِيشِ سَرِيعًا يُقْطَعُونَ، وَمِثْلَ الْعُشْبِ الأَخْضَرِ يَذْبُلُونَ" مز 37:2-
إِذَا زَهَا الأَشْرَارُ كَالْعُشْبِ، وَأَزْهَرَ كُلُّ فَاعِلِي الإِثْمِ، فَلِكَيْ يُبَادُوا إِلَى الدَّهْرِ مز92: 7 -
أما الكنيسة فلديها الوعد الإلهي..
"عَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي،
وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا"
(مت16: 18)
والتاريخ
يشهد أن مئات وألوف الحكام هاجوا ضد الكنيسة قديمًا وحديثًا وظلموها
وافتروا عليها.. وجميعهم بادوا وظلّت الكنيسة حيّة بمسيحها رافعة الرأس
بعريسها.
6- الألم برهان صحة الإيمان..
فلو
كانت الحياة المسيحية سهلة وهينة، لأعتنق الناس الإيمان المسيحي بسبب
الامتيازات الزمنية التي سيأخذونها، ولكن عندما يُقبل الناس على الإيمان
ويتمسكون به بالرغم من معرفتهم للأخطار التي سوف يلاقونها.. فهذا برهان على
قوة هذا الإيمان وصحته.. "لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئًا
بَيْنَكُمْ إلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوبًا" (1كو2: 2).
7- نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً..
برهان حبه لنا أنه تألم عنا ومات..
فأقل ما نقدمه له حبًا فيه أن نتألم عنه ونموت لأجله، مرتلين هذه الذكصولوجية بكل حب:
"مَنْ
سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ
اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ
مَكْتُوبٌ: "إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ
حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ". وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا
يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ
أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ
وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ
عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا
عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا"
رو8: 35-39